اقتباس
وأيُّ إيمانٍ فوقَ الطُّمأنينة بالله، والرُّكون إليه، وامتلاءُ القلب به وحدَه دون سِواه. أصحُّ القلوب وأسلَمُها، وأقومَها وأرقُّها، وأصفاها وأقواها وأليَنُها من اتَّخذَ اللهَ وحدَه إلهًا ومعبودًا، وأخلصَ القلبَ له دون سِواه، واطَّرَح لأجل الله هواه، (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)، وإسلامُ الوجه لله هو إقبالُ العبد بكليَّته على الله، وإعراضُه عمَّن سِواه، والخضوعُ لإرادتِه، والتذلُّلُ لعظمته وكبريائِه، والإيمانُ بوحدانيَّته وشريعتِه. وبه يكونُ كمالُ الإيمان وتمامُه.. وإذا عزمَ العبدُ على ترك الآثام أتَتْه الفتوح، وإذا أقبلَ العبدُ إلى الله، أقبلَ الله بقلوبِ العباد إليه...
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الرضا بالله وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - وبدينه"، والتي تحدَّث فيها عن الرضا بالله -تعالى- وبرسوله -صلى الله عليه وسلم- وبدينه، وبيَّن أن هذا هو تمامُ الإيمان، من خلال الآيات والأحاديث النبوية.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: اتَّقوا الله -تعالى- حقَّ تُقاته، وسارِعُوا إلى مغفرة ربِّكم ومرضاتِه، وأجيبُوا الداعِي إلى دار كرامتِه وجنَّاته؛ فإن العُمر سريعُ الذهابِ بساعاته وأوقاته.
وقال -حفظه الله-: الرِّضا عملٌ قلبيٌّ يجمعُ القبول والانقِياد، والرِّضا أساسُ الإسلام وقاعدةُ الإيمان، وشرطُ شهادة التوحيد؛ قال الله - عز وجل -: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء: 65]، فأقسمَ الحقُّ -سبحانه - أنهم لا يُؤمِنون حتى يُحكِّموا اللهَ ورسولَه، ويرتفِع الحرَجُ من نفوسِهم من حُكمه، ويُسلِّموا له تسليمًا، وهذه حقيقةُ الرِّضا بحُكمه وشرعِه.
وأضاف الشيخ: وقد أسنَدَ الحرجَ والاستِسلامَ للنفس لا للقلبِ لحكمةٍ دقيقةٍ، وهي: أن النفسَ مكمَنُ الهوى والشهوات، والاحتِجاج والاعتِراض. ومن هنا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذاقَ طعمَ الإيمان من رضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولاً" (رواه مسلم).
وقال أيضًا: "من قال حين يسمعُ المُؤذِّن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، رضِيتُ بالله ربًّا، وبمُحمدٍ رسولاً، وبالإسلام دينًا؛ غُفِر له ذنبُه" (رواه مسلم).
وقال -وفقه الله-: وهذان الحديثان - كما قال ابن القيم - رحمه الله - عليهما مدارُ مقامات الدين، وإليهما تنتهي. وقد تضمَّنا الرِّضا بربوبيَّته - سبحانه - وألوهيَّته، والرِّضا برسولِه والانقِياد له، والرِّضا بدينِه والتسليم له. ومن اجتمَعَت له هذه الأربعة فهو الصدِّيقُ حقًّا، وهي سهلةٌ بالدعوى واللسان، لكنها من أصعَب الأمور عند الحقيقة والامتِحان، ولاسيَّما إذا جاء ما يُخالِفُ هوَى النفسِ ومُرادَها.
وأضاف فضيلته: فالرِّضا بإلهيَّته يتضمَّنُ: الرِّضا بمحبَّته وحدَه، وخوفِه ورجائِه، وإفرادِه بالعبادة والإخلاص له. والرِّضا بربوبيَّته يتضمَّنُ: الرِّضا بتدبيره لعبده، والاعتِماد عليه، وأن يكون راضِيًا بكل ما يفعلُه به مولاه. وأما الرِّضا بنبيِّه رسولاً فيتضمَّنُ: كمال الانقِياد له، والتسليمَ المُطلَق إليه. وأما الرِّضا بدينِه: فإذا قال أو حكَم أو أمَر أو نهَى رضِيَ كلَّ الرِّضا، ولم يبقَ في قلبِه حرَجٌ من حُكمِه، وسلَّم له تسليمًا ولو كان مُخالِفًا لمُراد نفسِه أو هواها، أو قولَ مُقلِّده وشيخِه وطائفتِه.
وقال -حفظه الله-: إن الرِّضا بالله هو - واللهِ - عينُ العزَّة، والصُّحبة مع الله ورسولِه، وروح الأُنس به. من رضِيَ بالله ربًّا، وبمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - رسولاً، وبالإسلام دينًا رسَخَت قدمُه في التوكُّل والتسليم والتفويض، ومن رضِيَ عن ربِّه رضِيَ الله عنه. ولذلك كان الرِّضا بابُ الله الأعظم، وجنَّةُ الدنيا، ومُستراحُ العارِفين، وحياةُ المُحبِّين، ونعيمُ العابِدين، وقُرَّة عيون المُشتاقين.
وحذر الشيخ مما ينافي الرضا فقال: ويُنافِي الرِّضا ويُقابِلُه: الاعتِراضُ والكراهيةُ لما أنزل الله، لبعضِه أو كلِّه؛ فالرِّضا هو الاستِسلامُ والقبولُ والانقِياد، وضدُّه الردُّ والاعتِراضُ والإباء. وأصلُ هذا الاعتِراض هو اتِّباعُ الهوى، والاستِمدادُ من غير الوحي، والتلقِّي من غير الله ورسولِه.
وأضاف سماحته: فمن الناس من حكَّم العقل والهوَى والرأيَ، وتتبَّع فلسفةَ التائِهين، ومنهم من حكَّم الذوقَ والوجدَ والكشفَ، وتلاعَبَ الشيطانُ بعقلِه، فانتَكَسَ إلى حضيض الخُرافة والوهم، ومنهم من بحثَ عن المصالِح الدنيويَّة، وركَنَ للأعراف الأرضية، وتبِعَ الهوى مُتدرِّعًا بالأقيِسَة والآراء لإباحة ما حرَّم الله، وتحريم ما أحلَّ، وإسقاط ما أوجَبَ، وتصحيح ما أبطَلَ.
وأكّد فضيلته أن من أعظم أبوابِ الفتن في هذا الجانِب: تتبُّع الخلافات الفقهيَّة، والاستِدلالُ بشواذِّ الآراء، وما لا يُعتبر من الأقوال، حتى عُطِّلَت الأحكامُ باسمِ الخِلاف، وانتُهِكَت الحُرمات باسم الخلاف، وانكسَرَت عزائِمُ المُتعبِّدين فكسَلُوا عن الطاعات، وانشَغَلُوا بفُضول المُباحات، واجتَرَأوا على المكروهات، وهي بابُ المُحرَّمات.
وأكد الشيخ أن: الرِّضا بالله وبدينِه وبرسولِه تمامُ الإيمان، والإيمانُ تمامُ الرِّضا. الإيمانُ يقينٌ يسكُنُ الأعماق، ومعرفةُ الله لها مذاقٌ حلوٌ يطبَعُ النفوسَ على النُّبل والتسامِي، ويُصفِّي النفوسَ من كدَرِها. إنه شوقٌ إلى الله، ومُسارعةٌ إلى مرضاتِه.
وبيَّن فضيلته أن: الإيمانُ ينفَحُ القلبَ نورًا، ويملأُ الصدرَ سرورًا، وأيُّ إيمانٍ فوقَ الطُّمأنينة بالله، والرُّكون إليه، وامتلاءُ القلب به وحدَه دون سِواه. أصحُّ القلوب وأسلَمُها، وأقومَها وأرقُّها، وأصفاها وأقواها وأليَنُها من اتَّخذَ اللهَ وحدَه إلهًا ومعبودًا، وأخلصَ القلبَ له دون سِواه، واطَّرَح لأجل الله هواه، (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) [النساء: 125].
وأكَّد الشيخ أن: إسلام الوجه لله هو إقبالُ العبد بكليَّته على الله، وإعراضُه عمَّن سِواه، والخضوعُ لإرادتِه، والتذلُّلُ لعظمته وكبريائِه، والإيمانُ بوحدانيَّته وشريعتِه. وبه يكونُ كمالُ الإيمان وتمامُه. وأن الخوف من الله سراجٌ يُضِيءُ في حنايا القلوب، ومِشعلُ نورٍ تتلمَّسُ به سلامةَ الدروب، والتوقِّي من المزالِق والحذرُ من المحارِم سجِيَّة المتقين، وعنوانُ المؤمنين، وعند تصحيح الضمائِر تُغفَرُ الكبائِر.
وأكَّد فضيلته في ختام الخطبة أن العبد إذا عزمَ على ترك الآثام أتَتْه الفتوح، وإذا أقبلَ العبدُ إلى الله، أقبلَ الله بقلوبِ العباد إليه. قال سُفيان الثوريُّ: "عليك بالورع يُخفِّف الله حسابَك، ودَع ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك يسلَم لك دينُك"، وقال الضحَّاك: "أدركتُ الناسَ وهم يتعلَّمون الورع، وهم اليوم يتعلَّمون الكلام والجدَل"، فارضَوا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولاً؛ تذوقُوا طعمَ الإيمان، ويرضَى الله عنكم ويُرضِيكم.
المدينة النبوية:
ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الزواج .. فضائل وفوائد وأحكام"، والتي تحدَّث فيها عن الزواج وفضائله، كما ذكر أبرز الفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع، مُبيِّنًا بعضَ الأحكام المتعلِّقة به؛ من التيسير في المهور، وتبكير الزواج متى ما تهيَّأت أسبابُه، وغير ذلك، في ضوء الكتاب والسنة المطهَّرة.
واستهل الشيخ خطبته بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فاتقوا الله كما أمَر، وانتَهوا عما نهَى عنه وزجَر.
وقال حفظه الله: إن الزوجيَّة محضَنُ الأجيال، ومدرسةُ المولود الأولى، ومُوجِّهةُ الشباب إلى الصلاح والإصلاح والتعمير. الأبُ والأم لهما الأثرُ الدائِمُ على أولادهما، وهما لبِنَةُ المُجتمع الصالِح -إن كانا صالِحَين-، ومسكَنُ العطف والرحمة والشفقَة والرعاية، والإحسان للناشئِين، وأصلُ الرَّحِم والقرابة التي يكونُ بها التناصُرُ والتراحُم والتكافُل، والتواصُل والتوادُّ، والحمايةُ من عاديات الحوادِث.
وأضاف الشيخ: الزواجُ من السُّنن الماضِية التي لا حصرَ لمنافعِه، ولا نهايةَ لبركتِه، ومن السُّنن الباقية الدائِمة التي لا تنقطِعُ خيراتُها. والزواجُ من سُّنة الأنبياء والمُرسَلين. وقد أمرَ الله بالزواج فقال -تعالى-: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النور: 32]، وعن عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشرَ الشباب! من استطاعَ منكُم الباءَةَ فليتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرْج، ومن لم يستطِع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاء" (رواه البخاري ومسلم).
وأضاف سماحته: الزواجُ طهارةٌ وعفَّةٌ للزوجين، وصلاحٌ للمُجتمع، وحفظٌ لهم من الانحِراف؛ قال الله -تعالى-: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 232].
وأكد الشيخ أن الزواج أمانٌ للمُجتمع من تفشِّي الزنا وعمل قوم لُوط؛ فما انتشَرَ الزنا في بلدٍ إلا ضربَه الله بالفقر والحاجة والذِّلَّة، وظهر فيه الأمراضُ والوباء الذي لم يكُن في أسلافِه الماضِين، مع ما للزُّناة في الآخرة من الخِزيِ والعذاب، وما قارَفَ أحدٌ عملَ قوم لُوط إلا فسَدَ قلبُه، وانتكَسَت فِطرتُه، وخبُثَت نفسُه، وانحرَفَت أخلاقُه، وعُوقِبَ في الدنيا والآخرة بأشدِّ العُقوبات. فالزواجُ أمانٌ من الزنا ومن اللِّواط، وطهارةٌ للقلب، وزكاةٌ للنفس، وسببٌ للذرِّيَّة التي تتعاقَبُ على الأرض لعبادةِ الله ولعُمرانها.
وبيَّن الشيخ بعضًا من سنن الزواج وآدابه فقال: ويُشرعُ أن يتخيَّر الزوجُ الزوجةَ الصالِحةَ، بالخُلُق والدين وحُسن المنبَت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تُنكَحُ المرأةُ لأربع: لمالِها ولحسَبِها ولجمالِها ولدينها، فاظفَر بذاتِ الدِّين ترِبَت يداك"(رواه البخاري ومسلم). وأن تختارَ المرأةُ ذا الدين والخُلُق؛ ففي الحديث: سألَ رجُلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! من أُزوِّجُ ابنَتي؟ فقال: "زوِّجها تقِيًّا، إن أحبَّها أكرمَها، وإن كرِهَها لم يظلِمها".
وأوضح الشيخ أنه: إذا جاء الخاطِبُ الكُفء، وكانت الفتاةُ أهلاً للزواج، فلا يُؤخِّر وليُّها زواجَها؛ لأنها أمانةٌ عنده، يُسألُ عنها يوم القيامة. ولا يرُدَّ الخاطِبَ بحُجَّة مُواصَلَة الدراسة؛ فالأمرُ يَعنِيها مع زوجِها، ويُعينُها على الدراسة إن أحبَّا،ولأنها قد تتضرَّرُ فيما بعد من حياتها.
وحذر الشيخ من عضل النساء فقال: ولا يجوزُ للوليِّ أن يرُدَّ الخُطَّابَ ليأكُلَ مُرتَّب وظيفتها، فتضيعَ الفتاةُ بهذا الجَشَع والاستِغلال، وتُحرَم من الذرِّيَّة، فهذا جِنايةٌ على المرأة. وقد تدعُو عليه فلا يُفلِحُ ولا ينفعُه المالُ في قبرِه.
وحث الشيخ على تيسير المهور فقال: ويُشرعُ للخاطِبِ والمخطوبةِ صلاةُ الاستِخارة والدعاءُ بعدها بما ورَد. ويُشرعُ التوسُّط في المهر بما ينفعُ الزوجةَ، ولا يُرهق الزوج؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خيرُ الصَّداق أيسرُه" (رواه أبو داود والحاكم) وفي الحديث أيضًا: "خيرُهنَّ وأعظمُهنَّ بركة أيسرُهنَّ مهرًا".
وحث الشيخ الأزواج على القيام بحقوق الطرف الآخر فقال: وعلى الزوج أن يقوم بحُقوق المرأة بإعداد السكَن الذي يصلُحُ لمثلِها، وبذل النَّفَقة، ولا يترُكُها تُنفِقُ من مالِها ولو كانت غنيَّة أو مُوظَّفة، إلا أن تشاء. وعلى المرأةِ أن تقوم بحُقوق الزوج، وأن تُحسِنَ عِشرتَه، وأن تُطيعَه في المعروف، ولا تُؤذِيَه، وأن تُحسِنَ لولدِه وإلى والدَيه وقرابتِه، وتحفظ مالَه وغيبتَه.
وأضاف الشيخ: وعلى الزوجَين: إصلاحُ الأمور في بداية الخلاف؛ لئلا يتعاظَمَ الشِّقاقُ والشرِّ، فيُؤدِّي إلى الطلاق الذي يفرحُ به الشيطان أشدَّ الفرَح، وتضيعَ الأُسرةُ معه، ويتشرَّد الأولاد، ويخرُب البيت، وينحرِفون.
ونصح الشيخ المعسرين فقال: ومن تعسَّر عليه الزواج في أول الأمر، فليُلزِم نفسَه العفَّة والصبر، وليحفَظ نفسَه من العادة السريَّة المُحرَّمة، التي كثُرَت مضارُّها، ومن الزنا، ومن الانحِراف، حتى يُيسِّرَ الله له الزواج؛ قال الله -تعالى-: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النور: 33].
وحذر فضيلته من الإسراف في ولائم النكاح فقال: وليقتصِد الناسُ في ولائِم الزواج ولا يُسرِفُوا فيها، وإذا بقِيَ من الولائِم شيءٌ فلا يحِلُّ أن يُرمَى ويُهدَر؛ بل يُعطَى لمن ينتفِعُ به ويأكُلُه، وأن يُشرِفَ على ذلك من يُؤدِّي ذلك إلى مُستحِقِّه.
وختم الشيخ خطبته بالحث على مساعدة الشباب على تكاليف الزواج فقال: إن أبوابَ الخير كثيرة، وطُرق الجنة يسيرة، وإن من أبوابِ الخير: إعانةَ الراغِبين في الزواج، من الأثرياء، وممن يُحبُّون الإحسان، بتقديم القُروض لهم والتبرُّعات المُرشَّدة، وإنشاء الصناديق الخيرية لهذا السبيل الخيريِّ، وتثميرِها والعنايةِ بها، وتسهيل منافِعِها لكلِّ مُستحقٍّ؛ فكثيرٌ من الشباب لا يتأخَّرُ زواجُه إلا من قِلَّة ذات يدِه، وعلى الوالِد القادر تزويجُ أولاد قيامًا بحقِّهم، وحِفظًا لهم من الفتن.
التعليقات