اقتباس
توجهت القطعان الغاضبة الثائرة نحو بيوت علماء أهل السنة وذلك للفتك بهم، وعلى رأس هؤلاء كان بيت الإمام الشوكاني وهو في نفس الوقت قاضي القضاة، وكان وقتها في مجلس علم يشرح فيه نيل الأوطار ومع جماعة من العلماء وطلبة العلم، وحاولوا اقتحام الدار وقتل من فيها، وكذلك فعلوا مع سائر بيوت العلماء ومدارسهم، لولا فضل الله عز وجل وحده، ثم التدخل السريع لإمام اليمن وقتها لهلك الشوكاني ومعه أعيان علماء اليمن في تلك المحنة والفتنة.
لماذا يعادي الحوثيون الحياة؟ لماذا ترتفع أصواتهم منادية بالموت لا بالحياة، بالتدمير لا بالتعمير، بالتقاتل لا بالتعايش، بالتمييز العرقي السلالي لا بالمساواة؟! لماذا يكرهون المساجد والمدارس فيقومون بتفجيرها؟لماذا يعادون العلماء وأهل الحديث وأهل السنّة عموما؟ لماذا يمارسون سياسة الاجتثاث وحرق الحرث والنسل؟ لماذا يقلدون الصهاينة في الاصطفاء العرقي والتهجير والتفجير والاجتثاث لخصومهم ويدّعون أنهم من "آل البيت الأطهار"؟
فمنذ أن ظهرت حركة البعث الحوثي من جديد في اليمن على يد بدر الدين الحوثي في أوساط السبعينيات، والحوثيون يخططون من أجل إعادة حكم الأئمة من جديد في اليمن، معتمدين في سبيل تحقيق هذا الهدف نفس الإستراتيجية والتكتيك الذي اتبعه الصفويون في إيران في أوائل القرن العاشر الهجري، فطمسوا كل شيء له علاقة بالسنة في حملة تطهير وتشييع منقطعة النظير، حتى أن الشاه إسماعيل الصفوي قتل قرابة المليون مسلم سنّي في سبيل إقامة دولته الشيعية بإيران . وحيث أن الحوثية هي امتداد لتلك الحركة والنظام الإيراني الممول، فهي تنحو نفس المنحى في ذلك، ولعلها استشارات إيرانية مقدمة في هذا الخصوص لتشييع المناطق التي يسيطرون عليها بالقوة المفرطة. كما هو تقليد للحركة الصهيونية الاجتثاثية التي حاولت اجتثاث كل ما هو عربي وإسلامي في فلسطين ليحكموا السيطرة على فلسطين إلى الأبد.
فحينما غزا الحوثيون مديرية همدان من محافظة صنعاء الأحد 9/3/2014 قامت مليشياتهم المسماة (أنصار الله) بتفجير دار القرآن الكريم ومدرسة طارق بن زياد في همدان وبيوت مواطنين وسوتها جميعها بالأرض، لم يكن دار القرآن الكريم ومدرسة طارق أول دار للقرآن يتعرض للتدمير الكامل من قبل الحوثيين، فقد سبقته الكثير من مدارس تحفيظ القرآن الكريم ومن المساجد والمدارس العامة في صعدة وعمران.حيث نشرت إحصائية أولية لمراقبين أن 16 مسجدًا ومدرسة فجرها الحوثيون في محافظة عمران، منذ سيطرتهم على المحافظة ومسقط قبيلة حاشد في مديرية خمر في شهر فبراير الماضي، والعدد قابل للزيادة وتمركزت المساجد والمدارس التي فجرها مسلحو الحوثيين معظمها في مديرية حوث إضافة إلى مناطق أخرى متفرقة بمحافظة عمران. وفي تاريخ 29/ 3/ 2014، قام مسلحون حوثيون باقتحام مسجد القعود، الذي يعد أكبر جوامع منطقة الضبر، وهاجموا أبواب المئذنة وكسر الأبواب، واعتلى القناصة المئذنة وتم الاعتداء على نقطة الضبر بقذائف (آر. بي. جي) ورصاصات القناصين المحتلين لمنارة المسجد، مما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف رجال الأمن والمواطنين إلى جوارهم. وفي الثلاثين من ديسمبر نهاية عام 2013 استولى الحوثيون على منطقة كتاف بصعدة وقاموا بتفجير مسجد ودار الحديث فيها الذي كان السلفيون يدرسون فيهما علوم الحديث والقرآن الكريم، ونسفوا المكانين وهم يرددون صرختهم المعروفة، وقبل ذلك اعتدى الحوثيون على دار القرآن الكريم في منطقة عاهم كشر من محافظة حجة في 20/ 12/ 2011، وقصفوه بالأسلحة الثقيلة، واقتحموا المركز وعبثوا بكل محتوياته، كما حولوه إلى مجلس للمقيل والقات، وقاموا بترك القمامة في أروقته وتمزيق إذاعته وإطلاق الأعيرة النارية على شبابيكه وجدرانه والمراوح التابعة له وإطلاق النار على صومعة الجامع، كما قام الحوثيون بإحراق 3000 نسخة من المصحف الشريف، وشوهدت المئات من المصاحف التي كانت بكل غرفة ومرفق من مرافق الدار ممزقة على الأرض.
لماذا يعادي الحوثيون المساجد والعلماء ؟
الحوثيون هم في حقيقة أمرهم امتداد لفكر وعقيدة الحقبة الإمامية البغيضة التي حكمت اليمن لعدة القرون، والبعث الحوثي ما هو إلا إعادة صياغة وترتيب للفقه الإمامي من وجهة النظر الجعفرية ،وفي تاريخ الأئمة منذ مجيئهم مؤسسهم الأول يحيى بن الحسين الرسي، الذي اعتنق مذهب المعتزلة، واتخذ من البطش والتنكيل بالخصوم، عقيدة راسخة وممارسة منهجية لمثل هذه الأعمال، وزاد عليها قطع الزراعات والثمار وحرقها وتخريب مصادر المياه. فقد روى المؤرخون أن الإمام الهادي يحيى بن الحسين تعامل بشدة وقسوة مع الانتفاضات التي قامت ضده، وكان ممن أهم ما تميز به ثقافة وعقيدة الإمامية وربيتها الحوثية، بل إن مساجد أهل السنة والمخالفين للأئمة تعد عندهم مساجد ضرار يجب هدمها ولا حرمة لها، وقد كان من مبررات الحوثي لتفجير مدرسة دار القرآن في همدان والرقص والعبث بالمساجد تخريبها في صعدة وعمران وهمدان أنها "مساجد ضرار"، كما يقول ناطقوهم وأتباعهم . جاء في كتاب المهذب في فتاوى الإمام عبد الله بن حمزة "ومساجد المطرفية والباطنية والمشبهة والمجبرة لا حكم لها ولا حرمة؛ لأنها أسّست على جرفٍ هارٍ وهي مساجد ضرار"، والمشبهة والمجبرة هم أهل السنة ومساجد الضرار هي مساجد الكفار.
وجاء في كتاب المنتزع المختار من الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار في فقه الأئمة الأطهار للعلامة عبد الله بن مفتاح (قال أبو طالب لا يصح الوقف على مساجد المشبهة والمجبرة. وقال ص بالله مساجد المشبهة والمطر فيه والمجبرة لا حكم لها ولا حرمة وأخرب كثيراً منها وسبل بعضها) وهذا الكتاب هو العمدة في الفقه الهادوي، وهو يحكي إخراب الإمام عبد الله بن حمزة للكثير من مساجد أهل السنة و "ص بالله" إشارة إلى الإمام عبد الله بن حمزة.ولم تكن سياسة هدم المساجد من قبل الأئمة لتقتصر على السنة فقط، بل تعداها إلى بعض الفرق الزيدية كالمطرفية الزيدية والشيعية الأخرى كالإسماعيلية مثلاً في همدان وحراز وغيرها.
والمطرفية هم فرقة من الزيدية خالفت الزيدية المخترعة التي يتزعمها الإمام عبد الله بن حمزة في بعض المسائل الكلامية وأبادهم الإمام عبد الله بن حمزة إبادة جماعية وخرب مساجدهم في وقش وسناع وغيرها، وذلك في منتصف القرن السادس الهجري. وقد وصل به التعصب والغلو إلى تكفير كل من لا يتبعه من الزيدية ووسع دائرة التكفير حتى شمل تكفيره جميع المسلمين ما عدا أنصاره حيث يقول: "فقد صح لنا كفر أكثر هذه الأمة " .وفي عصر دولة الإمام شرف الدين وابنه المطهر، في القرن العاشر الهجري، الذي قاد حملات إبادة وتخريب ضد مخالفيه، ونشر المذهب الشيعي بالحديد والنار. وكان المطهر بن شرف الدين قد سعى في خراب مدرسة العامرية وهي من أكبر وأحسن مدارس اليمن، فسلبها محاسنها، بدعوى أنها من آثار كفار التأويل، كما قام علي ابن الشويع والي المطهر على تعز، بفرض "حي على خير العمل" بالقوة. وكان علي بن الشويع والياً للمطهر. وبسبب بطشه وغروره وجبروته وسوء مسلكه مع الناس منذ البداية كونه فرض "حي على خير العمل" بالقوة زاد ذلك الأمر سكان تعز إصراراً على انتظار حسن باشا من زبيد وتمسكاً بشرعية الدولة العثمانية وإيماناً بقوتها". وقد ذبح خمسة آلاف مواطن من تعز لفرض حي على خير العمل.
وبمثل تلك الخطوات من التنكيل وسفك الدماء والخراب سار بقية الأئمة إلى عصرنا هذا وقلدهم الحوثيون في ذلك، حتى بين الأئمة أنفسهم، وهذه الصراعات جعلت الأئمة يقدمون لنا صوراً للمحاربين ونماذج للمقاتلين الذين أسرفوا في القتل وأدمنوا سفك الدماء، ومن تصوير تلك الهمجية، كما جاء في كتاب "خيوط الظلام" لعبد الفتاح البتول، كما عبر عن ذلك الإمام أحمد بن سليمان في شعره بالقول:
ولأقتلنّ قبيلةً بقبيلةٍ *** ولأسلبنّ من العدا أرواحاً
ولأكسونّ الأرض عما سرعةٍ *** نقعاً مثاراً أو دماً سفاحاً
ولأمطرنّ عليهم سهاماً *** تدع البلاد من الدِّم أقداحاً
المتتبع لتاريخ الأئمة منذ نشأتهم وحتى اليوم يجد أنهم ركزوا على الجانب العسكري القتالي، ونشر أفكارهم بقوة الحديد والنار، وبالتالي لم يخلفوا بعدهم معالم عمرانية أو تعليمية تنويرية إسلامية تذكر، كما فعلت الدويلات اليمنية من قبلهم كالصليحية والأيوبية والرسولية والطاهرية،وغيرها.حينما خلت الساحة اليمنية للأئمة وحكموها منذ القرن العاشر الهجري وحتى نهاية دولتهم عام 1962، بل وحتى اليوم، سيطر الأئمة على كامل التراث اليمني بكل مكوناته، ووضعوا أيديهم عليه، حتى اليوم وهم مغروسون في كل أروقة التراث اليمني، يظهرون ما يشاءون ويعملون على تدمير كل ما يقع في أيديهم مما لا يكون موافقاً لهم، ومن ذلك مثلاً عن تغييبهم تراث أبي الحسن الهمداني لسان اليمن ومؤرخها وأديبها، وكذلك مؤلفات العلماء في عصر الدولتين الرسولية والطاهرية ؛ كمؤلفات الخزرجي والملوك الرسوليين أنفسهم ومؤرخي الدولة الرسولية والطاهرية، وبحسب الكثير من مثقفي اليمن، فإنه إلى اليوم لا تزال هذه الأيادي تصر على إخفاء التراث اليمني وخاصة الرسولي والطاهري. ومن أبرز مشاهد الاعتداء الحوثي على العلماء وأهل السنّة في اليمن ما جرى لكبير علماء اليمن ؛ الإمام الشوكاني، والذي تعرض لمحنة شديدة بسبب الرفض والتشيع الإمامي الذي كان عليه الحوثيين.
دور الإمام الشوكاني في قمع بدع الإمامية
بعد وفاة الإمام الصنعاني سنة 1182هـ رفع الزيدية رءوسهم وتكلموا على أهل السنة بكلام شنيع، واختصوا أهل الحديث بالتحرير والتقرير، إذ خلت البلاد لهم من معارض، حتى ظهر علامة الزمان الإمام الشوكاني، فأحيا آمال أهل السنة في قمع البدعة والرفض، وأخذ معول العلم في هدم أساس البدع وقواعدها، وتصدى الشوكاني رحمه الله في بيان بطلان مذهب الزيدية بمؤلفات فريدة وتحقيقات بديعة ونقض أصول المذهب في الفقه والحديث، فألف كتاب السيل الجرار في نقض كتاب حدائق الأزهار وهو كتاب الفقه المعتمد عند الزيدية لا يعرفون غيره، وبيَّن زيف كثير من آرائه وأقواله، ثم ألف كتاب «وبل الغمام» في نقض كتاب شفاء الأوام وهو من أهم كتب الحديث عند الزيدية واستغنوا به عن سائر كتب الحديث المعتبرة، واقتصر مؤلفه على الأحاديث التي رواها بسنده إلى آبائه من أهل البيت، وقد كشف الشوكاني عن كذب معظم أحاديث ذلك الكتاب بالحجج العلمية والدلائل الشرعية، وبذلك يكون الشوكاني قد هدم قواعد المذهب وأساساته، وعندها قام سوق المحن واشتعلت الفتن، وأجلب الزيدية على الرجل بخيلهم ورجلهم من أجل القضاء عليه بشتى الطرق، وقد عانى الشوكاني مع محن كثيرة ليس فقط مع الجهلة والعوام والمتعصبة ولكن مع ممن ينتسب إلى العلم من شيوخه وتلاميذه.
محنة الشوكاني بسبب الصحابة
في سنة 1208هـ ألف العلامة الشوكاني رسالته الشهيرة (إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي) وذكر فيها أقوال أعيان وعلماء أهل البيت وحدهم في الصحابة وعقيدتهم في الترضي عليهم جميعًا، وعندها ثارت ثائرة الرفض في زيدية اليمن وصالوا وجالوا وتعصبوا على الشوكاني وردوا عليه بقرابة العشرين رسالة نقلوها نصًا وحرفًا من كتب الرافضة الإمامية، واشتعل الناس بذلك أيامًا وزاد الشر وعظمت الفتنة.
ومما زاد من تعاظم المحنة والفتنة سكوت أهل العلم على أفعال العامة، وذلك خوفًا على أنفسهم ومناصبهم، وكثير من العلماء هادنوا العامة وداهنوهم، مما أدى إلى تسلط العامة على مقام العلماء بالإهانة والازدراء والاضطهاد، كما أدى ذلك الخذلان وتلك المداهنة لزيادة البدع والفتن، وأيضًا زيادة الضغوط على العلماء العاملين الصادعين بالحق مثل الشوكاني، ولو تكاتف العلماء كلهم على نصرة الحق والجهر به لما قامت للفتنة سوق، ولما تعرض أحد لمقام العلم والعلماء.
ومن جملة المحن والابتلاءات التي أصابت الإمام الشوكاني في ذلك الموضوع قيام بعض أخص تلاميذ الشوكاني بالرد عليه، وهو السيد الحسين الديلمي الذماري وهو فقيه عالم، يعرف الحق والصواب، ولكنه تأثر من شدة الوشايات والسعايات ضد الشوكاني وضغط عليه كثير من العوام من أجل الرد على شيخه، ففعل ذلك وهو من حيث لا يدري قد أثار فتنة جديدة لظن العوام ومن شابههم أن مثل ذلك العالم لم يرد على الشوكاني الذي هو في الأصل شيخه وأستاذه، إلا لأن الشوكاني قد أخطأ في تأليفه ولولا ذلك لم يرد عليه تلميذه.
ثم أخذت المحنة والفتنة زخمًا كبيرًا بقيام أحد شيوخ الشوكاني ومنه تعلم الشوكاني الكثير، قام ذلك الشيخ بتأليف رد كبير على رسالة الشوكاني حشاه بكلام الرافضة الإمامية والمجازفات الباطلة التي يعلم ذلك الشيخ نفسه قبل الشوكاني بأنها أكاذيب باطلة، ولقد حزن الإمام الشوكاني بشدة من فعلة شيخه تلك، ثم اتضح أن السر وراء ذلك خوف ذلك الشيخ من سطوة أحد وزراء الدولة عليه بعد أن هدده وتوعده إن لم يفعل، فآثر ذلك الشيخ رضا الطاغية على قول الحق، فما ضر إلا نفسه التي جنا عليها بالتعرض لمقام الصحابة بالسب والشتم فضلاً عن كتم العلم وخذلان العلماء الربانيين.
محنته مع الحوثي الكبير
الحوثي الكبير هذا رجل من أهل صنعاء كان يجيد علوم المساحة والحساب، لا يعرف غيرها وكان فيه غفلة وجنون يعتريه من وقت لآخر، وأيضًا كان فقيرًا كثير العيال، وقد تسبب هذا الرجل في فتنة عظيمة بصنعاء في شهر رمضان سنة 1216هـ، ومحنة هائلة كاد أن يهلك فيها الإمام الشوكاني وغيره من أهل العلم العاملين.
وكانت بداية المحنة عندما قام بعض أهل الدولة ممن يعتنق الرفض ويتظاهر بذلك مع الجهل المفرط، قام ذلك الخبيث بإقناع «الحوثي الكبير» بإلقاء بعض الدروس في مسجد صلاح الدين، فجلس الحوثي وشرع في إملاء كتاب «تفريج الكروب» وهو في مناقب عليّ رضي الله عنه، ولم يتوقف الحوثي عند شرح الكتاب، بل جاوز ذلك لسب السلف وشتم الصحابة، ووجد ذلك الأمر صدى عند روافض اليمن، فاجتمعوا بالآلاف في المسجد حتى ضاق بهم المسجد، وهم يتجاوبون مع الحوثي في السب والشتم.
أراد الحوثي أن ينتقل بدرسه من مسجد صلاح الدين إلى جامع صنعاء الذي هو مجمع الناس ومحل التعليم والعلماء، وذلك من أجل نشر اللعن والشتم من الفكر الرافضي، فلما بلغ ذلك الأمر إمام اليمن وقتها أصدر أوامره بمنع الحوثي من الجلوس في جامع صنعاء، فلما علمت العوام ثارت غضبتهم ونفخ في نارها شياطين الإمامية وجهلة المتفقهة ومنعوا الناس من صلاة الجماعة، وخرجوا للشوارع وهم ألوف يصرخون باللعن والسب والشتم للصحابة والتابعين وخير القرون.
توجهت القطعان الغاضبة الثائرة نحو بيوت علماء أهل السنة وذلك للفتك بهم، وعلى رأس هؤلاء كان بيت الإمام الشوكاني وهو في نفس الوقت قاضي القضاة، وكان وقتها في مجلس علم يشرح فيه نيل الأوطار ومع جماعة من العلماء وطلبة العلم، وحاولوا اقتحام الدار وقتل من فيها، وكذلك فعلوا مع سائر بيوت العلماء ومدارسهم، لولا فضل الله عز وجل وحده، ثم التدخل السريع لإمام اليمن وقتها لهلك الشوكاني ومعه أعيان علماء اليمن في تلك المحنة والفتنة.
وعلى الرغم من المحن المتتالية على الإمام الشوكاني بسبب تصديه للبدع والضلالات التي روجها الرافضة في بلاد اليمن، إلا أن الشوكاني لم يكف يومًا عن الجهر بالحق والاجتهاد في الدين ونشر العلم ومحاربة التقليد وتأليف الكتب النافعة التي ما زال الناس يتدارسونها فيما بينهم، وقد أزكته المحنة وسبكته الفتن المتتالية حتى صار عود ذهب خالصًا في خدمة الدين وتجديد معالمه.ومن شدة كراهية الحوثيين للإمام الشوكاني أنهم حاولوا نبش قبره وإحراق رفاته في عهد المتعصب الجهول الناصر عبد الله بن حسن المولود سنة 1226هـ، والذي تتلمذ على الإمام أحمد بن علي السراجي والإمام حسين بن علي المؤيدي وغيرهم من أصحاب الزيغ والهوى، لولا تصدي أهل السنّة وعلماء اليمن وقتها لهؤلاء المجرمين لفعلوا فعلتهم الشنيعة .
التعليقات
زائر
01-06-2022جزاكم الله خيرا
سلسلة محن العلماء بها معلومات غزيرة فعلا.