عناصر الخطبة
1/ وصية نبوية عظيمة بالزهد في الدنيا وعدم الركون إليها 2/ الحذر من سطوة الدنيا 3/ كن في الدنيا كأنك غريب 4/ أعظم ما يصد الناس عن الآخرة 5/ خطورة الغفلة عن الآخرة 6/ مفاسد الخلل في فهم حقيقة الدنيا 7/ الحث على ترتيب الأولويات في الحياة.اهداف الخطبة
اقتباس
إن من الناس من يحوز الأموال الكثيرة، لكنه في حقيقة الأمر محروم من الانتفاع بها في الدنيا والآخرة، وهذا في الحقيقة بمثابة الحارس لهذه الأموال، نعم يحرسها للورثة طيلة حياته إلى أن يموت، فإذا مات انتقلت هذه الأموال للورثة، وأخذوها غنيمة باردة، ولربما لم يحمدوه عليها. ولعلكم سمعتم عن قصص أناسٍ ملكوا ثروات كثيرة، وكانوا في حياتهم مقترين على أنفسهم وأهليهم، فماتوا وتركوا تلك الثروات وخلّفوها للورثة، فما استفاد هؤلاء من هذه الثروات؟! حرموا منها أنفسهم في الدنيا والآخرة، لورثتهم اغتنامها وعليهم حسابها، والسعيد من وُعظ بغيره.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الولي الحميد المبدئ المعيد الفعّال لما يريد، الذي تفرد بكل كمال وجلال؛ فهو الغني المجيد، حذر عباده من الاغترار بالدنيا وقدم إليهم بالوعيد.
أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله -تعالى- بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فبلّغ الرسالة وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، ما من خير إلا دلّ أُمته عليه، وما مِن شَرّ إلا حذرها منه؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون حق التقوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
عباد الله: أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك،/ ومن حياتك لموتك".
وصية عظيمة من النبي -صلى الله عليه وسلم- بالزهد في الدنيا، وعدم الركون إليها "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، الغريب هو الذي يكون في البلد وليس له مسكن يؤويه، وعابر السبيل هو المارّ على الطريق طالبًا وطنه.
فأوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يكون العبد في هذه الدنيا كالغريب، ثم قال: "أو عابر سبيل"؛ لأن الغريب قد يسكن في بلد الغربة بخلاف عابر السبيل القاصد لبلد بعيد؛ فإن من شأنه ألا يقيم، بل هو مستعجل على المسير حتى يصل للبلد الذي قصده.
قال بعض أهل العلم: "والمراد أن يُنزِل المؤمن نفسه في الدنيا منزلة الغريب، فلا يعلق قلبه بشيء من بلد الغربة، بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع إليه، ويجعل إقامته في الدنيا ليقضي حاجته وجهازه للرجوع إلى وطنه، وهذا شأن الغريب، أو يكون كالمسافر لا يستقر في مكان بعينه، بل هو دائم السير إلى بلد الإقامة".
يا لها من وصية عظيمة! ويا لها من موعظة بليغة! من منا أيها الإخوة مَن يعتبر نفسه في الدنيا كالغريب أو كعابر السبيل؟! الله المستعان.
نجد في هذا الزمان من يقطع أرحامه من أجل خلاف على لعاعة من الدنيا.
عباد الله: وقد انتفع ابن عمر -رضي الله عنهما- بهذه الوصية البليغة وهذه الموعظة العظيمة، فكان يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".
قال بعض أهل العلم: "كلام ابن عمر منتزع من الحديث المرفوع، وهو متضمن لنهاية قصر الأمل، وأن العاقل ينبغي له إذا أمسى ألا ينتظر الصباح، وإذا أصبح ألا ينتظر المساء، بل يظن أن أجله مُدركه قبل ذلك".
"وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء"، أي: إذا أصبحت فافترض أنه ربما يأتيك الموت قبل حلول المساء، وهكذا إذا أمسيتَ فافترض أنه ربما يأتيك الموت قبل الصباح، فيتحرى العبد الموت في كل حين، ويقصر أمله في هذه الدنيا، ومن كانت هذه حاله فلا شك أنه سيزهد في الدنيا، وسيقبل على ما ينفعه في الآخرة.
قال بعض السلف: "إذا أردت أن تنفعك صلاتك فصلّ صلاة مودع"، أي اعتبر هذه الصلاة التي تصليها كأنها آخر صلاة تصليها في الدنيا.
وقول ابن عمر: "وخذ من صحتك لمرضك" أي: بادر أيام صحتك بالعمل الصالح، فإن المرض قد يطرأ فلا يتمكن الإنسان من العمل، والإنسان إذا مرض ضاقت نفسه ولم يتيسر له أن يعمل على نحو ما كان يعمل وهو صحيح.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "فلا يعارض ذلك الحديث الصحيح "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا"؛ لأنه ورد في حق مَن يعمل، والتحذير الذي ورد في حديث ابن عمر في حق مَن لا يعمل؛ فإنه إذا مرض ندم على فوات العمل، وأعجزه مرضه عن العمل؛ فلا يفيده الندم".
وقوله: "ومن حياتك لموتك" أي: بادر زمن حياتك قبل الموت؛ لأن الإنسان في حال الحياة بإمكانه أن يعمل، الإنسان في حياته بإمكانه أن يتوب، الإنسان في حياته بإمكانه أن يتدارك، بإمكانه أن ينيب إلى ربه، أما إذا مات فقد انتقل من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، إذا مات انقطع عمله إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
ذكر البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: "ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة؛ فكنوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل".
ومر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالمقابر فوقف عليها قليلاً فقال: "السلام عليكم أهل الديار الموحشة والمحالّ المقفرة، أنتم لنا سلف، ونحن لكم تبع، وبكم عما قليل لاحقون"، ثم دعا لهم وقال: "يا أهل القبور أما الزوجات فقد نُكحت، وأما الديار فقد سُكنت، وأما الأموال فقد قُسمت؛ هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟، ثم التفت إلى أصحابه فقال: "أما إنهم لو تكلموا لقالوا: وجدنا خير الزاد التقوى".
وأخرج البخاري في صحيحه عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟"، قالوا: يا رسول الله, ما منا أحد إلا ماله أحب إليه, قال -صلى الله عليه وسلم-: "فإن ماله ما قدم , ومال وارثه ما أخر".
ففي هذا الحديث يبيّن الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- أن مال الإنسان الحقيقي الذي ينتفع به في الآخرة ليس هو المال الذي يخلفه للورثة؛ فإن هذا مال الوارث وليس مالاً له.
إن من الناس من يحوز الأموال الكثيرة، لكنه في حقيقة الأمر محروم من الانتفاع بها في الدنيا والآخرة، وهذا في الحقيقة بمثابة الحارس لهذه الأموال، نعم يحرسها للورثة طيلة حياته إلى أن يموت، فإذا مات انتقلت هذه الأموال للورثة، وأخذوها غنيمة باردة، ولربما لم يحمدوه عليها.
ولعلكم سمعتم -أيها الإخوة- عن قصص أناسٍ ملكوا ثروات كثيرة، وكانوا في حياتهم مقترين على أنفسهم وأهليهم، فماتوا وتركوا تلك الثروات وخلّفوها للورثة، فما استفاد هؤلاء من هذه الثروات؟! حرموا منها أنفسهم في الدنيا والآخرة، لورثتهم اغتنامها وعليهم حسابها، والسعيد من وُعظ بغيره.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:6].
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والحكمة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
عباد الله: إن من أعظم ما يصد الناس عن الآخرة ويجعلهم يتعلقون بالدنيا "الغفلة"، نعم الغفلة عن الآخرة يعيش الإنسان في ذهول لاهيًا رافضًا ومن كانت هذه حاله فإنه لا يوفّق لعمل صالح؛ لأنه نسي الله، فأنساه نفسه، والله -تعالى- يقول: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:19].
إن من نسي الله -تعالى- فإن الله -تعالى- يُنسِيه نفسه، فلا يوفّق لما فيه الخير وسعادة نفسه في الدنيا والآخرة، ويقول الله سبحانه: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ) [ص: 45- 47].
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "قال مجاهد: (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ)، أي جعلناهم يعملون للآخرة، ليس لهم هم غيرها. وكذا قال السدي: ذكرهم للآخرة فلا يذكرون إلا الآخرة".
قال مالك بن دينار: "نزع الله -تعالى- من قلوبهم حبّ الدنيا وذكرها، وأخلصهم بحب الآخرة وذكرها".
قال أحد السلف: "عجبت لمن يحزن على نقصان ماله، ولا يحزن على نقصان عمره، وعجبت لمن الدنيا مدبرة عنه، والآخرة مقبلة عليه، كيف يشتغل بالمدبرة ويعرض عن المقبلة؟"!
عباد الله: ينبغي للمسلم أن ينظر للحياة الدنيا النظرة الصحيحة، وأن ينظر للمال النظرة الصحيحة، أقول هذا لأن هناك من الناس ينظر للدنيا نظرة غير صحيحة عندما يُرى غفلتهم ولهثهم وراء جمع حطامها؛ كأنهم مخلَّدون في هذه الدنيا، وربما بعضهم عندما يأتي بالواجبات يجعلها أمرًا ثانويًّا أو هامشيًّا، ربما لا يصلي أحيانًا وإن صلى فاتته الصلاة أو أخرّها.
ومن النظرة الصحيحة أن يكون هناك مراعاة للأوليات، وتقديم الأهم على المهم، ولهذا أخبر الله –عز وجل- عن خسارة من لها بماله وولده عن ذكر الله –عز وجل-، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المنافقون:9].
فهؤلاء الذين أخبر الله -تعالى- عن خسارتهم إنه خلل في مسألة الأولويات، وما الذي ينبغي أن يقدم وما الذي ينبغي أن يؤخر فهم قدموا أموالهم وأولادهم، فجعلوا لها الأولوية، فألهتهم عن ذكر الله، وأخروا ذكر الله -تعالى- فجعلوه أمرًا هامشيًّا فكان من نتيجة هذا أن ألهتهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله، وكانت النتيجة أنه من الخاسرون: (لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المنافقون: 9].
عباد الله: إن الإنسان مهما عاش في هذه الدنيا فلا بد في النهاية، لا بد من لقاء الله –عز وجل-، (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) [الانشقاق:6]، ومهما نال من مُتَع فلابد في النهاية أن يلقى ربه -عز وجل- وأن ينتقل من هذه الدار الفانية، أن ينتقل من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، أن ينتقل إلى دار الجزاء والحساب.
وينسى الإنسان كل ما مرّ به في هذه الدنيا من متع أو من بؤس، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ، هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ وَهَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ".
سبحان الله! هذان الرجلان أحدهما أكثر أهل الدنيا ترفًا وتنعمًا منذ أن خلق الله آدم إلى قيام الساعة، لكنه من أهل النار، فعندما يُصبَغ في النار صبغة، ويُسأَل هذا السؤال: هل رأيت نعيما في الدنيا؟ هل رأيت ترفًا؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي نعيم قط ولا رأيت خيرا قط.
وأما الرجل الثاني فهو أشد الناس بؤسًا في الدنيا لا أحد أكثر بؤسًا ولا شدة منه في هذه الدنيا منذ أن خلق الله آدم إلى قيام الساعة، لكنه من أهل الجنة، وعندما يُغمَس في الجنة يصبغ في الجنة صبغة يقال له: يا ابن آدم هل مر بك شدة قط؟ هل مر بك بؤس قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا مرت بي شدة قط.
أي أن الإنسان ينسى كل ما مر به في هذه الدنيا من ترف وتنعم أو من بؤس وشدة، ولا يبقى للإنسان إلا العمل الصالح، العمل الصالح هو الكنز الحقيقي الذي ينبغي أن يسعى إلى الإنسان، هو الكنز الذي يرتبط بالإنسان في حياته ومماته.
نعم إن من استقام على طاعة الله -عز وجل- فإنه يسعد السعادة العظيمة في الدنيا والآخرة، هل رأيت أحدًا استقام على طاعة الله وندم؟ لا والله، إن من يطع الله -عز وجل- ومن يستقم على طاعة الله -عز وجل- ينال الخير والرفعة والسعادة في الدنيا والآخرة، (وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:71]، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل:97].
ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير؛ فقد أمركم الله سبحانه فقال -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]، اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
التعليقات