اقتباس
أن خطة الجمعة أذكار، وأمر بمعروف، ونهي عن المنكر، ودعاء، وقراءة، ولا تشترط النية في شيء من ذلك، لأنه ممتاز بصورته منصرف إلى الله - تعالى - بحقيقته، فلا يفتقر إلى نية تصرفه إليه [8].
اختلف الفقهاء في اشتراط النية لخطبة الجمعة، أي نية الخطيب، وذلك على قولين:
القول الأول: أنها شرط لصحة الخطبة.
وبهذا قال بعض الشافعية [1] وبه قال الحنابلة [2].
القول الثاني: أنها ليست بشرط، فتصح الخطبة بدون نية. وهذا هو القول المعتمد عند الشافعية [3].
الأدلة:
أدله أصحاب القول الأول:
استدلوا بالسنة، والمعقول:
أولا: من السنة:
ما رواه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى..." [4] الحديث [5].
فهو شامل بعمومه لخطبة الجمعة، لأنها عبادة من العبادات [6].
ثانيا: من المعقول:
القياس على الصلاة، بجامع أن كلاً منهما فرض يشترط فيه الطهارة، والستر، والموالاة [7].
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأنه قياس مع الفارق، فليس كل ما يشترط للصلاة يشترط للخطبة، ومن ذلك الطهارة، وستر العورة - كما سيأتي إن شاء الله تعالى -.
دليل أصحاب القول الثاني:
أن خطة الجمعة أذكار، وأمر بمعروف، ونهي عن المنكر، ودعاء، وقراءة، ولا تشترط النية في شيء من ذلك، لأنه ممتاز بصورته منصرف إلى الله - تعالى - بحقيقته، فلا يفتقر إلى نية تصرفه إليه [8].
مناقشة هذا الدليل: يناقش بأن هذه الأشياء وإن كانت لا تشترط النية لكل منها بانفراده إلا أنها تكون بمجموعها عبادة متكاملة، وهي خطبة الجمعة، فتشترط لها النية، كالصلاة مثلاً فإنها أقوال وأفعال تكون بمجموعها عبادة، وأما القول بأنه ممتاز بصورته منصرف إلى الله بحقيقته فلا يحتاج إلى نية، فإنه لو قيل به لسرى في بقيه العبادات، وهذا لا قائل به.
الترجيح:
الراجح في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول، القائل باشتراط النية لخطبة الجمعة؛ لما استدلوا به من عموم حديث عمر – رضي الله عنه.
المصدر: كتاب: خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية
-----------
[1] ينظر فتح العزيز من المجموع 4/595 ، ومغني المحتاج 1/288.
[2] ينظر: الفروع 2/113 ، والإنصاف 2/389 ، والمبدع 2/159 ، وكشاف القناع 2/33.
[3] ينظر مغني المحتاج 1/288.
[4] البخاري بدء الوحي (1) ، مسلم الإمارة (1907) ، الترمذي فضائل الجهاد (1647) ، النسائي الطهارة (75) ، أبو داود الطلاق (2201) ، ابن ماجه الزهد (4227) ، أحمد (1/43).
[5] أخرجه البخاري في صحيحه - باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله. 1/2 ، وفي كتاب العتق - باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه 3/119 ، وفي كتاب الأيمان - باب النية في الأيمان 7/231 ، ومسلم في صحيحه في كتاب الإمارة باب قوله "إنما الأعمال بالنيات" 3/1515 - 1516 .
[6] وممن صرح بالاستدلال به على هذه المسألة البهوتي في كشاف القناع 2/33.
[7] مغني المحتاج 1/288.
[8] المرجع السابق.
التعليقات