عناصر الخطبة
1/أحكام المواريث من جوانب عظمة الإسلام 2/قسمة الميراث أمانة 3/تحريم تأخير قسمة الميراث 4/أخطاء في توزيع الميراث 5/حقوق الميت بعد وفاته على ورثته 6/وجوب حصر التركة والورثة وإعطاء كل ذي حق حقه.اقتباس
وَجَعَلَ في فَرْضَها حَسْمًا للنزاعِ المؤدِّي للقطعيةِ والبغضاءِ والشَّحناءَ بَيْنَ الوَرَثَةِ، وضَمَانًا لِوُصُولِ الحَقِّ وَافِيًا لِلْوَرَثَةِ مَع بَقاءِ اللُّحْمَةِ والأُلْفَةِ والمَوَدَّةِ بَيْنَهُم، وسلامَتِهم مِنْ شُؤْمِ التَّنَازُعِ ومَعَرَّةِ القَطَعَيةِ.
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ -تَعَالَى-، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَمِن جَوَانِب عَظَمَة الإسلام: اهْتِمَامِه بِأَحْكَام الْمِيرَاث وبَيَانُهُ لَها، فَجَاءَت أَحْكَامه دَقِيقَة وعادِلة، تَوَلَّى اللَّه تَقْسِيمِهَا وَتَفْصِيلهَا بِدِقَّة بَالِغَة وَبَيَان بَلِيغ، مِمَّا يَسْتَحِيل عَلَى الْبَشَر أنْ يَهْتَدُوا إلَيْه لَوْلَا أنْ هَدَاهُم اللَّه.
وَجَعَلَ في فَرْضَها حَسْمًا للنزاعِ المؤدِّي للقطعيةِ والبغضاءِ والشَّحناءَ بَيْنَ الوَرَثَةِ، وضَمَانًا لِوُصُولِ الحَقِّ وَافِيًا لِلْوَرَثَةِ مَع بَقاءِ اللُّحْمَةِ والأُلْفَةِ والمَوَدَّةِ بَيْنَهُم، وسلامَتِهم مِنْ شُؤْمِ التَّنَازُعِ ومَعَرَّةِ القَطَعَيةِ.
عِبَاد اللَّه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)[سورة النساء: 58]، فَقِسْمَةُ المِيرَاثِ أَمَانَةٌ، فَلا مَجَال فِي تَوْزِيع أَنْصِبَة الْمِيرَاث لِلْمُجَامَلَة، ولا لِلرَّأْي، ولا لِلْهَوَى؛ مَنْعًا لِلنُّفُوس الضَّعِيفَة المفتُونة بِالْمَال أنْ تتلاعب بِمَال الْوَرَثَة، فَأَحْكَام الْمِيرَاث أَحْكَام تَعَبُّدِيَّة تَوْقِيفِيَّةٍ، فَرَضَهَا اللَّه -تَعَالَى- وَبَيَّنَها، وَأَيُّ تَقْصِير أَو تَفْرِيط فِي أَحْكَام الْمَوَارِيث يَبُوء صَاحِبِه بِالْإِثْم، (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)[سورة النساء: 14]، وَيَتْبَع ذَلِك مَشَاكِل مُتَعَدِّدَة تُؤَثِّر عَلَى اسْتِقْرَار الْمُجْتَمِع، وَتُشَتِّت الْأُسَر، وتُؤرِّق الْمُحَاكِم.
أيُّها المسلمون: حَرَامٌ عَلى الأَوْصِياءِ تَأْخيرُ قِسْمَةِ المِيراثِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ، فَإنّ تَأْخِير قِسْمَة التَّرِكَة مِمَا يُؤَدِّي إلى النِّزَاع والشِّقاقِ بَيْنَ الوَرَثَةِ، فَتَمْضِي الْأَشْهُر والسنَوات وَالتَّرِكَة لَم تُقْسَم، ولم تُؤدَّ الحُقوقُ لأصحابِها، وَكُلَّمَا طَالَ الْوَقْتُ وتَعَاقَبَ الوَرَثَةُ تَعَقَّدَتِ الْأُمُورُ، وَصَعُبَ حَلُّ قَضَايَا الإرْثِ الْمَالِيَّةِ اَلْمُتَرَاكِمَة.
وإنَّ إخْفَاء بَعْضِ التَّرِكَةِ أو مُستَنَداتها عَن بَعْض الْوَرَثَة وتَأْخيرِ بَيانِها، وانْتِفاع بَعْضِ الأَوْصِيَاءِ أو الوَرَثَةِ بِمَا خَفِيَ عَنْ بَقِيَّةِ الوَرَثَةِ وِاسْتِغْلَالها أَمْرٌ مَحْرَم شرعاً، وهُوَ مَن التَّعَدِّي عَلَى حُقُوق الْوَرَثَة، ويَكُون هذا انْتِفَاع والاستغلالُ مِن بَاب الْغَصْب وَالظُّلْم الْمُحَرَّم، وَالْكَسْب الحَرامِ، (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)[سورة النساء:10].
معاشِرَ الأَحِبَّة: إنَّ الله -تعالى- قَسَّمَ المَوَاريثَ، وأَعطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه، (فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)[سورة النساء: 11]، ومَن الخَطأِ الْمُؤَدِّي لِلنِّزَاع أنَّ بَعْض الْأَوْصِيَاء يَتَصَرَّفُون فِي التَّرِكَة، وَيُقَسِّمُونَهَا بِنَاء عَلَى وِجْهَة نَظَرِهِم الشَّخْصِيَّة، أَوْ بِالاتِّفَاقِ والتَّراضِي بَيْنَهُم، فَيُعْطِي هَذَا مَزْرَعَة، وَذَكَ أرضاً، والآخَرُ محلاً تجارياً، وَيُعْطي هَذا سيولة مَالِيَّة، وذلِكَ عَقَاراً وهكذا. دُونَ حَصْرٍ وافٍ للتَّرِكَةِ، ولا بَيانٍ شَامِلٍ لِمِقْدَارِها، ولا تَقْسِيمٍ صَحيحٍ وَفْقَ مَا نُصَّ عليه فِي القرآن، ولا رُجُوعٍ لِأَهْل الْعِلْم لِمَعْرِفَةِ حَقِّ كُلِّ وَارِثٍ، وهَذا يُؤَدِّي إِلَى ظُلْمِ بَعْضِ الوَرَثَةِ، وأَكْلِ حُقوقِهم، وَيَقَعُ بِسَبَبِ ذلِكَ الشِّقَاقُ والنِّزاعُ بَيْنَ الوَرَثَةِ.
معاشر المسلمين: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا)[سورة النساء: 7]، فَنَصِيبُ الوَارِثِ حَقٌّ لَهُ فَرَضَه اللهُ لَه، وَيَحْرُمُ حِرْمَانُ الوَرَثَةِ أَو بَعْضِهِم مِنْ حَقِّهِم الوَاجِبِ لَهُم، أوْ عَدَمُ تَمْكِينِهِم مِنْ حَقِّهِم وتَمَلُّكِهم له، كما يَحْرُمُ التَّحَايُل عَلَيْهَم لِدَفْعِهِم إلى التَّنَازَلِ عَنْ نَصِيبِهم مِنَ الْمِيرَاثِ أَوْ شَيْءٍ مِنْه، وهذا يَحدُثُ للضَعَفَةِ مِن الوَرثَةِ خَاصَّةً النِّساء.
وَقَد تَوَعَّد اللَّه -تَعَالَى- فِي كِتَابه الْكَرِيم مَن لا يَلْتَزِم بِقِسْمَة الْمِيرَاث كَمَا بَيَّنَهَا -سُبْحَانَه- بِالنَّار وَالْعَذَاب الْأَلِيم، كَمَا رتَّبَ عَلَى رعايةِ تِلْك الأحكامِ الوعدَ الجميلَ، فَقَال سُبْحَانَه: (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ * تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)[سورة النساء: 13-14].
فَبَادِرُوا -عِبَادَ اللَّهِ- بِقِسْمَةِ الْمِيرَاثِ، وَأَعْطُوا كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، والمِيرَاثُ أَحَقُّ الحُقوقِ، وَاحْذَرُوا الظُّلْمَ؛ فالأعمار مُنْقَضِيَة، وَالْآجَال محتومة. وقد قَال الحبيبُ -صلى الله عليه وسلم-: "لَتُؤَدُّنّ الْحُقُوق إِلَى أَهْلِهَا يُوم الْقِيَامَة، حَتَّى يُقَاد لِلشَّاة الْجَلْحَاء مَن الشَّاة الْقَرْنَاء"(رَوَاه مُسْلِم).
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ والسنة، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالحكمة، أَقُولُ قولي هذا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولسائر المسلمين من كل ذنب، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الله -تَعالَى- يَقولُ: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)[سورة العنكبوت: 57]، ويقول -تعالى-: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)[سورة الزمر: 30]، وإِنَّه إِذَا ماتَ المسلم فعَلَى أولِيائه أَنْ يُبَادِرُوا إلى تَجْهِيزِهِ، فَيُغَسِّلُوهُ ويُكَفِّنوهُ ويَدْفِنُوهُ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ"(متفق عليه).
فإِذا رَجَعَ النَّاسُ فَلْيَنْظُرُوا فِيما تَرَكَ فَيُحْفَظُ، فَإنَّهَا حُقوقٌ فَرْضٌ أَدَاؤها، وَيَحْرُمُ التَّصَرُّف في شَيْءٍ كَانَ يَمْلِكُهُ المَيِّتُ قَلَّ أَو كَثُرَ، فإِنَّها قَدِ انْتَقَلَتْ مِنْ مِلْكِ المَيِّتِ إِلَى مِلْكِ وَرَثَتِهِ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ الوَرَثَةُ جَمِيعًا بِطِيبِ نَفْسٍ، ورِضى خَاطِرٍ.
معاشر المسلمين: إنَّ أَوَلَ ما يُنْظَرُ إِلَيْهِ فِيما تَرَكَ المَيِّتُ دُيونَهُ فَتُؤَدَّى عَنْهُ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الدَّيْنُ قَبْلَ الوَصِيَّةِ، وَلَيْسَ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٍ"(رواه البيهقي، وحسنه الألباني)، وقَالَ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ -رضي الله عنه-: "كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ: "هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟"، قَالُوا: لَا، قَالَ: "فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟"، قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: "هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟"، قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟"، قَالُوا: ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: "هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟"، قَالُوا: لَا، قَالَ: "فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟"، قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ".
ثُمَّ يَنْظُرُوا هَلْ تَرَكَ مِنْ وَصِيَّةٍ فَيُنْفِذُونَهَا، قال -تعالى-: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ)[سورة النساء: 11]، ولا تُنَفَّذُ الوّصِيَّةُ لِوَارِثٍ، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ"(رواه البخاري).
ولا تُنَفَّذُ الوّصِيَّةُ في أَكْثَرَ مِن ثُلُثِ التَّرِكَةِ، فَقَد أَرَادَ سَعْدُ بنُ أَبي وَقَّاصٍ أنْ يُوصِي فقالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: "فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ"(رواه البخاري واللفظ له ومسلم).
عباد الله: يَجِبُ أَنْ يُحْصَرَ الوَرَثَةُ لِتَرِكَةِ المَيِّتِ، فَيُعْلَمَ مَنْ يَرِثُ المَيِّتَ، ومَنْ لا يَرِثُهُ، كما قال -تعالى-: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا)[سورة النساء: 7]، ثُمَّ تُقَسَّمُ الحُقوقُ لِأصْحَابِها، ويُعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه.
اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارقنا اتباعَه، وأرِنا الباطِل باطلًا وارزقنا اجتنابه.. اللهم وَسِّعْ لنا في دورِنا، وبارِك لنا في أرزاقنا وأزواجنا وذرياتنا، وتقبل صالحات أعمالنا، واغفر لنا ذنوبنا، واغفر لأمواتِنا يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.
اللهم وفِّق خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهدِه وأعوانهما ووزراءهما لِمَا تُحِبُّ وترضى، خُذ بِنواصيهم للبر والتقوى، واجعلهم سلمًا لأوليائك، حربًا على أعدائك، ووفِّقْهم لِمَا فيه خير للإسلام وصلاح المسلمين.
اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لِمَا تحبه وترضاه، اللهم وفِّقهم لتحكيم شرعك وسنة نبيك في رعاياهم، والعدل بينهم.
اللهم احفظ جنودنا ورجال أمننا، برحمتك وفضلك يا ربَّ العالمينَ.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، ولوالد والدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
التعليقات