عناصر الخطبة
1/ أهمية الأمن 2/ أهمية إقامة الشريعة وتوحيد الله 3/ الأسباب الجالبة للأمن 4/ الأسباب التي أدت إلى هذه ا لفتنة 5/ الرؤية الشرعية لدعوة الانفصال 6/ العلاج لهذه الفتنةاهداف الخطبة
اقتباس
وهنا نقف وقفة محاسبة مع أنفسنا لنعرف موقف ورؤية الشريعة لهذه الدعوة -أعني بها دعوى الانفصال- كان الأحرى بهذه الأصوات المطالبة بالانفصال أن تنادي أولاً بتطبيق شريعة الله لا أن تثير الفوضى من أجل قضايا جزئية شخصية. إن المطالبة بالانفصال دعوى مرفوضة شرعا فتوحد المسلمين واجب كما يجب التعاون فيما بينهم من أجل نصرة المظلوم وإيصال الحقوق إلى أهلها وأما أن تصبح البلاد فوضى وقلاقل وقتل وتشريد فهذه مشاريع صهيونية وأمريكية صليبية ..
الحمد لله رب العالمين يبتلي عباده بالخير والشر ليتميز الصابر الشاكر من المنافق والكافر، أحمده على نعمه وأشكره على جزيل منه وكرمه. وأشهد أن لا إله إلا الله له الخلق والأمر وإليه المصير يوم الحشر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أخبر عن وقوع الفتن، وبين أن النجاة منها يكون بالاعتصام بالكتاب والسنة صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى فهي سبيل الحياة الطيبة الآمنة في الدنيا والآخرة.
أيها المسلمون: أحببت أن أذكر نفسي وإياكم بنعمة جليلة ومنة كبيرة هذه النعمة هي مطلب كل أمة وغاية كل بلد ومن أجلها تهون الأموال والأنفس وفي سبيلها تقام الصراعات إنها نعمة الأمن.
ولذا كانت أول دعوة لأبينا إبراهيم عليه السلام أن قال: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [البقرة: 126].
فقدم إبراهيم نعمة الأمن على نعمة الغذاء؛ لأنه كيف تُستساغ نعمة المال والطعام والشراب مع زوال نعمة الأمن ومهما كانت مكانة الإنسان ومهما كانت طبقته فإنه مفتقر أيما افتقار إلى الأمن والاستقرار.
أيها الإخوة: إن الديار التي تفتقر إلى الأمن تصير خراباً يباباً وإن كانت ذات جنان عن يمين وشمال؛ لأن الناس ينزحون عنها وانظروا إلى أحوال المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال وباكستان..إلخ.
والدول التي انعدم فيها الأمن ففي رحاب الأمن يأمن الناس على أموالهم وأعراضهم ويعبدون ربهم ويقيمون شريعة الله وفي رحاب الأمن تعم الطمأنينة النفوس ويسودها الهدوء.
ثم اعلموا -حفظكم الله- إنه لا يمكن تحقيق هذه النعمة إلا بتحقيق الإيمان فالأمن والإيمان قرينان لا يفترقان قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82].
إخوة الإسلام: إن إقامة شريعة الله في البلد يعتبر من الأساسيات والمهمات والأولويات التي ينبغي مراعاتها فإذا تخلت الدولة عن تحكيم شريعة الله، وتركت باب الكفر والإلحاد وارتكاب الجريمة مفتوحًا أحاطت بالبلد المخاوف، وانتشرت الجرائم وضاع الأمن قال الله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل: 112].
إن نعمة الأمن تعتبر منحة ربانية وهي مربوطة بأسبابه والتي من أعظمها إقامة شرع الله وتنفيذ حدوده وتحقيق عقيدة التوحيد قال الله تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش: 3-4].
فلا بد من أن ندرك بأن الأمن مرهون بأسبابه ومقدماته فإذا انعدمت انعدم الأمن من ذلك توحيد الله والتخلص من خوارم العقيدة ومجانبة البدع والخرفات وحتى نحافظ على الأمن في البلاد لا بد من تربية الأمة على طاعة الله والاستقامة على الشريعة والبعد عن معصية الله فالنفوس المطيعة لله لا تحتاج إلى رقابة القانون وسلطة الدولة لكي تردعها عن الجرائم؛ لأن رقابة الله والوازع الديني في قلب المؤمن يقظ.
ومن أسباب استتباب الأمن نشر العلم الشرعي، فما ظهر العلم في أمة إلا وقل الشر وانتشر الأمن وظهرت السكينة.
قال ابن القيم رحمة الله: "وإذا ظهر العلم في بلد أو محلة قل الشر في أهلها وإذا خفي التعلم هناك ظهر الشر والفساد".
ومن أسبابه أيضًا إقامة العدل في الحياة والراعي مع الرعية والأب مع أفراد أسرته وصاحب العمل مع عماله وهكذا.
لكي نحافظ على الأمن ينبغي تهيئة المحاضن التربوية للشباب ودعم كل المؤسسات العاملة في تربية النشء من حلق القرآن الكريم والمراكز الصيفية التي تسير وفق الكتاب والسنة كما أنه ينبغي تحصين الشباب من الأفكار المشبوهة التي تسمم العقول وتنحرف بالسلوكيات من دعايات التغريب والفساد والإفساد كتحرير المرأة ومساواتها بالرجال والدعوة إلى الاختلاط.
ونحافظ على الأمن بكبح جماح الشباب المتحمسين فعلى الشباب أن لا ينظروا إلى الأمور بسطحية وعليهم الرجوع إلى علماء الأمة في كل صغيرة وكبيرة.
عباد الله: أن ما يجري في المحافظات الجنوبية شيء منذر بالخطر فما الذي صير البلاد إلى هذه الحال افترق أبناء البلد الواحد واحتدام النزاع بينهم وأريقت الدماء وأزهقت الأرواح كل ذلك يعود إلى عدة أسباب:
1- عدم تطبيق شريعة الله.
2- عدم إدراك ما آلت إليه الأمور من:
أ- فشل الحكومة في التعامل مع بعض المتنفذين في بالمحافظات الجنوبية.
ب- الفقر والأزمات التي تمر بها اليمن وتحمل أبناء اليمن غلاء المعيشة.
ج- الوضع المترهل الذي نعيشه والانفلات الأمني والفوضى العارمة في مختلف المجالات.
د- ممارسة بعض المسئولين أو المقربين من الحزب الحاكم ممارسات سيئة أدت إلى نقمة الكثير على الحزب الحاكم.
ه- أكثر من 50% من المظالم الموجودة سببها القضاء المتراخي والقاضي المرتشي القضاة الذين يحملونه ولم يحترموا المنصب الذي هم فيه لقد تسببوا في اندلاع الحروب وإزهاق الأرواح جراء حروب الأرضي بالرغم من أن الدولة قد وفرت لهم أعلى المرتبات.
و- إطلاق الحريات للأفراد والجماعات في مجال الاقتصاد ((الرأسمالي)) والسياسة والأخلاق والاعتقاد ((الليبرالية)) إذ إن الليبرالية تضمن حرية الاعتقاد للأفراد وحرية السلوك الشخصي إن الليبرالية تعتبر الحرية المبدأ والمنتهى.
إن الإسلام لا يقبل إطلاق الحريات بلا ضوابط فالحرية في المجتمع الإسلامية مبنية على آداب الشرع وحدوده وما يملي على الإنسان من التزامات وواجبات وسنن.
ز- التعددية: من أسس الديمقراطية ((التعددية)) الحزبية التي يسلك كل حزب منهجيته الخاصة: سلوك- أخلاق – معتقد.. إلخ الإسلام يأبى ذلك ويأمر الناس أن يكونوا حزبًا واحدًا.. إن تعدد الأحزاب يؤدي إلى احتدام الصراع بين أفراد المجتمع وقد يصل إلى التقاتل، وإن رفض الديمقراطية لا يعني قبول الديكتاتورية.
ح- الفساد الرهيب في البلاد وكانت التوقعات أن تتحسن أحوال الناس فيصبحوا كأمثالهم في البلاد المجاورة ولكن خابت الآمال.
ط- الاستئثار بالمناصب والحكم و تهميش رجالات المناطق الأخرى مما يجعلهم يحسون أنهم ليسوا من مواطني البلاد.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
أيها الإخوة: لقد أدت هذه الفتنة إلى إزهاق الأرواح وإحراق المحلات وتكسير السيارات وهدم المنازل وغير ذلك.
وهنا نقف وقفة محاسبة مع أنفسنا لنعرف موقف ورؤية الشريعة لهذه الدعوة -أعني بها دعوى الانفصال- كان الأحرى بهذه الأصوات المطالبة بالانفصال أن تنادي أولاً بتطبيق شريعة الله لا أن تثير الفوضى من أجل قضايا جزئية شخصية.
إن المطالبة بالانفصال دعوى مرفوضة شرعا فتوحد المسلمين واجب كما يجب التعاون فيما بينهم من أجل نصرة المظلوم وإيصال الحقوق إلى أهلها وأما أن تصبح البلاد فوضى وقلاقل وقتل وتشريد فهذه مشاريع صهيونية وأمريكية صليبية تنفذ بأيدي منتمين إلى بلاد المسلمين وانظروا الحال في السودان والعراق وأفغانستان وغيرها من البلاد فإنه لا يخفى عليكم.
عباد الله: يجب علينا أن نعالج هذه الفتنة العظيمة قبل أن تستفحل وهناك يصعب علاجها وأن نعرف موضع الداء لنضع الدواء المناسب لهذه الفتنة فأهم علاج هو:
1- وجوب التوبة النصوح من أبناء الأمة فإن الله جل وعلا لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
2- على الدولة إقالة من اشتهر بين الناس فسادهم.
3- تحكيم شريعة الله عز وجل في جميع مناحي الحياة.
4- تشكيل محكمة خاصة من القضاة النزهاء للنظر في كافة المظالم بحيث تكون تحت محاكمات عادلة وسريعة.
5- وجوب التهدئة من طريق الحكومة وقادة الحراك.
6- أقام العلماء مؤتمرًا تشاوريًّا في صنعاء يوم الأربعاء الماضي ثم عقدوا مؤتمرا آخر مع مشايخ القبائل وخرجوا بعدة توصيات.
7- تبني الدولة لمشروع إصلاح متكامل في جميع المجالات.
8- محاربة الفساد والمفسدين.
9- عقد مؤتمر وطني يضم أهل الحل والعقد بعد موافقة الحكومة وقادة الحراك لتكون النتائج ملزمة للطرفين.
ونسأل الله عز وجل أن يحفظ علينا أمننا وأن يجنب بلدنا وسائر بلاد المسلمين سائر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والحمد لله رب العالمين.
التعليقات