عناصر الخطبة
1/ فضائل شهر شعبان 2/ أهمية ليلة النصف من شعبان وفرص المغفرة فيها 3/ التحذير من الشرك كله 4/ وجوب ترك الشحناء والخصام 5/ موانع المغفرة في ليلة النصف من شعبان 6/ الحث على صلة الأرحام 7/ دعوة لاغتنام فضائل ليلة النصف من شعبان.اهداف الخطبة
اقتباس
صاحب الشحناء مع المسلمين بل من لم ينقِّ قلبه لإخوانه في الله.. صاحب الغل على المسلمين، صاحب الشحناء مع إخوانه في الله.. فإنه مهدَّد ألا يغفر له في تلك الليلة لما كان في قلبه على إخوانه، ولما أوجد من شحناء في وسط المجتمع المسلم. فسبحان الله!! .. الله -عز وجل- يعد بالعفو .. ذنوبًا كثيرة كالجبال كلها تمحى، كلها تزول بكرم الكريم، لمن آمن بالله ووحَّد الله، ولمن ترك الشحناء وقطيعة الرحمة وقام ببر الوالدين، وأحسن لعباد الله جميعا؛ إنه الكرم من الله -عز وجل-، فلا تفوتنكم تلك الليلة...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله..
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِع اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ربي إن عظمت ذنوبي كثرةً *** فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسنا *** فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا *** وجميل عفوك، ثم إني مسلم
ما أعظمك يا الله .. ما أكرمك يا الله .. ما أرحمك يا الله..
أنت الرحمن الرحيم .. أنت غافر الذنب وقابل التوب أنت الغفور الرحيم..
أنت الرحمن الرحيم لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض وما بينهما ورب العرش العظيم..
سبحان الغفور الرحيم، سبحان الغفور الودود الذي يتودد إلى عباده كما قال جل وعلا:
(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) [البروج: 14].
أيها الأحبة: شهر شعبان فيه تُرفع الأعمال إلى ذي العزة والجلال سبحانه وبحمده، ولقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يخبر أن هذا الشهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله -عز وجل-، فيحب أن يُرفع عمله وهو صائم -صلوات ربي وسلامه عليه-.
لذا ثبت الحديث في السنن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سُئل عن كثرة صيامه من شعبان قال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وفيه ترفع الأعمال إلى الله فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
رمضان شهر عظيم من أشهر الله -عز وجل-، فيه فريضة الصيام، فيه يصوم المسلمون ويقومون بركن من أركان هذا الدين، وهو أحد الأركان الخمسة وهو الصيام.
وشهر رجب شهر حرام، فلما كان شهر شعبان يقع بينهما بين رجب الحرام وبين رمضان الذي فيه أنزل القرآن، وفيه فريضة الصيام غفل أناس عن هذا الشهر شهر شعبان
فكان -صلى الله عليه وسلم- يكثر الصيام فيه، كما أخبرت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في الصحيحين البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستكمل صيام شهر كامل إلا شهر رمضان، شهر رمضان يصام بأكمله من أوله لآخره فريضة لله -تبارك وتعالى-.
فلم يستكمل -صلى الله عليه وسلم- صيام شهر كامل إلا شهر رمضان، لكنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكثر من صيام شهر غير رمضان إلا شهر شعبان؛ فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم حتى يُظن أنه لن يفطر؛ من كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم- ويفطر حتى يقال لا يصوم.
كان يكثر من الصيام في هذا الشهر؛ شهر شعبان، وهو شهر الصيام النافلة غير صيام الفريضة الذي يكون في رمضان. وهذا الشهر العظيم يرفع فيه الأعمال إلى الله -عز وجل- فعندما يرفع العمل والإنسان على طاعة.
فإن هذا هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا أقرب لعفو الله وكرم الله سبحانه وبحمده، فكان -صلى الله عليه وسلم- يحب أن يرفع عمله وهو صائم.
ثم إنه في هذا الشهر العظيم ليلة من الليالي الفاضلة وموسم من مواسم العفو إنها ليلة النصف من شعبان، النبي -صلى الله عليه وسلم- يخبر كما في أحاديث متعددة صححها عددٌ من أهل العلم وحسَّنها بعضهم "أن الله -عز وجل- يطَّلِع إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لأكثر أهل الأرض إلا ما كان من مشرك أو مشاحن".
فيا لله .. ما أعظم كرم الله، هكذا العفو يكون!!.. هكذا الرحمة تكون!!..
هكذا الجود من رب الأرباب سبحانه وبحمده.
"الله -عز وجل- يطلع إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان"، وليلة النصف هي ليلة الخامس عشر وهي التي تكون بمغيب شمس اليوم الرابع عشر من الشهر فإذا غابت الشمس يوم الرابع عشر من شعبان أذن آذان المغرب فتلك ليلة النصف من شعبان، تلك ليلة يعفو الله -عز وجل- فيها ويغفر ويرحم ويتكرم على عباده.
وهذا العفو لا يحتاج منك أيها الإنسان إلى كبير عناء؛ فهو عفو من الله -عز وجل-.
الله سبحانه وبحمده الذي بيده مقاليد السموات والأرض.. الله الذي إن سأله الكون كله إنسه وجنّه وقاموا في صعيد واحد وسألوا الله جميعًا في موقف واحد فأعطى كل منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكه شيئًا إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر.
الله -عز وجل- بكرم منه وهو الكريم يعفو ويغفر ويرحم ويتكرم على عباده بالعفو والمغفرة سبحانه وبحمده.
إلا ما كان من مشرك (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [النساء: 48].
أعظم الجرم أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك، فكما كان من هذا المشرك بالله الذي يدعو غير الله، ويرجو غير الله، ويعبد غير الله؛ فإن الله -عز وجل- لا يشمله بالمغفرة في تلك الليلة (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13].
"إلا ما كان من مشرك أو مشاحن"، وفي رواية "أو قاطع رحم"، فسبحان الله .. قطيعة الرحم .. ما أشده من داء!! قطيعة الرحم .. فهدد الله -عز وجل- هؤلاء الذين يقطعون أرحامهم في كتابه العزيز: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22- 23].
فكيف يقطع الإنسان رحمه التي أمر الله بصلتها؟ (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) [النساء: 1]، فكيف تُقطع هذه الرحم الذي أمر الله بصلتها؟!
وأحق مَن يوصل أيها الأحباب الوالدان، الأب والأم، ففضلهما على الإنسان من فضل ومن سابغ نعمة، الأب يتعب ويبذل وينفق من ماله بل إنه ليجود بروحه من أجل ولده، و الأم حملت وأرضعت ونشَّأت وربت والطفل حينذاك لا حول له ولا قوة، فهل يكون الجزاء عقوقًا وعصيانًا؟!
إن حق الوالدين كبير، ويجب على الإنسان أن يقوم ببرهما، وأن يكون تحت قدميهما، وأن يلزم قدميهما فثم الجنة، هذا على مدار العام، وأما في ليلة النصف من شعبان فإن عاقّ الوالدين لا يشمله هذا العفو، وكذلك صلة الأرحام التي أمر الله بصلتها من: الإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، والأجداد والجدات، فكل رحم للإنسان ينبغي أن تُوصَل، وكل قاطع رحم أخلق به أن يُحرَم العفو في موسم العفو "إلا ما كان من مشرك أو مشاحن".
صاحب الشحناء مع المسلمين بل من لم ينقِّ قلبه لإخوانه في الله.. صاحب الغل على المسلمين، صاحب الشحناء مع إخوانه في الله.. فإنه مهدَّد ألا يغفر له في تلك الليلة لما كان في قلبه على إخوانه، ولما أوجد من شحناء في وسط المجتمع المسلم.
فسبحان الله!! .. الله -عز وجل- يعد بالعفو .. ذنوبًا كثيرة كالجبال كلها تمحى، كلها تزول بكرم الكريم، لمن آمن بالله ووحَّد الله، ولمن ترك الشحناء وقطيعة الرحمة وقام ببر الوالدين، وأحسن لعباد الله جميعا؛ إنه الكرم من الله -عز وجل-، فلا تفوتنكم تلك الليلة.
قبل أن تفوت تلك الليلة أخلصوا هذا القلب لله، ونقُّوه على عباد الله؛ من كان بينه وبين والديه شيء فليبادر، ومن كان بينه وبين أرحامه شيء فليبادر, ومن كان بينه وبين إخوانه المسلمين شيء فليبادر, قبل أن تفوت تلك الليلة، فيُحرم العفو من العفو الكريم، أسأل الله -جل وعلا- أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه..
أقول قولي هذا وأستغفر الله...
الخطبة الثانية:
الحمد لله كما ينبغي أن يُحمَد وأصلي وأسلم على النبي أحمد، صلى الله عليه وعلى صحبه ومن تعبد.
أما بعد أيها الأحبة في الله: إنها مواسم تعرض للناس في حياتهم، والله -عز وجل- يقلِّب الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.
أيها الأحبة! خذوا من الأيام عبرة، فها نحن قبل أيام كنا في شهر رمضان العام الماضي، وها هو رمضان يوشك أن يهلّ علينا من جديد، فخذوا من مر الأيام عبرة، واغتنموا مواسم الكرم فإنها إن فاتت لا تعوض، فالفرص الثمينة ما لفواتها من عوض..
وصلوا وسلموا...
التعليقات
زائر
26-03-2021جزاكم الله خيراً
زائر
16-03-2022بارك الله في القائمين على هذا الموقع أفاد الكثيرين