اقتباس
وكثر التأليف في مسائل العقيدة بالحق والباطل، وظهرت الفرق الباطنية، وازداد ضلال الفرق الشيعية، وظهرت فرقة الإباضية، وانتشر التصوف، وكثرت الطرق الصوفية، وظهر الغلاة في جميع الفرق والمذاهب، وكثر...
قد ذم -سبحانه- التفرق والاختلاف في الدين، ونهى عن جميع الطرق والأسباب المؤدية إليه، وجاءت النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية تحذر من التفرق والاختلاف، وتبين سوء عاقبته؛ قال الله -تعالى-: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[آل عمران: 105 - 107]، وقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[الأنعام: 159].
فالمسلمون دينهم واحد، ويجب أن يكونوا أمة واحدة؛ كما قال -تعالى-: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)[المؤمنون: 52، 53].
وقد أوصى الله جميع الأمم بإقامة الدين الذي أنزله الله على أنبيائه، وعدم التفرق فيه، وبيَّن أن التفرق وقع من الناس مع وجود العلم بسبب البغي والظلم؛ قال الله -تعالى-: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ * وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ)[الشورى: 13- 14].
فكيف ظهرت الفرق في الإسلام؟ ومتى ظهر التفرق في الدين بين المسلمين؟ كان المسلمون في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- قائمين بدين الإسلام بلا تفرق ولا اختلاف تضاد محرَّم، وإن وقع بينهم اختلاف أفهامٍ أو تنوع، وكذلك كانوا في عهد الخليفتين الراشدين أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، ثم بعد مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حدث أول اختلاف وشقاق بين المسلمين، وبدأ ظهور الشيعة والخوارج في عهد الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
ثم ظهرت بدعة النواصب مقابل بدعة الشيعة، وظهرت بدعة المرجئة مقابل بدعة الخوارج، وحين ظهرت بدعة القدرية، قابلها بدعة الجبرية، فكثير من البدع قديمًا وحديثًا يكون ظهورها ردة فعل مقابل بدعة أخرى، ويكون الحق غالبًا بينهما.
وحين تنازع الناس في مسألة إخراج العمل الصالح عن مسمى الإيمان، وحكم مرتكب الكبيرة، فقال الخوارج: هو كافر، وقالت المرجئة: هو كامل الإيمان حدثت فرقة المعتزلة الذين وافقوا الخوارج في القول بتخليد أصحاب الكبائر في النار، إلا أنهم ابتدعوا القول بالمنزلة بين المنزلتين، فلا يسمون صاحب الكبيرة مؤمنًا ولا كافرًا، وإنما يقولون: هو في منزلة بين المنزلتين، وكثر الكلام بالآراء والأهواء في تأييد هذه البدع المختلفة المخالفة لِما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم وأصحابه-.
ثم في أواخر عصر التابعين حدث القول بخلق القرآن، ونفي الصفات الإلهية، والقول بتأويل استواء الله على العرش بمعنى استولى، وأول من أظهر هذه الأقوال الجعد بن درهم الحراني ثم الدمشقي (توفي نحو: 118 هـ)، شيخ الجهم بن صفوان السمرقندي (ت نحو: 128 هـ)، الذي تُنسب إليه فرقة الجهمية.
وحين تُرجِمت كثير من كتب فلاسفة اليونان إلى اللغة العربية تأثر أهل البدع بالفلسفة اليونانية، وانتشرت مقالة الجهمية، وظهر بشر بن غياث المريسي البغدادي (ت: 218هـ) الذي نصر مذهب الجهمية، ومن أشهر تلاميذه: القاضي أحمد بن أبي دؤاد البصري ثم البغدادي (ت: 240هـ)، أعظم دعاة الجهمية الذين سعَوا في فتنة خلق القرآن.
ثم ظهر عبدالله بن سعيد بن كُلَّاب البصري (ت: 243 هـ)، فردَّ على الجهمية في قولهم بخلق القرآن، وابتدع القول بأن كلام الله كلام نفسي قائم بذات -سبحانه-، وأن الله لا يتكلم حقيقة بما شاء متى شاء.
ثم ظهر في البصرة أبو علي الجبائي الحنفي (ت: 303 هـ)، إمام المعتزلة، وشيخ أبي الحسن الأشعري، وحين تبين لأبي الحسن الأشعري (ت: 324 هـ) بطلان عقيدة المعتزلة تاب منها، ورد على المعتزلة، وقال بمقالة ابن كُلَّاب في الكلام النفسي، وانتسب إلى السنة، ووافق السلف في غالب مسائل الاعتقاد، واشتهر أمره أولًا في البصرة وبغداد، ثم تطور المذهب الأشعري بواسطة كثير من أعلام الأشاعرة من الشافعية والمالكية، وظهر في سمرقند أبو منصور الماتريدي الحنفي (ت: 333 هـ)، وانتسب إليه الماتريدية من الحنفية.
وكثر التأليف في مسائل العقيدة بالحق والباطل، وظهرت الفرق الباطنية، وازداد ضلال الفرق الشيعية، وظهرت فرقة الإباضية، وانتشر التصوف، وكثرت الطرق الصوفية، وظهر الغلاة في جميع الفرق والمذاهب، وكثر الخلاف والجدال والخصام في مسائل الاعتقاد وغيرها، وتكلف المتكلمون الخوض فيما لم يتكلم فيه السلف الصالح، بل صرح كثير من المتكلمين بأن طريقتهم أعلم وأحكم من طريقة السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وأدخل بعض المصنفين بدعَ أهل الكلام فيما صنفوه في التفسير وعلوم القرآن، وعلوم الحديث، وشروحه، وأصول الفقه، والله المستعان.
وهذه الخلافات الكثيرة فيها تصديق لقول -سبحانه-: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)[هود: 118، 119].
وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بوقوع الخلافات الكثيرة في أمته، ودلنا على المخرج منها باتباع القرآن الكريم وسنته؛ ففي مسند أحمد (23282) وسنن أبي داود (4246) من حديث حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصاه عند الفتن بتعلم القرآن الكريم واتِّباعه، قال: "يا حذيفة، تعلَّم كتاب الله، واتَّبِع ما فيه"؛ قالها ثلاث مرات، وهي وصية لجميع الأمة، فإن القرآن يهدي للتي هي أقوم، فمن تعلمه وتدبره واتَّبعه، اهتدى.
وفي الحديث الصحيح عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرَفت منها العيون، ووجِلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"؛ (رواه أبو داود (4607) وغيره).
فهذه الخلافات الكثيرة هي من أعظم الاختبار الذي يختبر الله به عباده؛ قال الله -تعالى-: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)[الأنعام: 116- 117].
وقد أوصانا الله بترك البدع والمحدثات، وأمرنا بلزوم الصراط المستقيم الذي يجب علينا أن نسأل الله الهداية إليه في كل صلاة؛ قال الله -تعالى-: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الأنعام: 153]، والصراط المستقيم هو الإسلام الذي شرعه الله لعباده، وهو الطريق الواضح الذي لا اعوجاجَ فيه؛ وهو ما كان عليه النبي -صلى الله عليه- وأصحابه الذين أمرنا الله أن نتبعهم بإحسان، وعلينا أن نقول في كل ركعة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)[الفاتحة: 6، 7].
ومع هذه الوصايا الربانية إلا أن أكثر الناس ضلوا عن الصراط المستقيم، واتبعوا البدع والشبهات والشهوات، فضلُّوا عن سبيل الله الذي وصاهم باتباعه، فما هي أسباب الضلال؟ هذه أهم أسباب الضلال كما بيَّن الله ذلك في كتابه العظيم:
* عدم الاعتصام بكتاب الله، وترك تعلم تفسيره وتدبره واتباعه؛ قال الله -تعالى-: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)[طه: 123].
* الإعراض عن تعلم السنة النبوية واتباعها، وقد أمرنا الله في كتابه بطاعته وطاعة رسوله؛ وقال -سبحانه-: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)[الأحزاب: 36].
* عدم الاعتصام بالله، والإعراض عن عبادته، وترك سؤاله الهداية بصدق وإخلاص؛ قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[آل عمران: 101].
* ترك تحقيق التوحيد، وعدم الإيمان والإخلاص، والوقوع في الشرك والرياء؛ قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)[النساء: 116].
* عدم الفهم الصحيح لنصوص القرآن والسنة، للجهل باللغة العربية التي جاءت بها الشريعة، وترك اتباع السلف الصالح من الصحابة -رضوان الله عليهم- ومن اتبعهم بإحسان في فهم الدين والعمل به، والابتداع وترك الاتباع، والإعجاب بالآراء، والتأثر بعلوم فلاسفة اليونان؛ قال الله -تعالى- مخاطبًا الصحابة: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا)[البقرة: 137]، وقال عز وجل: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)[التوبة: 100]، وقال تبارك و-تعالى-: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[النساء: 115].
* الاعتماد على أحاديثَ موضوعة أو ضعيفة، وحكاياتٍ لا أصل لها، وأوهام وأمانيَّ لا حقيقة لها؛ كما قال -تعالى-: (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)[آل عمران: 24].
* اتباع الظن والهوى؛ كما قال -تعالى-: (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)[النجم: 28]، وقال سبحانه: (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)[ص: 26]، ومن ذلك: التسلط على نصوص القرآن والسنة بالتأويل الفاسد، أو عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد، أو القول بأن الأدلة الشرعية تفيد الظن لا اليقين.
* التكلف والتنطع والغلو، ومن ذلك: التشدد المخالف ليُسْرِ الشريعة السمحة، ومن ذلك: الغلو في العقل، وتقديمه على النصوص الشرعية، مع أن الشرع لا يخالف العقل أبدًا، ومن ذلك: الغلو في الصالحين، ورفعهم فوق منزلتهم، ومن ذلك: كثرة السؤال، والجدال بالباطل لرد الحق؛ قال الله -تعالى-: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا)[هود: 112]، وعن الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»؛ (رواه النسائي (3057) بإسناد صحيح).
* الظلم والبغي، ومن صور البغي: عدم الإنصاف، والتعصب للآراء، والتقليد الأعمى، والكِبر، واحتقار أهل الحق، والسخرية منهم، والطعن فيهم، وعدم الرجوع إلى أهل العلم الراسخين؛ كما قال -تعالى-: (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُم)[الشورى: 14].
* طاعة الكفار والمنافقين والظالمين والفاسقين، ومجاملتهم ومصاحبتهم ومحبتهم؛ قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ)[آل عمران: 149]، وقال تبارك و-تعالى-: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ)[هود: 113].
التعليقات