معتقدات خاطئة

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:
عناصر الخطبة
1/ انتشار الاعتقادات الباطلة بسبب الجهل 2/ بعض الاعتقادات الخاطئة المتعلقة بالعقيدة 3/ بعض الاعتقادات الباطلة المتعلقة بالحج والصلاة 4/ أخطاء متنوعة في أبواب متفرقة 5/ بعض الاعتقادات المتعلقة بالسحر والعين 6/ بعض الأخطاء المتعلقة بالحداد والزواج 7/ وجوب التمسك بالسنة والحذر من البدعة
اهداف الخطبة

اقتباس

كلما ابتعد المرء عن مجالسة العلماء، وأهل الذكر؛ كلما زاد الجهل، وانتشرت البدع والمنكرات، لهذا سنمر سريعا في هذه الخطبة المباركة عن بعض تلك المعتقدات الخاطئة التي يقع فيها بعضنا لنتنبه لها، وننبه غيرنا، فتقل أخطاؤنا، ويكثر صوابنا، فمن قل...

 

 

الخطبة الأولى:

 

أما بعد:

 

فيا أيها الناس: فإنه مع غلبة الجهل، والبعد عن أنوار العلم والنبوة؛ تظهر اعتقادات وأفعال مخالفة وباطلة، خصوصا في آخر الزمن؛ كما أخبر الصادق المصدوق -صلوات ربي عليه وسلامه- من فشو الجهل، وقلة العلم.

 

وكلما ابتعد المرء عن مجالسة العلماء، وأهل الذكر؛ كلما زاد الجهل، وانتشرت البدع والمنكرات، لهذا سنمر سريعا في هذه الخطبة المباركة عن بعض تلك المعتقدات الخاطئة التي يقع فيها بعضنا لنتنبه لها، وننبه غيرنا، فتقل أخطاؤنا، ويكثر صوابنا، فمن قل خطؤه وكثر صوابه فقد أفلح؛ فمن ذلك:

 

أن بعض الناس يظن أنه بمجرد النطق بكلمة "لا إله إلا الله" فإنه يدخل الجنة، وينجو من النار مهما فعل ومهما ترك، وربما كان فهمه للأحاديث الواردة قاصراً؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله صدقاً من قلبه دخل الجنة"، وفي بعضها: "خالصاً من قلبه"، وهذا الاعتقاد غير صحيح؛ لأن كلمة لا إله إلا الله لها أركان وشروط ومقتضيات وواجبات، ولهذا فإن الكافر إذا دخل في الإسلام، ونطق الشهادتين، فإنه يؤمر بالقيام بالصلاة، وبقية الأركان، وإلا فإنه لا يكون مسلماً، وكان المنافقون في زمن النبوة يقولون: لا إله إلا الله، ومع هذا هم في الدرك الأسفل من النار، قيل لوهب بن منبه -رحمه الله-: أليست لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان،  فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك" ويقصد بالأسنان مقتضيات الشهادة.

 

والبعض يظن: أن للإنسان الحرية في اختيار أي دين يريد، فكلها أديان سماوية جاءت بها الرسل، وتراه لا يكفر اليهود والنصارى؛ لأنهم اختاروا ديناً من الأديان السماوية، وهذا اعتقاد باطل، فإن الله -تعالى- يقول: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) [آل عمران: 19]، (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85].

 

وهذه الأديان حرفت بعد أنبيائها ثم هي منسوخة بدين الإسلام؛ كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أحد من هذه الأمة لا يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كانَ مِنْ أَصْحَابِ النار".

 

ومن الاعتقادات الخاطئة: أن البعض يظن أنه إذا حج أو اعتمر فإنه تُغفر ذنوبه وتقبل توبته، وبناءً عليه فإنه مهما فعل من الذنوب، وترك من الواجبات، فلا حرج عليه، وهذا اعتقاد باطل، فالمسلم مأمور بطاعة الله -تعالى- حتى الموت، حتى ولو كفرت ذنوبك كلها بالحج فلست بمعصوم عن الذنوب فيما يستقبلك من الأيام، قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99].

 

ومن الاعتقادات الخاطئة: أن البعض إذا مرض فإنه لا يصلي ويقول أصليها بعد الشفاء أو بعد الخروج من المشفى، وهذا خطأ، فالمسلم مأمور بإقامة الصلاة ما دام عقله معه، ولا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها، فيصلي حسب استطاعته قائماً فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، فإن لم يستطع تحريك أطرافه صلى بقلبه، ثم إن استطاع الوضوء توضأ فإن لم يستطع تيمم، فإن لم يستطع صلى بدون طهارة، وليس عليه الإعادة؛ لأنه صلى كما أمر.

 

وصنف إذا كان عليه صلوات فائتة فإنه يقضيها مع مثيلاتها فيصلي الظهر مع الظهر والعصر مع العصر، وهذا خطأ بل يجب أن يقضيها بالترتيب الفجر ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ثم اليوم التالي على الترتيب حسب استطاعته كل يوم.

 

ومن الاعتقادات الباطلة: أن يظن أحد أنه إذا أنقذ امرأةً من الغرق فإنها تكون من محارمه، وبعضهم يظن أنه إذا تبرع بالدم لامرأةٍ أو هي تبرعت له فإنها تصير من محارمه، وهذا باطل فالمحرمية لا تكون إلا لمن ثبت له ذلك شرعاً بقرابة أو مصاهرة أو رضاع.

 

ومن الأعمال المحرمة: الانحناء عند السلام خصوصاً عند السلام على العظماء، وهذا محرم، وسماه بعض العلماء بالسجدة الصغرى، لما فيه من الخضوع والتذلل، وأعظم منه السجود، ولو كان للوالدين، فالسجود عبادة لا تجوز إلا لله.

 

ومن الاعتقادات الباطلة: أن يظن بعض الناس أن معنى الحديث الوارد في الحث على طاعة الأم وهو "الزم رجليها فثم الجنة" أن المقصود تقبيل قدميها، وهذا غير صحيح، فالمقصود: الزم طاعتها وخدمتها، وعدم مفارقتها، والتواضع لها. وأما التقبيل فجائز في الأصل، ولكن بدون سجود.

 

ومن الاعتقادات الخاطئة: أن بعض الناس يعتقد أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- مخلوقٌ من نور الله -تعالى-، أو أن الخلق كلهم مخلوقون لأجله، وهذه اعتقادات باطلة كاذبة، فنبينا -صلى الله عليه وسلم- مثل غيره من البشر خلق من ماء دافق وهو عبد لا يُعبد ورسول لا يُكذّب، قال عن نفسه فيما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله"، والخلق خلقهم الله لعبادته.

 

ومن الاعتقادات الباطلة: وضع المصحف على جسد الميت ظناً أنه ينفعه، ولا ينفع المرء إلا رحمة أرحم الراحمين، ثم ما قدّمت يداه من الأعمال الصالحة.

 

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا.

 

أقول قولي هذا...

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد:

 

فيا أيها الناس: لا يزال حديثنا موصولا عن تلك الأخطاء التي شاعت بين الناس، وفعلوها بلا دليل؛ فمن ذلك: أن البعض يضع المصحف في السيارة إما اتقاءً للعين أو دفعاً للحوادث، وهذا غير صحيح، ويدخل في التمائم، والمشروع الدعاء وقراءة الأذكار.

 

وبعضهم يعلق قرصاً -قرص الحاسب- أو غيره في السيارة يكون فيه آيات قرآنية، ومنهم من يعلق خرقة سوداء يعتقد أنها تدفع الحسد وتمنع الحوادث، وهذا من التمائم المحرمة؛ أخرج أحمد وأبو داود بسند لا بأس به من حديث عبد الله بن مسعود: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك".

 

ومن الاعتقادات الباطلة: قول بعضهم إن الإنسان يوم القيامة يُدعى باسم أمه، وربما فهموا هذا من قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) [الإسراء: 71]، وهذا فهم خاطئ؛ لأن جمع أم أمهات فلو كانت: يوم ندعو كل أناس بأمهاتهم لقيل بذلك، وقد فسّر المفسرون: "الإمام" بكتاب الأعمال، وقيل: إمامهم الذي كان يدعوهم في الدنيا، وقيل غير ذلك. لكن دلت الأحاديث بأن المرء يدعى باسمه واسم أبيه؛ كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان"، وكما أخرج أحمد في مسنده من حديث البراء بن عازب مرفوعا: "إذا صعدت الملائكة بروح المؤمن يقول ملائكة السماء: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا".

 

ومن الاعتقادات الباطلة: إذا سقط شخص أو تعثر فإنهم يحضرون ماءً رُقي فيه ثم يرشون مكان سقوطه، وهذا عمل غير صحيح.

 

وتكثر الاعتقادات الباطلة لمن مات زوجها وهي في عدة الحداد، قال شيخا ابن باز -قدس الله روحه-: أما ما قد يظنه بعض العامة ويفترونه من كونها لا تكلم أحداً، ومن كونها لا تتحدث بالهاتف، ومن كونها لا تغتسل في الأسبوع إلا مرة، ومن كونها لا تمشي في بيتها حافية، ومن كونها لا تخرج في نور القمر، وما أشبه هذه الخرافات، فلا أصل لها.

 

ومن الاعتقادات الباطلة: اعتقاد بعض الناس بأن صلاة الجنازة على العائن، وهو حي تذهب العين والحسد.

 

وهذا باطل فالذي يبطل العين بإذن الله -تعالى- الرقية الشرعية على المعيون، أو أخذ  وضوء العائن، وصبه على المعيون.

 

من الاعتقادات المنتشرة والباطلة: أنه إذا حضر الشخص عقد النكاح، فإنه يُنهى عن عقد أصابعه، أو  العبث بالسبحة، ونحوها، يزعمون أنه سبب لفشل الزواج، أو يعقد لهم بسحر ونحوه، وهذه خرافات العامة.

 

وكذلك من الاعتقادات المنتشرة: أن المرء إذا غيّر اسم أحد أولاده فإنه يذبح عقيقة، وهذا غير صحيح فإن كان قد ذبح من قبل فلا يذبح إذا غيّر اسم ولده.

 

عباد الله: الواجب على المكلف أن يلزم السنة، ويحذر البدعة، فلا نفعل شيئا نبتغي به وجه الله إلا ونحن نعلم فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- له، قال سبحانه: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: 110].

 

اللهم وفقنا لهداك...

 

 

المرفقات
معتقدات خاطئة.doc
التعليقات
س$س$
05-11-2019

جميلة ومفيدة جزاك الله خيرا

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life