عناصر الخطبة
1/الحث على التعامل بالصدق والتحذير من الكذب والكتمان 2/وجوب بيان عيوب السلعة قبل بيعها 3/أهمية بيان عيوب السلعة قبل بيعها وفوائد ذلك 4/عقوبات التعامل بالربا وبعض الحيل والمسائل المتعلقة بذلكاقتباس
إذا بينت عيوب سلعتك؛ فأنت رابح، وإن نقصت قيمتها؛ لأنك امتثلت ما أمر الله، وتركت ما حرم الله. رابح؛ لأنك اكتسبت المال من طريق حلال. رابح؛ لأنك خرجت من تبعتها، وبرئت ذمتك من النكال والوبال، ولن يفوتك شيء مما كتب الله لك من الرزق والمال، فإنه لن تموت نفس حتى...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أباح لنا من المكاسب كل تعامل مبرور، ونهانا عن كل معاملة تشتمل على الغش والكذب والظلم والجهالة والغرور.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، وتدبير الأمور، وأشهد أن محمدا عبده أهدى آمر، وأبر مأمور، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وتعاملوا فيما بينكم بالبر والصدق والبيان، وإياكم والكذب والغش والكتمان؛ فمن تعامل بما حرم الله عليه، فقد باء بالإثم والخسران.
واعلموا: أن الله -تعالى- فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها.
لقد فرض الله عليكم في معاملاتكم: الصدق والبيان، وحرم عليكم: الكذب والكتمان.
من باع سلعة وجب عليه: أن يبين ما فيها من العيوب، وأن يصدق فيما يذكره فيها من كل وصف مطلوب، لا يذكرن فيها وصفا يرغب وليس فيها؛ مثل أن يقول: إنها طيبة، إنها جديدة، وليست كذلك، فإن من فعل هذا فهو خاسر، وإن ربح حطاما من الدنيا.
أترضى أن تأخذ من مال أخيك بما كذبت عليه؟!
أما تخاف أن يتعلق بك يوم القيامة مطالبا بحقه حين لا درهم ولا دينار تعول عليه؟
إذا بينت عيوب سلعتك فأنت رابح، وإن نقصت قيمتها؛ لأنك امتثلت ما أمر الله، وتركت ما حرم الله.
رابح؛ لأنك اكتسبت المال من طريق حلال.
رابح؛ لأنك خرجت من تبعتها، وبرئت ذمتك من النكال والوبال، ولن يفوتك شيء مما كتب الله لك من الرزق والمال، فإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها.
فاتقوا الله -تعالى-: وأجملوا في الطلب، وإياكم والربا؛ فإن الذين يأكلون الربا لا يقيمون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.
يقوم الواحد منهم من قبره يوم القيامة يتخبط في قيامه كما يتخبط المجنون!.
آكل الربا ملعون على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله، وشاهديه وكاتبه".
ألا وإن قلب الدين من الربا سواء فعل ذلك صريحا، أو تحيل عليه مثل أن يقول لمدينه إذا حل دينه: إما إن توفي دينك وإما أن أصبر بزيادة دراهم في مقابلة صبره أو يتحيل على ذلك، فيقول: استدن مني وأوفني أو اذهب إلى فلان، واستدن منه، وأنا أضمنك، ثم أوفني وأدينك مرة أخرى لتوفيه.
كل ذلك لا يجوز.
وإذا باع أحدكم سلعة على شخص بثمن مؤجل، فلا يشتريها منه بأقل مما باعها به إلا إذا أوفاه أو باعها على شخص آخر.
وإذا اشترى أحد منكم تمرا أو عيشا أو علفا سلما، فلا يقوم من مجلس العقد، حتى يوفي الثمن كله، فإن تفرقا قبل أن يوفيه، فالعقد محرم باطل.
ومن ذلك: شراء العلف من الفلاحين، فإن الناس أهل الدكاكين وأهل البيوت يشترون من الفلاحين أوزانا معلومة يأخذونها يوما فيوما.
فعليهم إذا اشتروا منهم شيئا أن يسلموا ثمنه بمجلس العقد قبل التفرق، فإن تفرقوا قبل استلامه، فالعقد محرم وباطل.
وإياكم والنجش! فإن النجش حرام، وهو أن يزيد الإنسان في السلعة وهو لا يريد شراءها، وإنما يقصد نفع البائع أو ضرر المشتري.
ولا يبعن أحدكم على بيع أخيه، ولا يستأجرن على استئجاره، مثل أن تقول لمن اشترى سلعة بعشرة: أعطيك مثلها بتسعة، أو أحسن منها بعشرة.
وكذلك إذا قلت لمن باع سلعة بتسعة: أعطنيها بعشرة؛ لأن في ذلك قطعا لرزق أخيك وإضرارا به.
وكذلك إذا كان مستأجر البيت ساكنا فيه، وقد رضي صاحبه بالأجرة، وقنع بها، فلا يحل لك أن تزيده في الأجرة ليخرج المستأجر.
أما إذا كان صاحب البيت يطلب المزيد، وقد عرضه لذلك، فإنه لا بأس أن تزيد، ولو كان المستأجر في البيت؛ لأن صاحب البيت لم يقنع بالأجرة.
ومن وكل على بيع شيء، فإنه لا يحل له أن يشتريه، أو يشتري شيئا منه إلا أن يستأذن من وكله فيأذن، حتى ولو أخذته بمثل ما يشتريه الناس، فإنه لا يحل حتى يأذن صاحبه؛ لأننا لو أجزنا له أن يشتري منه لخيف منه أن لا يستقصي في زيادة الثمن.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[آل عمران: 130- 132].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ... إلخ ...
التعليقات