ماهية الماسونية وضحاياها

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2023-12-11 - 1445/05/27
التصنيفات:

 

د. إبراهيم فؤاد عباس

 

رغم أن ما كتب عن الماسونية من مخطوطات وكتب ووثائق ودراسات  من الغزارة بحيث يصعب حصره بيليوغرافيًا في حيز ضيق.. إلا أن الباحث قد يجد صعوبة كبيرة في العثور على مراجع كافية عن الماسونية في المكتبات العامة، أو المكتبات الجامعية، بل إن مكتبة جامعة "لايدن" لا يوجد بها سوى ثلاثة كتب عن الماسونية.

 

ومعظم المعلومات التي تطرحها الكتب المتداولة عن الماسونية، أو تلك الموجودة في دوائر المعارف، مثل دائرة المعارف البريطانية، ودائرة المعارف الأمريكية، ودائرة المعارف السوفيتية - تختلف كلية عن المعلومات التي تضمها كتب الماسونية الموجودة في المكتبات الماسونية المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، والتي لا يسمح بارتيادها لغير الأعضاء الماسون.

 

ورغم أن السلطات النازية كانت قد صادرت المكتبات الماسونية في ألمانيا بغية الوقوف على أسرارها، وكشف المعلومات المخفية عن الماسونية- لكن يبدو أن تلك السلطات فشلت في إتمام هذه المهمة، سيما وأن الماسونية سرعان ما اتخذت اسمًا جديدًا لها هو "نادي الفرسان الألمان"، ولا أحد يعرف على وجه الدقة، هل أتلفت تلك المكتبات وحرق ما فيها من كتب ووثائق.. أم أن تلك الكتب والوثائق أخفيت في مكان ما ثم انتقلت إلى نوادي الفرسان الألمان - فيما بعد - بكيفية أو أخرى؟!!

 

وما كتب عن الماسونية بالعربية لا يكاد يربو على بضعة عشر مؤلفاً، كتب معظمها في النصف الأول من هذا القرن، كما أن معظمها لم يعد طبعه هو كتاب مثل (الأسرار الخفية للجمعية الماسونية) الذي كتبه شاهين مكاريوس سنة 1900، ظهرت طبعته الثانية، فجأة - سنة 1983؟! وقد شهدت السنوات الأخيرة الماضية ظهور عدة كتب عربية جديدة عن الماسونية. ويلاحظ أن هذه الكتابات وتلك، لا تختلف كثيرًا عن مثيلاتها الأجنبية، كونها لا تخرج في غالبتها عن تصنيفين: فهي إما كتابات مادحة كتبت بقلم أحد أنصارها مثل كتابات شاهين مكاريوس، وجورجي زيدان، وإما كتابات شاجبة كتبت بقلم أحد منتقديها، أو المرتدين عنها، مثل كتابات د. محمد علي الزغبي، ود. أحمد جلوش.

 

وهناك طائفة ثالثة من كتب الماسونية استند مؤلفوها على كتابات المرتدين عنها، ومقارنتها بالتطورات السياسية والأحداث الدولية.. وهذه الطائفة تكتسب -رغم ندرتها- أهمية خاصة، نظرًا لأنها تتسم بالتناول الموضوعي، والتحليل العلمي، مما يجعلها تقترب أكثر من حقيقة الماسونية. وقد ظهر في بريطانيا عام 1983 كتاب عن الماسونية بعنوان "الأُخوَّة The Brotherhood" أحدث ضجة كبيرة بسبب الطريقة التي انتهجها مؤلفه "ستيفن نايت" في توثيقه، إذ أنه اعتمد على استقصاء المعلومات عن طريق   الحصول عليها من أفراد "ماسون" اشترطوا عدم الإفصاح عن أسمائهم، ومعظمهم من المنخرطين في سلك الشرطة البريطانية.. وكان من الطبيعي أن يتعثر صدور هذا الكتاب، وأن يتعرض صاحبه للكثير من المشاكل والضغوط، وأخطر ما جاء في كتاب "نايت" أن المخابرات السوفيتية قد نجحت في التسلل إلى شبكة المحفل، ونجحت في إحلال الكثيرين من أعضائها في مراكز حساسة في الأجهزة السياسية والأمنية والإعلامية في بريطانية وغيرها، وهذا يؤكد على وجود علاقة تربط بين الماسونية والشيوعية ولم تكن مثل تلك العلاقة واضحة قبل أن يشير إليها "نايت" في كتابه هذا. وقد أوردت وكالات الأنباء العالمية نبأ موت "ستيفن نايت" في نهاية شهر يوليو 1985 أي بعد عام واحد من صدور كتابه عن عمر يناهز الثلاثة والثلاثين عاماً، ولم يتأكد بشكل قاطع عما إذا كان "نايت" مات ميتة طبيعية، أم أن هنالك جريمة ماسونية وراء موته؟!

 

من هم ضحايا الماسونية؟!

وقد جاءت تسمية الماسونية من كلمة "ميسن" أو ماسون Mason التي تعني بالإنجليزية والفرنسية "البناء" وتضاف إليها عادة لفظة أخرى هي Free ومعناها بالإنجليزية "حر" أو "فرانك" بالفرنسية، أي الصادق. فتصبح "فري ميسن" أو "فرانك ماسون" وكان هذا الاسم يلفظ في العهد العثماني "فرمسون"، ومن هذا الاستعمال التركي المحرف قليلاً انتقلت الكلمة إلى العراق والشام، وكانت تلفظ في الاستعمال العامي "فرمصون".

 

وتسمى الجمعيات الماسونية محافل جمع محفل Lodge والمحفل الماسوني هو وحده التنظيم، ويرأسه أستاذ، وتتدرج فيه مراتب الأعضاء. وتنقسم المحافل الماسونية في الولاء بين "المحفل الأعظم البريطاني"، و "الشرق الفرنسي".

 

وكانت الماسونية تعمل على اصطياد ضحاياها من المفكرين والمشاهير، وتستقطبهم للانضمام إلى محافلها بواسطة التعريف عن نفسها مستخدمة هذه الشعارات والمبادئ.

1- أنها جمعيات خيرية لا تتدخل في الدين والسياسة.

2- الماسونية مؤسسة حرة للبناء العلمي، ثم البناء الفكري "حققت خيرًا وحررت شعوبًا"!

3- الماسونية العربية مستقلة، بل توجه الماسونية العالمية لإنقاذ فلسطين!.

 

وتحت شعار "الحرية - الإخاء - المساواة" نجح أبناء الماسونية العربية في استقطاب عدد من مشاهير الأدباء ورجال الفكر والدين والزعماء السياسيين... إلا أن كثيرًا من هؤلاء سرعان ما انسحبوا منها بمجرد أن انكشفت لهم حقيقة أنشطتها وارتباطها باليهودية العالمية، وبخدمة المصالح الاستعمارية.

 

وتلجأ الماسونية إلى طرق ملتوية لجذب مشاهير الناس ليسارعوا في الانضمام إليها، فنراها تشيع مثل هذا القول: "فليعلم أن الماسونية تعد كل مستقيم السيرة والسريرة عضوًا فيها ولو لم يأخذ عهدها، وهي لا تقبل في أحضانها إلا من أتاها مختارًا"!

 

وقد درج الماسون على وضع إشارة مميزة لهم يتعرفون بواسطتها على بعضهم البعض، وقد تكون هذه الإشارة، أو العلامة - "خاتماً" مميزًا له شكل خاص. ومن بوادر معرفة ماسوني لماسوني آخر لدى المصافحة الضغط بالإبهام عند أحدهما على ما يفصل الإبهام عن السبابة لدى الآخر.

 

لقب "العميان" أعلى درجة:

وقد سيطر اليهود على الماسونية منذ القرن الثامن عشر وجعلوا لها مراتب ودرجات لا يصل إلى أعلاها إلا المخلص الذي يثبت تفانيه في خدمة أهدافها، ويتم ترفيعه بمعرفة الأساطين الذين هم أركان المحافل الماسونية، ووكلاء اليهود المخلصين لهم. وقد توصل الباحثون إلى معرفة المراتب الثلاث للماسونية وهي:

1- المرتبة الأولى "الماسونية الرمزية": درجاتها 33، ويترقى الماسوني غير اليهودي في سلم درجات هذه المرتبة، وقد يبلغ أعلاها. وأعضاء هذه المرتبة يطلق عليهم أعضاء المرتبتين الأخيرتين وصف "العميان" لأنهم يخدمون "المؤسسة" دون أن يعرفوا أهدافها. وهنالك قسم يتعين على المنتسبين لتلك المرتبة الإدلاء به، وبعض الطقوس الأخرى التي تمارس في المحفل عند انضمام أي عضو جديد. ومن بين من حصلوا على الدرجة (33) إيرل أوف ألكسندر، رئيس أركان حرب القوات البريطانية في الشرق الأوسط أثناء الحرب العالمية الثانية.

 

2- المرتبة الثانية (الماسونية الملوكية): أهداف هذه المرتبة تدور حول احترام اليهود، وتقدسيها، وإعادة بناء الهيكل، وامتلاك اليهود لفلسطين وجعلها وطنهم القومي. وأكثر أعضائها من اليهود، ويطلق عليهم الرفقاء (جمع رفيق)، ولا يسمح لغير اليهود بالدخول فيها إلا لمن وصل إلى أرقى درجة في المرتبة الأولى (مثل إمبراطور أثيوبيا السابق هيلا سيلاسي)، ويرافق انتساب العضو إلى هذه المرتبة إجراء بعض الطقوس الخاصة، والإدلاء بقسم خاص.

 

3- أما المرتبة الثالثة (الماسونية الكونية): فلا يصل إليها إلا الضالعون في اليهودية، ومهمة أعضاء هذه المرتبة، إدارة كل حركة من حركات الهدم والتخريب والفوضى السياسية والاجتماعية بشتى الطرق والوسائل في مختلف بقاع الأرض، ويقال بأن أعضاء هذه المرتبة وعددهم اثنا عشر عضواً - هم الذين صاغوا "بروتوكولات حكماء صهيون"- وذلك الصهيوني العالمي الأول الذي عقد في بال سنة 1897.

 

لا سرية.. وتمارس علناً في أمريكا:

ورغم ما يشاع عن السرية المطبقة للمحافل الماسونية، فإن الأمر لا يبدو كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، فالمحافل الماسونية تؤسس فيها بموافقة السلطات الحكومية وأماكن اجتماعاتها تكون معروفة، وأعضاؤها معروفين، وهم يجهرون بعضويتهم فيها ولا يخفونها، ولذلك فإنه لا يمكن وصف الماسونية الأمريكية بأنها جمعيات سرية، والأدق أن يقال بأنها "جمعيات ذات أسرار". كذلك فإن ما يشاع عن التعذيب والتنكيل الذي يلحق بالعضو المرتد عنها، أو الذي يقوم بإفشاء أسرارها، فهو من قبيل المبالغة والتهويل، ذلك أن عدداً كبيراً من المرتدين عنها قاموا بتأليف العديد من الكتب التي يفضحون فيها أساليبها وممارساتها. ولم نسمع قط أن أحدًا منهم عذّب أو قتل بسبب هذا العمل، وقد يكون ذلك في الماضي ومما يذكر حول هذا الموضوع، تكليف أحد الماسونيين ويدعى "ريتشارد هيوارد" بتنفيذ حكم الإعدام على شخص يدعى الكابتن "وليم مورجان" بسبب خيانته للجمعية.

 

وقد وقعت هذه الحادثة عام 1826، إلا أنها أدت إلى استياء وغضب ما يقرب من 40% من الماسونيين في شمالي الولايات المتحدة، وهجرهم للماسونية.

 

ويذكر "ستيفن نايت" أن عقوبة الماسوني العادي الخائن هو استئصال أعضائه التناسلية، أما العضو الأعلى "المرتبتان الثانية والثالثة" فتحرق أحشاؤه إلى رماد، لكن ذلك كان في الماضي - الكلام لا يزال لنايت - أما اليوم فالعقوبة هي أن يلحق الضرر المادي بحرفة العضو الخائن، حتى يعلن إفلاسه.

 

 

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life