عناصر الخطبة
1/فضل الذكر وحقيقته 2/الأذكار المقيدة والمطلقة 3/فوائد الذكر 4/مواطن يتأكد فيها ذكر اللهاقتباس
ما هو الذكر الذي أمر الله -عز وجل- به؟ هو ما كان فيه ذكر باللسان، وحضور للقلب، حتى يستفيد القلب من الذكر؛ لأنه إذا كان القلب متأثراً بالذكر صلح القلب، فالذكر حياة القلوب واطمئنانها وسعادتها وانشراحها...
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً فيه، والصلاة على محمد، وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
اعلموا -أيها المسلمون- أن لذكر الله -تعالى- فضل عظيم، وما أمر الله -عز وجل- بالإكثار من شيء أكثر من ذكره سبحانه وتعالى، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)[الأحزاب: 41].
وامتدح الله -عز وجل- الذين يذكرونه، فقال: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ)[آل عمران: 191]، وفي الحديث الصحيح: أن الذكر أفضل من الجهاد والصدقة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "الا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "ذكر الله -تعالى-"(رواه أحمد).
ومما يؤكد فضل الذكر ما أخرجه الترمذي عن عبد الله بن بشر -رضي الله عنه- "أن رجلاً قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به؟ قال: "لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله"(رواه الترمذي وصححه الألباني).
لكن ما هو الذكر الذي أمر الله -عز وجل- به؟
هو ما كان فيه ذكر باللسان، وحضور للقلب، حتى يستفيد القلب من الذكر؛ لأنه إذا كان القلب متأثراً بالذكر صلح القلب، فالذكر حياة القلوب واطمئنانها وسعادتها وانشراحها: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[الرعد: 28].
فلا يسعد هذه القلوب ويريحها إلا ذكر الله -تعالى-، ولا يشقي هذه القلوب إلا الإعراض عن ذكر الله -تعالى-: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى)[طه: 124-126].
وهناك أحاديث كثيرة في فضل الذكر، ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: "أحب الكلام إلى الله -تعالى- أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت"(رواه مسلم).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن فقراء المسلمين جاؤوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلا والنعيم المقيم؟ فقال: "وما ذاك؟" فقالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم؟ ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة" فقال الراوي: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"(رواه مسلم).
إذن، هنيئاً لمن يحافظ على هذا الذكر بعد كل صلاة ويتصدق بشيء من ماله فقد حاز على فضل كثير.
ثم اعلموا -أيها المسلمون- أن الأذكار إما أن تكون مقيدة أو مطلقة، فالمقيدة هي أذكار الصباح والمساء، وأدبار الصلوات كالتسبيح والتحميد والتكبير، وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين.
ومن الأذكار: أذكار النوم، والأذكار التي تقال عند الخلاء والخروج من المنزل، أو الأكل والسفر، وغيرها، فقد ذكر العلماء أن من حافظ عليها فإنه من الذاكرين الله كثيراً.
وهناك أذكار مطلقة وهو أن تعود لسانك على ذكر الله دائماً كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ثبت أنه يذكر الله في كل أحيانه إلا عند قضاء الحاجة، يقول ابن تيمية -رحمه الله-: "الذكر للقلب مثل الماء للسمك" فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟
وهناك فوائد عديدة للذكر؛ منها: انشراح الصدر، وراحة واطمئنان للقلب، وقوة ونشاط وطرد للشيطان، ويذهب الهم والغم والحزن.
وقد ذكر ابن القيم أكثر من سبعين فائدة للذكر في كتابه: "الوابل الصيب من الكلم الطيب".
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد.
فقد سمعنا فضل الذكر، وفوائده الكثيرة؛ فإذا تريد سعادة وراحة في القلب وانشراحاً للصدر، فعليك بالإكثار من ذكر الله -تعالى- بقدر ما تستطيع في بيتك في عملك في أي مكان، إلا عند قضاء الحاجة أي داخل الحمام، أو على الأقل حافظ على أذكار الصباح والمساء، وأدبار الصلوات فإن فيها خيرا كثير، وهي سبب في حفظك من الشيطان والأشرار من الجن والإنس؛ لأنها تحصين لك من العين والحسد والسحر، وذلك بالإضافة إلى الأجور التي تأخذها بهذا الذكر.
ألا وصلوا وسلموا على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا ولوالدينا وجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصل الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
التعليقات