عناصر الخطبة
1/هل أنت مستعد للقاء الله؟ 2/معنى لقاء الله 3/الشوق للقاء الله وكراهية الموت 4/أقسام الناس عند لقاء الله تعالى 5/كيفية الاستعداد للقاء الله تعالى.

اقتباس

هل أفاجئُكَ بسؤالٍ؟ هل أنتَ مستعدٌّ للقاءِ اللهِ؟ نعم! هل أنتَ مستعدٌّ للقاءِ اللهِ؟ هل لو قيلَ لكَ: تموتُ الآنَ، فهل أنتَ على استعدادٍ للقاءِ اللهِ؟! (فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ)، (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ)، أتدري ما معنَى لقاءِ اللهِ؟! معناهُ أنك تُقابِلُ اللهُ -جلَّ جلالُه- وتراهُ، ويكلمُك...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

 أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا (اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)[البقرة: 223].

 

يا عبدَ اللهِ: هل أفاجئُكَ بسؤالٍ؟ هل أنتَ مستعدٌّ للقاءِ اللهِ؟ نعم! هل أنتَ مستعدٌّ للقاءِ اللهِ؟ هل لو قيلَ لكَ: تموتُ الآنَ، فهل أنتَ على استعدادٍ للقاءِ اللهِ؟! (فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ)[السجدة:23]، (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ)[الروم:8].

 

أتدري ما معنَى لقاءِ اللهِ؟! معناهُ أنك تُقابِلُ اللهُ -جلَّ جلالُه- وتراهُ، ويكلمُك -سبحانَه-، ويدخلُك الجنةَ، فترى أمَك وأباكَ اللذَينِ ماتا، ترى أحبَتك الذينَ سبقُوك للدارِ الآخرةِ، وتجالسُهم بالجنةِ وتتبادلونَ السلامَ بينكم: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا)[الأحزاب:44]. فيا لَجَمال ذلكَ اللقاءِ!، ويا لجلالِه!. فنسألُك ربَنا أن تُلحقَنا بتلك الرفقةِ، وأن تجعلَنا من خيرِ فرقةٍ.

 

(مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[العنكبوت:5]؛ وإن كلَ مؤمنٍ يرجُو لقاءَ اللهِ، لكنه يكرهُ الموتَ، فهل هذانِ يتعارَضانِ؟!

 

خذِ الجوابَ من الصادقِ المصدوقِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ"؛ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ؟! قَالَ: "لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ، وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ. (صحيح البخاري 6507، وصحيح مسلم 2683).

 

فـ"لِقَاءُ اللَّهِ عَلَى نَوْعَيْنِ: لِقَاءٌ مَحْبُوبٌ وَلِقَاءٌ مَكْرُوهٌ؛ فَصَارَ الْمُؤْمِنُ يُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ، وَصَارَ الْكَافِرُ يَكْرَهُ لِقَاءَ اللَّهِ"(مجموع الفتاوى: 6/462 - 482).

 

قِيْلَ لأَبِي حَازِمٍ: كَيْفَ الْعَرْضُ عَلَى اللهِ غَدًا؟ فَقَالَ: "أَمَّا الْمُحْسِنُ كَالْغَائِبِ يَقْدِمُ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَّا الْمُسِيءُ فكَالْآبِقِ يُقْدَمُ بِهِ عَلَى مَوْلَاهُ"(حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 3/ 234).

 

فليكنْ موعدُ لقاءِ اللهِ منكَ على بالٍ، ليكونَ للخيراتِ دافعًا، وعن المنكراتِ رادعًا. امْرَأَةٌ عَابِدَةٌ قَدِمَ قَرِيبٌ لَهَا مِنْ سَفَرٍ طَوِيْلٍ، فَجَعَلَتْ تَبْكِي، فَقِيلَ لَهَا: لَيْسَ هَذَا وَقْتَ بُكَاءٍ! فَقَالَتْ: "لَقَدْ ذَكَّرَنِي قُدُومُ هَذَا الْفَتَى يَوْمَ الْقُدُومِ عَلَى اللَّهِ"(البداية والنهاية ط هجر (13/ 608).

 

أيُها المؤمنُ الراجي لقاءَ ربهِ: أَبْشِرْ. ويا مَن أصابتهُ أمراضٌ مستعصيةٌ: أبشرْ؛ فإنك تَقْدَمُ على مَن هو أرحمُ بك من والدَيكَ. قيل لأعرابيٍ وقد مرِضَ: إنكَ تموتُ! قال: وإذا مِتّ فإلى أينَ يُذهبُ بي؟ قالوا: إلى اللهِ! قال: فما كراهَتي أن يُذهبَ بي إلى مَن لم أرَ الخيرَ إلا منه؟! (العقد الفريد 4/ 27).

 

عَادَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فَقَالَ سُفْيَانُ: يَا أَبَا سَلَمَةَ أَتُرَى يَغْفِرُ اللهُ لِمِثْلِي؟ فَقَالَ حَمَّادٌ: "وَاللهِ لَوْ خُيِّرْتُ بَيْنَ مُحَاسَبَةِ اللهِ إِيَّايَ وَبَيْنَ مُحَاسَبَةِ أَبَوَيَّ لَاخْتَرْتُ مُحَاسَبَةَ اللهِ عَلَى مُحَاسَبَةِ أَبَوَيَّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- أَرْحَمُ بِي مِنْ أَبَوَيَّ. (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 6/ 251).

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلامًا على النبيِّ المصطفَى.

 

 أما بعدُ: فلقائلٍ أن يقولَ: كيفَ أستعدُ للقاءِ اللهِ يومَ القيامةِ؟! والجواب: انظرهُ في قولِ ربِنا –سبحانَه-: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)[الكهف110].

 

مَن أرادَ الاستعدادَ للقاءِ اللهِ فليُلازِم كل يومٍ الاستغفارَ والتوبةَ من جميعِ الذنوبِ، وليندمْ، وليعزمْ، وليتداركْ ما فاتَه من الصالحاتِ، وليُردَّ المظالمَ والحقوقَ لأهلِها: (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[الحجرات11].

 

أتريدُ بشارةً عظيمةً، يسوقُها لك البشيرُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ربِهِ الكريمِ –سبحانَه- حيث يقولُ: "كُلُّكُمْ مُذْنِبٌ إِلاَّ مَنْ عَافَيْتُ، فَمَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى الْمَغْفِرَةِ فَاسْتَغْفَرَنِي غَفَرْتُ لَهُ وَلاَ أُبَالِي"(سنن الترمذي: 2495).

 

من أرادَ الاستعدادَ للقاءِ اللهِ فليُحسنْ للضعفاءِ والمساكينِ، وخذْ هذهِ القصةِ المؤثرةِ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَقَالَ:

يَا عُمَرَ الْخَيْرِ جُزِيتَ الْجَنَّهْ ... اكْسُ بُنَيَّاتِي وَأُمَّهُنَّهْ... أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّهْ

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ يَكُونُ مَاذَا؟ قَالَ: إِذًا أَبَا حفصٍ لأذهبنه. قَالَ: فَإِذَا ذَهَبْتَ يَكُونُ مَاذَا؟ قَالَ: تَكُونُ عَنْ حَالِي لِتُسْأَلَنَّهْ ... يَوْمَ تَكُونُ الأَعْطِيَاتُ مِنَّهْ

وَالْوَاقِفُ الْمَسْئُولُ بَيْنَهُنَّهْ ... إِمَّا إِلَى نارٍ وَإِمَّا جَنَّهْ

فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى أُخْضِلَتْ لِحْيَتُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلامُ أَعْطِهِ قَمِيصِي هَذَا، لِذَلِكَ الْيَوْمِ لَا لِشِعْرِهِ، أَمَا وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُ (الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي: ص: 304).

 

فاللهم يَا خَيْرَ الْمَسْؤولِينَ، وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ: أحسِنْ ختامَنا، وقدومَنا عليكَ، واجعل خيرَ أيامَنا يومَ نلقاكَ.

 

اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنا بِدُعَائِكَ أشَقِياء، وَكُنْ بِنا رَءُوفًا رَحِيمًا. اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ.

 

اللهم احفظْ دينَنا وبلادَنا ونفوَسنا وأمنَنا وحدودَنا وجنودَنا، وقادَتَنا. اللهم احفظ ووفقْ وسدِّدْ وليَ أمرِنا ووليَ عهدِه لهُداكَ، واجعلْ عمَلَهما في رضاكَ.

 

نستغفرُ الله الحي القيوم ونتوب إليه. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

 

اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life