من أسباب نيل مغفرة الله تعالى

الشيخ أ.د عبدالله بن محمد الطيار

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/كل بني آدم خطاء 2/مغفرة الله تعالى للتائبين 3/من أسباب المغفرة 4/أعمال صالحة يغفر الله بها الذنوب.

اقتباس

لقد امتنَّ اللهُ -تعالى- على عبادِه بأعمالٍ يسيرةٍ وكثيرةٍ لنيلِ مغفرةِ ذنوبِهم ومحوِها قبلَ لقائِه -جلَّ وعلا-.. واعلموا -رَحِمَكُم اللهُ- أنَّ أسبابَ مغفرةِ الذنوبِ كثيرةٌ، ففضلُ اللهِ على عبادِه واسعٌ وعظيمٌ، وهو أرحمُ الراحمينَ وأكرمُ الأكرمينَ....

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الحمدُ للهِ كريمِ العطاءِ كثيرِ الشكرِ والثناءِ، الذي يجودُ على عبادِه بفضلهِ وكرمهِ، يسترُ العيبَ، ويغفرُ الذَّنبَ، ويكتبُ الأجرَ، وَأَشْهَدُ ألّا إِلَهَ إِلّا اللهُ وحدهُ لا شَرِيكَ لَهُ، الذي يغفرُ جميعَ ذُنوبِ عبادِه ويقبلُ التَّوبَ، وَأَشْهَدُ أنّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، أرسله ربُّه رَحْمةً للعالمينَ مُبشِّرًا ونذيرًا، صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وصحبِهِ وسلّم تسليمًا كثيرًا.

 

أمّا بعدُ: فاتّقُوا اللهَ أَيُّهَا المؤمنونَ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102].

 

عبادَ اللهِ: كلُّ إنسانٍ في هذهِ الدنيا يحصلُ منه الخطأُ، ويصدرُ منه الذنبُ، ويقعُ منه الزللُ، ولا معصومَ بعدَ الأنبياءِ والمرسلينَ أحدٌ من الخلقِ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ بَنِي آَدَمَ خَطَّاءٌ وخَيرُ الخَطَّائينَ التوَّابونَ"(رواه الترمذي 2499، وأحمد 13049، باختلاف يسير، وابن ماجه 4251، واللفظ له، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 3447).

 

فعلينا جميعًا أن نتوبَ إلى ربِّنا، وأَنْ نسعى لنيلِ أسبابِ مغفرةِ ذنوبِنا وزلاتِنا، استجابةً لقولِه -تعالى-: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)[النساء: 110].

 

أيُّها المؤمنونَ: لقد امتنَّ اللهُ -تعالى- على عبادِه بأعمالٍ يسيرةٍ وكثيرةٍ لنيلِ مغفرةِ ذنوبِهم ومحوِها قبلَ لقائِه -جلَّ وعلا-، ومن ذلك:

 

1- الصلاةُ: فعن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهَرًا ببابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فيه كُلَّ يَومٍ خَمْسًا، ما تَقُولُ ذلكَ يُبْقِي مِن دَرَنِهِ؟ قالوا: لا يُبْقِي مِن دَرَنِهِ شيئًا، قالَ: فَذلكَ مِثْلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا"(رواه البخاري 528، واللفظ له، ومسلم 667).

 

2- صيامُ رمضانَ وقيامُ ليلةَ القدرِ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"(رواه البخاري 2014)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه"(رواه البخاري 37، ومسلم 759).

 

3- ترديدُ الأذانِ بعدَ سماعِ المؤذِّنِ، ثم يختم ذلك بما ورد: قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، رَضِيتُ باللَّهِ رَبًّا وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا، وبالإسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ له ذَنْبُهُ"(رواه مسلم 386).

 

4- الوضوءُ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تَوضَّأ العبدُ المؤمنُ، فتمضمضَ خَرَجتِ الخطايا من فيهِ...."(رواه  النسائي 103، وصححه الألباني في سنن النسائي 103).

 

5- كثرةُ الخُطى إلى المساجدِ وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاةِ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ"(رواه مسلم 251).

 

6- صلاةُ ركعتينِ بعدَ الوضوءِ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَوَضَّأَ فأحسنَ الوُضوءَ، ثُمَّ صلَّى ركعتينِ، لَا يسهو فيها، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم مِنْ ذنبِهِ"(رواه  أبو داود 841، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 6165).

 

7- الذِّكرُ بعدَ صلاةِ الفريضةِ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ"(رواه مسلم 597).

 

8- أداءُ فريضةِ الحجِّ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أَتَى هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كما وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(رواه البخاري 1819، ومسلم 1350).

 

9- مصافحةُ المسلمِ لأخيهِ المسلمِ: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تصافحَ المُسلمانِ لَم تَفْرُقْ أكُفُّهُما حتَّى يُغْفَرَ لهُما"(رواه الطبراني 8076، وصححه الألباني في صحيح الجامع (8076).

 

10- العمرةُ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ"(رواه البخاري 1773، ومسلم 1349).

 

11- قولُ سبحانَ اللهِ وبحمدِه في اليومِ مائةَ مرةٍ: عن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- مرفوعًا: "مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ"(رواه البخاري 6405، ومسلم 2691).

 

12- قولُ الحمدُ للهِ بعدَ الانتهاءِ من الأَكلِ وعندَ لُبْسِ الثوبِ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أكلَ طعامًا ثُم قال: الحمدُ للهِ الّذي أطعمَنِي هذا الطعامَ، ورزَقَنِيهِ من غيرِ حولٍ مِنِّي ولا قُوَّةٍ، غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنْبِهِ، ومَنْ لبِسَ ثوبًا فقال: الحمدُ للهِ الّذي كسَانِي هذا، ورزَقَنِيِهِ من غيرِ حولٍ مِنِّي ولا قُوَّةٍ غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنْبِهِ"(رواه أبو داود 4023 مطولاً، والترمذي 3458، وابن ماجه 3285، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 6086).

 

13- موافقةُ التأمينِ في الصلاةِ لتأمينِ الملائكةِ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أمَّنَ الإمَامُ، فأمِّنُوا، فإنَّه مَن وافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"(رواه البخاري 780، ومسلم 410).

 

أَعوذُ باللهِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا)[النساء:27].

 

باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، فاسْتَغفروا اللهَ إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.

 

أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ أيُّها المؤمنون، واعلموا أنَّ من أسبابِ مغفرةِ الذنوبِ أيضًا ما يأتي:

 

14- المرضُ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ -تعالى- يقولُ: إذا ابتلَيتُ عبدًا من عبادي مؤمنًا فحمدَني وصبَر على ما ابتليتُه به، فإنَّه يقومُ من مضجَعِه ذلك كيومِ ولدَتْه أمُّه من الخطايا..."(رواه أحمد 4/123، والطبراني في الكبير 7136، وقال الألباني في الصحيحة 2009: إسناده حسن رجاله ثقات).

 

15- عيادةُ المريضِ: عن عليٍّ -رضي اللهُ عنه- قالَ: "ما مِن رجلٍ يعودُ مريضًا مُمسيًا، إلَّا خرجَ معَهُ سَبعونَ ألفَ ملَكٍ يستَغفرونَ لَهُ حتَّى يُصْبِحَ، وَكانَ لَهُ خريفٌ في الجنَّةِ، ومن أتاهُ مُصبحًا، خرجَ معَهُ سبعونَ ألفَ ملَكٍ يستغفرونَ لَهُ حتَّى يُمْسيَ، وَكانَ لَهُ خَريفٌ في الجنَّةِ"(رواه أبو داود 3098، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود 3098: صحيح موقوف).

 

16- سقيَا الحيوانِ: قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ فقالَ: "نَعَمْ، في كُلِّ ذاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ"(رواه البخاري 6009، ومسلم 2244).

 

17- المصائبُ التي يُبْتلى بهَا المؤمنُ في الدنيَا؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِن وصَبٍ، ولا نَصَبٍ، ولا سَقَمٍ، ولا حَزَنٍ، حتَّى الهَمِّ يُهَمُّهُ؛ إلَّا كُفِّرَ به مِن سَيِّئاتِهِ"(رواه مسلم 2573).

 

واعلموا -رَحِمَكُم اللهُ- أنَّ أسبابَ مغفرةِ الذنوبِ كثيرةٌ، ففضلُ اللهِ على عبادِه واسعٌ وعظيمٌ، وهو أرحمُ الراحمينَ وأكرمُ الأكرمينَ.

 

هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى؛ فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ -جلَّ وعلا-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].                                    

المرفقات
eZNWIjtdZACxWuC2sXnwxT44NBSYOUnE4SMyhntU.pdf
LdeammgWbpx3lXFdotnMxx5TxUtpG7GWzH1FrrYf.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life