مختصر خطبتي الحرمين الجمعة 17 صفر 1435هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

شتان بين من يتلذذون بالتلاوة والذكر والدعاء والمناجاة والصيام والقيام وبين من يبيت غافلاً لاهياً ساهراً ناسياً كأنه قد نسي يوم الحساب، وشتان شتان بين أقوام يبيتون لربهم سجداً وقياماً، قليلًا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون، ويتذكر بالشتاء زمهرير جهنم، شتان بينهم وبين أقوام آخرين غافلين، يقطعون الليل الطويل في سمر مهلك، مشتغلين بما لا يحل من مسموع ومقروء.

 

 

 

 

حث فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله -عز وجل- والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.

 

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: الليالي والأيام والفصول والأعوام أيام الله وسننه، تتعاقب على أهل الدنيا، فسبحان مصرف الشهور ومقلب الدهور، له المشيئة النافذة والحكمة البالغة والعبرة الغالبة، القلب الحي والمؤمن اليقظ يعتبر بما يراه من أيام الله وآياته في كونه وخلقه، مستشهدًا بقوله تعالى: (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار).

 

وأضاف فضيلته: لقد كان من تعاليم ديننا وحكمه ومما حفظ من نهج أهل السلف الصالح الربط بين أحوال الدنيا وتقلباتها وتصرف أيامها وبين أحوال الآخرة وعواقب الأعمال تذكرة وعبرة واستعداداً، موضحاً أن من ميادين التفكر ومواطن الاعتبار اختلاف الفصول وتعاقبها من صيف وشتاء وربيع وخريف وحر وقر وغيث ودهر.

 

وبيّن أن هذه وقفات اعتبار وتذاكر مع فصل الشتاء في ليله ونهاره وبرده وأمطاره، فقد كان للسلف معه تأملات واستفادات.

 

وأكد فضيلته أنه شتان بين من يتلذذون بالتلاوة والذكر والدعاء والمناجاة والصيام والقيام وبين من يبيت غافلاً لاهياً ساهراً ناسياً كأنه قد نسي يوم الحساب، وشتان شتان بين أقوام يبيتون لربهم سجداً وقياماً، قليلًا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون، ويتذكر بالشتاء زمهرير جهنم، شتان بينهم وبين أقوام آخرين غافلين، يقطعون الليل الطويل في سمر مهلك، مشتغلين بما لا يحل من مسموع ومقروء.

 

وأشار الشيخ ابن حميد إلى أنه لا مانع من الوضوء بالماء الدافئ وتسخين الماء وتنشيف الأعضاء بعد الفراغ من الوضوء، بل ويباح التيمم إذا خاف على نفسه من شدة البرد، فضلاً من الله ورحمة وتيسيراً ونعمة.

 

وقال: إن مما تقتضيه المناسبة التنبيه إلى أن بعض الناس يوقد النار للتدفئة مثل بعض أجهزة التدفئة، وهذا من فضل الله وتيسيره وتسخيره، ولكن قد أرشد نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- على إطفائها قبل النوم.

 

واستطرد إمام وخطيب المسجد الحرام قائلاً: إن شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم، مما يوجب الخوف والحذر والاستعداد، فقد جعل الله من دنياكم عبرًا ومن تقلبات دهركم عظات، فلا يكاد يمر بالعبد آية أو يقابله موقف إلا وفيه مناسبة لمحاسبة النفس وفرصة ومبادرة للطاعة واستعداداً ليوم الحساب، والليل في الشتاء طويل فلا تقصره بمنامك، فأبواب الخير واسعة، فخفف من آثامك.

 

وبين ما أنعم الله به على أهل هذا الزمان من ألوان النعيم وصنوف المسخرات من المخترعات والمكتشفات من وثير اللباس واللحاف ووسائل التدفئة في المساكن والمراكب والأسواق وأصناف المآكل والمشارب ومظاهر نعم الله وفضله وتيسيره وتسخيره التي لم تكن موجودة سابقاً.

 

وقال الشيخ ابن حميد: إن من التفكّر والتذكر ومواطن الاعتبار والمسابقة إلى الخيرات ما تستذكرونه من اشتداد المؤونة على إخوان لكم قريبين وبعيدين، تزداد عليهم الكلفة بسبب الحاجة أكلاً وشربًا ولباسًا ومسكنًا وتدفئة، إذا جلستم جلسات أسرية ومسامرات أخوية بمطاعمكم ودفئكم وحسن مجالسكم، أدام الله عليكم نعمه وأمنه، فتذكروا أسراً ترتعد فرائصهم، مزّق البرد أوصالهم وأسالت الرياح دموعهم وجمّد الصقيع جلودهم، وشيوخًا وأطفالاً ونساءً ذاقوا الحزن الأليم، فقدوا الأهل والوطن، وعدموا المأوى والكساء، رحماك رحماك يا ولي المستضعفين ويا ناصر المكروبين، وإن المسلمين جسد واحد في تكافلهم وسد حاجاتهم، فأمدوهم بما أفاء الله عليكم وأفاض من فضول أموالكم ومتاعكم وأثاثكم، تفقدوا الأرامل والمساكن والمحاويج من حولكم، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

 

 

المدينة النبوية:

من جانبه أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ على بن عبد الرحمن الحذيفي المسلمين بتقوى الله -عزّ وجل- بفعل ما يرضيه من الطاعات، وترك ما يغضبه من المحرمات، متحدثًا فضيلته في خطبته عن العبادات وفضلها على العبد.

 

وقال في خطبة الجمعة: إن عزّ العبد في عبوديته لربه -عز وجل-، وقوة المسلم في توكله على مولاه وغناه في مداومة الدعاء برفع حاجاته كلها إلى الله تعالى، وفلاحه في إحسانه لصلاته وحسن عاقبته في تقواه لرب العالمين، وانشراح صدره وسروره في بر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الخلق، وطمأنينة قلبه في الإكثار من ذكر الله -عز وجل-، وانتظام أمور الإنسان في استقامة أحواله بالأخذ بالأسباب المشروعة وترك الأسباب المحرمة مع تفويض الأمور كلها للخالق المدبر -سبحانه وتعالى-.

 

وأوضح فضيلته أن السعيد من اتعظ بغيره، والشقي من وعظ به غيره، حاثاً المسلمين على الاستعداد للقاء الله بما يقدرون عليه من الأعمال الصالحة ولا تغرنهم الدنيا وطول الأمد، مستشهدًا بقوله تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).

 

وأردف فضيلته يقول: للعبادة خلق المكلفون، ولرضا الله -تبارك وتعالى- بالعبادة وفرحه بها وكثرة منافعها للمكلفين وعموم بركتها في الدارين أمر الله بها في الليل والنهار وجوبًا أو استحبابًا، مقيدة أو مطلقة، ليستكثر منها السابقون، وليلحق بركب العباد المقصرون، وكمال العبادة هو كمال محبة رب العالمين، وكمال الذل والخضوع للمعبود سبحانه مع موافقة هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن رحمة الله -عز وجل- ولطفه بعباده وسعة كرمة أن شرع العبادات للمكلفين كلهم يتقربون بها لله سبحانه.

 

وبيّن فضيلة الشيخ الحذيفي أن الله تعالى إذا شرع عبادة دعا المكلفين إلى القيام بها والتقرب إلى الله -عز وجل- بها، فإذا لم يتمكن بعض المكلفين من فعلها فتح الله للمكلفين أبوابًا من الطاعات، وشرع لهم من الطاعات من جنس ما فاتهم من العبادات لينال العباد عزّ الطاعات وثواب القربات، فمن لم يدرك والديه فقد شرع الله له الدعاء لهما والحج عنهما وإكرام صديقهما، فبذلك يستمر البر بهما، مشيراً فضيلته إلى أن الخالة بمنزلة الأم، ومن لم يجد مالاً يتصدق به فليعمل بيده ويتصدق من هذا المال.

 

وختم فضيلة إمام المسجد النبوي خطبته بحث المسلمين على العمل بإخلاص واتباع الهدي النبوي ولا يحقرن السيئة ولو كانت صغيره فإن لها حساباً، والحذر من البدع لأنها تهدم الدين وتبطل الحسنات أو تنقص ثواب الأعمال الصالحات مستشهداً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ).

 

 

 

 

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life