لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا !!!

عبدالله محمد الطوالة

2022-10-07 - 1444/03/11
عناصر الخطبة
1/ المقصد الأكبر هو هدايةُ النَّاسِ إلى الخيرِ والإسلامِ 2/ كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع مخالفيه 3/ براءة أهل السنة من دماء المخالفين 4/ صور من أفعال الروافض الخبيثة في بلاد المسلمين 5/ وجوب المحافظة على الأمن والأمان في بلاد الإسلام.

اقتباس

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا، ونحن لم نفعل شيئاً.. فلسنا من يفجّر.. ولسنا من يقتل على الهوية والاسم.. ولسنا من يُهجّر الناس من بيوتهم وقراهم ومدنهم.. ولسنا من يستخدم البراميل والكيماوي لإبادة المدنين العزل، ولسنا من يهدم المساجد ولا من يذبح الأطفال ولا من يبقر بطون النساء ولا من ينتهك الأعراض..؟! لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا ولسنا من يشكل الميليشيا والحشود الشعبية لحرق الأخضر واليابس..؟! لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا، والكل يعلم أننا عانينا من فئات شيعية متطرفة اعتدت على الحجاج وقتلت الكثيرين وفجّرت بجوار الحرم وقامت بمظاهرات غير سليمة، وعرف من ورائها ومن مولها ودعمها..؟!

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله توالت علينا نعمه، وأحاطت بنا مننه، وحُق علينا حمده وشكره وعبادته، وهو المحمود في عليائه، وهو الإله الحق في أرضه وسمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعالى بعزته وكبريائه، باسمِك نبتدِي، وبهديِك نهتدِي، وبتوفيقك نثبت، وبعونك نستعين..

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخيرته من رسله وأنبيائه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وأتباعه......

 

وبعد: فـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18]،

 

عباد الله، اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوه، وحاسِب نفسَك يَا عبدَ الله قبلَ أن تُحاسَب، ولا تنظُر إلى الهالِك كيفَ هلك، ولكن انظُر إلى الناجي كيف نجا، ولا تمتدَّ بك حبالُ الأمانِي والغرُور، فالعمُر قصير، والأجَل محدود، والناقِد بصير، وموقفُ العَرض على الله عَسير، إلاَّ على من يسَّره الله عليه، (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) [الحج: 47]..

 

واعلَموا أن للقبور وحشةً أُنسُها الأعمالُ الصالحة، وبها ظُلمةٌ يُبدِّدُها تدارُك المواسم السانِحة، فلا تغُرَّنَّكم الحياة الدنيا، ولا تُلهيَنَّكم عن الآخرة، واعلموا أن الذي يُسابِقُ في الملذَّات لن يرقَى في سُلَّم الطاعات.. (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133].

 

عباد الله: لقد عاشَ النَّبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- في مكةَ ثلاثَ عشرةَ سنةً بينَ المُشركينَ.. وعاشَ في المدينةِ عشرَ سنينَ معَ اليهودِ والمشركينَ والمنافقينَ.. جاورهم وخالطهم، وتعايش وتعامل معهم، فكان أعظمَ وأعدلَ مُجتمعٍ حوى مُعايشةً بينَ المسلمينَ وغيرِهم من الطوائف المخالفة.. فحُقَّ على كلِّ مسلمٍ أن يتعلمَ من رسولِه وقُدوتِه كيفَ كان يتعاملُ مع غير المسلمينَ..

 

لنعلمْ ابتداءً يا عبادَ اللهِ..أن الغايةَ العظمى، والمقصود الأسمى الذي كانَ يحملُه قلبُ الرسولِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- هو هدايةُ النَّاسِ إلى الحقِّ..

 

فعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- يَضَعُ وَضُوءَهُ وَيُنَاوِلُهُ نَعْلَيْهِ، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: "أَسْلِمْ"، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- وَهُوَ يَقُولُ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ"..

 

ما معنى هذه الزِّيارةِ من الإمامِ الأعظمِ؟.. وما معنى هذا الفرحِ بغلامٍ يهوديٍّ أسلمَ؟.. أليسَ ترجمةً فعليَّةً لقولِه تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107].

 

وقبلها أليس قد عرض عليه ملك الجبال أن يطبق جبلي مكة والطائف على مشركيها فيخلصه منهم دفعة واحدة، أليست فرصة لا تتكرر، فلما قال -صلى الله عليه وسلم- "بل أتأنى بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم..".

 

يا أهلَ الإيمانِ.. لقد كانتْ الآياتُ تتنزلُ على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلمَ- فيتلُوها على المؤمنينَ.. وفيها قولُها تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة: 51].

 

وفي المُنافقينَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)[النساء: 144- 145].

 

وفي المُشركينَ: (وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) [التوبة: 3].

 

بل خاطبَه ربُّه عزَّ وجلَّ بقولِه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التوبة: 73].

 

وهنا يأتي السُّؤالُ: كيفَ ترجمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هذه الآياتِ في تعاملِه مع أصنافِ المُخالفينَ؟..كيفَ نجمعُ بينَ هذه الآياتِ وبينَ سيرتِه المُباركةِ؟.. فهو لم يقتلْ بيديه الشَّريفةِ إلا مشركًا واحداً وهو أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وفي ساحةِ الجِهادِ يومَ أُحدٍ.. بينما قبل الفدى لأَسرى المشركينَ.. وربطَ ثُمامةَ بنَ أُثالٍ وهو مُشركٌ في المسجدِ ثلاثةَ أيامٍ ثم أطلقَه.. واستقبلَ اليهودَ والنَّصارى في مسجدِه.. ودعا للمشركينَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وَائْتِ بِهِمْ".. وأجابَ دعوةَ اليهودِ.. وقبلَ هديةَ الكُفَّارِ.. وأهدى إليهم.. وتصدَّقَ عليم.. وماتَ ودرعُه مرهونةٌ عندَ يهوديٍ..

 

وحين أَعْطَى الراية لعَلِيَّ -رضي الله عنه- قَالَ له: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ".. تذكيرٌ بأنَّ المقصدَ الأكبرَ هو هدايةُ النَّاسِ إلى الخيرِ والإسلامِ والجِنانِ.. وليسَ تعجيلَهم إلى النَّارِ وحرقهم وحز رقابهم..

 

بل إنه -صلى الله عليه وسلم- تركَ قَتلَ من يستحقُّ القتلَ من المُنافقينَ المرتدين الذين نص القرآن على كفرهم بقوله: (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [التوبة: 66] فترك قتلهم قائلا: "لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ"..

 

فكيفَ بمن يقتلُ ويحرقُ ويُفجِّرُ في بلادِ المُسلمينَ.. فيموتُ المسلمُ والمنتسبُ إلى الإسلامِ والمُعاهدُ والمُستأمنُ.. ثُمَّ تُصورُ هذه المشاهدُ باحترافيَّةِ عجيبةٍ.. فَتُنشرُ ويراها النَّاسُ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها.. وليتحدثُ النَّاسُ أن المسلمينَ يقتلونَ الأبرياءَ؟.. وأن الإسلام دين وحشية وهمجية وسفك دماء.. فهل بعد هذا من تشويهَ لصورةِ الإسلامِ وأهلِه.. وهل فوق هذا صدٌّ للنَّاسِ عن سبيل الله؟!

 

ورغم اختلافنا الكبير مع الشيعة..عقدياً وفكرياً وفقهياً واجتماعياً.. لكننا نرفض رفضاً قاطعاً القتل والتفجير في الحسينيات وفي غيرها من الأماكن.. ونحن أبعد ما نكون عن هذا التفجير أو الرضا به فضلاً عن دعمه أو تمويله.. وعليه فلا داعي للمزايدات علينا، واتهام مناهجنا وعلمائنا وخطابنا الديني..

 

وحق لنا أن نتساءل، لماذا كلما حصل تفجيرٌ في مكان ما يتحتم علينا أن نقدم فروض الاعتذار والتنصل؟ ولماذا مع كل حدث إرهابي يبدأ الهجوم على علمائنا ودعاتنا وخطبائنا وخطابنا الديني وتتهم توجهاتنا ومناهجنا الشرعية ومقرراتنا الدراسية، وكأننا مسئولون عن كل حدث إرهابي في هذا العالم؟ لماذا توصف ثقافتنا السنية بالتطرف والعدائية ونشر الكراهية والطائفية؟

 

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا، ونحن لم نفعل شيئاً.. فلسنا من يفجّر.. ولسنا من يقتل على الهوية والاسم.. ولسنا من يُهجّر الناس من بيوتهم وقراهم ومدنهم.. ولسنا من يستخدم البراميل والكيماوي لإبادة المدنين العزل، ولسنا من يهدم المساجد ولا من يذبح الأطفال ولا من يبقر بطون النساء ولا من ينتهك الأعراض..؟!

 

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا ولسنا من يشكل الميليشيا والحشود الشعبية لحرق الأخضر واليابس..؟!

 

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا.. والكل يعرفُ أن من يقومُ بذلك فئاتٌ تحسب علينا وهي ليست منا، ونحن أول من اكتوى بنارها وأول من حاربها وعادها ولا نزال أكبر من يتصدى لها وينشر قوائم المطلوبين منها..؟!

 

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا، والكل يعلم أننا عانينا من فئات شيعية متطرفة اعتدت على الحجاج وقتلت الكثيرين وفجّرت بجوار الحرم وقامت بمظاهرات غير سليمة، وعرف من ورائها ومن مولها ودعمها..؟!

 

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا ونحن وهم على حد سواء قد عانينا من الجماعات السنية المتطرفة، وزدنا عليهم أننا وحدنا فقط من يعاني من الجماعات الشيعية المتطرفة..؟!

 

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا، وجميع الجماعات السنية المتطرفة مطاردة ومرصودة في قوائم المطلوبين دولياً وكلهم مجرَّمون بجريمة الإرهاب.. وتقوم طائرات التحالف الغربي باقتناصهم في أي مكان ترصدهم فيه.. حتى لو كان في وسط الأسواق أو بين التجمعات المدنية.. بينما الجماعات الشيعية المتطرفة على العكس من ذلك، تدعم ولا تجرَّم ولا تضرب، وليس في قوائم الإرهاب العالمية جماعة شيعة واحدة منها، رغم كل ما يفعلونه في العراق والشام واليمن ولبنان..؟!

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا ومرجعية الجماعات الشيعية المتطرفة هم آيات قم وطهران كالخميني والخامنئي والسيستاني؟ ومن ينكر هذا أو يشكك فيه فليراجع الصور واللافتات التي تعلقها تلك الجماعات في مسيراتها وبياناتها.. بينما نعلم ويعلمون أن مرجعيات الجماعات السنية المتطرفة هم شذاذ طلاب العلم ممن عرف بفكره التكفيري الشاذ، وخروجهم البين على إجماع علماء الأمة، بل إنهم يكفرون كبار علماء الأمة ويترصدون لقتلهم..؟!

 

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا، والكل يعلم أن الجماعات الشيعية المتطرفة تتبناها وتمولها وتدربها إيران وأتباع وحلفاء إيران.. وهي جماعات تقوم على منهج واضح ومعلن يقوم على تصفية الآخر واجتثاثه من الوجود، وشعاره المعلن لبيك يا حسين..؟!

 

لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا.. وليس لدينا أحزاب عسكرية وميليشيات مسلحة كتلك التي في العراق أو لبنان أو اليمن، والتي تخصصت لقتل السنة وحرق مساجدهم وتهجيرهم من قراهم ومدنهم، وتعذيبهم على الهوية والاسم ويا مصيبة من كان اسمه عمر..؟!

 

يا معشر الشيعة: نحن نرفض التفجير والتهجير وندينه ونحاربه ونطارد فاعليه، نحن نرفض وننكر بالليل والنهار كل ما تفعله داعش ومن قبلها القاعدة والجماعات السنية المتطرفة ذات المنهج نفسه، فهل ترفضون أنتم وتنكرون ما فعله ويفعله سيد المقاومة في سوريا؟! هل ترفضون وتنكرون ما تفعله طائرات بشار في قرى وبيوت المدنيين من أهل السنة فقط وطوال أربع سنوات متتالية؟! هل ترفضون وتنكرون ما تفعله ميليشيات الحشد الشعبي في العراق ومن قبلها كتائب العباس وفيلق القدس وميليشيات بدر طوال السنوات العشر الماضية؟!. هل ترفضون وتنكرون ما فعله ويفعله الحوثي من تهجير ومصادرة قرى أهل السنة باليمن الشقيق خلال السنوات الخمس الماضية؟! هل ترفضون وتنكرون ما فعلته وتفعله إيران بأهل السنة في إيران طوال الأربعين سنة الماضية؟! هل ترفضون وتنكرون ما فعله ويفعله رجال الحرس الثوري وقاسم سليماني..

 

هل ترفضون وتنكرون صور رموز إيران وحسن نصر الله والحوثي التي تعلق في البيوت والحسينيات وتستخدم كثيراً في حشودكم ومظاهراتكم..؟!

 

أليس يتحتم عليكم إنكار كل ذلك ورفضه.. أكثر مما يتحتم علينا.. أم أنكم توافقون وتؤيدون ما يقومون به ويفعلونه بالمدنيين من أهل السنة..

 

فإن لم تفعلوا فلا أقل من أن تكفوا عنا جشاءكم.. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8]..

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وكفى..

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاعلَمُوا أَنَّ أَهلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ هُم أَرحَمُ الخَلقِ بِالخَلقِ، وَهُم أَصدَقُهُم وَأَصدَعُهُم بِالحَقِّ، وَأَنآهُم عَنِ الغَدرِ وَأَبعَدُهُم عَنِ الخِيَانَةِ، وَهَم أَوفَى النَّاسِ لأَولِيَاءِ أُمُورِهِم، وَأَشَدُّهُم لَهُم طَاعَةً في المَعرُوفِ، وَأَكثَرُهُم حُبًّا لَهُم وَإِشفَاقًا عَلَيهِم، وَهُم أَرأَفُ النَّاسِ بِالنَّاسِ، وَأَكثَرُهُم إِنكَارًا لِلقَتلِ وَسَفكِ الدِّمَاءِ بِغَيرِ حَقٍّ، وَأَشَدُّهُم تَحذِيرًا مِن تَروِيعِ المُؤمِنِينَ أَوِ الغَدرِ بِالآمِنِينَ وَالمُستَأمَنِينَ، دِينًا يَدِينُونَ بِهِ اللهَ، وَعَقِيدَةً يَربِطُونَ عَلَيهَا قُلُوبَهُم، وَصِرَاطًا مُستَقِيمًا عَلَيهِ يَلقَونَ رَبَّهُم.

 

مُنطَلِقِينَ في ذَلِكَ مِن مِثلِ قَولِهِ - تَعَالى -: (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) [النساء: 107]، وَقَولِهِ - سُبحَانَهُ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمرِ مِنكُم) [النساء: 59]، وَقَولِهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: (وَمَن يَقتُلْ مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 92]، وَقَولِ رَسُولِنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في المُتَّفَقِ عَلَيهِ: "مَن أَطَاعَنِي فَقَد أَطَاعَ اللهَ، وَمَن عَصَاني فَقَد عَصَى اللهَ، وَمَن يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَد أَطَاعَنِي، وَمَن يَعصِ الأَمِيرَ فَقَد عَصَاني".

 

وَقَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ: "مَن قَتَلَ مُؤمِنًا فاغتَبَطَ بِقَتلِهِ لم يَقبَلِ اللهُ مِنهُ صَرفًا وَلا عَدلاً"، وَقَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ: "لَزَوالُ الدُّنيَا أَهوَنُ عِندَ اللهِ مِن قَتلِ رَجُلٍ مُسلِمٍ"، وَقَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ: " مَن قَتَلَ مُعَاهَدًا لم يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ".

 

تِلكَ عَقِيدَةُ أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، عَلَيهَا في هَذِهِ البِلادِ نَحيَا وَنَمُوتُ، وَبِفَضلِ التَّمَسُّكِ بها عِشنَا في أَمنٍ وَأَمَانٍ وَمَحَبَّةٍ وَاطمِئنَانٍ , وَمَا زَالَ عُلَمَاؤُنَا وَدُعَاتُنَا يَدعُونَ لِطَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَأَولي الأَمرِ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالعُلَمَاءِ، وَيُنَادُونَ بِتَوقِيرِهِم وَالالتِفَافِ حَولَهُم، وَيَعلَمُونَ أَنَّهُ لا صَلاحَ لِدِينٍ إِلاَّ بِطَاعَةِ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، وَلا قِيَامَ لِدُنيا إِلاَّ بِطَاعَةِ وُلاةِ الأَمرِ، بِذَلِكَ يُحفَظُ الدِّينُ وَالنُّفُوسُ، وَتُصَانُ الأَعرَاضُ وَالأَموَالُ، وَبِهِ تُقَامُ الحُدُودُ وَتُؤمَّنُ السُّبُلُ, وَيَنتَصِفُ المَظلُومُ مِنَ الظَّالمِ، وَتُؤَدَّى الحُقُوقُ إِلى أَهلِهَا، وَيُدعَا إِلى سَبِيلِ اللهِ وَتُعمَرُ المَسَاجِدُ بِطَاعَتِهِ , وَيَفشُو المَعروفُ ويَقِلُّ المُنكَرُ، وَتَستَقِرُّ أَحوَالُ النَّاسِ في الاقتِصَادِ وَالمَعِيشَةِ وَالتِّجَارَةِ، وَفي التَّعلِيمِ وَالزِّرَاعَةِ وَالصِّنَاعَةِ.

 

وَأَمَّا الفِتَنُ، فَهُم يَتَعَوَّذُونَ مِنهَا كَمَا تَعَوَّذَ مِنهَا إِمَامُهُم وَنَبِيُّهُم - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَيَرَونَ أَنَّ مِنَ الوَاجِبِ الابتِعَادَ عَنهَا وَالنَّأيَ عَن مَوَاطِنِهَا، لِعِلمِهِم أَنَّهَا إِذَا وَقَعَت أكَلَتِ الأَخضَرَ واليَابِسَ , وَعَمَّتِ الصَّالِحَ والطَّالِحَ , وَصَارَ النَّاسُ كُلُّهُم في أَمرٍ مَرِيجٍ.

 

اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوطَانِنَا، وَأَصلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَاجعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَن خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ العَالمينَ.

 

المرفقات
لماذا-نضطر-للدفاع-عن-أنفسنا-.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life