اقتباس
وإذا أراد طالب العلم أن يبحث المسألة مع العالِم فَلْيُبَيِّنْ له، وليستأذنه فإن أَذِنَ له وإلا توقَّف بأدب وتواضُع وطِيب خاطر، ولا يكتب جواب المفتي ولا يسجله إلا بإذنه؛ فقد تكون الكتابةُ غيرَ دقيقة أو غيرَ سليمةٍ، وقد يكون للجواب ظَرْفُهُ ومناسبته التي يختلف فيها عن ظروف ومناسبات أخرى.
مكة المكرمة: "آداب المستفتي"
ألقى فضيلة الشيخ د. صالح بن عبد الله الحميد –حفظه الله– خطبة الجمعة بعنوان: "آداب المستفتي"، والتي تحدَّث فيها عن بعض الآداب التي يجب أن يتحلى بها المستفتي.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى-، فقال: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله؛ فاتقوا الله رحمكم الله، واحذروا من علم لا عمل معه، وعمل لا إخلاص فيه.
وأضاف الشيخ: أن السؤال عنوانُ عقلِ السائلِ وأدبه، والعاقل لا يقول كلَّ شيء، والجاهل لا يُحْسِنُ التفريقَ بين ما يقال، وما لا يقال، ومتى يقال، وكيف يقال، ومن القواعد المحفوظة: "اسأل سؤال جاهل وافهم فَهْم عاقل".
وأكد الشيخ على ضرورة أن يتحلى المستفتي ببعض الآداب فقال: على المستفتي والسائل أن ينظر فيما يبرِّئ ذمتَه وينجيه حين يقف بين يَدَيْ ربه في صحة ما يقول ودقة ما ينقل حتى يكون السؤال مطابقا للواقع، وينبغي الوضوح في السؤال في كلماته وتفاصيله ويستفتح سؤاله بعبارات تدل على الأدب والاحترام وحُسْن الأخلاق من البَدْء بالسلام والدعاء.
وأوضح فضيلته أن على المستفتي أن يلتزم ببعض الآداب ومنها: ألا يقول في استفتائه: "قال العالم الفلاني كذا، أو أن العالم الفلاني يخالفك في كذا"، فهذا من قلة أدب ومن طبيعة النفوس أنها لا تُحِبّ إيرادَ قولِ غيرِها في معرض السؤال وقد قالوا: "كلام الأقران يُطْوَى ولا يُرْوَى"، وَلْيَحْذَرْ إيقاعَ الخلافِ أو الشحناء بين أهل العلم.
وأكد فضيلته أن للمرأة حقا في السؤال والتفقه في الدين فقال: إن سؤالَ المرأةِ أهلَ العلمِ عن أمر دينها حقٌّ مشروعٌ، وأمر لا تستغني عنه المرأةُ المسلمةُ، فعند البخاري -رحمه الله-: "كانت عائشة -رضي الله عنها- لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا رجعت فيه حتى تعرفه، ولم تَزَلْ نساء الصحابة يكلمن الرجال في السلام والاستفتاء والسؤال والمشاورة.
وختم الشيخ خطبته بتوضيح أن أدب يتعلق بالمفتي فقال: المفتي مُوَقِّع عن رب العالمين، فهو يفتي بما ينسبه إلى شرع الله؛ إما بشرع منزَّل ونصّ مباشر أو باجتهاد سائغ صادر من أهله في محله، وقد قال -عز شأنه-: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ)[النِّسَاءِ: 176]، فالمفتي يُوَقِّع عن الله في إخبار الناس بأحكام الله.
المدينة المنورة: "الأمنيات"
ألقى فضيلة الشيخ عبد الباري الثبيتي -حفظه الله- خطبة الجمعة بعنوان: "الأمنيات"، والتي تحدث فيها عن الأمنيات وأنواعها وأسباب اختلاف أمنيات الناس بعضهم عن البعض الآخر، وضرورة أن تكون أمنيات المسلم عالية رفيعة مشروعة.
واستهل فضيلته خطبته بنصح المصلين بتقوى الله تعالى، فقال: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله –تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].
وأضاف الشيخ: أن كل أمنية تُمَنَّى لفعل الخير فهي ممدوحة، وما كان منها اعتراضًا على القدر وفي تحصيل المستحيل فهي مذمومة، التمني يدل على الهَمِّ الذي يحمله الإنسانُ.
وأكد فضيلته على أن الأمنيات وحدها لا قيمة لها، ما لم يصاحبها عمل صالح بنية صادقة ومتابعة ومثابرة قال الله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)[آلِ عِمْرَانَ: 133].
وأضاف الشيخ موضحا أن الأماني ضرب من ضروب الدعاء تتحقق بالاستجابة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَكْثِرْ؛ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ".
وحذر الشيخ من السلبية والأمنيات السوداء فقال: ينبذ الإسلام السلبية ولا تليق به الأمنيات السوداء وتمني الموت وإن اشتدت الفتن.
وأكد فضيلته على ضرورة أن يؤمن المسلم ويتيقن بقضاء الله وقدره فقال: ويدرك المسلمُ بإيمانه أن تحقُّق الأمنيات يرجع إلى مشيئة الله وحده، فلا يتضجَّر، ولا يحزن لعدم تحقيق الأمانيّ التي يتمناها، والخير فيما اختاره الله، ويشكر العبد ربه في كل أحواله.
وأكد فضيلته كذلك على ضرورة أن تكون الأمنياتُ أمنياتٍ واقعيةً فقال: ومن كانت أمنيته تَسْبَح في بحار الأحلام يقظةً ونومًا بلا عمل، وأحاط جسدَه بالكسل، فلن يجنيَ إلا السرابَ، وكذلك ضرورة أن تكون طرق الوصول إلى الأمنيات طرقا مشروعة فقال: ومن يسلك السُّبُل المحرّمة لتحقيق الأماني باللجوء إلى السحرة والمشعوذين فقد ظلَم نفسَه.
وختم الشيخ خطبته بالتذكير بأشرف الأمنيات فقال: وأشرف موقف في رحلة الأمنيات، ما يناله أهل الجنة من نعيم الأمنيات، وربّهم يجود عليهم ويزيدهم بكرمه.
التعليقات