اقتباس
لقد أدركَ الجميعُ أن مهمَّة هذه العصابات والجماعات المزرُوعة في منطقتنا، وفي مواقع الصراع والفتن، مهمَّتُها نشرُ الفوضَى، ومُشاغَبة الشرعية، وتوظيفُها أداةً بيدِ أعداء الأمة، وكلِّ من يُريد بها شرًّا وفُرقةً وطائفيَّةً، وبثًّا للقلق والفتن. وفي هذا السِّياق والمسار جاءَت هذه الفئةُ الحوثيَّة الضالَّة المُنحرِفة في اليمَن العزيز؛ لتُدمِّر كلَّ شيءٍ وتُسلِم قِيادَها لأعداءِ أهلِها وأبنائِها، ولتحمِل السلاحَ وتُعمِله في قتلِهم وتدميرهم، وهدم مساجِدهم ومدارِسهم وجامعاتهم ومرافقِهم، حتى وصلَ التطاوُل إلى شرعيَّة حكمهم، وإنزالهم حاكِمهم من كُرسيِّه. لم يسمَعوا للنداءات، ولم يستَجيبُوا لحوار، ومن يُفسِدُ بالقوة لا يُصلِحُه إلا القوة.
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "أهداف عاصفة الحزم"، والتي تحدَّث فيها عن "عاصفة الحزم" وما رمَت المملكة إلى تحقيقه منها، مُبيِّنًا الأهدافَ من دخولِها والخروج منها.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله.
وأضاف الشيخ: "عاصفة الحزم" بدأت بصمتٍ، وأهلُ الخليج نائِمون، وعصفَت بقوَّتها ودوِيِّها وهم في الميادين يعمَلون، وانتَهَت مُحقِّقةً أهدافَها وهم في ديارِهم آمِنون مُطمئنُّون. فالله أكبر ولله الحمد، والله أكبر ولله المنَّةُ والفضل. أيُّ أمنٍ نعيشُه؟ وأيُّ حالة استِقرارٍ تُحيطُ بنا؟
وقال وفقه الله: إن من المعهود - عباد الله - أن أيَّ بلدٍ يخوضُ حربًا، أو يعيشُ حالةَ حربٍ أن تسُودَ أهلَه حالاتٌ من التأهُّب والقلق والاستِنفار، يظهرُ ذلك ويتجلَّى في خوف الناس، واضطِراب الأسعار، واختِفاء الأقوات، واحتِكار التموين. ولكن بلدَنا - بفضل الله ونعمته ومنَّته، ثم بحكمة القيادة، وإيمان الشعب وثقتِه - يعيشُ حياتَه اليومية المُعتادة المألوفة، حالة الأمن والرخاء، حالة الهدوء والطُّمأنينة، والغُدُوِّ والرَّواح إلى الأعمال والمدارِس، والمصانِع والمتاجِر والمزارع، يتسوَّقون ويتزوَّجون ويُسافِرون، ولمُناسباتهم يُرتِّبون ويُخطِّطون، والأطفال في ملاعبِهم يلعَبون ويمرَحون. إنه الإيمانُ بالله، والتوكُّل عليه أولاً، ثم الثقة بالقيادة والالتِفافُ حولها وتأييدُها.
وقال حفظه الله: لقد أدرَكَت هذه البلادُ المُبارَكة، راعيةُ الحرمين الشريفين وخادمتُهما، أدركَت الخطرَ المُحدِق بالمنطقة كلِّها، فأخذَت - بعد توفيق الله وتسديده، ثم بحكمة قيادتها وحِنكتها - تبنِي هذا التحالُف المَتين، للوقوف في وجه هذا التمدُّد الذي يستهدِف تمزيقَ الأمة، وإسالَة دمائِها، وتقطيعَ أوصالِها. تحالُفٌ شريفٌ من أجل الأمة كلِّها، ومن أجل شعبِ اليمَن الشقيق حتى لا يضيعَ كما ضاعَ غيرُه، ولئلا يُختطَفَ كما اختُطِف غيرُه.
وأضاف فضيلته: لقد أدركَ الجميعُ أن مهمَّة هذه العصابات والجماعات المزرُوعة في منطقتنا، وفي مواقع الصراع والفتن، مهمَّتُها نشرُ الفوضَى، ومُشاغَبة الشرعية، وتوظيفُها أداةً بيدِ أعداء الأمة، وكلِّ من يُريد بها شرًّا وفُرقةً وطائفيَّةً، وبثًّا للقلق والفتن. وفي هذا السِّياق والمسار جاءَت هذه الفئةُ الحوثيَّة الضالَّة المُنحرِفة في اليمَن العزيز؛ لتُدمِّر كلَّ شيءٍ وتُسلِم قِيادَها لأعداءِ أهلِها وأبنائِها، ولتحمِل السلاحَ وتُعمِله في قتلِهم وتدميرهم، وهدم مساجِدهم ومدارِسهم وجامعاتهم ومرافقِهم، حتى وصلَ التطاوُل إلى شرعيَّة حكمهم، وإنزالهم حاكِمهم من كُرسيِّه. لم يسمَعوا للنداءات، ولم يستَجيبُوا لحوار، ومن يُفسِدُ بالقوة لا يُصلِحُه إلا القوة.
وقال وفقه الله: استغلَّت هذه العصابةُ واستُغِلَّت، استغلُّوا ضعفَ الدولة، وأعانَهم قومٌ آخرون وكانوا هم الطرفَ المُسلَّح، فتواطَأوا مع بعض الخونَة، فزحَفُوا حيث زحَفُوا، حتى دخلوا عاصمة البلاد بتواطُئٍ مُشين، وهنا غرَّهم ومن وراءَهم هذا الانتِصار السريع، وظنُّوا أن اللُّقمةَ سائِغة. فتمادَوا في احتِقار الآخرين والتندُّر بهم، وأخذُوا يُهدِّدون ويُرعِدون ويُبرِقون في المنطقة، ودول الجِوار يُهدِّدونَها في وجودها واستِقرارها.
وما علِموا أنهم عصاباتٌ لا يُمكنُ أن تكون بحجم من يُواجِهُ دولة، فضلاً عن أن يُواجِهوا تحالُف الحقِّ.
وتساءل الشيخ عن: هذه العصابة وأخواتها في مواقع الفتن: ماذا قدَّموا؟ وماذا جلَبُوا؟ وهل جلَبُوا إلا الفُرقة والحزبيَّة والتعصُّب وقسوة العيش؟ عصاباتٌ لا تفهَمُ أن الأوطانَ لا تُديرُها النَّزوات والطُّموحات المارِقة، لا تستوعِبُ أن استِخدامَ السلاح ضدَّ أهل الوطن لا يُمكنُ أن يجلِبَ سلامًا، أو يُحقِّق استِقرارًا، فضلاً عن أن يبنِيَ حُكمًا. عصاباتٌ لا تُدرِكُ آثارَ فِعالِها؛ لأن من يؤزُّهم تتغيَّر مصالِحُه، وتتبدَّلُ موازينُه، وتختلِفُ حساباتُه. إنها الطائفيَّةُ البغيضَة وأطماعُ غُويلِمَة السياسَة، ممن رضُوا بأن يكونوا خنجَرًا بيدِ الطامِعِين الحاقِدين، يكونوا خنجرًا في خاصِرة بلادهم وشعبِهم.
وأضاف الشيخ: طائفيَّةٌ بغيضة، وعصبيَّةٌ مقيتة، ما دخلَت بلدًا إلا فرَّقَته، وما تمكَّنت من شعبٍ إلا مزَّقَته، وما تمكَّنت من فِكرٍ إلا شتَّتَتْه. من استعزَّ بها ذلَّته، ومن استغنَى بها أفقرَته، ومن استقوَى بها أضعَفَته، ومن استعلَى بها أهانَته. طائفيَّةٌ لا تبنِي دارًا، ولا تعمُرُ أنصارًا، ولا تُؤسِّسُ دولاً؛ بل تُذكِي حروبًا، وتُمزِّقُ شعوبًا، وتُفرِّقُ قلوبًا. هذا حديثٌ عن الطائفيَّة والعصبيَّة، وليس عن الطائفة والمذهب، أو الفرقة أو القبيلة.
وقال حفظه الله: تحالُفٌ وحزمٌ جمعَ الأمة، ووحَّد الكلمة، وتحوَّل فيه الوطنُ إلى قلعةٍ حصينةٍ، ووحدةٍ متينةٍ خلف جيشِهم الباسِل. دينٌ ووطنيَّةٌ تجلَّتَا حين ألمَّت بالبلد أزمة؛ نُصرةً لدين الله، وحِفظًا للبلاد، وقيامًا بحقِّ الجِوار. التَحَمَت - بفضل الله - الجبهاتُ الداخليَّةُ والخارجيَّةُ، فكانت هي السدَّ المنيع قلوبًا ومشاعِر، وأفعالاً وألسِنةً.
وختم الشيخ خطبته قائلاً: انتهَت "عاصفة الحزم"، وبقِيَ لديكم عاصفةُ الحَسم، إن من ساعَدَكم هو من أجل أن تُشمِّروا عن سواعِدكم وتحرير إرادتِكم، التدخُّل كان ضروريًّا لتعتدِلَ كِفَّةُ الميزان. أملٌ لإخواننا في اليمَن يُحوِّلونه إلى واقِع، يُبدِّلوا ما هم فيه من نزاعاتٍ وخلافاتٍ تسحَقُهم وتُدمِّرهم، إلى مشروعِ سلامٍ وإعمارٍ، في كفاحٍ من أجل الإصلاح، بعزمٍ وحزمٍ، وأملٍ وعملٍ. إعادةُ الأمل من أجل يمَنٍ عربيٍّ مُسلم.
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التوبة إلى الله تعالى"، والتي تحدَّث فيها عن التوبة والعودة إلى الله تعالى، حاضًّا جميع المسلمين بالإقبال على مولاهم، بكلماتٍ رقيقةٍ عذبةٍ، مُستشهِدًا بآياتٍ من كتاب الله، وأحاديث رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشعار الزهد والرقائِق.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: أيها المسلمون: اتَّقوا ربَّكم؛ فقد فازَ المُتَّقي، وخسِر المُسرِف الشَّقِي.
وأضاف الشيخ: اعتبِر بمن مضَى، واخشَ مُفاجَئة القضَا، واحذَر نارَ لظَى
وابكِ على ذنبٍ وقلبٍ قد قسَا كالصخرِ من هواهُ لم يستفِقِ
وكُن خميصَ البطنِ من زادِ الرِّبا وخمرةَ التقوَى اصطبِح واغتبِقِ
وقال وفقه الله: يا من عصا مولاه .. يا من أصمَّه الهوى وأعماه .. يا من قدَّم دُنياه على أُخراه .. يا من كثُرت خطاياه .. يا من أضاعَ الصلاة .. يا من منَعَ حقَّ الله والزكاة .. يا من جمعَ المالَ وأوعَاه وأوكَاه .. يا من كان ظُلمُ الناس سَلوَاه، وإيذاؤهم عادتَه وسِيمَاه.
وأضاف فضيلته: حتَّامَ وأنت في اللهوِ سادِر .. حتَّامَ لا ترعوِي وأنت راحِلٌ عن الدنيا ومُغادِر .. فبادِر بالتوبةِ بادِر .. بادِر عُمرًا دارِسًا، وموتًا خالِسًا، ومرضًا حابِسًا، وهرمًا لابِسًا. يا من يقولُ: أتوبُ غدًا .. كيف تتوبُ غدًا وغدًا لا تملِكُه؟! وغدًا ربما لا تُدرِكُه؟ قدِّم لنفسِك توبةً مرجُوَّةً قبل المماتِ وقبل حبسَ الألسُنِ، بادِر بها غلقَ النفوسِ فإنها ذُخرٌ وغُنمٌ للمُنيبِ المُحسِنِ.
وأضاف حفظه الله: ومن أساءَ إلى مُسلمٍ، أو ظلمَه، أو لطمَه، أو شتَمَه، أو أكلَ مالَه وهضمَه، أو منعَه حقَّه وحرَمَه، فليأتِه مُستعفِيًا مُتذلِّلاً نادِمًا؛ فإما عفَا وإما استوفَى؛ فيا فوزَ من تدارَك أمرَه ما دامَ في مُكنَته، وبادَر بالتوبة قبل حُلُول ساعتِه، وعمِل في دُنياه ما ينفعُه في آخرتِه، وماتَ على التسع صفاتِ الجميلة، والخِلال الجَليلة، الوارِدة في الآية الكريمة من سورة التوبة العظيمة: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [التوبة: 112].
وختم الشيخ خطبته بالتذكير بفضل الرباط في سبيل الله، فقال: أيها الأبطالُ المساعِير، والأمجادُ المغاوير .. أيها الجُندُ المُوحِّدون .. المُرابِطون على حُدود مملكتِنا الحبيبة: أنتُم فخرُنا وعزُّنا، وحِصنُنا ودرعُنا. هنيئًا لكم شرفُ الدنيا وثوابُ الآخرة. فعن سلمان - رضي الله عنه -، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رِباطُ يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيامِ شهرٍ وقيامِه، وإن ماتَ جرَى عليه عملُه الذي كان يعملُه، وأُجرِيَ عليه رِزقُه، وأمِنَ الفتَّان" (أخرجه مسلم). وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنها -، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "عينانِ لا تمسُّهما النار: عينٌ بكَت من خشيةِ الله، وعينٌ باتَت تحرُسُ في سبيلِ الله" (أخرجه الترمذي).
التعليقات