اقتباس
إن السعادة كل السعادة، والفلاحَ كل الفلاح أن يُحقِّق المُسلمُ التوحيد؛ فيعبُد الله لا يُشرِك به شيئًا، ويتعافَى من دماء المُسلمين وأموالِهم وأعراضِهم، فهذا هو الذي سبَقَت له من الله الحُسنى. وإن الكسرَ الذي لا ينجبِر أن يُفتَنَ الإنسانُ في دينِه، فينقُصَ دينُه أو يذهبَ بالكليَّة، وقد يُصابُ الإنسانُ بموتِ القلب وهو لا يشعُر إذا رأى صلاحَ دُنياه ونسِيَ أخراه. والفتنُ أضرُّ شيءٍ على المرء في الدارَين، قال الله -تعالى-: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، أي: اتَّقُوا أسبابَها التي تُوقِعُ العقوبةَ عليكم...
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ أسامة بن عبد الله خياط - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من سفك الدماء المعصومة"، والتي تحدَّث فيها عن التحذير من سفك الدماء المعصومة، مُورِدًا الأدلة من آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، داعيًا إلى الاتحاد ونبذ الفرقة، والاعتناء بالشباب.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فاتقوا الله - عباد الله -، وأخلِصُوا له العمل؛ فطُوبَى لمن أخلصَ دينَه لله، واتَّبع رِضاه، وسلكَ سبيل كل مُخبتٍ أوَّاه.
وأضاف الشيخ: إنَّ من كريم صفات المؤمن، وحُلوِ شمائله، وجميلِ سَجَاياه: كمالَ الحرص على التخلُّق بأخلاقِ المتَّقين، ودوامَ النُّفرة من خِصال أهل الخِسَّة والضَّعَة والفُجورِ، الذينَ صغُرَت نفوسُهم، ولؤُمَت طِباعُهم، وقَسَت قلوبُهم، وعتَوا عن أمرِ رَبهم، وزيَّن لهم الشيطانُ أعمالَهم، فحسَّن لهم ما قبَّحه الله ورسولُه، وأغراهم به، وجرَّأهم عليه، فخفَّ على قلوبهم، وحسُنَ موقِعُه في نفوسِهم. فتردَّوا في وَهدةِ الباطِل، وتلوَّثوا بأرجاسِ الخطايا بالمُسارَعة في الإثم والعُدوان، وسُلوك سبيل البغي والطُّغيان. إنها مُسارعةٌ إلى الشرِّ في كل دُروبِه؛ تحقيقًا للأغراض الخَبيثَة، وتوصُّلاً للأطماع الخسيسة، التي يسلُكُون إلى بُلوغها كلَّ سبيل، ويركَبُون إليها كلَّ مركَب.
وقال حفظه الله: وإن شرَّ ألوان العُدوان - يا عباد الله -: سَفكُ الدم الحرام، وقتلُ النفس التي حرَّم الله قتلَها، وجعلَ الاجتِراء عليها بغير جنايةٍ مُحادَّة لله ورسولِه، وارتِكابًا لكبيرةٍ من كبائر الذنوب، واجتِراحًا لخطيئةٍ من أعظم الخطايا بعد الشركِ بالله - عز وجل -. ولذا كان جزاءُ الولوغ في هذا الإثم المُبين غضبَ الله ولعنتَه، ودخولَ النار التي أعدَّ الله له فيها أشدَّ العذاب، كما قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].
وقال وفقه الله: وبيَّن رسولُ الهُدى - صلواتُ الله وسلامُه عليه - عِظَم هذا الجُرم عند الله تعالى، فقال: "والذي نفسي بيدِه؛ لقتلُ المُسلم أعظمُ عند الله من زوال الدنيا" (أخرجه الإمام الترمذي في "جامعه"، والإمام النسائي في "سننه" بإسنادٍ صحيح).
ولذا كان من صفات المُؤمن وكريم سَجَاياه: إيمانٌ صادق أورثَه ورعًا يعصِمُه من الفَتْكِ بعباد الله، باستِباحة ما حرَّم الله من دمائِهم، وما عصَمَ من أنفُسهم، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الإيمان قيدُ الفَتْك، لا يفتِكُ مؤمن" (أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "سننه" بإسنادٍ صحيح).
وأضاف فضيلته: وعلى العكس من ذلك؛ من لم يكُن له في هذه النصوص الوارِدة عن الله ورسولِه، وما تضمَّنَته من وعيدٍ صارِخٍ تقضُّ له المضاجِعُ، وتهتزُّ له الأفئِدة، لم يكُن له فيها من رادِعٍ يردعُه، أو زاجِرٍ يزجُرُه عن التردِّي في حَمئَة هذا الإثم، والتلوُّث بأرجاسِ هذه الكبيرة. شأنَ من أمرَ وخطَّط، ومن ساعَدَ وجهَّز، ومن باشَرَ ونفَّذ تلك الجريمةَ البشِعَة، والعُدوان الآثِم الذي حدثَ على بلدة القُدَيح، والذي هو في واقعِه ضربٌ من ضُروب الفساد في الأرض، الذي يستحِقُّ مُقترِفوه العقوبةَ الرادِعةَ والنَّكالَ.
وبيّن سماحته أن: من أوجَب الواجِبات تُجاهَ هذه النازِلة الأليمة - يا عباد الله -: وقوفَ كافَّة أهل هذه الديار المُبارَكة، ديار الحرمين الشريفين - زادَها الله عزًّا وشرفًا -، وقوفَهم في وجه هذا البغي والعُدوان الذي لا يرقُبُ مُقترِفُه في مؤمنٍ إلاًّ ولا ذِمَّة، إنكارًا لهذا المُنكَر العظيم؛ إذ هو جديرٌ - والله - بالإنكار، حقيقٌ على أن يُكشَف عُوارُه، وتُهتَك أستارُه، وتُوضَّح أخطارُه وأضرارُه، ويُماطَ اللِّثام عمن يقِفُ خلفَه، ويُلهِبُ جذوتَه.
وأضاف الشيخ: إذا كان اتِّحادُ الصفِّ، واجتِماع الكلمة، ونبذُ التفرُّق، والاعتِصامُ بحبل الله، الذي أثمِرنا به في كتابِ الله بقولِ ربِّنا - سبحانه -: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آل عمران: 103]، إذا كان هذا أمرًا عامًّا شامِلاً لا يختصُّ بزمانٍ دون غيره، فإن الاستِمساك بهذا الاتِّحاد والاجتِماع والألفَة أشدُّ تأكُّدًا وقت النوازِل، وزمن الشدائِد، وتتجلَّى هذه المعاني حيَّةً نابِضة في التِفاف أهل هذه الديار المُبارَكة حول قادَتهم، وفي اصطِفافهم خلفَ وُلاة أمرهم، وكونِهم معهم يدًا واحدةً في الخير، ونصر الحقِّ، ودَحر الباطِل، وإغاظَة الأعداء، وإحباطِ مساعِي الحاقِدين والكائِدين والمُتربِّصين بنا الدوائِر.
وأكَّد الشيخ أن: العنايةَ بالمُعتقَد الصحيح دراسةً لأصوله، وفهمًا لقواعده، ومعرفةً لأدلَّته، وعملاً بما يقتَضِيه لهِيَ من أبهَر أسباب السلامة من تأثير كل فكرٍ نُنكِره، أو كل مُعتقَدٍ نرفُضُه؛ لمُعارَضَته الأدلة من كتابِ ربِّنا وسُنَّة نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، وفهم سلفِنا الصالحِ - رضوانُ الله عليهم أجمعين -، فُتوصَدَ بذلك الأبوابُ دون كل مُبتغٍ فتنة، أو مُبتدعٍ بدعة، أو مُثيرٍ فُرقة، وتكونُ العاقبةُ خيرًا تنعكِسُ آثارُه اتِّحادًا على الخير، وتآزُرًا على الحقِّ، وتعاوُنًا على البرِّ والتقوى، واجتِماعًا على التوحيد والسنَّة والإيمان.
وختم الشيخ خطبته داعيًا إلى الاهتمام بشباب الأمة فقال: ألا وإن الشبابَ ذخيرةُ الأمة، وعُدَّة المُستقبَل، فليس بِدعًا تواصُلُ الدعوات وتتابُع النداءات، من كل المُخلِصين الصادقين إلى ضرورة العناية بهم، والرعاية لهم، حتى لا تنحرِف بهم السُّبُل، وتضِلَّ بهم المسالِك، وبتحذيرهم من نَزَغات الشياطين، ونَزَعات المُضِلِّين، وأصحابِ الأهواء من المُفسِدين والحاقِدين، الذين دأبُوا على بثِّ الدَّخيل من الأفكار، والغريبِ من العقائِد، وبدوامِ الحِرص على المُتابَعَة في جميع أحوالِهم، وتوثيقِ الصِّلة بهم، وسُؤالهم عما يُشكِل عليهم، أو يحيكُ في صُدورهم، وبإرشادِهم إلى الأخذ عن العلماء الربَّانيين الصالِحين المُصلِحين.
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "حرمة الدماء المعصومة"، والتي تحدَّث فيها عن قتل النفوس ووصفها بأنها أعظم المُحرَّمات، موضحًا مفاسد قتل النفوس المعصومة وتحريم قتل الإنسان لنفسه، مبينًا ألا أعدل وأحكَم من تعاليمِ الإسلام، معرجًا على كيفية تحقيق السعادة والفلاح.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: أما بعد: فاتقوا الله حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقَى.
وأضاف الشيخ: اعلموا أن الله شرعَ الطاعات، وجعلَها في الفضلِ والمنازِل درجات، وحرَّم المُحرَّمات والمُوبِقات، وبيَّن مفاسِدَها وشُرورَها وأضرارَها، وجعلَها درَكَات. فأعظمُ المُحرَّمات وأكبرُها وشرُّها: الشركُ بالله –تعالى- في العبادة، والدعاء، والاستغاثة، والتوكُّل، وطلب الخير، وطلب دفع الشرِّ. وهو الذنبُ الذي لا يغفِرُه الله إلا بالتوبة.
وقال حفظه الله: جريمةُ قتل النفس عارٌ وخسارٌ وخلودٌ في النار، قال الله –تعالى-: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93]، وعن ابن مسعودٍ – رضي الله عنه – قال: قلتُ: يا رسول الله! أيُّ الذنب أكبر؟ قال: "أن تجعلَ لله نِدًّا وهو خلقَك"، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: "أن تقتُلَ ولدَك خشيةَ أن يطعمَ معك"، قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: "أن تُزانِيَ حليلةَ جارِك" (رواه البخاري ومسلم). فذكرَ من كل نوعٍ من المعاصِي أقبحَها.
وقال وفقه الله: قتلُ النفس عُدوانٌ على الإنسان، وظُلمٌ للقاتلِ والمقتول، وفسادٌ كبيرٌ في الأرض، ونشرٌ للرُّعب والخوف، وخرابٌ للعُمران، وكسادٌ في الحياة، وعذابٌ أليمٌ للقاتلِ والمُجتمع، وإهدارٌ لحقوقٍ كثيرةٍ كانت محفوظةً لأقرباء المقتول وغيرهم، وتدميرٌ لأسبابِ الأمن والرَّخاء، وندامةٌ تتعاظَمُ دائمًا في نفسِ القاتل في الدنيا والآخرة، فلا يهدأُ معها بال، ولا يَطيبُ معها عيشٌ أبدًا. فبِئسَت الجريمةُ وبِئسَ المُجرِم. والقتلُ يُهلِكُ الحرثَ والنَّسلَ، وترتفِعُ به البركةُ من الأرض، وتنزلُ به العقوبات. والقتلُ فواتُ الدين والدنيا والآخرة.
وأضاف فضيلته: والحياةُ الآمنةُ من حقِّ الإنسان، وهبَه الله هذه الحياة لعُمران الأرض وصلاحِها وللعمل الصالِح؛ بل الحياةُ الآمنةُ من حقِّ البهائِم والحيوان، فلا تُقتلُ إلا لمنفعة ابنِ آدم، ويحرُمُ أن تُقتلَ عبَثًا. عن ابن عُمر – رضي الله عنهما – أنه مرَّ على فتيةٍ يرمُون دجاجةً، فنهَرَهم وفرَّقَهم، وقال: "نهَى رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – أن تُتَّخَذَ البهائِمُ هدفًا".
وقال حفظه الله: والدماءُ المعصومةُ التي حرَّمها الله ورسولُه، وجاءَ الوعيدُ والعذابُ لمن سفَكَها هي دمُ المُسلم ودمُ غير المُسلم الذِّمِّيُّ والمُعاهَد والمُستأمَن. وفي عُرف هذا العصر: الفردُ غير المُسلم المواطِن، أو الذي يحملُ إقامةً من وليِّ الأمر أو نائِبِه، أو قدِمَ لبلدٍ مُسلمٍ بجوازِ سفر، أو قدِمَ للبحث عن الرِّزق أو لحاجةٍ. ومُعاملاتُ غير المُسلمين وأحكامُهم منوطةٌ بالإمام ونُوَّابه، وليس الفردُ مسؤولاً عن ذلك؛ عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: "من قتلَ قتيلاً من أهل الذمَّة لم يرَح رائِحَةَ الجنة، وإن ريحَها ليُوجَد من مسيرة أربعين عامًا" حديثٌ صحيحٌ؛ (رواه أحمد والنسائي).
وقال وفقه الله: وأيُّ مُسلم استوطَنَ بلدًا غير مُسلم، أو قدِمَ إلى بلدٍ غير مُسلم بجوازِ سفر، أو قدِمَ للبحث عن الرِّزق بلا جوازٍ، أو لحاجةٍ فلا يحلُّ له شرعًا أن يسفِكَ دمَ أحدٍ من ذلك البلد، ولا يسرِقَ شيئًا من أموالهم أو يغتصِبَها، أو يُدمِّر شيئًا من مُمتلكاتهم، أو يُفجِّر في تجمُّعاتهم، أو يعتدِيَ على أعراضِهم وحُرُماتهم؛ لأن ذلك غدرٌ وخيانةٌ ومعصيةٌ كُبرى نهَى الله عنها، قال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) [الأنفال: 58]. وأما الجهادُ فله أحكامُه وأدلَّتُه المُحكَمةُ الرحيمةُ العادلةُ المُبارَكةُ الصريحةُ التي لا تُغيَّر، ولا تُبدَّل، والإذنُ فيه للإمام؛ لأنه المسؤولُ عن مصالِح الأمة والمعنِيُّ بهذا الشأن، والقادرُ على معرفةِ الأحوال وتقدير الأمور.
وقال حفظه الله: وما أصابَ بعضَ بلاد المُسلمين من الفتن والاختِلاف والفُرقة، وسُفِكَت فيها الدماءُ المُحرَّمة، ونُهِبَت فيها الأموال، ودُمِّرَت المُمتلَكَات، وهُدِّمَت البيوت، وانتُهِكَت الأعراضُ، وانتشَرَ فيها الخوفُ والجوعُ، وشُرِّدَ سُكَّانُها فأمورٌ لا تُطيقُها الجبال.
وعلى أهلها العُقلاء والمُصلِحين القادرين أن يُصلِحوا الأمورَ فيها، وأن يجمَعوا شتاتَ المُختلِفين، وأن يُحافِظوا على مصالِح بُلدانهم، وأن يحقِنوا الدماء ويُحافِظوا على أموال الناس، وأن يرحَموا الضعفاءَ من الأرامِل والشيوخ والأطفال وغيرهم، وأن يستَعينُوا بالله ثم بكل من له قُدرةٌ من خارِج بلادِهم لإطفاءِ نار الفتن.
وأضاف الشيخ: فإذا خرجَت الأحداثُ من يدِ القادرين المُصلِحين، فالمُسلمُ مسؤولٌ عن نفسِه بكفِّ يدِه ولسانِه عن المُسلمين، وعلى كل مُسلمٍ ومُسلمةٍ التوبةُ إلى الله -تعالى-، ومُداومةُ الدعاء برفعِ العُقوبات النازِلة، وبرفعِ أسبابِها. فربُّنا رحيمٌ يحبُّ المُتضرِّعين والتوابين، وهو قادرٌ على كل شيءٍ. ومن خرجَ على الإمام في بلادِنا وفارقَ الجماعة، وجبَ على وُلاة الأمر الأخذُ على يدِه، وكفُّ شرِّه عن المُجتمع بما يُحقِّقُ المأمنَ من شرِّه وضررِه، وبما يحفظُ الأمنَ والاستِقرار، ويُطفِئُ فتنتَه.
وختم الشيخ خطبته مبينًا سر السعادة والفلاح فقال: إن السعادة كل السعادة، والفلاحَ كل الفلاح أن يُحقِّق المُسلمُ التوحيد؛ فيعبُد الله لا يُشرِك به شيئًا، ويتعافَى من دماء المُسلمين وأموالِهم وأعراضِهم، فهذا هو الذي سبَقَت له من الله الحُسنى. وإن الكسرَ الذي لا ينجبِر أن يُفتَنَ الإنسانُ في دينِه، فينقُصَ دينُه أو يذهبَ بالكليَّة، وقد يُصابُ الإنسانُ بموتِ القلب وهو لا يشعُر إذا رأى صلاحَ دُنياه ونسِيَ أخراه. والفتنُ أضرُّ شيءٍ على المرء في الدارَين، قال الله -تعالى-: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال: 25]، أي: اتَّقُوا أسبابَها التي تُوقِعُ العقوبةَ عليكم.
التعليقات