عناصر الخطبة
1/ سبب استحقاق أمة الإسلام الخيرية 2/ معنى المعروف والمنكر 3/ مرض القلوب وموتها وذهاب غيرتها على انتهاك الحرمات 4/ وجوب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 5/ التحذير من عاقبة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكراهداف الخطبة
اقتباس
لقد مرضت القلوب، وكاد المرض يقضي على بعضها بالموت حتى نزعت الغيرة الدينية من كثير منها، فأصبحت لا ترى المعروف معروفًا، ولا المنكر منكرًا، أصبح الإنسان من هؤلاء لا يتمعر وجهه ولا يتغير من انتهاك حرمات الله، وكأنه إذا حدّث عن ..
عباد الله: لقد فخرت هذه الأمة، وحق لها أن تفخر بما شهد الله لها به وفضلها على غيرها؛ حيث يقول: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110]. فمن حقق هذه الأمور الثلاثة: الإيمان بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان من هذه الأمة التي فضلت على الناس، ومن لم يحققها خرج من هذا الوصف الجليل بقدر ما فاته من التحقيق.
عباد الله: إنكم لن تكونوا خير أمة أخرجت للناس حتى تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر، والمعروف كل ما أمر الله به ورسوله، والمنكر كل ما نهى الله عنه ورسوله.
أيها الناس: لقد مرضت القلوب، وكاد المرض يقضي على بعضها بالموت حتى نزعت الغيرة الدينية من كثير منها، فأصبحت لا ترى المعروف معروفًا، ولا المنكر منكرًا، أصبح الإنسان من هؤلاء لا يتمعر وجهه ولا يتغير من انتهاك حرمات الله، وكأنه إذا حدّث عن انتهاكها يحدث عن أمر عادي لا يؤبه له، وهذا والله هو الداء العضال الذي هو أعظم من فقد النفوس والأولاد والأموال.
يا أمة محمد، يا خير أمة أخرجت للناس: اتقوا ربكم ومروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر وتعاونوا على الحق، ولا تأخذكم في الله لومة لائم، ولا يخوفكم الشيطان، ولا يوهن عزائمكم، فإنكم والله إن صدقتم العزيمة وأخلصتم النية واتبعتم الحكمة في تقويم عباد الله وإصلاحهم، فكل شيء يقوم ضدكم سيضمحل ويزول، فالباطل لن تثبت قدماه أمام الحق: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) [الأنبياء: 18].
أيها المسلمون: إن الذي ينقصنا كثيرًا هو عدم التعاون في هذه الأمور، فتجد أهل الخير متفرقين متباعدين لا ينصر بعضهم بعضًا ولا يقوم بعضهم مع بعض إلا أن يشاء الله، وغاية الواحد منهم أن يتألم في نفسه أو يملأ المجالس قولاً بلا فائدة، ولو أننا اجتمعنا ونظرنا إلى مجتمعنا وما فيه من أمراض وفساد ثم بحثنا منشأ تلك الأمراض وذلك الفساد وقضينا عليه بالطرق الحكيمة إن تمكنا من ذلك بأنفسنا، وإلا اتصلنا بالمسؤولين للتعاون معهم بالقضاء عليه، لحصل بذلك خير كثير، واندرأ شر كثير، أما إذا تخاذلنا وكان الواحد منا أكبر ما يهمه نفسه ولا يبالي بالناس صلوا أم فسدوا ولا يسعى لإصلاحهم؛ فإن ذلك ينذر بالعقوبة العاجلة والآجلة.
فاحذروا -أيها المسلمون- عقاب الله وسطوته، احذروا أن تسلب منكم النعم وتحل بكم النقم، تذكروا عظمة الله وقهره، تذكروا قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102]، اسمعوا قوله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) [المائدة: 78- 80]. ولقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرًا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم".
وصعد ذات يوم المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "يا أيها الناس: اتقوا ربكم، إن الله -عز وجل- يقول لكم: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم، وتستنصروني فلا أنصركم، وتسألوني فلا أعطيكم".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
لم ترد.
التعليقات