عناصر الخطبة
1/كثرة نكبات المسلمين وتتابعها والنضرة الصحيحة لها 2/القدس وفلسطين قضية المسلمين الأولى 3/بعض صفات اليهود وأخلاقهم السيئة 4/محادثة السلام المزعومة 5/فضل المسجد الأقصى ومكانته 6/وجوب إعداد العدة لتحرير القدس وبعض صور ذلكاهداف الخطبة
اقتباس
إن من خلل التوازن عندنا، هو: أننا نتحمس لقضية معينة فترة من الزمن، ثم يأتي قضية أخرى، والقضية الأولى ما زالت قائمة، ولم تذهب، فننساها تماماً، ونتجاهلها تماماً، وكأن لم يحصل شيء، وننشغل بالثانية، ثم تأتي الثالثة، فننسى الثانية، أما الأولى فقد صارت نسياً منسياً، وهكذا، مع أن...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله...
أما بعد:
إن الجهاد الإسلامي على أرض الشيشان اليوم قدم بطولات وتضحيات، ونماذج فريدة، وقد أظهر الله -جل وتعالى- على أيدي المجاهدين من الكرامات الشيء الكثير، والمسلمون في بلاد العالم كله قد تفاعلوا مع القضية بشكل جيد، فهناك من قدم مساعدات مالية، وهناك من قدم مساعدات عينية، وهناك من ذهب بنفسه إما لتقديم علاج أو تعليم، أو حتى الجهاد إن كان قادراً، وهذا هو الدور المؤمل من المسلمين في هذه القضية وغيرها.
وبحمد الله -تعالى- فإن الروس قد دُحروا وأصابهم من الخسائر ما نسأل الله -تعالى- أن يزيدها، وأن يهلكهم وكل من عاونهم من اليهود والنصارى، وغيرهم.
أيها المسلمون: إن القضية الشيشانية ليست أول قضية تمر بالمسلمين في سنواتها الأخيرة، فقد سبقها قضايا كثيرة، والله أعلم ما يحمله المستقبل من حوادث وأحداث، لكن الذي أردته من هذه الخطبة، هو أن لا ننسى في خضم هذه الأحداث، وتتابع القضايا، قضية المسلمين الأولى، وهي القدس.
إن القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين الأولى، ويجب أن تكون هي الأولى حتى يقضي الله من أمره ما يريد، ولا يعني هذا إهمال أو إغفال القضايا الأخرى.
إن من خلل التوازن عندنا، هو: أننا نتحمس لقضية معينة فترة من الزمن، ثم يأتي قضية أخرى، والقضية الأولى ما زالت قائمة، ولم تذهب، فننساها تماماً، ونتجاهلها تماماً، وكأن لم يحصل شيء، وننشغل بالثانية، ثم تأتي الثالثة، فننسى الثانية، أما الأولى فقد صارت نسياً منسياً، وهكذا، مع أن الأصل أن يكون هناك توازن واعتدال في كل القضايا، ولا نغلب جانباً على جانب.
جاءت قضية أفغانستان، وتحمست الأمة كلها، وهبوا من كل فج عميق، وبذلوا أموالاً خيالية في القضية الأفغانية، ونسوا فلسطين تماماً إلا من رحم الله، وكأن لم تكن هناك قضية، وصار الاتجاه نحو أفغانستان، حتى أن كثيراً من شباب الأمة من مختلف البلدان ذهبوا بأنفسهم، واستنزفت دماء على تلك الجبال، وفي تلك الهضاب، وفعلاً حققت الأمة أشياء كثيرة، وظهرت طاقات.
ثم جاءت قضية البوسنة، ونسي الناس أفغانستان تماماً، وكأن الأمور قد انتهت هناك، وانشغل الناس بما يجري على أرض البلقان، وصار جمع التبرعات لتلك الجهات، أما فلسطين فلم تعد تذكر.
واليوم تأتي القضية الشيشانية، وكأن الأمر يتكرر تماماً، الكل متفاعل جداً مع القضية، وهذا شيء جيد ومطلوب، لكن أين التوازن؟ وأين ما يسمى بفقه الأولويات؟.
صحيح أن الأحداث المتلاحقة في السنوات الأخيرة والآلام والجراحات التي أصابت الأمة، صار يرقق بعضها بعضها، والمسلم أصبح لا يدري إلى أين يلتفت، هل يتابع أحوال المسلمين في الصومال، وما يواجهون وكيف يظلمون؟ أم يسأل عن المسلمين في المغرب والجزائر وما حولها من الدول هناك؟ أم ينتقل إلى الشرق ويتابع آخر الأحداث في الفلبين وكشمير والهند وما يحصل هناك؟ لكن مع كل هذا، فالتوازن والاعتدال واجب ومطلوب، ولا ينبغي أن نقدم المهم على الأهم.
أيها المسلمون: إن قضية القدس، واحتلال اليهود للأراضي المقدسة والمسجد الأقصى، هي قضية العالم الإسلامي الأولى، ويجب أن تكون هي الأولى.
فيا أيها المسلمون: إن لكم إخوانا مسلمين في تلك البلاد مازالوا يكافحون ويدافعون عن أعراضهم ونساءهم، وهناك الكثير المحافظون على دينهم، وهناك -ولله الحمد- صحوة إسلامية مباركة، دبت في نفوس أبنائها، رغم كل الكيد، ورغم كل التعتيم، ورغم كل الصد، إلا أن الخير باقٍ، والخير ينتشر، والحمد الله.
أيها الأحبة في الله: لقد طغى الصهاينة، وعثوا وداسوا ولوثوا، ولكن العزة لله ورسوله وللمؤمنين، والذل والصغار والمسكنة لمن غضب الله عليهم، ولعنهم، وجعل منهم القردة والخنازير، وعبد الطاغوت، نقضوا العهود والمواثيق، حرفوا الكلم عن مواضعه، سماعون للكذب أكالون للسحت، ملعونون على ألسنة أنبياء الله ورسله، يريدون في الأرض علواً وفساداً، يوغلون فيها عتواً واستكباراً، استعدوا أمم الأرض، ولم يكن لهم فيما اغتصبوه من حق، ولكن تآمر قوى الكفر على أمة الإسلام تجزئة وتقسيماً وتفرقة وتدميراً.
لقد أكدت الأحداث وأثبتت الوقائع أنهم لا ينصاعون لمساومات، ولا يصدقون في محادثات، الخيانة خلقهم الكذب ومطيتهم الدسائس في السراديب المظلمة، وإني لأتصور أن عمل السراديب كان هذا قديماً، فهم الآن ليسوا في حاجة إلى سراديب أو عمل خلف الكواليس؛ لأنهم يعلمون بأنه ليس أمامهم أحد، فقد تمكنوا ممن حولهم، وكل من كان فيه غضبة لدين، أو نخوة، فإن إبر التخدير قد عملت فيه دورها.
إنه لا حل لهذه القضية، وكل قضية يكون العدو الكافر طرفاً فيها إلا برفع راية الجهاد، والمواجهة بالمثل، وإلا فالذلة.
إنه حقاً على الأمة: أن تربيها التجارب والوقائع، وتصقلهم الابتلاءات والمحن، إن الأمر كله لله، بيده مصائر الأمور، وكل شيء يجري في طريقه المرسوم، حتى يبلغ أجله المحتوم، إما موت وإما قتل، أمر لا مفر من ملاقاته: (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً * أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ)[النساء: 77 - 78].
إنك لتعجب كيف يرضى بالذل؟ وكيف يرضى بالقعود من يملك، وسائل الجهاد والبذل، لا يذودون عن حرمة، ولا ينتصرون لكرامة، ولا يستشعرون صغاراً ولا ذلة؟
لا بد أن نعلم -أيها الأحبة- بأن وراء حب الدعة، وإيثار السلامة، سقوط الهمة، وذلة النفس، وانحناء الهامة، والتنكص عن المواجهة، كيف تحلو الحياة لمن يضيع دياره؟!
وإذا ضاع الحمى ذهبت، كل التضحيات خسارة.
أيها المسلمون: وفي هذه الأيام زادت محادثات السلام، والحديث عنه، واجتماعات سرية، وأخرى علنية بين فلان وفلان، ولعلكم تشعرون أن كثرة طرق وسائل الإعلام على هذه القضية أصبحت وكأنها مسلمة، وأنه لا حيلة ولا وسيلة مع اليهود سوى السلام، ووراء تنفيذ هذا المخطط الولايات المتحدة، والتي كانت تساند القضية قديماً من وراء ستار أصبحت اليوم تعلنها دون حياء ولا خجل.
ولعل آخرها: إعلانها عن نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وهو اعتراف دوليٌ منها على أن القدس لليهود، وليست للمسلمين، ولكن لن يكون ذلك بإذن الله -عز وجل-.
سلوا فلسطين إن رمتم بها خبراً *** قد استبيحت بها الأعراض والحَرَم
عز الذهاب إلى مسرى النبي بها *** فمن أراد ذهاباً فالطريق دم
سلوا بلاداً بلبنان التي طُعنت *** أين المواثيق والهدنات والذمم؟
أمن يهودٍ تريدون السلام لكم؟ *** أين السلام وهم ليست لهم قيم
فالشر منطقهم والغدر شيعتهم *** والخبث ديدنهم إن العُداة هم
هذا الزمان عجيب لست أفهمه *** أرجاؤه ظُلم من فوقها ظُلم
إني أرى أمتى قد أبحرت سفهاً *** بلا سفين وموج البحر يلتطم
فنسأل الله -عز وجل- أن يعجل فرج هذه الأمة، وأن يرينا الحق حقاً...
الخطبة الثانية:
الحمد لله...
لقد ذكر الله بيت المقدس في كتابه في مواضع عدة، وجاء فضل المسجد الأقصى في غير ما حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى-: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً)[البقرة: 58].
والقرية، هي بيت المقدس كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره، وقال عز وجل: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)[الإسراء: 1].
وقال عز وجل: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ)[المائدة: 21].
إلى غير ذلك من الآيات.
وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله: "أي مسجد وضع في الأرض أولاً؟ قال: "المسجد الحرام" فقلت: يا رسول اللهثم أي؟ "قال: ثم المسجد الأقصى" قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة".
وعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أتيت بالبراق وهو دابة أبيض، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة التي تربط الأنبياء، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت"[رواه مسلم].
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا"[رواه البخاري ومسلم].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أن سليمان سأل الله ثلاثاً، فأعطاه اثنتين وأرجو أن يكون أعطاه الثالثة: سأله أن يحكم بحكم يواطئ حكمه فأعطي، وسأله أيما عبد أتى بيت المقدس لا يريد إلا الصلاة فيه أن يكون خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه"[رواه النسائي وابن ماجة بسند صحيح].
فنسأل الله -عز وجل- أن يعجل بفرج بيت المقدس، وأن يرزقنا الصلاة فيه، وأن يقضي على من منع المسلمين من ذلك، وهو يوم قادم لا محالة: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود"[أخرجه البخاري ومسلم].
وفي رواية أخرجها البزار في مسنده بإسناد حسن: "أنتم شرقي النهر وهم غربيه".
فكأن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- حدد تماماً موضع المعركة، وهذا من علامات نبوته -عليه الصلاة والسلام- وبما أخبر به من علم الغيب الذي سيقع في المستقبل، فهذا أمر لا شك فيه عندنا.
لكن هل نبقى هكذا نجلس ونضع أيدينا حتى يأتي هذا اليوم، فإنا لم نؤمر بهذا، بل أمرنا ببذل الأسباب وأخذ العدة.
ومن العدة: مساعدة المسلمين هناك الآن، بالمال والدعاء، فإن لكم إخواناً متمسكين بدينهم في تلك البلاد، يعيشون تحت وطأة يهود، يعانون أموراً لا يعلم بها إلا الله، وهم بحاجة إلى دعمكم ودعائكم.
ومن العدة: أن تكون القدس هي قضيتنا الأولى حتى تتحرر، وأن نقدمها على غيرها من القضايا، وأن نشعل نحن هذه القضية دائماً.
ومن العدة: إحياء روح الجهاد في الأمة، فإن أمةً بلا جهاد أمة ذل ومهانة.
ومن العدة: أن نتعرف على أخلاق اليهود من خلال آيات القران الكريم، وأن نعرف بأن اليهود هم اليهود لم ولن يتغيروا، وأن جميع الدول النصرانية الكافرة في صفهم، وإن أبدوا لنا ابتسامة صفراء.
ومن العدة: أن لا ننسى قضايا المسلمين الأخرى، وأن نتفاعل معها كلها في الوقت المناسب، وبالقدر المناسب، وقضيتنا الساخنة الآن هي قضية الشيشان، ولله الحمد في كل يوم يحقق المجاهدون انتصارات، وما تزال عملياتهم التفجيرية تثمر -بإذن الله- كان آخرها تفجير حافلة للقوات الروسية أهلك الله فيها عدداً منهم، وهكذا يسوق الله عذابه المهين للجنود الروس على يد المجاهدين من تفجير إلى تفجير.
فنسأل الله -تعالى- أن ينصرهم، وأن يكبت عدوهم...
اللهم رحمة اهد...
التعليقات