عناصر الخطبة
1/حقيقة المراقبة ومنزلتها 2/ثمرات المراقبة 3/نماذج من مراقبة الله -عز وجل- 4/السبل المعينة على تحصيل المراقبة 5/آثار ضعف المراقبة

اقتباس

إن من أهم ما تُزكى به النفس وتطهر: مراقبة الله في السر والعلن؛ إذ هي أساس الأعمال القلبية، وعمودها الذي تقوم عليه.. عباد الله: وإذا ذُكِرت مراقبة الله ذُكِر الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم؛ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم الصلاة والسلام-؛ فلقد...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71]، أما بعد:

 

أيها المسلمون: إن من أهم الأمور التي بُعث بها النبي -عليه الصلاة والسلام- تزكية النفوس، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ)[الجمعة:2]، وعلق الله فلاح العبد بتزكية نفسه؛ وذلك بعد أن أقسم أقسامًا متعددة فقال: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا)[الشمس: 9].

 

 

ومن أهم ما تزكى به النفس وتطهر: مراقبة الله في السر والعلن؛ إذ هي أساس الأعمال القلبية، وعمودها الذي تقوم عليه؛ وقد جمع -صلى الله عليه وسلم- المراقبة في قوله عن الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك"(متفق عليه)؛ فالإحسان الذي هو المراقبة جامع لمقام الإسلام والإيمان والإحسان.

 

ومفهوم المراقبة ومعناها -يا عباد الله- أن يعلم العبد دائمًا أن الله لا يخفى عليه شيءٌ من أموره، وأن يستشعر اطلاعه عليه في جميع أحواله، فيعلم خطرات النفوس، ولحظ العيون.

 

وهو الرقيب على الخواطر واللواحظ *** كيف بالأفعال والأركان

وقال ابن المبارك -رحمه الله- لرجل: "راقب الله تعالى؛ فسأله عن تفسيرها فقال: كن أبدًا كأنك ترى الله -عز وجل-".

معاشر المؤمنين: هناك الكثير من الثمرات الطيبة، والنتائج المحمودة التي تحصل لمن ربى نفسه على مراقبة الله، ومن تلك الثمار:

الإيمان بالله والعلم بأنه مطلع على أعمال العباد؛ فقد روى أبو داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثٌ من فعلهنَّ فقد طَعِم طعمَ الإيمان: ...، وزكـى نفسه؛ فقال رجل: وما تزكية النفس؟ فقال: أن يعلم أن الله معه حيث كان"؛ فعِلْمُ العبد بأنَّ الله معه عين المراقبة لله، ومن فعل ذلك وجد حلاوة الإيمان بالله رب العالمين.

ومن ثمرات مراقبة العبد ربَّه: البعد عن المعصية؛ كما جاء في الصحيحين في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظلّه -منهم-: "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله".
وروى مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "قالت الملائكة: ربّ! ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة -وهو أبصر به-، فقال: ارْقُبُوه؛ فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة؛ فإنه تركها من جَرَّاي".

ومن النتائج المحمودة للمراقبة: تحسين العبادة وأداؤها على أكمل الوجوه؛ ويدل على هذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعريف الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وهذا صريح في أن مراقبة الله تدعو إلى تحسين العبادة، وقد قيل: "من راقب الله أحسن عمله".

وعن معاذ -رضي الله عنه- أنه قال: "يا رسول الله! أوصني؟ قال: اعبد الله كأنَّك تراه، واعدُد نفسك من الموتى". رواه ابن أبي الدنيا.

ومن ثمار المراقبة أيضًا: أنها تورث الإخلاص لله، قال الحسن -رحمه الله-: "رحم الله عبدًا وقف عند همِّه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخر"(رواه البيهقي في الشعب).
ومن أجل وأعظم ثمار المراقبة: المغفرة والثواب الكبير، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)[الملك:12].

 

عباد الله: وإذا ذُكِرت مراقبة الله ذُكِر الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم؛ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم الصلاة والسلام-؛ فلقد راودته امرأة العزيز وكانت ذات منصب وجمال، فطلبته -وهي سيدته وهو في بيتها-، وألحت في مسألتها، وكررت طلبها، وكان المكان خاليًا، وغلقت الأبواب، وأمِنَا من عامل المفاجأة؛ فلا يدخل أحد عليهما، وكان الكريمُ -عليه السلام- شابًا قويًّا أعزب لا زوجة له؛ بل توعدته المرأة وهددته، ومع ذلك كله: (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[يوسف:23].

وهذا الربيع بن خُثَيْم -رحمه الله- تتعرَّى عنده امرأة فاجرة بعث بها فَسَقَةٌ يريدون إغواءه؛ فيردها ويزجرها وينصحها، فتنتفع بقوله، وتقع كلماته بموقع في قلبها؛ فتنتظم في صفوف القانتين التائبين.
ورأى شاب فتاة فوقع أسيرًا لشهوته؛ فراود الفتاة عن نفسها، وقال لها: لا يرانا أحد في هذا الظلام غير الكواكب؟! فقالت: وأين مكوكِبُها؟ فقام وتركها.

ومرَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بامرأة تريد من ابنتها أن تخلط اللبن بالماء، فسمع ابنتها تقول لها: إن أمير المؤمنين نهى عن ذلك! فقالت: وأين أمير المؤمنين؟ إنه لا يرانا. فقالت البنت: ولكن الله يرانا.

وفي الكبرى للبيهقي: "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خرج من الليل؛ فسمع امرأة تقول:

تطاول هذا الليل واسود جانبه *** وأرقني أن لا حبيب ألاعبه
فوالله لولا الله أنى أراقبه *** لحرك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يصدني *** وإكرام بعلي أن تنال مراتبه

فقال عمر لحفصة -رضى الله عنهما-: "كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر. فقال: لا أحبس الجيش أكثر من هذا".

 

أيها المؤمنون عباد الله: هناك طرائق متعدة، ووسائل مختلفة؛ إن سلكها العبد تحصل له مقصوده من مراقبة الله -جل وعلا-، من تلك السبل والوسائل:

التعرُّف على الله -عز وجل-، والإيمان بأسمائه الدالة على هذا معنى المراقبة؛ مثل: الرقيب، والحفيظ، والعليم، والسميع، والبصير، فيؤمن العبد بها ويتعبد بمقتضاها؛ لأن ذلك يورث مراقبة الله.

 

الرقيب: هو الذي يرصد أعمال عباده، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1].

والحفيظ: هو الذي يحفظ عباده المؤمنين، ويحصي أعمال الخلق، قال تعالى: (إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)[هود:57].

والعليم: هو الذي لا تخفى عليه خافيةٌ في الأرض ولا في السماء، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[المجادلة:7].

والسميع: هو المدرك للأصوات، والبصير: هو الذي يرى كل شيء، قال تعالى: (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[الإسراء:1].

 

فالإيمانُ بثبوت معاني هذه الأسماء لله يمنع العبد من أن يصدر عنه شيء يسخط الله.

 

وإذا خلوت بريبـةٍ في ظلمة *** والنفس داعية إلى الطغيان
فاستح من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني

 

وقال آخر:

إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل *** خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفُل ساعة *** ولا أن ما تخفيه عنه يغيب
ألم ترَ أنَّ اليوم أسرعُ ذاهبٍ *** وأن غدا للناظرين قريب

 

ومن تلك السبل أيضًا: العلم بشهادة الجوارح في الآخرة، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا الله الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ الله لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ)[فصلت:20-24]، وقال تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[يس:65].

 

ومن سبل مراقبة الله: العلم بشهادة الأرض بما عُمِل فوقها من المعاصي، قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)[الزلزلة:4]، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا"(رواه الترمذي).
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

 

معاشر المسلمين: إن فقدان خلق المراقبة لله -عز وجل- يعود على العبد بآثار سلبية سيئة لا تحمد عقباها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

الاتصاف بصفة من صفات المنافقين، قال تعالى: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا)[النساء:107-108]؛ أي: أنهم يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على معاصيهم وأعمالهم القبيحة، ولا يستترون من الله -عز وجل- ولا يستحيون منه، وهو تعالى معهم بعلمه، مطلع عليهم حين يدبِّرون ما لا يرضى من القول، وكان الله محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه منها شيء.

ومن الآثار السلبية المترتبة أيضًا: تعريض الحسنات للضياع؛ فعن ثَوْبَانَ -رضي الله عنه-، أن النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا؛ فَيَجْعَلُهَا الله -عز وجل- هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ الله! صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا؛ أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا"(رواه ابن ماجه)، والمراد بهذا: أنه من كان انتهاك حرمات الله -عز وجل- عادته ودأبه، فلا يخلو بنفسه إلا اجترأ على معصية الله، وركب ثبجها.

وليس معنى هذا التشجيع على المجاهرة بالمعصية؛ لأن المجاهرة أعظم إثمًا وأشد جرمًا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ الله عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ الله عَنْهُ"(متفق عليه).

ربِّ صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين...

 

المرفقات
مراقبة-الله.doc
التعليقات
زائر
01-03-2024

جزاكم الله خيرا 

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life