أيمن الشعبان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ومصطفاه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
فهذه سلسلة حلقات مختصرة للتعريف بمكانة " المسجد الأقصى" من خلال القرآن والسنة الصحيحة، وارتباطه العقدي الإيماني التاريخي، بالوحي ورسالة التوحيد ودعوة الأنبياء، وإحياء تلك الحقائق في نفوس المسلمين، سميتها " نِعمَ المُصَلَّى " أسوة بحبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم، الذي أطلق عليه هذه التسمية الجميلة.
الحلقات ستكون بطرح سؤال في كل حلقة، ثم نجيب عليه لتكون أرسخ وأثبت وأحفظ وأوعى، من حيث المعلومة والفهم وديمومة الأُثر.
س7/ ما هي فضائل قبة الصخرة مع ذكر الدليل؟
من المعالم البارزة والمشهورة في المسجد الأٌقصى، تلك القبة الذهبية المحمولة على بناء مثمن متساوي الأضلاع، بناها عبد الملك بن مروان في الفترة ( 66-72هـ)، لتقي المصلين الحر والبرد وعمارة المسجد بطريقة جميلة، وهي أقدم أثر معماري إسلامي ومن درره الإسلامية.
الصخرة هي أعلى بقعة في المسجد الأقصى، وأبعادها من الشمال إلى الجنوب 18 مترا تقريبا وعرضها 13 مترا ، وهي ليست معلقة ولم تكن معلقة في يوم من الأيام إلا أنها متصلة بالأرض من أحد الجوانب، وتحتها كهف مربع تقريبا طول ضلعه ( 4,5 م ) بعمق ( 1,5 م )، وهذا البناء المعماري الخارجي والداخلي والزخارف والكتابات مرت بعدة مراحل من تجديد وترميم حتى وصلت بهذا الشكل الحالي.
يشاع عن الصخرة الكثير من الفضائل والمعتقدات التي لا أساس لها من الصحة، من ذلك أنها معلقة، وأنها من صخر الجنة، وأن الناس يحشرون إليها ثم يكون منها البعث والنشور، ومنها أن أثر قدم النبي عليه الصلاة والسلام فيها، أو أنه عليه الصلاة والسلام عرج منها أو لما عرج به تبعته فقال لها جبريل اثبتي، والبعض يقول أنها مركز العالم، وغيرها من الأمور التي لا تصح.
فلا نثبت أي فضيلة أو قداسة أو مكانة إلا بدليل صريح صحيح من القرآن والسنة الصحيحة، وعليه فالصخرة ليست لها قداسة خاصة أو مكانة وفضيلة إلا أنها جزء من أرض مباركة ومسجد مقدس، فلا يصح أن نسميها " الصخرة المشرفة" أو المقدسة أو المعلقة.
قال شيخ الإسلام: فَصَخْرَة بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يُسَنُّ اسْتِلَامُهَا وَلَا تَقْبِيلُهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ لَيْسَ لِلصَّلَاةِ عِنْدَهَا وَالدُّعَاءِ خُصُوصِيَّةٌ عَلَى سَائِرِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةُ وَالدُّعَاءُ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَنَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَهَا.[1]
والصخرة لم يُصَلِّ عندها عمر – رضي الله عنه - ولا الصحابة ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة، بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد ومروان، وبنى عليها عبد الملك بن مروان القبة .
مما يجب التنبيه عليه أن الإعلام يركز على صورة قبة الصخرة حتى فهم كثير من المسلمين أنها هي المسجد الأقصى، وهذه يترتب عليها نتائج لا تُحمد عقباها، وهي مقصودة لأن اليهود من نظرياتهم في بناء الهيكل المزعوم هو نقل قبة الصخرة خارج أسوار المسجد الأٌقصى ووضع الهيكل في ساحات المسجد!! وعندها ستصور قبة الصخرة على أنها المسجد الأقصى ولا تحصل ردة فعل على ذلك!
لما انتشر الخطأ بين المسلمين أن المبنى ذا القبة الذهبية هو المسجد الأقصى، وجاء من يريد التصحيح فانتقل لخطأ أعظم بحسن نية، بإعلانهم أن الجامع القبلي ذا القبة الرصاصية في مقدمة المسجد هو المسجد الأقصى، ونؤكد مرة أخرى أن المسجد الأقصى أوسع وأشمل من هذين المبنيين البارزين فحسب، ويشمل كل ما دار عليه السور بمساحة 144 ألف متر مربع.
وتنبيه الناس على أمر صخرة بيت المقدس لا يقلل من فضائل المسجد الأقصى فقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز العديد من الآيات التي خصت المسجد الأقصى وبيت المقدس بالبركة والفضيلة، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتب الصحاح والسنن الكثير من الأحاديث التي نصت على ما حباه الله تعالى من الخير والبركة، وبينت الخصائص التي تميز بها المسجد الأقصى وأرضه لما لها من مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة في الشرع الإسلامي.
اليهود يسمون الصخرة " قدس الأقداس" ويعتبرونها أقدس بقعة عندهم، لما يذكر أنهم كانوا يضعون التابوت الذي فيه الصحف عليها، ويجعلونها قبلة ويصلون إليها، عكس النصارى الذين كانوا يزدرونهم ويحتقرونهم، لذلك لما كانت بيت المقدس تحت الحكم البيزنطي النصارى وضعوا القمامة على هذه الصخرة نكاية باليهود!
يزعم عدد من حاخامات اليهود أن صخرة بيت المقدس المبني عليها القبة الذهبية؛ هي أقدس بقعة لديهم في معبدهم المزعوم وتسمى " قدس الأقداس"، بهدف ربطهم بالمسجد الأقصى وادعاء أحقيتهم به، لذلك يحاولون التركيز على صورة قبة الصخرة في إعلامهم وأنها فقط المسجد الأقصى.
كما يحرم اليهود دخول مكان الصخرة، حتى يتطهروا من الأرجاس بعد ظهور البقرة الحمراء ثم حرقها والتطهر برمادها!
7/3/2017م
------------------------------
[1] مجموع الفتاوى (27/135).
التعليقات