عناصر الخطبة
1/الذكرى بيوم القيامة 2/ كل مسؤول عن عمله يوم القيامة
اهداف الخطبة

اقتباس

واعلموا أن هذه الدار متاع الغرور؛ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، تذكروا ما أنتم إليه صائرون، يوم يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون، تذكروا حالكم عند حلول الآجال، وانقطاع الأعمال، ومفارقة الأوطان والأهل والمال والعيال، حين تنزل الملائكة على المؤمنين ..

 

 

 

 

الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وهو العزيز الغفور، أحمده سبحانه، قسم عباده، فمنهم شاكر، ومنهم كفور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن اقتدى بهم إلى يوم الحشر والنشور.

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واعلموا أن هذه الدار متاع الغرور؛ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، تذكروا ما أنتم إليه صائرون، يوم يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون، تذكروا حالكم عند حلول الآجال، وانقطاع الأعمال، ومفارقة الأوطان والأهل والمال والعيال، حين تنزل الملائكة على المؤمنين (أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) [فصلت:30-32].

فتخاطب روح المؤمن قائلة: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) [الفجر:27-28]. أما الكافرون والمنافقون فتتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، تقول لهم: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ * وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [الأنعام:93-94].

وتذكروا هذا اليوم، اليوم الذي ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [هود:104-108].

أيها المسلمون: إن يوم القيامة يوم عظيم تَنْدَكُ من عظمته الجبال، وتعظم فيه الأهوال، ويجيء للقضاء فيه بين العباد ربكم الكبير المتعال، أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، الذي نبهكم على عظيم شأنه، وحثكم على الاستعداد له بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج:1-2]. يوم فيه تسترد المظالم، ويعض أصابع الندم كل ظالم.

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الناس حفاة عراة غرلاً" قالت: قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: "يا عائشة! الأمر أشد من أن يهمهم ذلك".

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يُقاد للشاة الجلحاء -يعني الجماء- من الشاة القرناء" زاد رزين في روايته: "ويسأل الحجر الذي انكب على الحجر، ولم تطأ الرجل الرجل؟" ولذلك جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء منه فليتحلله منه اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه".

وفي صحيح مسلم عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: "إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرح عليه ثم يطرح في النار".

وعن أنس رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك بأبي أنت وأمي؟ قال: "رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما: يا رب! خذ مظلمتي من أخي، فقال الله: كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا رب فليحمل من أوزاري وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، ثم قال: "إن ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس أن تحمل عنهم أوزارهم".

أيها المؤمنون: إنكم مسؤولون يوم القيامة عن أعمالكم، وعن نعم الله عليكم، فأعدوا للسؤال جواباً، وليكن الجواب صواباً، فإن أول ما يحاسب عليه العبد من عمله صلاته، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء. روى الترمذي بسند صحيح عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن عمله ما عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه" وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه: أتعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: رب أعرف -مرتين- فيقول: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم تطوى صحيفة حسناته". وأما الآخرون أو الكفار أو المنافقون فيُنادى بهم على رؤوس الخلائق: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود:18].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) [الحشر:18-20].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا جميعاً بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

المرفقات
928.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life