اقتباس
ما دام الخطيب يرتقي منبراً جليلاً كل أسبوع يخاطب فيه الحاضرين الذين يبلغون المئات ممن تتفاوت أعمارهم وثقافتهم , فإنه يجمل به أن يكون على مستوى من المسؤولية وعند حسن ظن المستمعين والمتلقين . ولكي يتحقق فيه ذلك لابد أن يكون على جانب كبير من الوعي . - فما المراد بالوعي ؟ - وما مدى أهميته هنا ؟ - وما أهدافه ؟ - وما الأسس التي يقوم عليها ؟
- وما المصادر التي يستمد منها الوعي ؟ - ثم ما مجالات هذا الوعي ؟ تلك من أهم الأسئلة التي ينبغي علينا أن نتوقف عندها , ونجيب عنا بما يناسب المقام
ما دام الخطيب يرتقي منبراً جليلاً كل أسبوع يخاطب فيه الحاضرين الذين يبلغون المئات ممن تتفاوت أعمارهم وثقافتهم , فإنه يجمل به أن يكون على مستوى من المسؤولية وعند حسن ظن المستمعين والمتلقين.
ولكي يتحقق فيه ذلك لابد أن يكون على جانب كبير من الوعي.
- فما المراد بالوعي ؟
- وما مدى أهميته هنا ؟
- وما أهدافه ؟
- وما الأسس التي يقوم عليها ؟
- وما المصادر التي يستمد منها الوعي ؟
- ثم ما مجالات هذا الوعي ؟
تلك من أهم الأسئلة التي ينبغي علينا أن نتوقف عندها , ونجيب عنا بما يناسب المقام.
1- مفهوم الوعي:
قال الراغب الأصفهاني في مفرداته:((الوعي :حفظ الحديث ونحوه .يقال:وعيته في نفسه , قال تعالى (لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) والإيعاء :حفظ الأمتعة في الوعاء قال تعالى:(وجمع فأوعى))) أ.هـ
وجاء في مقصورة ابن دريد:
وإنما المرء حديث بعده *** فكن حديثاً حسناً لمن وعى
وقد تطور المفهوم لهذه الكلمة , بحيث صارت تعني حسن الفهم والاستيعاب , قال في المعجم الوسيط:((الوعي:الفهم وسلامة الإدراك)) ثم أشار إلى أن هذا المعنى مولد.
وعلى أي حال:فنحن نقصد من هذا المصطلح كل تلك المعاني والمفاهيم:الحفظ , والاستيعاب , وسلامة الإدراك , وبعد النظر بحيث يكون الخطب ذا إدراك وتصور تامين للنصوص التشريعية , وللحال التي يعيشها الناس بكل جوانبها وشعابها.
2- أهمية الوعي:
لو تصورنا خطيباً يجهل بالنصوص الشرعية , فلا يميز بين الصحيح والسقيم , والناسخ والمنسوخ , والمجمع عليه والمختلف فيه , كما يجهل حال المخاطبين , فلا يميز بين مسلم وكافر , أو بين عالم وجاهل , أو بين مجتمع مسلم وغير مسلم , أو مجتمع فاضل ومجتمع تكثر فيه الرذائل.
أقول:إن خطيباً كهذا لا يمكن أن يقال بأنه:((واع)) أو مدرك لمسؤوليته.
بلى:إنه خطيب جاهل ومغفل , وربما صعد المنبر فقرأ خطبة من كتاب , لا تناسب المقام , لا أسلوباً ولا مضموناً , بل قد يقرأها بطريقة خاطئة يسخر منها المستمعون.
إننا حين نشاهد مثل هذا الخطيب , أو نتصوره فندرك قيمة الوعي وأهميته , وأنه من أهم الصفات التي ينبغي أن تتوافر في الخطيب.
3- أهداف الوعي:
للوعي أهداف وغايات لا يسع الخطيب تجاهلها , لعل من أهمها:
أ- ما يعود إلى الخطيب:
- وضعه محل الثقة والمسؤولية لدى المخاطب بحيث يستمع إليه وينصت , وتعي أذنه ما يرد إيها منه.
وبدون هذا الوعي لن يكون الخطيب بهذه المنزلة من المخاطب.
- تمييز الحلال من الحرام , والحق من الباطل , والسنة من البدعة , والمصلحة من المفسدة.
ب- ما يعود للجمهور:
- تبصير الناس بدينهم على الوجه الصحيح.
- تبصيرهم بما يريده لهم دعاة السوء من الانحراف , والانجراف مع الأهواء والضلالات.
- تثقيف الناس بمصالحهم العامة , وكيفية التعامل مع أنماط الحياة المتغيرة.
- حسن سياسة الناس وتوجيههم إلى الحق بأسلوب جذاب , وغير مثير للعصبية والهوى.
4- الأسس التي يقوم عليها الوعي:
إذا كان للوعي تلك الأهمية , وكان كل من تسنم منبراً أو تقلد منصباً يدرك قيمة هذا الوعي ومدى فاعليته فإنه لابد من معرفة الأسس والقواعد التي يقوم عليها الوعي , كي ما يكون وعياً مفيداً ومثمراً , راسخ البناء واضح المعالم.
وأظن أن من أهم الأسس في هذا المجال:
أ- العلم الشرعي:وأعني به كل علم يستند إلى الوحي , ويستنبط منه وفق دلالات اللغة العربية المعتبرة , وقد اشتهر عند الأصوليين أربعة منها هي:
- دلالة العبارة، وهي ما دل عليه النص بطريق مباشر.
- دلالة الإشارة:وهي ما دلت عليه الألفاظ من حكم، وإن كان سياق الكلام ليس له.
- ودلالة النص، وهو ما يستنبط من روح النص دون ألفاظه.
- ودلالة الاقتضاء:وهي ما لم يرشد إليها اللفظ ولا روح النص، ولكن بأمر زائد يلزم تقديره بالكلام، عقداً وعرفاً ولغة.
وحقيقة العلم الشرعي كما يقول الحافظ ابن حجر:((هو ما يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته , والعلم بالله وصفاته , وما يجب له من القيام بأمره وتنزيهه عن النقائص , ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه)) فتح الباري 1/ 141 , والعلم الشرعي هو نهر الله المار , وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل كما جاء في المثل.
ب- الفكر الاعتقادي السليم:
فالفكر المستقر عند الإنسان له أثر واضح على أعماله وأقواله وتصرفاته.
وإذا ما كان الفكر سليماً خالياً من الشوائب والخرافات والاضطرابات , فإن آثار ذلك تخرج من خلال الأقوال والأعمال.
يقول زهير بن أبي سلمى:
ومهما تكن عند امرئٍ من خليقةٍ *** وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وأوضح من ذلك ما جاء في الحديث الصحيح:((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)) متفق عليه.
وذلك يجعلنا نتصور آثار القلب المريض والفكر المضطرب , على الأقوال والأعمال.
ج – القيم الخلقية:
يتفق العقلاء على أن حياة المجتمعات البشرية لا تقوم ولا تستقر إلا بالأخلاق ..
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وهكذا بالنسبة للفرد فلا يستقيم له عمل إلا بالأخلاق والخطيب أحوج الناس إليها علماً وعملاً , من أجل أن يتمثلها , ثم يعكسها إلى الخارج , ليتعلمها الناس ويدركوا قيمتها.
وبضدها تتميز الأشياء , فإذا رأينا شخصاً ذا شأن في مجتمعه (عالماً , أو داعياً , أو خطيباً , أو مسؤولاً)ولكن رجل سوء في أخلاقه ومعاملته يتصف بالكذب , والمراوغة , والتلون , وتناقض الأقوال والأفعال وعدم النصح للآخرين ... ونحو ذلك من سيئات الأخلاق , فكيف يكون أثر ذلك على المتلقي ؟
بلى إنه قد يزرع في بعض النفوس هذه السيئات وينميها فيهم , وذلك غاية الغش للناس.
د – اعتماد منهج السلف في فهم الإسلام وفي تطبيقه:
وتبدو معالم هذا المنهج في أمور كثيرة يأتي في مقدمتها
- تعظيم النصوص الشرعية والوقوف عند حدودها.
كما قال الحق تعالى:((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة).
- تفسير النصوص وفق القواعد العلمية الصحيحة بما يقتضيه لسان العرب , وما تدل عليه الفطرة والعقل السليم.
وليس وفقاً للأذواق وللأعراف والتقاليد , أو المصالح المتوهمة.
- انتهاج الوسطية في التدقيق بدون إفراط أو تفريط وبلا وكس ولا شطط.
كما جاء في الحديث الصحيح.((إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)).
ه- مراعاة المصالح و المفاسد ..
وذلك بالموازنة بينهما، فإذا عظمت المصلحة أخذ بها، وإذا عظمت المفسدة، فإن درءها تقدم على جلب المصلحة.
وإذا تزاحمت المصالح قدم أكبرها فائدة، وإذا اجتمعت المفاسد درئ الأكبر منها فالأكبر.
وهذا أسلوب تقتضيه الشريعة، وتقتضيه العقول، ويفرضه الحسن والواقع.
والخطيب - وهو يخاطب الناس في ظروف مختلفة زماناً ومكاناً، وأعرافاً، وأشخاصاً – لابد أن يراعي هذه القاعدة، كما يتمكن من كسب المتلقي وإقناعه، وتثقيفه، وتعليمه، وتوعيته، وإرشاده إلى المصالح، وتنبيهه إلى المفاسد.
و- مراعاة المثالات ..
إن من الحكمة أن يكون المتحدث (خطيباً كان أو معلماً، أو داعياً)أن يضع نصب عينيه ردود الفعل المحتملة لخطابه، إن سلباً أو إيجاباً.
فلو تحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاً، فأخذ يلوم المحتسب ويعدد أخطاءه، ويؤكد على أن الدعوة إنما هي باللين والكلمة الطيبة فحسب، وإن الإنسان غير وصي على الإنسان، ولا يجوز أن يتدخل في حريات الآخرين، ونحو ذلك من المعاني ؛ إنه لو فعل ذلك، فلابد أن يفهم المتلقي أن الاحتساب لم يعد مجرباً، وغير لازم في هذا الزمان، وأن العمل به تدخل في شؤون الآخرين.
وهذه مثالات خطيرة، ربما أدت إلى طمس هذه الشعيرة وتناسي الناس لها.
وبصورة معاكسة لو أن هذا الخطيب تحدث عن هذه الشعيرة بأسلوب عاطفي منفعل، فأكد على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على كل مسلم، وأن الناس قد فرطوا فيهما، وأنهم مستحقون لعذاب الله الذي يوشك أن يحل بهم، إن لم يبادر كل واحد إلى الاحتساب باليد فإن لم يستطع فباللسان، ويضرب بيد من حديد على كل من قدر عليه، مهما كانت النتائج، فليس المهم أن يقتنع الناس بما يراد لهم بل المهم إقامة الحجة عليهم، وسوقهم إلى الحق ولو بالعصا، وقيادهم ولو بالسلاسل.
إنه بهذا الأسلوب يثير العواطف ويشحن النفوس ويدفعها إلى التهور، بل إلى فتنة الناس.
أجل .. إن ذلك يؤكد لزوم الاعتدال والوسطية، والنظر في مثالات الأمور، وما يمكن أن يترتب على الخطاب.
5- مصادر الوعي:
كيف يستطيع الخطيب أن يستفيد من الوعي ومن أين يستمده ؟
إنه سؤال له أهميته في تنمية وعي الخطيب ورفع معدل ثقافته، وبالتعرف على هذه المصادر يسهل على الخطيب حصوله على المعلومة، وبالطريقة السليمة.
وأهم المصادر في نظري هي كالآتي:
1- المصادر الشرعية (القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس)
أما القرآن الكريم فهو مصدر المصادر كلها، نظراً لعظم قيمته ومنزلته بين الكتب السماوية، ولاشتماله على أصول الدين وكلياته وجل فروعه وجزيئاته، وحسبنا شهادة القرآن نفسه
(الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان) (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام)
وأما السنة فهي بمثابة البيان والشرح للقرآن، وهي كنز لا ينفد، لأنها تحكي هدي رسول الله وسيرته طيلة حياته بعد البعثة التي بلغت ثلاثاً وعشرين سنة وتشمل أقواله وأفعاله، وتقريراته، وأوصافه عليه الصلاة والسلام.
وأما الإجماع فهو دليل عملي يستند إلى الدليل العلمي، فمتى ثبت اتفاق أهل العلم على شيء فذلك دليل على أن الأمر من قطعيات الشريعة التي لا يجوز الخلاف فيه وذلك مما يفيد طالب العلم، ولاسيما الخطيب.
ولقد نرى اختلافاً بين العلماء في حصر مسائل الإجماع، قد يوصلها بعضهم كأبي اسحق الاسفرائينى إلى عشرين ألف مسألة في عموم أصول الدين وفروعه.
وقد يعود سبب الخلاف في ذلك إلى مفهوم الإجماع نفسه الذي قد يكون إجماعاً صريحاً، وقد يكون سكوتياً وقد ترد عبارات لبعض العلماء مثل:لا أعلم فيه مخالفاً، أو العمل على هذا عند أهل العلم، فتضاف إلى مسائل الإجماع.
وأما القياس فهو دليل عقلي معتبر عند الأئمة الأربعة وغيرهم ونفاه أهل الظاهر، والحق ما عليه جمهور أهل العلم من اعتبار القياس.
والخطيب حين يتعامل مع هذا الدليل له حالتان:
أحدها:الأخذ بمسائل القياس التي قررها الفقهاء في كتبهم، بعد تحريرها، والتثبت من عدم معارضتها لنص صحيح صريح.
الثاني:إعمال القياس في المسائل والقضايا المستجدة التي ليس عليها دليل نقلي.
وهذا خاص - بطبيعة الحال – بالخطيب المتفقه الذي يمتلك آلة القياس والاجتهاد.
2- المصادر اللغوية والأدبية:
وهي مصادر رئيسة للخطيب، لا يمكن أن يستغني عنها، أما اللغوية فتشمل معجم اللغة وقواميسها، ويأتي في مقدمتها:معجم مقاييس اللغة لابن فارس، والقاموس المحيط للفيروز أبادي، ولسان العرب لابن منظور.
والمعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
وتشمل أيضاً كتب النحو والصرف.وهي من الكثرة بما يمنع حصرها، ومن أشهرها مؤلفات ابن هشام وابن مالك والخطيب يلزمه فهم هذا الفن العزيز، ومراجعة بعض مصادره كلما عنّله مشكل.
وهكذا بالنسبة للمصادر الأدبية، فإنها كما يقول الإمام أبو عمر بن عبد البر في مقدمة كتابه (بهجة المجالس وأنس المجالس)
(أولى ما عني به الطالب، ورغب فبه الراغب، فصرف إليه العاقل همه، وأكد فيه عزمه بعد الوقوف على معاني السنة والكتاب، لما فيها من أنواع الحكم التي تحيي النفس والقلب وتشحذ الذهن واللب، وتبعث على المكارم وتنهى عن الدنايا والمحارم، ولاشيء أنظم لشمل ذلك كله وأجمع لفنونه وأهدى إلى عيونه وأعقل لشارده وأثقف لنادره من تقييد الأفعال السائرة والأبيات النادرة، والفصول الشريفة والأخبار الظريفة، من حكم الحكماء، وكلام البلغاء والعقلاء)) ا.ه
فعلوم الأدب إذن متعة للنفس، وسياحة للقلب والعقل، وهي فن بديع راق يهذب السلوك ويشحذ الهمم.
3- المصادر التاريخية، وهي جملة الأحوال والأحداث التي تجري في هذا العالم (الكوني والبشري)قديمه وحديثه ومعاصره، سواء أكانت مدونة في كتاب أو صحيفة أو جاءت عبر الأثير، أو الرواية والأخبار.
والخطيب يحتاج إلى ذلك كله، ليكون حديثه واقعياً متفاعلاً مع الأحداث، مستفيداً من التجارب والمستجدات، معتبراً بمجريات الزمان كما قال الحق تعالى بعد سياق أحداث الأمم الماضية (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)وقال:(إن في ذلك لعبرة لمن يخشى).
4- المصادر الحديثة، من وسائل إعلامية أو اتصالية أو تعليمية، مما جاء بها هذا العصر، سواءً أكانت مقروءة أم مسموعة، أم مرئية.
فالخطيب إنما يخاطب أهل زمانه، وهم في الأعم والأغلب يتعاملون مع هذه الوسائل ويعرفونها حق المعرفة، حتى أصبحت واقعاً في حساباتهم، وتستأثر بنصيب وافر من أوقاتهم، وإذا لم يكن الخطيب على وعي بما هم عليه من المستوى المعرفي فإنما يخاطب نفسه ومن شاكلها، وهم قلة قليلة في عصرنا الحاضر.
5- مجالات الوعي:
قد يتصور أحدنا بأن للوعي مجالاً واحداً، أو أنه ذو مجال محدود، كالعلم الشرعي، أو الأحكام الشرعية، أو ما يسمى بالمجال الديني.
بيد أن الأمر ليس على هذه الصورة، ذلك أن مجالات الوعي كثيرة جداً، والسبب في ذلك ليس خفياً، أو غامضاً، فإن دين الإسلام يتسم بالشمولية المطلقة، ومن أبرزها:شمولية الموضوعات والأحكام لكل ما يحتاجه الإنسان بصفته فرداً، أو جماعة أو دولة.
كما قال الحق تعالى:(ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) [النحل:19]
وقال:(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) [الإسراء:9 ].
وللشيخ محمد الأمين الشنقيطي وقفات طويلة عن الآية الأخيرة في كتابه أضواء البيان، يحسن مراجعته.
فإذا تقرر ذلك كان من المناسب أن نذكر هنا المجالات التي ينبغي أن يمتطيها ويخوضها خطيب المنابر، بل مجالات الوعي التي يسلكها ليكون أهلاً لتوعية جماهيره.
فإليك أهم هذه المجالات:
1- المجال العقدي – وذلك بتقرير عقيدة الإسلام بكل تفاصيلها، وبيان ما يضادها أو يخل بها بطريق الأجمال.
2- مجال العبادة – وهي العبادات العملية، كالصلاة والزكاة والصيام والحج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و الكفارات.
3- مجال المعاملات و المعاوضات المالية.
4- أحكام الأسرة.
5- الأطعمة الأسرية.
6- الأخلاق (محاسنها، ومساؤها)
7- الآداب الشرعية.
8- المشكلات الاجتماعية.
9- قضايا الأمة الإسلامية.
10- المشكلات العالمية، مما يتعدى أثره إلى المجتمع المسلم، مثل:انتشار الجريمة، وتفكك الأسرة في الغرب، والفضائيات الأجنبية، والتعليم المختلط.
فكل هذه يجب أن يكون الخطيب على وعي فيه، ولو على سبيل الإجمال.
على أنه يجب عليه ألا يخوض في بحر لا يجيد السباحة فيه .. بل عليه أن يتكلم فيما يتقنه ويحسنه، وإذا اشتبه عليه الأمر تركه، أو قرأ فيه واستشار أهل الذكر، فإذا اطمأن إلى شيء أخذ به، و إلا فحسبه قول الشاعر:
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء.
ولا شك أن الخطأ في أسلوب المعالجة لا يقارن بالسكوت والإغماض عن الشيء.فالساكت لا ينسب إليه قول وقد لا يلام، أما المتكلم بالخطأ فهو ملوم على كل حال .
التعليقات