اقتباس
ولا يزال هؤلاء المرضى ينفثون سمومهم وحقدهم على رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وينالون منهم في كل مناسبة تسنح لهم بمجرد التهمة، ومن ذلك ما كتبته امرأة في صحيفة الرياض بتاريخ 22/11/1434هـ على إثر سقوط سيارة من فوق جسر في الرياض مات فيها شابان اتُّهم فيها بعض رجال الهيئة بمطاردتها، وقد أكثرت فيما نشرته من السب والوقيعة برئاسة تعليم البنات قبل..
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد؛ فإن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام أهمية كبرى ومكانة عظمى؛ لما في القيام به من تحصيل المنافع العظيمة والسلامة من الشرور والعواقب الوخيمة، وقد ذكرت اثني عشر دليلاً على هذه الأهمية البالغة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في رسالة: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها» طبعت في عام 1430هـ.
وقد جاء في القرآن الكريم الأمر بأن يكون في الدولة الإسلامية من يتصدى لمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله عز وجل: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، قال ابن كثير : «يقول تعالى: ولتكن منكم أمة منتصبة للقيام بأمر الله في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وقال: «والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه»، ثم ذكر حديث درجات تغيير المنكر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم (177).
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية قبل ثلاثة قرون تقريباً وبقائها واستمرارها، ومن أجلِّ حسنات الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية في عهدها الثالث قبل مائة عام إنشاء جهة مسئولة عن القيام بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد استمرت بحمد لله في عهود أبنائه الذين ولوا الأمر من بعده، وهذه المؤسسة العظيمة مفخرة عظيمة لهذه الدولة انفردت بها عن غيرها من الدول فيما نعلم، وقد جاء في المادة (23) من النظام الأساسي للحكم ما يلي: «تحمي الدولة عقيدة الإسلام وتطبق شريعته وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقوم بواجب الدعوة إلى الله»، وما أحسن ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء - رحمه الله - إبان كونه وزيراً للداخلية في مطلع لقائه بالمسئولين في هذه المؤسسة في 27/8/1427هـ ـ كما في شريط تسجيل اللقاء ـ قال: «إنه لشرف لهذه البلاد أمة وقيادة أن فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأن الدولة هي التي تقوم بهذا العمل والتي تحقق هذا الأمر وتعمل من أجله، وهذا ليس بجديد، ومنذ أن قامت هذه الدولة على يد الإمام المصلح محمد بن سعود إلى الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وبعده أبناؤه وإلى الآن وهذا الأمر قائم وسيظل قائماً، ويجب أن يعرف الجميع داخل البلاد وخارجها أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ركن أساسي لدولة الإسلام».
ومع أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام واهتمام الدولة السعودية به لكونه من أهم أسباب قيامها وبقائها فقد وُجد من مرضى الشبهات والشهوات من يكون في قلوبهم غل على هذه المؤسسة وكراهيتها والنيل من رجالها وتمنيهم زوالها وتصيد زلات رجالها وتضخيمها بمجرد التهمة فيها وقبل ظهور نتيجة التحقيق والحكم فيها، ومن هؤلاء المرضى من نُشر عنه قبل خمس سنوات تمنيه زوالها والدعوة إلى إلغائها في إطار الإصلاح الإداري لأن الزمن تجاوزها بزعمه وأنها تحوي المتشددين الذين يرفضون السينما وقيادة المرأة السيارة.
ولا يزال هؤلاء المرضى ينفثون سمومهم وحقدهم على رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وينالون منهم في كل مناسبة تسنح لهم بمجرد التهمة، ومن ذلك ما كتبته امرأة في صحيفة الرياض بتاريخ 22/11/1434هـ على إثر سقوط سيارة من فوق جسر في الرياض مات فيها شابان اتُّهم فيها بعض رجال الهيئة بمطاردتها، وقد أكثرت فيما نشرته من السب والوقيعة برئاسة تعليم البنات قبل دمجها بوزارة التربية والتعليم، وأثنت على هذا الدمج الذي هو في الحقيقة الشرارة الأولى لفتنة تفلت النساء من الفضيلة وتهاونهن بالاحتشام والبعد عن مخالطة الرجال الذي ظهرت آثاره عند أبواب المدارس من كشف بعضهن الوجوه وعدم الاحتشام وظهرت باتخاذ الوزارة مثلاً قرارا بتشكيل لجنة لنقل المعلمين والمعلمات ذوي الظروف الخاصة من سبعة أشخاص: أربعة رجال وثلاث نساء، والرئيس فيها رجل ونائبه امرأة!! نشرت هذا الخبر صحيفة إيجاز الإلكترونية في 18/3/1431هـ، ثم اتسع نطاق هذا التفلت في مؤسسات ومجالات عديدة لا تخفى على الخاص والعام، ثم خلصت كاتبة صحيفة الرياض إلى تمنيها أن يحصل لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل ما حصل لرئاسة تعليم البنات، فتوزع مهماتها على وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الإسلامية، ومن ذلك ما نشرته صحيفة الاقتصادية الإلكترونية بتاريخ 28/9/1434هـ لصحفي تحت عنوان: «الحسبة والجهات الحكومية: شراكة وتحالف» يتضمن هذا المقال تمنيه تحالف الهيئة مع المؤسسات الحكومية لمشاركتها في مهماتها ذكر منها عشر مؤسسات مما ينتج عنه تخليها عن القيام بواجباتها، ومن هذه المؤسسات الجمارك وحرس الحدود ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف، وذكر أنواع المشاركة مع المجمع وهي الإشراف على طباعة المصحف وتوزيعه وتشجيع الناس على حفظه وفهمه وتفسيره!! وذكر في ختام مقاله نصائح لأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي في الحقيقة فضيحة لهذا الصحفي، منها قوله ـ وبئس ما قال ـ: «ماذا لو كان رجال الحسبة يحثون أصحاب المحال على الصدق والأمانة؟! أليس هذا أولى من قسرهم على إقفال المحال وإجبارهم على الصلاة؟!»، نعوذ بالله من عمى البصائر؛ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور! وختم مقاله بقوله: «ومن الأفضل أن نبادر إلى التغيير بأنفسنا قبل فوات الأوان، فكما قال الرئيس ذات مرة: إن العالم وصل لصناعة الطائرات، ونحن نخرج امرأة من السوق لأن في أصابعها مناكير!» وعسى ألا تصح هذه النسبة إلى رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن صحت فهي من جملة فواقره ودواهيه، أصلح الله حاله وفعاله، وقد كان لهذا الرئيس نصيب وافر من ثناء التغريبيين من صحفيين وغيرهم، وقد ذكرت شيئا من ذلك في كلمة: «كاتبو صحيفة الجزيرة وكاتباتها يحاورون الرئيس الجديد لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» نشرت في 15/8/1433هـ، بل حتى بعض الغربيين ـ وهو السفير البريطاني بالمملكة ـ
أثنى عليه وكان محل إعجابه، كما في كلمته التي نشرتها صحيفة الرياض في 5/3/1434هـ، وثناء الغربيين والتغريبيين مذمة لمن ظفر به، والتجديد غير السديد في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهدها الجديد الذي كان محل إعجاب التغريبيين وثنائهم مع تصيّد الصحفيين وغيرهم من التغريبيين زلات رجال الهيئة وتسويد صفحات الصحف بذمهم والنيل منهم يصدق عليه القول: حصوننا مهددة من داخلها وخارجها.
وإن من الخير لهذا الرئيس أن يتقي الله في نفسه وفي هذه المؤسسة العظيمة قبل أن يتركها غير مأسوف عليه ذاهباً إلى قبره أو بيته، ومن الخير للصحفيين وغيرهم من التغريبيين أن يحفظوا ألسنتهم وأقلامهم من كل ما يعود عليهم وعلى غيرهم في هذه البلاد حكومةً وشعباً بالأضرار والعواقب الوخيمة، ويتذكروا قول الله عز وجل: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وقوله: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا)، وقوله: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» رواه البخاري (6018) ومسلم (174).
وأسأل الله - عز وجل - أن يوفق المسئولين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للقيام بمهماتهم على الوجه الذي يرضيه وينفع عباده، وأن يهدي الصحفيين وغيرهم من التغريبيين سبل السلام وأن يخرجهم من الظلمات إلى النور، وأن يوفق هذه البلاد حكومةً وشعباً لكل ما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة، وأن يمنح ولاة الأمر فيها البطانة الصالحة الناصحة ويصرف عنهم بطانة السوء الماكرة، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
التعليقات