اقتباس
الناس اليوم بحاجة إلى الدعوة إلى الله أكثر من أي زمن مضى؛ لكثرة الفساد والمفسدين، وقلة الصلاح والمصلحين، وسرعة سريان الشر إلى النفوس بفعل سرعة وسائل الإعلام والتواصل...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله -تعالى- على هدى وبصيرة ميراث النبوة، لا يقوم بها إلا خيرة الأمة وشامتها، الذين سمت أنفسهم ليكونوا ورثة الرسل في وظيفتهم، والقائمين في العباد بتبليغ دعوتهم.
وهذه الوظيفة المنيفة فضلها كبير وشرفها خطير، قال الله -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت:33].
عن الحسن البصري -رحمه الله-: أنه تلا هذه الآية: فقال: "هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، هذا خليفة الله".
ولا ريب أن الناس اليوم بحاجة إلى الدعوة إلى الله أكثر من أي زمن مضى؛ لكثرة الفساد والمفسدين، وقلة الصلاح والمصلحين، وسرعة سريان الشر إلى النفوس بفعل سرعة وسائل الإعلام والتواصل.
ولكن بحمد الله فإن مجالات الدعوة اليوم متسعة يستطيعها الإنسان في كل الأحوال: يدعو أباه وأمه وإخوته وأخواته، وزوجته وأولاده، ومن اتصل به من أقاربه وجيرانه وزملائه وخلانه.
يدعو دعوة فردية أو جماعية (خطبة، درس، محاضرة، خاطرة، كلمة) ، يدعو بمنشور أو رسالة أو تذكير بخير، أو بمقطع صوتي أو مرئي، أو غير ذلك.
ولما كانت الدعوة إلى الله لها فضل عظيم، وأثر في النفس والناس كبير احتاج الدعاة إلى معالم منيرة في هذا الطريق الشريف، تنير دربهم، وتشحذ هممهم، وتثبتهم على هذا السبيل رغم كل الزعازع.
وقد اخترت أن يكون هذا الموضوع في قواعد دعوية من نصوص قولية نبوية؛ لما لها من أثر في التوجيه وقوة الدلالة.
وقد صغت القاعدة وذيلتها بدليلها الحديثي، وتكلمت عن مضمونها بكلام يسير يعين على الاسترشاد بها والعمل بمقتضاها في سبيل الدعوة إلى الله -تعالى-.
وها هي على النحو الآتي:
القاعدة الأولى: "الأمور بمقاصدها".
دليلها: عن عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، قال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- عَلَى المِنْبَرِ يقول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى"(متفق عليه).
قال الخطابي -رحمه الله-: "وقوله: "إنما الأعمال بالنيات" لم يرد به أعيان الأعمال؛ لأنها حاصلة حسًا وعيانًا بغير نية، وإنما معناه: أن صحة أحكام الأعمال في حق الدين إنما تقع بالنية، وأن النيات هي الفاصلة بين ما يصح منها وبين ما لا يصح، وكلمة "إنما" عاملة بركنيها إيجابًا ونفيًا، فهي تثبت الشيء وتنفي ما عداه، فدلالتها أن العبادة إذا صحبتها النية صحت، وإذا لم تصحبها لم تصح، ومقتضى حق العموم منها يوجب أن لا يصح عمل من الأعمال الدينية أقوالها وأفعالها إلا بنية".
إن الدعوة إلى الحق عمل من الأعمال الصالحة التي تحتاج إلى نية خالصة وحسن قصد وصدق توجه، وهذا إذا تحقق كان سبيل التوفيق فيها، وإذا تخلف حضر الخذلان والتعثر، قال ابن الجوزي: "وإنما يتعثر من لم يخلص".
فيا أيها الداعي: اجعل توجهك للدعوة ابتغاء وجه الله، لا لرغبة في النفس، أو لطلب مصلحة دنيوية، أو وظيفية تؤديها لعائد مالي، أو طاعة لآمر.
ويعينك على هذا:
أ- الدعاء بإخلاص النية.
ب- التطلع إلى ما عند الله لا إلى ما عند الناس.
ج- قراءة سير الدعاة المخلصين.
فإذا عبدت طريق دعوتك بإخلاص نيتك أثمر لك ذلك:
أ- الثواب الوفير.
ب- التوفيق الكبير.
ج- حصول الأثر الدعوي الكثير.
القاعدة الثانية: "بلغوا عني ولو آية".
دليلها: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو-رضي الله عنهما-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً"(رواه البخاري).
قال الكوراني -رحمه الله-: "قيل: أراد آية من آيات القرآن، وإذا وجب تبليغ الآية مع كون القرآن محفوظًا بحفظ الله؛ لقوله تعالى: (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر:9] فتبليغ الحديث من باب الأولى، والأحسن أن يحمل على أعم منه؛ فإن الآية لغة: العلامة، أي: بلِّغوا وإن كان علامة، أو إشارة صادرة عني، وفيه مبالغة وحثٌّ على نقل الحديث، ويؤيده سائر النصوص، كقوله: "رحم الله امرءًا وعى مقالتي وأداها كما وعاها" ".
فالدعوة إلى الله: بنصيحة أو تعليم أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر كل ذلك من التبليغ عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال بعضهم: "بلغوا": هذا تكليف.
وقوله: "عني": تشريف.
وقوله: "ولو آية": تخفيف.
فالبلاغ عن رسول الله قيام بطاعته، والقائم بذلك نائب عنه، وهذا البلاغ حسب المقدور عليه.
القاعدة الثالثة: "سيرة الداعية تعين على نجاحه".
دليلها: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)[الشعراء: 214]، صَعِدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ" -لِبُطُونِ قُرَيْشٍ- حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: "أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا (متفق عليه).
وفي رواية مسلم: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا.
قال الطيبي: "أي: ما ألقينا عليك شيئًا من الأخبار مجربين إياك إلا وجدناك فيه صادقًا".
وقَالَتْ خَدِيجَةُ -رضي الله عنه- -لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غار حراء أول ما بدأ الوحي، وقال: "لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي" فقالت-: "كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ"(متفق عليه).
قال القاري: "أرادت أنك ممن لا يصيبه مكروه؛ لما جمع الله فيك من مكارم الأخلاق، ومحاسن الشمائل، وفيه دلالة على أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع السوء".
من خلال هذين النصين نستشف كون سيرة الداعي قبل دعوته لها أثر في تصديقه وتوفيقه، فنبينا -عليه الصلاة والسلام- زينه الله قبل البعثة بخلال حسنة وشمائل عذبة كان لها أثرها الطيب في تصديق مَن صدقه، بل إن بعض من شاقه لم يكن ذلك منه إلا حسداً أو كبراً أو تقليداً، أو خوفًا على مكانته، وأما هو في قرارة نفسه فإنه لا يشك في صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
حتى قال النضر بن الحارث لقريش: "قد كان محمد فيكم غلامًا حدثًا؛ أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم: ساحر!!، لا والله ما هو بساحر".
فأنت -أيها الداعي- قبل أن تدعو الناس أحسن علاقتك بالله، وأحسن معاملة الناس، ووطن لك موضع حمد في القلوب، وصيتٍ حسنٍ في الأسماع؛ فسيرتك الحسنة هي القاعدة الراسخة التي تستطيع بها بناء التأثير في المدعوين. وهي المنطلق الآمن والمصباح المنير الذي يضيء لك الطريق إلى نفوس الناس.
أما ذو السيرة السيئة إذا توجه إلى دعوة الناس فإنه يواجه بالصد؛ فهو وإن قال: اتقوا الله وافعلوا كذا ولا تفعلوا كذا؛ فإن سمعته غير الحميدة عندهم تقول: لا تصدقوه؛ فإنه إلى أمس كان على كذا وكذا، يعني من السوء.
القاعدة الرابعة: "معرفة واقع المدعوين من مهمات الداعين".
دليلها: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: "إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ"(متفق عليه).
قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: "لعله للتوطئة والتمهيد للوصية باستجماع همته في الدعاء لهم؛ فإن أهل الكتاب أهل علم، ومخاطبتهم لا تكون كمخاطبة جهال المشركين، وعبدة الأوثان في العناية بها".
ففي هذا الحديث الذي يوصي فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- داعيه معاذاً بوصايا دعوية جامعة؛ يبين له أن البيئة الدعوية بيئة أهل كتاب تحتاج أن يعرفها معاذ -رضي الله عنه- ليستعد لها؛ ليعرف كيف يدعو أهلها.
وهذا يفيد الداعي أهمية معرفة واقعه الدعوي، فليس كل أسلوب يناسب كل واقع وأهله.
فمن المهم أن يعرف الداعي واقع جهته الدعوية:
فيدري الواقع المكاني، والواقع الزماني، والواقع الثقافي، والواقع المالي (فقراء، أغنياء)، والواقع الديني (مسلمون، وثنيون، أهل كتاب)، والواقع المذهبي بشقيه: العقدي-والفقهي. حتى يستعد استعدادًا علميًا وفكريًا، ونفسيًا وأسلوبيًا.
القاعدة الخامسة: "يسروا ولا تعسروا بشروا ولا تنفروا واتفقوا ولا تختلفوا".
دليلها: عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ -أبي موسى الأشعري-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا"(متفق عليه).
قال القاضي عياض -رحمه الله-: "فيه ما يجب الاقتداء به من التيسير في الأمور، والرفق بالنَّاس، وتحبيب الإيمان إليهم، وترك الشدة والتنفير لقلوبهم، لا سيما فيمن كان قريب العهد به".
وقال النووي -رحمه الله-: "وفي هذا الحديث الأمر بالتبشير بفضل الله وعظيم ثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته، والنهي عن التنفير بذكر التخويف وأنواع الوعيد محضة من غير ضمها إلى التبشير، وفيه تأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليهم".
هذه القاعدة النبوية تهدي إلى دستور الدعوة الهادي إلى حسن عرض الدعوة على الناس من غير غلو ولا تعسير ولا تنفير ولا خلاف بين الداعين؛ فالدعوة الناجحة تقوم على التيسير في التعليم والتكاليف وقبول ما تيسر من التزام الناس وانقيادهم.
وتقوم على التبشير للكافر والعاصي بالغفران والحياة السعيدة في ظل الإسلام والتوبة وحسن العوض لمن فقد شيئًا بإسلامه وتوبته. وبالمقابل هي تقوم على البعد عن تعسير طريق التوبة، وعن تنفير الناس بالوعيد الشديد الذي لا تفتح معه نوافذ للأمل؛ لأن بعض العصاة إذا هاله الوعيد قد يستصغر التوبة أمام عظم ذنوبه وكثرتها.
كما أن القاعدة ترشد إلى التطاوع والتوافق بين الدعاة إذا كانوا في مكان دعوي واحد، وتسد عنهم باب الخلاف والتنافر والشقاق المفضي إلى ترك الدعوة وصد الناس عن قبولها، فكم من خلاف جرى بين الدعاة أضر الدعوة كثيراً، ومنع ناسًا من اتباعها، حتى يقول بعضهم: لو كانوا على الحق لما اختلفوا وتصارعوا!.
القاعدة السادسة: "التدرج في الدعوة نجاح لها".
دليلها: حديث ابن عباس السابق، وفيه: "... فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ، فَأَخْبِرْهُمْ...الخ".
قال ابن الملقن -رحمه الله-: "ومعنى حديث معاذ في ترتيب ما يدعوهم إليه أنهم إن جحدوا واحدة من ذلك لم يكونوا مؤمنين، ولم يبين إن امتنعوا ما يكون حكمهم".
إن التدرج قاعدة حياتية في شؤون كثيرة في الخلق والتربية والتعليم والمداواة وغير ذلك، وقد جاءت شريعة الله في عدد من الأحكام متدرجة. ومن ذلك الدعوة؛ فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أرشد معاذاً -رضي الله عنه- إلى أول ما يبدأ به في دعوة الناس وهو التوحيد، ثم رتب له بعد ذلك الأحكام واحداً تلو الآخر.
والغاية من التدرج الدعوي: حتى تقبلها النفوس وتحدث الأثر الحسن فيها.
والدعوة إلى الله تحتاج إلى التدرج من الداعي في أشياء عديدة، منها:
أ-التدرج في الموضوعات التي تطرح على المدعوين.
فالأصول قبل الفروع، وما فشا فيهم قبل ما ندر، وما كثر قبل ما قل، وما عظم خطره قبل ما قل، وما كثر المؤيدون للداعي في إنكاره على ما كثر معارضوه فيه.
ب-التدرج في أساليب خطاب المدعوين: الترغيب ثم الترهيب، التلميح، ثم التصريح.
ج-التدرج في علاج الأخطاء في بيئة المدعوين.
ومن الآثار الحسنة للتدرج الدعوي:
أ- ترك مواجهة الداعي وصده في أول دعوته.
ب- القدرة على الإقناع، قبول الدعوة.
القاعدة السابعة: "إنما الدعوة بالأناة والتؤدة".
دليلها: عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ لعلي -رضي الله عنه-: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ" قال ذلك-عليه الصلاة والسلام- بعد أن قال علي -رضي الله عنه-: "يَا رَسُولَ اللهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟"(متفق عليه).
قال الكرماني -رحمه الله-: ""انفذ على رِسْلك"؛ أي: امْضِ على رفِقك ولينك، والرِّسل - بكسر الراء - السير اللين والهينة".
إن الدعوة إلى الله تطلب الهدوء والرفق، ولا تريد العجلة والعنف؛ فالنفوس البشرية لا تقبل الحق بسرعة، كما لا توافق عليه إذا وصل إليها على مركب العنف.
وتكون الأناة في:
أ- عرض الدعوة.
ب- معالجة أخطاء البيئة.
ج- معاملة المدعوين.
د- محاججة المجادلين والتعامل مع المعادين.
هـ- انتظار النتائج الحسنة للدعوة.
ومن آثار العمل بهذه القاعدة:
أ- تقليل خصوم الدعوة.
ب- الإعانة على قبولها، ولو بعد حين.
وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ"(رواه مسلم).
التعليقات