مختصر خطبتي الحرمين الجمعة 19 ربيع الثاني 1434هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

ولما أوصَدَت كثيرٌ من المُجتمعات دون تشريعاته أبوابَها، وأرصَدَت دون إنسانيَّة تعاليمِه شِهابَها، وها هي شهاداتُ الغرب المُنصِفين، وأعلامِه البارِزين الذين عنَّاهم رشقُ الإسلام بالتشويه والشَّنَآن، ها هُم يهتِفون بفِطَرهم السليمة، وعقولِهم القَويمة قائلين: "لا يُوجد دينٌ أُسيءَ فهمُه، وكثُر الهُجومُ عليه من الجهَلة والمُتعصِّبين مثلَ...

 

 

 

 

ملتقى الخطباء:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس المسلمين بتقوى الله لأن في التّقوى العِزُّ والسَّنَا، وبِها يَتَحقّق المَجْدُ والغِنَى.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم "أيها المسلمون في عصْرٍ احْتَدَمَتْ فيه التّنازعات، وكشفَتْ دُون مُوَارَبةٍ عن قَسَمَاتِهَا الأضاليل والشُّبُهات، وفي عالمٍ اعْتَسَفت طرائق الحَقِّ الصُّرَاح فيه أقوال خاطئات، وتصوُّرَات عن الصَّوَاب جَانِحَات، مِمَّا أسْفَرَ عَن قضِيَّةٍ تَطايَرَ في الخافِقين شرَرُها، واسْتَشْرَى في العَالَمِين ضَرَرُها، ألا وَهْي قضِيَّةُ التَّوَجُّس ِمِنَ الإسلامِ وأنْوَارِه، والخَوْفِ مِن فَلَجِهِ وانْتِشَارِه، وَوَصْمِه ِبِنَقِيضِ حَقَائقهِ، وتَكْدِير صَفْوِ زُلاله ورَائقه، أو ما يعرف في عالم الغرب اليوم بظاهرة الإسلام فوبيا".

وأضاف قائلا : إن المقصد المُسْتكِنُّ في ذلك الخَوْف ِالمُرَوَّج، والأباطيل المُنْتَحلة، إنَّما هو لِخَدْشِ الإسلام والتّشكيك فيعَدْله ورحمته، وسَمَاحَتِهِ ورَأْفته، والحَيْلُولَةِ دُون سطوع كَوْكَبِه ِالسَّارِي، ونَهْرِه المُبَارَك الجَارِي الذي يَحْمِلُ للبَشرِيَّة ِصَلاَحَها وفَلاحَها، ورُشْدَها ونَجَاحها، الإسلام ولا غير الإسلام الذي يحْسِم شِرَّة الخطوب والكُروب ويَنْتشِلُ الإنسانيّة من أَوْهَاق البَغْضَاء ِوالشَّحْناء، إلى مَرَاسِي التّوَافُق والصَّفاء والسِّلم والوفاء.

ومضى الشيخ يقول "أيُّها المؤمنون ومِنَ الفِرَى التي أُلْصِقَتْ بالإسلام، دون إرْوَاء أو إحْجام وكانت مثار التوجس والخوف منه اتهامه بالإرْهاب والسَّيْف،والعُنْفِ والظُّلم والحَيْف، وتِلك أكْذُوبَةٌ ظاهر عَوَارُها، ويُفَنِّدُها أوَارُها", مؤكدا أن الإسلام كان ولا يزال في عُلُوٍّ وانتشار، وانتِصارٍ وازْدِهار؛ لأنَّه دَلَفَ إلى القلوب بِالحِكمَة والموعظة الحَسَنةِ والمعروف، لا بِالغِلْظة والحُتُوف، فأيُّ نِعمة تُزْجَى أو ثمرةٍ إيمانية تُرْجى ممن أكره على الإيمان، بِالهُنْدُوانِيِّ والسِّنان، قال تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة) ".

وبيّن الشيخ السديس أن مما زاد الطين بلة في إذكاء هذه الظاهرة الغريبة، ثورة التقنية وغزو الفضاء ووسائل التواصل الحديثة، حيث لا يَخْفَى ما للإعلام المُؤَدْلَجِ المُتَحَيِّز، الذي لا يَنْتَصِف لِلْمِصْدَاقِيّة ولا يُمَيِّز، من امْتِطاء صَهَوَاتِ التَّهويل والتَّضخيم، والتَّشهِير والتَّعمِيم، واسْتِغلال بَعْض الوَقَائع المُعَاصِرَةِ النَّادّة، الخَاطِئة الشَّاذَّة التي لا تُمَثِّل بَهَاءَ الإسلام ولا جَمَاله، وإنْ هي إلاَّ تصرفات أحادية وأفْعَال فَرْدِيَّة لا مَسْئُولة، ومُجَرَّمَةٌ لا مقبولة ولا مَعْقُولة، يَتَصَيَّدُها الإعلام المَأجور، المغرض المَسْعُور، لِوَصْمِ الإسلام والمسلمين، بالقسوة والعُنْجُهِيّة أجمعين، كما نقلت وكالة الأنباء السعودية.

وقال: إن العالم قد خسر الخسران المبين بتأخر المسلمين عن منازل السيادة والريادة، ولما أوصدت كثير من المجتمعات دون تشريعاته أبوابها، وأوصدت دون إنسانية تعاليمه أبوابها، وهاهي شهَادَاتُ الغرب المُنْصِفِين، وأعلامه البارِزين الذين عَنَّاهم رشْقُ الإسلام بِالتَّشْويه والشَّنَآن، هاهم يهْتِفون بِفِطرهم السَّلِيمة، وعقولهم القويمة، قائلين: "لا يُوجَدُ دِين ٌأُسِيء فهْمُه، وكَثُر الهُجوم عَليه مِن الجَهَلَةِ والمُتَعَصِّبين، مِثْلَمَا أسيء فهم الإسلام ومِثلَمَا هُوجِم"، وقال آخر: "إنَّ الإسلام يَمْتدُّ في العالم كُلِّه ومَعَه تسِير الفضائل حيث سَار، وتدورُ مَعَها لمكَارِم حيثُ دَار"، وقَال ثالث: "فَالحَقُّ أنَّ الأمم لم تَعْرِف فَاتِحِين رَاحِمِين مُتَسَامِحِين مِثْل العرب، ولا دِينًا مِثل دِينِهم".

وخاطب فضيلته النَّابذين للمَادِّيّة الشَّائهة، وشهوات النَّفس الزَّائلة وأهوَائها، ومن تناوشتهم سِهام الإحباط والقنوط، واجتالتهم رِياح الضَّلال والشكوك ومن تنكروا لثوابت الأمة الإسلامية، فقال " لا خوف مِن الإسلام، ولا خَطر مِن شريعة المَلِكِ العَلاَّم، هَلُمُّوا إليه بكُلِّ تفاؤل وحِيَاد، وتَحَرُّرٍ مِن النَّزْعة التَّشَاؤمِيَّة، والمَعَايير الازدِواجيَّة، وسَتُلْفُونَه البَحْر الزخار، بِأكْرَم الآدَاب وأصْدَقِ الأخْبَار، يقول الحبيب عليه الصَّلاة والسَّلام: "الكلمة الطَّيبَة صَدَقة، وتبَسُّمَك في وجه أخيك صَدَقة، وإمَاطة الأذى عن الطريق صَدَقة" فيا لها من آدَاب وقيم روائع وأخْلاق عُلْويَّة بدَائع".

وأكد الشيخ السديس أنه يجب على ساسة وعلماء ودعاة ونخب الفكر والثقافة والإعلام في الأمة البذل بِشَتَّى الوَسَائل والقنوات لتَبْرِئة الدِّين والتَّدَيّن عَن تلك المزَالِّ الفوَاقر، والمَسَالك البوَاقر، والتّحذير مِن أمْرٍ عظيم زاد المَرَارَة على الواقِع ولطالما استغل في الخوف من الإسلام الحق، ألا وهو الفتاوى المتَجاسِرة على اسْتحلال الدِّماء المعصومة والأموال، دون توَرُّع أو استمهال لافتا النظر إلى أنَّ الإسلام دِينُ التَّقوى والمُعَاملة الحَسَنة والسَّمَاحَة، والحَصَافة في الأقوال والرَّجاحة.

وقال " إن المسالك الخاطئة جنت على الأمة في تاريخها المديد، فحولت الخلافات السياسية إلى صراعات دينية تبدد المجتمعات وتروج العداوات والخصومات، وكم مِنْ صَادِقين أسَاؤوا في دعوتهم للإسلام، فَصَدُّوا كثيرًا مِن الفئام، وما ذلك إلاَّ لِضَحَالةِ عِلمهم، وقلَّةِ حِلْمِهم، وقصور أفهامِهم، ونَزَقِ أحلامهم، ومُجَافاتِهم للعلماء المَوْثُوقين: الرَّاسخين علوما، البَاذخين في التَّربيَةِ والتوجيه فُهُوما، مما أثار حفائظ القوم في النيل من الإسلام والإساءة لرموزه وإذكاء التعصب والكراهية والتمييز والعنصرية والعنف والطائفية، وهنا لابد من التعاون لمواجهة ظاهرة الخوف من الإسلام، لاسيما في مناهج التعليم ووسائل الإعلام".

وأضاف فضيلته قائلا: إن مما يسهم في علاج هذه الظاهرة الخطرة أنْ تُؤصَّل َالدعوة إلى الله سبحانه وتبنى على التيسير لا التعسير، وعلى الرِّفق والحكمة والمُحَاسَنَة، لا الغِلْظة والشِّدَّةِ والمُخاشنة، وأن نَجُبَّ طوْقَنَا ما أُلْحِق بالدِّين مِن مُنكَر القول وفَدَامَة، ونُبْرِز ما فيه مِن جلاَل ٍووسَامَة، وأن تكون الأمة قاطبة أصْدق سَفير لرسالة العلي القدير، وسيرة الحبيب البشير عليه الصلاة والسلام.

ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين في سائر الأقطار إلى التسامح والتراحم والتآلف والوحدة وصون الأوطان من العنف والتخريب وإعاقة النماء والبناء فالإسلام وبكل فخر واعتزاز قدم للعالم أعظم حضارة عرفها التاريخ، وهو بفضل الله عصيٌّ على الغلو أو الإنهزامية.

المدينة النبوية:
من جانبه أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبد الباري الثبيتي أهمية نصرة الدين والمسلمين.

وقال في خطبة الجمعة اليوم إنه "حين تقلب ناظريك في الأحداث اليوم تبصر مظاهر المدافعة أو الصراع بين الخير والشر، هذه السنة التي لا يمكن أن تخلو الحياة البشرية منها بحال من الأحوال, وفي خضم ذلك يتساءل المسلم الصادق عن دوره وموقفه قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ) فالنصرة فريضة دينية, نصرة الله ونصرة كتابة ونصرة دينه ورسوله, ونصرة المظلومين ونصرة الأيتام والفقراء, قال صلى الله عليه سلم "انصر أخاك ظالما أو مظلوماً".

وشدد على أن نصرة الدين تكون بنشره ورفعته وأن نكون حماتاً له مع التمسك بإحكامه وتطبيق أوامره ونواهيه وبيان محاسنه وأنه سبيل السعادة في الدنيا والآخرة, ونصرة الدين من المراتب العليا والأهداف الأسمى وهي ميدان فسيح لكل مسلم ومسلمه, وأساس نصرة الدين هجر الذنوب والصدق مع الله تبارك وتعالى.

وأهاب فضيلته بكل المسلم أن لا يحقرن من المعروف شيئا لنصرة دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد أريت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين", وقال: "لقد سخر الصحابة إمكاناتهم وقدراتهم لخدمة الدين فـ بلال بن أبي رباح خدم الدين بصوته الشجي مؤذناً , وزيد بن ثابت حفظ الوحي بكتابته, وخالد بن الوليد يقود الجيوش سيف الله المسلول، وحسان غبن ثابت ينافح عن الدين وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ميدان الإعلام, وعثمان بن عفان يسخر ماله لخدمة الدين يحفر بئرا ويجهز جيشا ويواسي الفقراء, أما أبا بكر وعمر فهما أعمدة النصرة وأركان الدولة رضي الله عنهم أجمعين".

المصدر: واس
 

 

 

 

 

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life