اقتباس
وأوضح فضيلته أن شدة الخصومة واللجاجة وقوة الجدال والمخاصمة لمن توددّ هذا الفريق إذ هو كما قال بعض أهل العلم لا يحسن إلا الكلام في الدنيا ليعجب السامع ويخدعه فيزعم أن قلبه مع الله وأنه حسن السريرة وإنك لترى هذا في سيرة المجرمين ظاهراً جليّا كما وصفهم الله تعالى فهم يتركون الصلاة ويمنعون الزكاة ويشربون الخمور ويتسابقون إلى الفجور ويأكلون أموال الناس بالباطل، ثم يفضلون أنفسهم في الدين على أهل الإيمان والتقوى، زاعمين أن هؤلاء المتقين قد عمرت ظواهرهم بالعمل والإرشاد ولكن بواطنهم خربة بسوء الاعتقاد.
ملتقى الخطباء: دعا فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط المسلمين إلى تقوى الله عز وجل في السر والعلن وإتباع أوامره واجتناب نواهيه ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام: لئن كان في الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله فهو نقي القلب صادق القول مخلص العمل لا يسعى إلا إلى خير ولا يقصد إلا إلى سبيل نفع، فإن من الناس من يعجب السامع قوله ويروق له كلامه ويلذّ له حديثه لاسيمّا حين يقرن ذلك بالحلف بالله على صدق ما يدعيه وموافقة قلبه لظاهر كلامه لكن البراهين لا تسنده والأعمال لا تصدقه، وهذا الفريق موجود في كل أمة ظاهر في كل عصر ويشتدّ ضرره ويعظم خطره باختلاف الخلافة الإسلامية في الأمم فإذا سهل له أن يضر بزخرف القول أفراداً أو قلة من الناس فإنه يسهل له أن يضر الأمة قاطبة في أزمنة أخرى.
وأوضح فضيلته أن شدة الخصومة واللجاجة وقوة الجدال والمخاصمة لمن توددّ هذا الفريق إذ هو كما قال بعض أهل العلم لا يحسن إلا الكلام في الدنيا ليعجب السامع ويخدعه فيزعم أن قلبه مع الله وأنه حسن السريرة وإنك لترى هذا في سيرة المجرمين ظاهراً جليّا كما وصفهم الله تعالى فهم يتركون الصلاة ويمنعون الزكاة ويشربون الخمور ويتسابقون إلى الفجور ويأكلون أموال الناس بالباطل، ثم يفضلون أنفسهم في الدين على أهل الإيمان والتقوى، زاعمين أن هؤلاء المتقين قد عمرت ظواهرهم بالعمل والإرشاد ولكن بواطنهم خربة بسوء الاعتقاد.
وقد جرت سنة الله تعالى في خلقه ودلت هدايته في كتابه على أن سلامة الاعتقاد وإخلاص السريرة هما ينبوع الأعمال الصالحة والأقوال الصادقة النافعة والعلامة الثانية هي سعيه في الأرض بالإقدام للإفساد فيها بقطع الطريق أو إرهاب المسلمين أو الوقيعة بينهم في إيقاظ الفتن وإذكاء نار التباغض والتداحر والعداوة والبغضاء وقطع ما أمر الله به أن يوصل والجرأة على سفك الدم الحرام ونهب الأموال وانتهاك الأعراض وهو إفساد في الأرض ينذر بمحق البركات وذهاب الخيرات في الزروع والأنعام وكلما به قام الحياة.
ولذا فإن الله لا يحبه ويبغض كل مفسد ولو كان قوله حسناً فإن فساد عمله دليل فساد قلبه وكذب دعواه ومن صفات هذا الفريق أيضاً رده الحق ورفضه النصح فإنه إذا ذكّر بالله وخّوف من عقابه عظم عليه الأمر وأسرع إليه الغضب واستخّفه الشيطان فأصر على إفساده وتشّبث بباطله وأبى الرجوع عن غيّه وذلك هو الكبر الذي بين حقيقته وتوّعد صاحبه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في الحديث" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة قال إن الله جميل يحبٌ الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناسِ" فالكبر بطر الحق أي دفعه وعدم القبول به وغمط الناس أي احتقارهم وانتقاصهم فيكون جامع بين سلوك سبيل العصيان وبين التكبر على الناصحين الذين يسعون إلى استصلاح ما فسد من أمره وردّه إلى الجادة واستنقاذه من الهلكة.
وبين فضيلته أن الله سبحانه وتعالى توعّد هذا الفريق من الناس بعذاب بئيس في نار جهنم التي جعلها الله مستقراً لهم يوم القيامة وبئست النار داراً وقراراً.
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط إن في ما ذكره الله تعالى في بعض الآيات في القرآن الكريم التي وصف بها هذا الفريق الذي يعجب الناس قوله دليلاً على أن الصفات الظاهرة لا تكون محمودة ولا مرضية عند الله تعالى إلا حين يصلح عمل صاحبها ويستقيم قلبه لأن الله تعالى لا ينظر إلى صور العباد ولا إلى أقوالهم وإنما ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم، داعياً فضيلته في ختام خطبته إلى الحذر من الاغترار بزخرف القول ومعسول الكلام الذي لا رصيد له من الأعمال.
المدينة النبوية:
من جانبه قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد الباري الثبيتي، في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالمسجد النبوي الشريف، إن الحياة تتقلب بين ربح وخسارة ويسعى الإنسان إلى أن ينأى بنفسه عن الخسارة ويحقق فوزا في شؤون حياته، مبينا أن الإنسان يفرح للربح ويحزن للخسارة لأن الخسارة مريرة مؤلمة في المآل، وأن من الناس من إذا تكبد الخسارة الدنيوية شق الجيوب ودعى بدعوى الجاهلية .
وأضاف فضيلته، إن الخسارة الحقيقة ليست خسارة الدنيا وأنها ليست بخسارة للمال والمنصب بل خسارة الباقية الآجلة، وأن الدنيا ليست مقياسا للربح والخسارة، قال الله تعالى "قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين".
وأوضح فضيلته أن الربح والخسارة في ميزان العقلاء ربح الإيمان والفوز بالآخرة وأن الإنسان خاسر أبدا خسارة عمره ومآله إن جمع الدنيا وحواها، قال تعالى "والعصر إن الإنسان لفي خسر"، ثم استثنى سبحانه وتعالى "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر".
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي، إن أعظم الخسارة خسارة الدين وإن كل خسارة في هذه الدنيا تهون إلا خسارة الدين، لأن المصيبة في الدين توجب لصاحبها الهلاك في الآخرة، ولهذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم "ولا تجعل مصيبتنا في ديننا" وأن من ضيع العمل وأهمل في تحصيله خف يوم العرض ميزانه ونقصت أعماله فترجح كفة السيئات وتطيش كفة الحسنات ويغدو من الخاسرين، قال الله تعالى "فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون".
وقال، إن من فقد مغفرة الله وعفوه ورحمته وقربه، فهو من الخاسرين، وإن من سمات الخاسرين، خلف الوعد ونقض العهد وإبطال الميثاق والإفساد في الأرض، ببث الشبهات وإثارة الشهوات ورعايتها، قال الله تعالى "الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون" وأوضح أن طاعة الكافرين وموالاتهم علامة الخسران، وأن القرآن يحذرنا من سوء العاقبة والمآل وأن من سمات الخاسرين أن عبادتهم تدور مع المصلحة الدنيوية، مستشهدا بقوله جل في علاه "ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن له وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين".
وواصل شرحه لصور الخسران قائلا، إن من صور الخسارة وأليم الحسرة إفلاس رصيد الطاعات بعد أن عمل المسلم أعمالا كثيرة في وجوه البر، وتزداد الحسرة حين يعجز الرصيد عن القضاء فيكون التسديد بتحمل سيئات العباد فيخرج من الدنيا حزينا على ما قدم من إساءة، وهنا لا مجال لتعويض الخسارة، مستدلا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم طرح في النار".
وانتهى فضيلة الإمام إلى القول، والخسارة التي تبكي العيون وتحزن النفوس موت القلب وقسوته فلا يتأثر بالقرآن ولا يخشع لآياته، ومن الخسران هجر القرآن وهجر تلاوته وتضييع الصلوات.
المصدر واس
التعليقات