عناصر الخطبة
1/ الغلبة للحق 2/ ابتلاء الله لنبيه إبراهيم 3/ رمي إبراهيم في النار وكرامة الله له 4/ إبراهيم عليه السلام إماماً
اهداف الخطبة
1: التذكير بأيام الله تعالى 2:   أن يقتدي الشباب بأهل الصلاح والخير 3:   بيان شيئاً مما حصل لإبراهيم من الابتلاء 4:   إثبات أن الإمامة في الدين تنال بالصبر

اقتباس

أيها الشباب المتطلعون للخير والباحثون عن شخصيات تتوسمون خطاها, وتقتدون بها في ظل اقتدائكم بمحمد صلى الله عليه وسلم, أذكركم اليوم في إطار عموم قول الله سبحانه وتعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) [إبراهيم: 5] أذكركم بقصة خليل الله ومجتباه أبي الأنبياء رسولِ الله إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام, هذا النبي العظيم الذي فطره الله على التوحيد الخالص والعبادة الحقة لله وحده لا شريك له وأكرمه...

 

 

الخطبة الأولى

إنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تَصِلُ خُطْبَتَكَ بِثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران : 102] [آل عمران: 102] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء : 1 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب : 70 ، 71]

 

أما بعد:

 

 أيها الأخوة في الله: أيها الشباب المتطلعون للخير والباحثون عن شخصيات تتوسمون خطاها, وتقتدون بها في ظل اقتدائكم بمحمد صلى الله عليه وسلم, أذكركم امتداداً لما ذكَّرتُ به في الجمعتين السابقتين بقصة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون وقومه، وقصة نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام, وما انتهت إليه القصتان من إغراق فرعون وقومه ونجاةِ موسى وقومه، وظهورِ يوسفَ على خصومه والتمكينِ له في الأرض، وما سبق التذكيرُ ويحق له في كل لحظة من لحظات حياتنا, من ذكريات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما كان من أمره وخاصةً تآمر قومه عليه (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال : 30] وانتهاء معركته معهم بقول الله: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) [الإسراء : 81]. أذكركم اليوم في إطار عموم قول الله سبحانه وتعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) [إبراهيم: 5] أذكركم بقصة خليل الله ومجتباه أبي الأنبياء رسولِ الله إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام, الذي قال الله فيه لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الأنعام : 161] وقال: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) [الحج: 78] هذا النبي العظيم الذي فطره الله على التوحيد الخالص والعبادة الحقة لله وحده لا شريك له وأكرمه بحمل ذلك ودعوة قومه إليه، فقام بما كُلِّفَ به خيرَ قيام ووفَّاه خير توفية؛ قال تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) [البقرة: 124] وقال: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم: 37] إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي واجه أباه وقومه بالتوحيد تلكم المواجهة والمناظرة الواضحة, التي لا تهاون فيها ولا لف ولا دوران عن عرضها, بل ولا ضعف ولا خَوَرٌ ولا استكانة، المواجهة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى مفصَّلةً في سورة الأنعام وسورة الأنبياء وسورة الشعراء وسورة الصافات, التي قوبلت من تلكم العقول المتحجرة، بل والأهواء والمصالح العَفِنة التي لا تزال تعمل عملَها في كل زمان ومكان بالمعاندة والمكابرة, ابتلاء وامتحاناً لرسل الله وأتباعهم بإحسان، ولم يقف بها الأمر عند المعاندة والمكابرة بل تجاوزت الحدود المتعارف عليها إنسانياً.

 

وأججت - أي تلكم العقول المتحجرة - النار لإحراق إبراهيم وقيدت خليلَ الله, ووضعتَه في منجنيق ورمته فيها ظناً أنها ستكون القاضية، وخليل الله يهتفُ بقوله: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، فماذا كان (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ) [الأنبياء: 69، 70] وينجو من هذه المؤامرات ويهاجر إلى ربه تاركاً أهله وبلده، وقد آمن له لوط، وتعترضه عدةُ بلايا وامتحانات في مهاجره، يُخْرِجُه الله منها مُخْرَجَ صِدْقٍ، وأعظمُها ابتلاءُ الله له بذبح ولده بعد أن بلغ معه السعي, أي أخذ في نفعه والتعاون معه. ليكملَ الله على يده ما أراده سبحانه وتعالى من بناء قبلة المسلمين، وجعل خليله إبراهيم قدوةً وإماماً, يُقتدى ويؤتم به وتتبع ملته. ملته التي ترتكز على أمر مهم في حياة الموحدين ودعاة الإسلام, وهو البراءةُ من كل جبت وطاغوت. البراءةُ من كل ما عُبِدَ من دون الله، والكفرُ بالجبت والطاغوت من الكفر بما عُبِدَ من دون الله. قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَه)  [الممتحنة: 4] وقال: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الزخرف: 26-28].

 

فاتقوا الله -أيها الأخوة المؤمنون- وتذكروا واتعظوا, وخذوا من هذه الأمور ومن هذه الأمثلة والنماذج, قدوةً تُلحِقُكم بهم في الائتمام بكم, وتهيئوا بها لمثل ما وعدوا به من جزاء لدى من يقول: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)  [الطور: 21].

 

وسبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك.

 

 

المرفقات
نجاة داعية.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life