اقتباس
وإن مُعضِلةَ العُنف الأُسريِّ لجَديرةٌ بأن تكون من أولويَّات اهتِمامات المُجتمع المُسلم؛ لأن استِقرارَه الاجتماعيَّ والنفسيَّ لا يُمكنُ أن يتحقَّقَ بمنأَى عن استِقرار الأُسرة التي هي أُسٌّ في المُجتمع، فكان لِزامًا على المُؤسَّسات التعليمية والإعلامية والاجتماعي - العامِّ منها والخاصِّ - أن تُعنَى بتلكُم المُعضِلة أيَّما عناية، وذلكم بالتوعيةِ الفِكريَّة المُنضبِطة لقِيمة الأُسرة في المُجتمع، وتحصيل سُبُل استِقرارِها، ودَفع سُبُل تفكُّكها قبل الوقوع، أو برفعها بعد الوقوع.
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "العنف الأسري .. صوره وأسبابه وعلاجه"، والتي تحدَّث فيها عن العُنف الأسري وخُطورته على المُجتمع المُسلم بأَسرِه، مُبيِّنًا أبرزَ صُوره وأخطرَها، كما ذكرَ أهم الأسباب التي تُؤدِّي إليه، مُوضِّحًا الطريقَ الذي ينبغي أن يسلُكَه الأفرادُ والمُؤسَّسات عامَّة كانت أو خاصَّةً في علاجِ هذه الظاهِرة، أو الحدِّ منها بنسبةٍ كبيرةٍ.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فإن الوصيَّةَ المبذُولةَ لي ولكم - عباد الله - هي تقوَى الله في الغيبِ والشهادة، والغضبِ والرِّضا، والمنشَطِ والمكرَه.
وأضاف الشيخ: الأُسرةُ المُسلمةُ رُكنٌ رئيسٌ من أركان المُجتمع المُسلم المُتكامِل، وعليه فإن كل ما يطرَأُ على تلكُم الأُسرة؛ من استِقرارٍ واضطرابٍ، وخِفَّةٍ وأناة، ورِفقٍ وعُنفٍ سينعكِسُ بالضرورة على المجمُوع، بقَدر ما لتلكُم الأسرة من مكانةٍ وأثرٍ في المُجتمع، قلَّ ذلكم أو كثُر. لذلكم كلِّه أكَّد الإسلامُ أهميَّةَ الأُسرة، ومدَى تأثيرها البالِغ على المُجتمع المُسلم إيجابًا وسَلبًا.
وأكد فضيلته: أن العُنفَ الأُسَريَّ من أعظمِ ما يُهدِّدُ كِيانَ الأُسرة المُسلمة، ويثلِمُ لُحمَتَها، ويُبدِّدُها شذَرَ مذَرَ، لتنتقِلَ عدواها إلى ما يُجاوِرُها من أُسَر وبيُوتاتٍ، فتنشَأُ حالةٌ من الوُجوم والاضطِراب، تتجاذَبُهما حاضِناتٌ من التهوُّر والقسوة، والجهل بالحقوق والواجِبات والمسؤوليَّات.
وبيَّن الشيخ أن العُنف شرٌّ كلُّه، والرِّفقُ خيرٌ كلُّه، وما كان العُنفُ في شيءٍ إلا شانَه، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا زانَه، وإنه ما كان الرِّفقُ في شيءٍ إلا زانَه، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا شانَه. والعُنفُ داءٌ لا خيرَ فيه البتَّة، وهو قبيحٌ يعظُمُ قُبحُه وضررُه حينما يطَالُ ذوِي القُربَى، فإن العُنفَ ظُلمٌ ووقعُه على ذوِي القُربَى أشدُّ مضاضةً على النَّفسِ من وَقع الحُسام المُهنَّد.
وقال حفظه الله: العُنفُ سُلوكٌ مَشينٌ مُتعمَّدٌ، يُلحِقُ الضَّررَ بالمُعنَّفِ به، جسديًّا أو ماليًّا أو نفسيًّا، وهو يصِلُ في بعض المُجتمعات والبِيئات إلى شِبه ظاهرةٍ؛ لتكاثُر وقوعِها، وفَداحَةِ مغبَّاتها، فإن ضحاياها كُثُر، وأحاديث الإعلام ومواقِع التواصُل عنها في ازدِيادٍ ملحُوظٍ، وهو يُمثِّلُ خطرًا غيرَ هيِّنٍ على استِقرار المُجتمع، اجتماعيًّا وسُلوكيًّا، ما يستدعِي وجوبَ شَحذِ الهِمَم في التصدِّي له، ببيان أسبابِه وحاضِناته، وبَذل الدراسات والاستِشارات التي تحُدُّ منه، إن لم تقضِ عليه بمرَّة.
وأشار الشيخ إلى بعض أسباب العُنفِ الأُسريِّ فقال: ضعفُ الوازِعِ الدينيِّ لدَى كثيرٍ ممن يُمارِسُون العُنفَ الأُسريَّ. وجهلُ المُعنِّف بالحقوق والواجِبات التي ينبغي أن يُؤدِّيَها على ما كُلِّفَ به منها. كما أن تعاطِيَ المُسكِرات والمُخدِّرات وغيرها سببٌ مُنتشِر انتِشارَ النار في الهَشيم، ومن أسبابِ العُنفِ: ما يتلقَّاهُ المُشاهِدُ من إسقاطٍ إعلاميٍّ، عبرَ الأفلام، والمُسلسلات التي يُستعمَلُ فيها العُنفُ. بالإضافة إلى الأمراض النفسيَّة والاجتماعيَّة، كذاك اضطراب أحد الزَّوجين أو كِليهما في العلاقة الزَّوجية.
وحذر الشيخ من آثار العنف الأسري فقال: فلا تسأَلُوا حينئذٍ عما يُحدِثُه العُنفُ الأُسريُّ من الشَّرخِ العَميقِ لحِصن الأُسرة المُستقِرِّ، المبنيِّ على أساس السَّكَن والمودَّة والرحمة، ناهِيكم عن تفلُّتِ الفتَيَات والفِتيَان من البُيُوت، فِرارًا من ذلكم العُنف الممقُوت بعد الاكتِواء بلَهيبِه، وما ينتُجُ عنه من جرائِم ووقوعٍ في المُسكِرات والمُخدِّرات هروبًا من الواقِعِ المُؤلِم. وقد يتعدَّى الأمرُ إلى أبعدَ من ذلكم، ليصِلَ درجةَ الانتِحار بقتلِ المُعنَّفِ نفسه، ولربما تشرَّبَت الأُسرةُ خُلُقَ العُنف من مُمارسةِ الوالدَين؛ ليُكرِّرَ الطفلُ ذلكم حينما يكبُر، فتُصبِحُ وراثةً خُلُقيَّة، أو أن يُصابَ الأولادُ بالقلقِ المُزمِن والاضطرابِ النفسيِّ خوفًا من المُستقبَل، فيكرَهُون الزواجَ، ويكرَهُون الأُسرة، فينقلِبُون عِبئًا ثقيلاً على المُجتمع، أمنيًّا واجتماعيًّا واقتِصاديَّا وتربويًّا.
وختم الشيخ خطبته ببيان بعض وسائل الحد من العنف الأسري فقال: إن مُعضِلةَ العُنف الأُسريِّ لجَديرةٌ بأن تكون من أولويَّات اهتِمامات المُجتمع المُسلم؛ لأن استِقرارَه الاجتماعيَّ والنفسيَّ لا يُمكنُ أن يتحقَّقَ بمنأَى عن استِقرار الأُسرة التي هي أُسٌّ في المُجتمع، فكان لِزامًا على المُؤسَّسات التعليمية والإعلامية والاجتماعي - العامِّ منها والخاصِّ - أن تُعنَى بتلكُم المُعضِلة أيَّما عناية، وذلكم بالتوعيةِ الفِكريَّة المُنضبِطة لقِيمة الأُسرة في المُجتمع، وتحصيل سُبُل استِقرارِها، ودَفع سُبُل تفكُّكها قبل الوقوع، أو برفعها بعد الوقوع.
كما أنه ينبغي للجهاتِ المُشرِّعة أن تُولِيَ اهتِمامًا بالِغًا في سَنِّ ما من شأنِه ضبطُ الأُسرة، وسنِّ ما يُمكنُ من خلالِه اتِّخاذُ الإجراءات اللازِمة للمُمارسات اللامسؤولة، من قِبَل الأولاد تُجاه الأبوَين، أو من الأبوَين تُجاه الأولاد، أو من الزَّوجَين تُجاه أحدهما، أو التعسُّف والانحِراف عن أمر الله، بإبراز الفتُوَّة في استِخدام الولايةِ؛ لتنقلِبَ من إرفاقٍ بالأُسرة إلى شِقاقٍ بها.
كما أن على المُؤسَّسات التعليمية مسؤوليَّةً كُبرى في استِحداثِ الموضوعات الدراسيَّة التي تُعنَى بشأنِ الأُسرة، في كافَّة مراحِلِ التعليم، من مُنطلَق أن الوقايةَ خيرٌ من العلاجِ.
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "حكم الخروج على حكام المُسلمين"، والتي تحدَّث فيها عن الخروج على حكام المُسلمين والتحذير من ذلك، وبيان الآثار السلبيَّة التي ستعُود على الأمةِ من جرَّاء ذلك، مُشيرًا إلى ما أصابَ بلادًا كثيرةً حولَ المملكة بسببِه.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: اتَّقوا الله فإن تقواهُ أفضل مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب.
وأضاف الشيخ: أيها المسلمون: اشكُرُوا اللهَ على النِّعمِ والعَطايا، واحمَدُوه على ما دفَعَ عنكم من النِّقَمِ والبلايَا، واعتبِرُوا بمن حولَكم؛ فكم من وطنٍ اختلَفَتْ فيه الكلمةُ، وانحَلَّ فيه عِقدُ الولاية، وسقَطَتْ منه هَيبةُ الحكم، فلا إمامَ ولا جماعة، فتقاتَلَ أهلُه، وتمزَّق شملُه، وضَاعَ أمنُه، والأمنُ إذا اختلَّ عظُمَ فقدُه، وعسُر ردُّه.
وقال حفظه الله: والفتنةُ نائمةٌ لا يُوقِظُها إلا خبيث، ولا يقودُها إلا خائِنٌ، ولا يُرسِلُها إلا ظَلُوم، والفتنةُ تلقَحُ بالتعريضِ، وتُنتَجُ بالتحضِيضِ، وتقَعُ بالتحريضِ، وأيَّ غايةٍ يرجُوها من لا صَنعةَ له إلا دعوةُ الناس إلى الثورات والمُظاهرات، والاعتِصامات والانقِلابات، والخروجِ على السلاطِينِ وأصحابِ الولايات. وقد أثبَتَت الحوادثُ والوقائِعُ: أن الخروجَ على الملوكِ والسلاطين أساسُ كلِّ شرٍّ وفتنةٍ وبلاءٍ.
واستدل الشيخ بأقوال مأثورة في ذلك فقال: قال عمرو بن العاص - رضي الله عنه - في وصيَّتهِ لابنِه: "يا بُنَيَّ! إمامٌ عادلٌ خيرٌ من مَطَرٍ وابِلٍ، وإمامٌ ظَلُومٌ غَشُومُ خيرٌ من فتنةٍ تدُوم".
والفتنُ تبلُو العقولَ وتفضحُ الجَهولَ، وإذا اعتَكَرَ الباسُ، واشتَجَرَ الناسُ طاشَت الأحلامُ، وزلَّت الأقدامُ، وحارَت الأفهامُ، إلا من زيَّنَه العلمُ، وجمَّلَه الحِلمُ، وتخوَّفَ الإثمَ والظُّلمَ.
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: "وقلَّ من خرجَ على إمامٍ ذي سُلطان، إلا كان ما تولَّدَ على فعلِه من الشرِّ أعظمَ مما تولَّدَ من الخير".
وأشار الشيخ إلى أنه إذا التجَّت الأصوات، واشتدَّت الخصوماتُ، وتعالَت الصيحاتُ، وقامَت المُظاهرات والثورات، كان أولُ من يركبُ ثبَجَها، ويستثمِرُ حدَثَها أعداءُ الإسلام الذين قامَت سياساتُهم على الاستِخفافِ بحقوقِ المسلمين، واستِباحةِ أكلِ أموالِهم بالباطلِ، واجتِياحِ بلادِهم، وتدميرِ اقتِصادهم، والاستِيلاءِ على ثوراتِهم، وإشاعَةِ الفوضَى في ديارهم، يتَّخِذُونَ تلك الأحداثَ وسيلةً لتحقيق مآربِهم الخبيثة.
وبيَّن فضيلته أن العدل لا ترسمُ حدودَه وأحكامَه وقوانينَه القُوَى الغاشِمةُ الظالِمةُ، التي وقَعَت في الهُوَّة، وغرَّتْها القُوَّة، ولا تستَوِي حقائِقُ الرحمةِ والعدلِ في قلوبِ الرُّحمَاء، وادِّعاءاتٌ يُطلِقُها القتَلَة، الذين نصَّبُوا أنفسَهم أوصِياءَ على العالَم، وحُماةً للحقوقِ، ورُعاةً للسِّلمِ والأمنِ. وكيف يرعَى السِّلمَ من زَرَعَ الثورات، وأيَّدَ الانقِلابات، وأشعلَ الحروبَ وأضرَمَ الصراعات، ودعَمَ الخوَنَة، وحارَبَ في غابِرِ الزمن مملكاتٍ كانت غايةً في القوة والغِنَى والاستِقرار؟!
وأكد الشيخ أنَّ استهدافَ الكيانِ السُّنِّي في حُكوماتِه وقياداتِه ورُموزِه وعلمائِه، وقوَّتِه واقتِصادِه، وفرضَ الحصارِ على البلداتِ السُّنيَّة، واستِهدافَ المساجِد، وتدميرَ الجوامِع، وقصفَ المدارس السنيَّة، يُعدُّ إرهابًا مُنظَّمًا ضدَّ المسلمين كافَّة، وجرائِمَ حربٍ وإبادةٍ، وانتِهاكًا لحقوقِ الإنسانِ المُسلِم في أرضِه ووطنِه.
وقال وفقه الله: والفُرَجُ بين صفوف المسلمين بادِيةٌ، خلَلٌ وتفرُّقٌ في الرأي والهَوَا، فِرَقٌ وأحزابٌ وجماعاتٌ، لكلِّ حزبٍ منهم نيَّة، ولكل فرقةٍ مقصَد، ولكل جماعةٍ مشرَب، وكلٌّ يُصغِّرُ شأنَ الآخرِ ويُحَذِّرُ منه، ولا نسمَعُ إلا صياحَ المُتوعِّدِ المُتهدِّد، ولا نرَى إلا أثرَ الغليظِ المُتشدِّد، كلٌّ يأكلُ سَيفُه غِمدَه من حِدَّته، وكلٌّ يتغيَّظُ على أخيه المسلم من شِدَّتِه.
وأكد فضيلته أنه لن يجمعَ مُتفرِّق أمرِ الأمة وكلِمَتها جاهِلٌ أشعلَ نارَ الخلافِ وأهاجَها، ولا مُنفِّرٌ عن الدينِ بالغِلظةِ والشدَّة، ولا مُتفَحِّشٌ يتعدَّى على الناس ويتعمَّدُ سِبابَهم، ولا عدوٌّ نفَذَ بين القلوبِ المُتنافِرة، والصفوفِ المُتباعِدة، ولا رجلٌ يفتَاتُ على العلم، ويتَقَحَّمُ الفتوَى بلا درايةٍ ولا رَوِيِّة، ولا زائِغٌ تلبَّس بالبدعةِ والخُرافةِ.
وأشار الشيخ إلى فقه التعامل مع الخلاف فقال: إن الاختِلافَ في الفروعِ والمسائِلِ الفقهيَّةِ لا يُوجِبُ مُعاداةً ولا افتِراقًا في الكلِمَةِ، ولا تبديدًا للشَّملِ، ولا تبديعًا، ولا تفسيقًا، ولا تكفيرًا للمُخالِف. ويجبُ على المسلم أن يتحرَّى الحقَّ، ويأخُذ ما دلَّ عليه الدليلُ من القرآنِ أو السنَّة، ولو خالَفَ مذهَبَه وشيخَه، ولا يجوزُ أن يُتَّخذَ الخلافُ في تلك المسائلِ وسيلةً إلى النزاع والتناحُر، والتهاجُرِ والفُرقَة. وقد اختَلَفَ السلفُ الصالحُ - رضي الله عنهم – في مسائلَ كثيرةٍ جدًّا، ولم يكُن يُنكِرُ بعضُهم على بعضٍ في مسائل الاجتهاد؛ بل كانت قلوبُهم تتَّسِعُ لذلك.
وقال حفظه الله: ولا يجوزُ الإفتاءُ بما يُخالِفُ النصَّ من القرآن أو السنَّة، ويسقُطُ قولُ المُجتهِد، ويحرُمُ تقليدُه إذا أفتَى بما يُخالِفُ النصوصَ الشرعيَّة؛ لأن في تقليدِه تقديمًا لكلامِه على كلامِ الشارعِ، وهو مُحرَّم. وليس من العقلِ والحكمةِ أن تُؤجَّجَ الصراعاتُ بين المذاهبِ السنِّيَّة، بينما ينهَشُ عدُوُّها في جسَدِ الأمة، بدَعمٍ مُباشرٍ وغير مُباشرٍ من القُوَى الظالِمَة، والتنازعُ يُوجِبُ الفشلَ والشَّلَلَ وغلَبَةَ العدو.
وتابع فضيلته: أمر البدع مما يجِبُ إنكارُه ولكن بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، والخطابِ الذي تتحقَّقُ به المصالِحُ، وتندفِعُ به المفاسِدُ، ومن وقَعَ في بدعةٍ أو باطِلٍ وجَبَ عليه الرجوعُ عنه؛ إذ الرجوعُ إلى الحقِّ خيرٌ من التمادِي في الباطِلِ، ولا جامِعَ إلا الكتابُ والسنَّة بفَهمِ سلَفِ الأمة.
وختم الشيخ خطبته بالتحذير من بعض ما ينشر في الفضاء الإلكتروني فقال: احذَرُوا مُتابعةَ كثيرٍ من المُغردِّين والمتصدرين في وسائلِ التواصُلِ الاجتماعيِّ، الذي لاحَ من كتابَتِهم سَفَهُهم، وبانَ من مقاطِعِ تصويرِهم حُمقُهم، وظهَرَ قُبحُهم؛ فكم نشَرُوا شرًّا ووَبالًا، وأشاعُوا كذِبًا ونُكرًا، وتفوَّهُوا سَفَهًا وقُبحًا، إلا من رحِمَ الله، وقليلٌ ما هُم. لقد أصبَحَت تلك الوسائِلُ ميدانَ كلِّ صِفرٍ خِلْوٍ، الشهرةُ تسُوقُه، والظهورُ يشُوقُه، قد غرَّته كَثرةُ مُتابِعِيه، حتى ظنَّ أن لا أحدَ يستحِقُّ أن يتقدَّم أمامَه، أو يقومَ مقامَه! ولأَن يكونَ المرءُ مغمُورًا لا يُفقدُ إذا غابَ، فقيرًا خامِلًا مدفُوعًا بالأبوابِ، خيرٌ له من أن يكون مشهُورًا بباطِلٍ، أو معروفًا بقَبيحٍ.
أيها الإعلاميُّون والمُغرِّدُون! دافِعُوا عن دينِكم، ونافِحُوا عن بلادِكم المملكة العربية السعودية، وسخِّرُوا أقلامَكم لما يُعزِّزُ أمنَكم، ويُديمُ استِقرارَكم، ويحفَظُ وَحدَتكم، ويُقوِّي لُحمَتَكم، وابتعِدُوا عن كلِّ ما يزرَعُ الفتنةَ، ويُثيرُ البَلبَلَةَ، ويُهيِّجُ الغَوغَاءَ والدَّهماءَ والسُّفهَاء، وتثبَّتُوا فيما تكتُبُون، وتبيَّنُوا فيما تقولُون.
التعليقات