عناصر الخطبة
1/ذكر مزايا يوم الجمعة 2/ بيان عقوبة من ترك يوم الجمعة 3/ بيان خذلان من لم يبكر للجمعةاهداف الخطبة
تعظيم قدر الجمعة في أنفس الناس / التحذير من التفريط في الجمعةاقتباس
يوم الجمعة فرصة لا تُفوّت، والتبكير لها فضيلة تغتم، وغرس يجنى غداً، وخطبتاها فيها تنوير للقلوب، وتربية للأرواح، يذكرها العبد طيلة حياته، ويسير عليها في عباداته؛ لأن الله شرعها لذلك.
ومع الأسف الشديد، أن بعض الناس يتأخر، ولا يأتي إلا عند بدء الخطبة، وقد تفوته الخطبتان، أو الصلاة، ولا يبالي بذلك.
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وما كنا لنهتدي، لولا أن هدانا الله. والحمد لله الذي خصنا بيوم الجمعة, وما كنا لنصيبه, لولا أن وفقنا الله. وأشكره سبحانه على ما أعطاه وأولاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له, ولا مثيل له, ولا ند له, ولا رب لنا سواه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله, الذي اختاره ربه للرسالة واصطفاه، الذي جاهد في الله حق جهاده, وسارع إلى مغفرته ورضاه، وقال: " إن الله خصكم بيوم الجمعة, دون ما سواه". وبلغ الرسالة, وأدى الأمانة, وقام بأكمل العبودية لله، اللَّهم صل وسلم عليه, وعلى آله, وأصحابه, ومن أحبه واتبع هداه.
أما بعد:
فيا أيها الناس, اتقوا الله تعالى, حق تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه، وجاهدوا أنفسكم, ومن تحت أيديكم, في أداء فرائض الله. واعلموا أن يوم الجمعة, يوم شريف وعظيم عند الله، ونذكركم الآن بعض فضائله ومزاياه:
فقد خص الله به هذه الأمة, كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أضل الله عن يوم الجمعة من كان قبلكم، فكان لليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا, فهدانا ليوم الجمعة، فهم لنا فيه تبع، نحن الآخرون السابقون يوم القيامة, بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا, وأوتيناه من بعدهم".
وقال صلى الله عليه وسلم: " فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلى, يسأل الله فيها شيئاً, إلا أعطاه إياه"
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: " ليوم الجمعة مزايا يختص بها, لا تكون في غيره". وذكر له خصائص كثيرة, تزيد على ثلاث وثلاثين فضية, ليوم الجمعة قال:
فمنها: صلاة الجمعة, التي هي من أكبر فرائض الإسلام, ومن أعظم مجامع المسلمين.
ومنها: فريضة الخطبتين قبل صلاتها؛ لمعالجة مشاكل الأسبوع, وتذكير الناس بربهم؛ ليعبدوه ويطيعوه.
ومنها: الحث على كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, في يوم الجمعة, كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بذلك.
ومنها: قراءة سورة السجدة و (هلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ)، في صلاة الفجر في يومها، وليست بواجبة، وليست قراءتها لأجل السجدة, كما تظنه العامة؛ بل لما في السورتين من ذكر المبدأ والمعاد.
وما فيهما: قراء سورة الجمعة والمنافقين، أو سبح والغاشية، في صلاتها؛ لما فيهنّ من الحث على العمل، وذكر النعم.
ومنها: الأمر بالاغتسال لها، ويتأكد ذلك في حق البائعين, وأهل المهن.
ومنها: الأمر بالتطيب لها, وهو أفضل من التطيب في غيرها.
ومنها: الأمر بالإنصات لخطبتيها، وأن من تكلم-والإمام يخطب-؛ فقد لغا، ومن لغا, فلا جمعة له.
ومنها: الترغيب في قراءة سورة الكهف في يومها.
ومنها: أنه لا تكره الصلاة عند زوال الشمس في يومها.
ومنها: أن جهنم لا تسجر في يومها, بخلاف غيرها من الأيام.
ومنها: أنها يوم عيد يتكرر كل أسبوع، من فضل الله ورحمته.
ومنها: أن فيها ساعة لا يرد سائل لربه فيها.
ومنها: أنه يستحب لبس أحسن الثياب لصلاتها.
ومنها: أنه لا يجوز السفر في يومها، لمن تلزمه, بعد دخول وقتها.
ومنها: أن الملائكة تقف على أبواب المسجد الجامع، تكتب الداخل الأول, فالأول.
ومنها: أن فيها قرابين، ونسكا، وذلك يحصل بالتبكير إلى صلاتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من جاء في الساعة الأولى؛ فكأنما قرب بدنة، ومن جاء في الساعة الثانية؛ فكأنما قرب بقرة، ومن جاء في الساعة الثالثة؛ فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن جاء في الساعة الرابعة؛ فكأنما قرب دجاجة، ومن جاء في الساعة الخامسة؛ فكأنما قرب بيضة. فإذا خرج الإمام، حضرت الملائكة، يسمعون الذكر".
ومنها: أنه يكره إفرادها بالصوم وحدها.
ومنها: فضل السواك فيها، وله مزية على غيرها.
ومنها: الاشتغال بالصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، قبل صلاتها.
ومنها: أنه يوم عيد، ينبغي التفرغ فيه للعبادة، وترك أعمال الدنيا.
ومنها: أن اليوم الذي يتجلى فيه الرب لأهل الجنة، هو يوم الجمعة.
ومنها: أنه خلق فيه آدم وفيه، تيب عليه، وفيه أهبط إلى الأرض، وفيه تقوم الساعة.
وغير ذلك من فضائلها وخصائصها، ولها ميزة على غيرها، وفيا أجر كبير، وفي التخلف عنها، والتهاون بها خطر عظيم، ووزر شديد.
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ترك ثلاث جمع، تهاوناً؛ طبع الله على قلبه". وفي الحديث الآخر:" لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات؛ أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين".
إخواني المسلمين، يوم الجمعة فرصة لا تُفوّت، والتبكير لها فضيلة تغتم، وغرس يجنى غداً، وخطبتاها فيها تنوير للقلوب، وتربية للأرواح، يذكرها العبد طيلة حياته، ويسير عليها في عباداته؛ لأن الله شرعها لذلك.
ومع الأسف الشديد، أن بعض الناس يتأخر، ولا يأتي إلا عند بدء الخطبة، وقد تفوته الخطبتان، أو الصلاة، ولا يبالي بذلك. والبعض يجعل نومه، أو خروجه للبراري, والاستراحات يوم الخميس, ويوم الجمعة، إذ ليس فيها عنده أعمال دنيوية، ولا وظيفة إدارية، ولا دراسة رسمية، وتفوته هذه الصلاة العظيمة وخطبتاها، ويقضي وقته هناك، في غير فائدة دينية, ولا دنيوية, أو في اللهو واللعب، إن سلم من الجرائم الأخلاقية، فلا حول ولا قوة, إلا بالله العلي العظيم.
وقد نوّه الرب جل وعلا عن صلاة الجمعة, وحث عليها, فقال وبقوله يهتدي المهتدون، أعوذ بالله من الشطيان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:9].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا, وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم, ولسائر المسلمين من كل ذنب, فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
التعليقات