مختصر خطبتي الحرمين 6 صفر 1436هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

أيّ رحمة وإنسانية عند من يعرّض أبناءه ومحارمه وأفراد أسرته للعنف والأذى والاعتداء والردى بل والقتل والفناء؟!.. إن الرفق لا يأتي إلا بخير، وهو حصن للفرد والأسرة والمجتمع من أمراض التعنت والتشدد.. وإلا فكيف تُقام حياة أو يُؤسس بيت وسط الخلافات الحادة والمناقشات والمحادة؟ وأنى يهنأ أبناء الأسرة بالمحبة وينعمون بالود في جو يغلب عليه التنازع والشقاق والتناحر وعد الوفاق؟ وهل تستقيم حياة بغير المودة والرحمة؟! لا بد من تحلي الزوجين بالرحمة والرأفة، والعدل والإنصاف، والبعد عن كل ما من شأنه زرع البغض والقطيعة والشحناء بين أبناء الأسرة الواحدة...

 

 

 

 

 

مكة المكرمة:

 

ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "العنف الأسري وآثاره على المجتمع"، والتي تحدَّث فيها عن العنف الأسري وما يبثُّه من آثار سلبيَّة في جسَد المُجتمع، مُبيِّنًا أسباب وقوعه، كما نبَّه إلى خطورة العنف ضدَّ المرأة، وختم خطبتَه بذِكر الوقاية من هذا الداء العُضال في عدة نقاط.

 

وأوصى الشيخ المصلين بتقوى الله –سبحانه وتعالى-، فقال: فإن أنفس ما ينحل من الوصايا المنجحات والعظات المبهجات تقوى الله -عز وجل- رب البريات فالتقى أوثق العرى وأغنى غناء لمن رام من المكارم الذرى، وأعظم الزاد للشرف سير وسرى: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)[البقرة: 197].

 

وأضاف الشيخ: في زمان أجدبت فيه كثير من المشاعر حتى غدت هشيمًا يذوره الرياح، وصوحت الجسوم من جواهرها الرأفة فآضت هياكل كالأشباح، بعد أن برأها الباري -جل في علاه- موئلاً لزكي الطباع، ومنهلاً للبر المشاع، والإخاء المتقارض النفاع. تبرز قضية مقضّة ترزح تحت مرهفها كثير من الأسر والبيوتات، وتزيد آلامها وحسراتها داخل الغرف والحجرات، فهي لون من ألوان الخلل الاجتماعي، والتسلط القهري، والأذى الحسي والمعنوي.

 

إنها -يا رعاكم الله- قضية العنف الأسري التي تجتاح بعض المجتمعات، وتعمل على هدم الأواصر الاجتماعية السامية، والوشائج الروحية والخُلقية النامية، والعلائق الهطلة بالإنسانية الحانية.

 

وأضاف فضيلته: لا ريب أن من أهم الجوانب التي تولاها الإسلام بالعناية والرعاية، وأحاطها بسياج منيع من الصيانة والحماية، جانب الأسرة واستقرارها والتلاحم والتراحم بين أبنائها وأفرادها، فهي الأساس في تحقيق سعادة المجتمع، وضمان استقراره، والركيزة العظمى في إشادة حضارة الأمة وبناء أمجادها، ترفرف على جنباتها رايات الحب والمودة، والرفق والرحمة؛ من خلال تحقيق نسيج اجتماعي متميز.

 

ونوَّه الشيخ إلى إن المتأمل في واقع بعض الأسر المسلمة يُصاب بالدهشة والحيرة معًا، وهو يرى كثرة الأسباب والعوامل التي تسعى إلى تقويض بنيانها، وزعزعة  أركانها، والعمل على إغراق سفينتها وسط أمواج عاتية وسيول جرارة من ألوان الغزو الفكر الهادر والتحدي الثقافي والقيمي السافر.

 

والذي يروّج له من ذوي الاستلاب الثقافي والأخلاقي عبر قنوات إعلامية متعددة تدعو إلى التخلي عن كثير من المحكمات الشرعية والثوابت المرعية والتشكيك في المسلمات الدينية المعلومة من دين الله بالضرورة، لاسيما في القضايا الزوجية والعلاقات الأسرية.

 

وبيَّن فضيلته أن من أسباب انتشار العنف الأسري في المجتمعات: ما يعتري بعض المجتمعات في هذا الزمن من قصور في جوانب العقيدة وتطبيق الشرعية، والتزهيد في العلم الشرعي، وإعراض كل من الزوجين عن معرفة واجباته قبل حقوقه.

 

ويوم أن ضعُف التدين الصحيح، وعظم الجهل بالشريعة، وطغت الماديات؛ ضعفت أواصر التواصل الاجتماعي، وتعددت مظاهر وظواهر العنف الأسري، وهذا ما أكدته الدراسات العلمية الميدانية من أن خمسًا وثلاثين في المائة من حالات العنف السري سببها ضعف الوازع الدين، فالله المستعان.

 

وأضاف: وثمة سبب مهم لا يمكن إغفاله، وهو التساهل في جوانب التربية، ووجود قصور في بعض مناهج التعليم، وبرامج الإعلام في كثير من بلاد المسلمين؛ مما كان عاملاً أدى لسهولة التأثر بالأفكار المنحرفة، والمناهج الدخيلة، فأفرز ذلك كثيرًا من صور القهر الاجتماعي والعنف الأسري التي تعيشها بعض المجتمعات.

 

فبين عنف نفسي، وآخر جسدي يرزح فيه بعض الأسر وبناتها، صغارًا وكبارًا وكهولاً، في إهدار لكرامتهم، وانتهاك لإنسانيتهم، مما ينذر بعواقب وخيمة، وإفراز أجيال من الآداب والفضائل عقيمة.

 

وحذر الشيخ من آثار العنف الأسري قائلاً: إن هذا الداء العضال إذا وقع لا ينفك يفتك بأفراد الأسرة واحدًا تلو الآخر، وأول من يصطلي بناره ويُصاب بأذى شراره، ويعاني نفحات أُواره هم كريماتنا وأخواتنا النساء والأطفال البرءاء، فكم من أطفال أصابتهم الأمراض العضوية وعانوا من الاضطرابات النفسية من جراء التحرش، والإيذاء الجسدي، والعنف الأسري. وربما زاد الأمر، وتحول إلى تخلف دراسي، ومشكلات عقلية، ولزمتهم أمراض التأخر أو التوحد؛ جراء هذا الفعل المريع والمسلك الشنيع.

 

وإن من أخطر الأخطار التي تهدد عامر الأسر والديار: العنف ضد المرأة، وهروب الشباب وربما الفتيات من المنازل إلى غير قرار، مما يجعلهم عرضة للوقوع في حبائل قرناء السوء الأشرار، أو أصحاب الأفكار الضالة والمتطرفة، وما أكثرهم في هذا الزمن الذي انتشرت فيه آراء شاذة غالية وموجات إلحادية عاتية، وربما فُتن بعضهم بشرور المخدرات تعاطيًا وتسويقًا أو تهريبًا وترويجًا.

 

وقد يتعدى الأمر إلى ركوب موجات الإرهاب، والعنف والتطرف، وحمل السلاح على الأمة، والخروج على الأئمة، وتكفير المجتمعات والغلو، وتجاوز منهج الوسط والاعتدال، والوقوع في براثن الانتماءات الحزبية والطائفية، والجماعات الإرهابية، والزج بالأجيال إلى بؤر الصراعات ومواطن الفتن والنزاعات.

 

وانتقل فضيلته من تشخيص المرض إلى كيفية علاجه، فقال: وبعد تشخيص الداء العضال، ومعرفة أثره القتال، فحتمًا ولابد من أخذ التدابير الواقية للتصدي لهذا الخطر الداهم قبل استفحاله واستحكام الندائم دفعًا ورفعًا وللإيذاء قولاً وفعلاً.

 

وأولى الخطوات وأولاها تقوية الوازع الديني ومراقبة المولى العلي، واستشعار معيته ورقابته، وتعظيم أمره ونهيه، وتحقيق الاعتدال والوسطية، فشريعتنا إعمار لا دمار، بناء ونماء لا هدم وفناء، تدعو إلى كل صلاح، وتنهي عن كل فساد وطلاح.

 

يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-: "ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض سببه توحيد الله وعبادته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم".

 

وأضاف فضيلته: يجب تعزيز قيمنا الربانية الوامضة التي تتأبى على التدليس والمواربة والتلبيس، كالرحمة والعدل، والصدق والوفاء، والبر والرفق، والصفاء والأمانة، والإحسان والإخاء، وسواها من كرائم الشيم الغراء، والشمائل الفيحاء التي تعد مصابيح للإنسان تضيء دربه، وهي صمام أمن وأمان لصاحبها من الانحلال الأخلاقي وحياة الفوضى والعبث في مهاوي الضلال وجلب التعاسة والشقاء لنفسه وأهله.

 

فأي رحمة وإنسانية عند من يعرض أبناءه ومحارمه وأفراد أسرته للعنف والأذى والاعتداء والردى بل والقتل والفناء .

واحذر مساوئ أخلاق تشان بها *** وأسوأ السوء سوء الخلف والملل

 

ونوّه الشيخ ببعض وسائل القضاء على العنف الأسري قائلاً يجب: نشر ثقافة العفو والتسامح والحوار والرفق، وكفى بالرفق مزية مكرمة، وفضيلة معظمة اتصاف رب العالمين بها ووصفه نبيه -صلى الله عليه وسلم- بها قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159].

 

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" (رواه مسلم).

 

والرفق لا يأتي إلا بخير، وهو حصن للفرد والأسرة والمجتمع من أمراض التعنت والتشدد حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أراد الله -عز وجل- بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق" (أخرجه الإمام أحمد في المسند).

 

وأضاف حاثًّا على نشر: المودة والرحمة بين الأزواج، فكيف تُقام حياة أو يُؤسس بيت وسط الخلافات الحادة والمناقشات والمحادة؟ وأنى يهنأ أبناء الأسرة بالمحبة وينعمون بالود في جو يغلب عليه التنازع والشقاق والتناحر وعد الوفاق؟ وهل تستقيم حياة بغير المودة والرحمة (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: 21].

 

وأضاف الشيخ: إن من أعظم التوقي وأنفعه: معرفة الحقوق والواجبات الأسرية، وتحمل كل فرد مسؤوليته المنوطة به، فلقد طاشت أفهام كثير من الناس إزاء حقيقة المسؤولية وفحواها، ولم يستشعروا ثقل مراميها ومداها، وهذا البلاء الذريع والشر الخفي الشنيع هو الذي يفتك بالأسرة ومقوماتها ثم بالأمة ومقدراتها.

 

وإنها لمسؤولية عظيمة أن يبني الأبوان شخصية أبنائهم على أساس العقيدة الصحيحة، والاعتزاز بدينهم، وتراث أمتهم، وأمن وتنمية أوطانهم محاطين بالإيمان والهدى والخير والفضيلة، فيتحصنون عقديًّا وفكريًّا وأخلاقيًّا، بل يصبحون أقوياء في مواجهة الاستهداف المبطن والمؤثرات المحيطة بهم.

 

لا ينهزمون أمام ضروب الباطل، ولا يضعفون أمام التيارات الفكرية الزائفة، وهذه كلها وقايات نافعة ودوافع ناجعة، وضمانات كافية قبل مداهمة الأخطار والأزمات.

 

وختم الشيخ خطبته بذكر ضوابط عامة للسعادة الأسرية فقال: ولا تتحقق للأسر المسلمة المودة والرحمة والسعادة في أجلى مظاهرها وآرج أزاهرها إلا إذا تُوجت بمعاقل التغافل عن صغائر الأمور، والشعور بالحاجة الملحة إلى الرأي السديد الحصيف، والمشورة الصادقة، والنصح الهادف، والنقد النزيه البنَّاء من محبّ يستشرف معالي الأمور، ويسمو بنفسه عن كوامن الغل والشحناء والحسد والبغضاء.

 

إضافة إلى أهمية تحلي الزوجين -وفقهم الله- بالرحمة والرأفة، والعدل والإنصاف من أنفسهما وفي أولادهما، والبعد عن كل ما من شأنه زرع البغض والقطيعة والشحناء بين أبناء الأسرة الواحدة.

 

وإن الحاجة ماسة كي لا تستشري هذه القضايا إلى حد الظواهر المقلقلة إلى سن الأنظمة الرادعة، والتعزيزات الزاجرة لكل مرتكب لها، كما تبدو أهمية وضع خطط استراتيجية متكاملة تضمن الإجراءات الوقائية والعلاجية لهذه القضايا الاجتماعية، والاضطلاع بمشروع إسلامي حضاري عالي لضمان حقوق المرأة والطفل والأسرة؛ لينعم الجميع بالأمان الأسري والسلم الاجتماعي.

 

المدينة النبوية:

 

من جانبه ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من التشاؤم"، والتي تحدَّث فيها عن التشاؤم لاسيَّما في شهر صفر؛ إذ إنه من عادات الجاهلية، وبيَّن أنه من الشرك، وساقَ الأدلة على ذلك، كما ذكرَ ما يجبُ على المسلم إذا وقع في قلبه شيءٌ من ذلك.

 

واستهل فضيلته خطبته بنصح المصلين بتقوى الله قائلاً: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا- فمن اتقاه وقاه، ومن توكل عليه كفاه.

 

وأضاف الشيخ: من أصول التوحيد الذي جاءت به نصوص الوحي الحذر من الخرافات بجميع صورها ومن الضلالات بشتى أشكالها، ألا وإن من الخرافات عند البعض قديمًا وحديثًا: التشاؤم واعتقاد التطير بما يكرهونه طبعًا، أو عادة متوارثة مما هو مرئي أو مسموع، كالتشاؤم بشهر صفر، أو بطير معين، أو بسماع كلمة سيئة، أو منظر قبيح.

 

فنجد أحدهم يصده ذلك عن حاجته التي عزم عليها، والأمر الذي أراد تحقيقه، فيمنعه ما تطير منه من المضي تشاؤمًا أو تطيرًا، وفي الحديث المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الطيرة ما أمضاك أو ردك" (أخرجه أحمد).

 

يقول العز بن عبد السلام -رحمه الله-: "التطير هو الظن السيئ الذي في القلب والطيرة هي الفعل المرتب على ذلك الظن السيئ".

 

وبيّن الشيخ أن: مثل هذه الاعتقادات من التشاؤم الباطل والتطير المتوهم كله في نظر الإسلام من السخافات الجوفاء التي لا حقيقة لها من الاعتقادات المنافية لعقيدة التوكل على الخالق المدبر؛ الذي يملك الضراء والنفع، لا يقع شيء إلا بإرادته وقدَره وإذنه وفق الأسباب الكونية المقدرة.

 

وأضاف الشيخ: وقد حذَّرت النصوص الشرعية من تلك الاعتقادات الخاطئة لاجتثاثها من جذورها وقلعها من أصولها ليسلم التوحيد خالصًا صافيًا.

 

فالقرآن الكريم -كما يقول ابن القيم رحمه الله- "لم يحك التطير إلا عن أعداء الرسل المخالفين للتوحيد الخالص والعقيدة الصافية"، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر" (رواه الشيخان)، والمعنى أن هذه الأمور لا تأثير لها بذواتها البتة، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد بها أو فيها ولا أن يلقي لها بالاً.

 

ونبَّه الشيخ أن الواجب على المؤمن ألا يستسلم لهذه الترهات، وألا تحوّل من اتجاهه، وألا توقف من عزيمته، وألا تصده عن حاجته ومصالحه، فالطيرة من الشرك المنافي لكمال التوحيد الواجب، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعًا: "الطيرة شرك، الطيرة شرك" صححه جمع من المحدثين.

 

وحذّر فضيلته من أنه: متى اعتقد المتطير أن هذا المتطير به فاعل بنفسه مؤثر في جلب النفع ودفع الضر من دون الله -جل وعلا- فهذا -والعياذ بالله- شرك أكبر؛ لأنه إشراك بالله في الخلق والإيجاد.

 

وساق الشيخ بعضًا من سوء أحوال المتشائم، فقال: عندما يتشاءم بشيء يكون في قلق وهم وخوف مما تشاءم به؛ يخشى أن يكون هذا المتشائَم به سببًا في الأذية، فهذا محرم وهو شرك، ويؤدي إلى نقص التوحيد والاعتماد على الله جل وعلا.

 

ونبَّه فضيلته من وقع في قلبه شيء من الطيرة قائلاً: فالواجب عليه الحذر من ذلك، والإعراض عن هذا الهاجس، ودفعه، والتوكل على الله -جل وعلا-، والاعتماد عليه، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "ما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل".

 

وأكَّد الشيخ أن: المسلم عليه الالتجاء إلى الله -جل وعلا- وتعلق القلب به سبحانه، وأن يلجأ إلى الدعاء والتضرع إلى الله -جل وعلا-، ذُكرت الطِّيَرة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أحسنها الفأل، ولا ترد مسلمًا، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع بالسيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله"، ومن الأدعية الواردة أيضًا: "اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله إلا غيرك".

 

أما من استرسل مع الشيطان ووقع في الطيرة وردته عما أراد، فقد يُعاقَب بالوقوع فيما يكره؛ عقوبةً له بسبب الإعراض عن التوحيد الواجب من صدق التوكل على الله سبحانه والاعتماد عليه وحده.

 

وأوصى الشيخ في ختام خطبته المصلين بالتسليم لله والثقة به وحسن الظن به والتوكل عليه مع الابتعاد عن الذنوب والمعاصي فقال: إن الواجب على المسلم أن يعلق قلبه بالله وحده، وأن يعظم الثقة به، وأن يلتجئ إليه في جلب المنافع ودفع المضار، وأن يعلم أن كل زمان شغله العبد بطاعة الله فهو زمان مبارك، وأن كل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو زمان مشؤوم عليه وعلى مجتمعه.

 

فالشؤم في الحقيقة -كما قال ابن رجب رحمه الله-: "هو في معصية الله"، إلى أن قال: "وهو في الجملة فلا شؤم إلا المعاصي والذنوب، فإنها تُسخط الله -جل وعلا- فإذا سخط على عبده شَقِي العبد في الدنيا والآخرة، كما أنه إذا رضي عن العبد سَعِد في الدارين".

 

قال أبو حازم: "كل ما شغلك عن الله من أهل أو ولد أو مال فهو عليك مشؤوم".

 

والعاصي مشؤوم على نفسه وعلى غيره فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعمَّ الناس، خصوصًا من لم ينكر عليه ذلك، وكذلك أماكن المعاصي وعقوباتها يتعين البعد عنها والهرب منها كما دلت عليه نصوص الوحي.

 

 

 

 

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life