عناصر الخطبة
1/تعظيم قدر الصلاة 2/من خصائص العيد في الإسلام 3/معالم من خطبة حجة الوداع 4/التعليق على حادث سيارات 5/وصايا للرجل والمرأة لصلاح الأسرة 6/الحث على الأضحية.اقتباس
عيدُنا أهلَ الإسلامِ عيدٌ تَتَصَافَى فيه القُلُوبُ، وتجتمعُ الأسرُ، فالعيدُ دعوةٌ للمُتَقَاطِعِينِ أنْ يَصْطَلِحوا، فَإنَّ الشيطانَ قد أَيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جزيرةِ العربِ؟ ولكنْ في التَّحريشِ بينهم! وَاعْلَمُوا أنَّهُ: "لا يدخلُ الجنَّةَ قاطعٌ".
الخطبة الأولى:
الله أكبر (9) مرات.
اللهُ أكبرُ الله أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ.
اللهُ أكبرُ كلَّما طَلَبَ عَبدٌ مِنْ ربِّه العَفْوَ والغُفْرَانَ, اللهُ أكبرُ كلَّما ذُبِحَ للهِ مِن الأَضاحِي والقُربانِ, اللهُ أكبرُ عَدَدَ ما أفاضَ الْمَولى من الإحسانِ, اللهمَّ لكَ الحمدُ بالإيمانِ والأمنِ والأمانِ.
وأَشهدُ ألَّا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له المَلِكُ الدَّيانُ, وَأَشهدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ بَعَثَهُ اللهُ رَحمَةً وأَمَانا, للإنسِ والجانِّ, اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على خاتمِ الأنبياءِ, وعلى آلهِ وأصحابِه الأوفياءِ, ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الجَزاءِ.
أمَّا بعدُ: عبادَ الله: خيرُ ما يوصى به الأنامُ تقوى الملكِ العلاَّمِ, واحمدوا الله على الدِّينِ العظيمِ, والعيدِ السَّعيدِ فعيدُنا شكرٌ لله على عطاياه, عيدُنا توحيدٌ خالصٌ للهِ ربِّ العالمينَ: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الأنعام:162]؛ وَأَعيَادُنا الشَّرعيةُ ثلاثةٌ, عِيدُ الأَضْحَى والفِطْرِ والجُمُعَةُ مِن كُلِّ أُسْبُوعٍ.
الله أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
الصَّلاةُ -يا مؤمنُ- رُكنُ الدِّينِ، وفَرِيضَةُ اللهِ على المُسلمينَ، رَأسُ الأمَانَةِ، قَالَ عَنْهَا المَولى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)[العنكبوت:45]. وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "لا دينَ لمَن لا صلاةَ له، مَن تَرَكَ صَلاةً مَكتُوبَةً مُتَعَمِّدَاً مِن غَيرِ عُذرٍ بَرِئَت منه ذِمَّةُ اللهِ تَعَالى".
وَحَكَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ: "ليس بينَ الرَّجلِ والكُفْرِ أو الشِّركِ إلاَّ تَرْكُ الصَّلاةِ"؛ فَمَا عُذرُ مَنْ يَتَخَلَّفُ عَنْهَا، والمَسَاجِدُ تُحيطُ بِهِ مِن كلِّ جانبٍ؟
الله أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
عيدُنا أهلَ الإسلامِ عيدٌ تَتَصَافَى فيه القُلُوبُ، وتجتمعُ الأسرُ، فالعيدُ دعوةٌ للمُتَقَاطِعِينِ أنْ يَصْطَلِحوا، فَإنَّ الشيطانَ قد أَيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جزيرةِ العربِ؟ ولكنْ في التَّحريشِ بينهم! وَاعْلَمُوا أنَّهُ: "لا يدخلُ الجنَّةَ قاطعٌ".
عبادَ اللهِ: خُطْبَ رَسُولُ الله -صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم- فِي مِثْلِ هَذَا اليَومِ فَقَالَ: "إنَّ دِماءكُمْ، وَأمْوَالَكُمْ، وأعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا".
حَقًّا إنَّه خطابٌ عَالَمِيٌّ، تَقُومُ علَيها سَعَادَةُ النَّاسِ، وتُحفَظُ حُقُوقَهم، فَهُوَ يُحارِبُ كُلَّ تصرُّفٍ مَشينٍ يروِّعُ الآمنينَ؛ فَدمُ المُسلِمِ: غَالٍ وَنَفِيسٍ لا يُمكن أنْ يُمسَّ إلَّا بِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ وإلَّا فَجَزاءُ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا: (جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[النساء:93].
وَمَالُ المُسلمِ: مُحتَرمٌ وَمَصُونٌ فيا ويلَ مَنْ يَأْخُذُونَ حُقُوقَ النَّاس بِغيرِ حَقٍّ، فَاللهُ -تَعَالى- يَقُولُ: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)[البقرة:188]. وَ"كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ".
وَأَعْرَاضُ النَّاسِ: مُحتَرَمَةٌ مُكَرَّمَةٌ؛ فلا يَجوزُ سَبُّها، ولا غِيبَتُها، ولا التَّعَرُّضُ لها بِسُوءٍ، جَمَعَها رَسُولُنا بِقولِهِ: "إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمْ الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ".
الله أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
أيُّها العُقَلاءُ: لقد شَهِدَنا وَسَمِعْنَا مَآسِيَ مِنْ جَرَّاءِ حَوَادِثِ السيَّاراتِ لِعَدَدٍ مِن شَبَابِنَا وَأُسَرِنا؛ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، نَعَمْ قَدَّرُ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، ولكنَّ اللهَ جَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ سَبَبَاً؛ فَلَقَدْ حرَّمَ اللهُ عَلَينَا التَّهوُّرَ والسَّفهَ، والطَّيشَ والعَبَثَ؛ فَقَالَ: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة:195]. وَقَالَ: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ)[النساء:5].
وَهَلْ الحَوادِثُ إلاَّ من السُّرعةِ المُفرِطَةِ والتَّجاوزاتِ الخَاطِئَةِ وَقَطْعِ الإشاراتِ، والانشغَالِ بالجوالات، وَقِيادَةِ سُفَهَاءِ الأَحْلامِ؟! ألا يخشى المُتَهَوِّرُونَ مِنْ عُقُوبَةِ مَن قَتَلَ نَفْسَهُ؟ "فمَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا". إنَّها قَضِيَّةٌ تَحْتَاجُ مِنَّا إلى وَقْفَةٍ حَازِمَةٍ وَتَعَاوُنٍ لِلقَضَاءِ عَلَيها: "فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
أيُّها المؤمنون: من جُمَلِ خُطبَةِ رسولِ الله -صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم- قولُهُ: "اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْراً"؛ إنَّه الإسلامُ الذي أعلى شأنَ المَرأَةِ وَرَفَعَ قَدْرَها؛ فاللهُ يقولُ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[البقرة:228].
واللهِ: إنَّا لنَسمَعُ عَجَبَاً من ظُلْمٍ وتَعدٍّ على الزوجاتِ كَلامٌ بَذِيءٌ وسبٌّ مَشِينٌ، وضَرْبٌ واعتِدَاءٌ؛ فَتَبًّا لِهؤُلاءِ الظَّلمةِ والقُسَاةِ، أينَ هم من قولِ الله -تعالى-: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)[البقرة:229]. أينَ هم من قولِ رَسُولِنا -صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم-: "أكْمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَاناً أحْسَنُهُمْ خُلُقاً، وخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ". ألا فاتَّقوا اللهَ، وَتَوَاصَوا بالْحقِّ، وَتَواصَوا بالصَّبْرِ، وَتَواصَوا بِالْمَرْحَمَةِ.
وأنتِ أيَّتُها الكريمةُ: كُوني رَحمةً على زوجُكِ وسَكَناً لهُ، لا تُؤذِيهِ بِكثرَةِ الطَّلبات، ولا تُعَيِّرِيه بالمُقارَنَاتِ، خَاصَّةً مَنْ يُكْثِرُونَ مِن مُتابَعَةِ المَشَاهِيرِ والْمُسَنِّبِينَ، فاللهُ -تَعالَى- فَضَّلَ بَعْضَنَا على بَعضٍ في الرِّزقِ؛ فَكُونِي خَيرَ امرأةٍ لَهُ، إنْ نَظَرَ إليها سَرَّتُه وإنْ أمرَها أطاعتْهُ، واعلمي أنَّما هو جنَّتُكِ ونارُكِ فانظري مَكَانَكِ منهُ.
اللهُ أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحَمدُ.
عبادَ اللهِ: ضَحُّوا تقبلَ اللهُ ضحاياكُم سَمُّوا الله عند الذَّبحِ وكبِّروا: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)[الأنعام:121]، وكُلُوا وتَصَدَّقُوا وأَهدُوا ولا تُعطوا الجزَّارَ أُجرَتَهُ منها، وأَرِيحُوا الذَّبِيحةَ عندَ اقتِيَادِهَا وَذَبْحِها, فـ"إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإذَا قَتَلْتُم فَأحْسِنُوا القِتْلَة، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَليُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَه، وَلْيُرِح ذَبِيحَتَهُ".
وإذا أَتَيتُم من طَرِيقٍ فارجِعُوا من طريقٍ آخَرَ، ومن السُّنَّةِ أنْ تَأكُلَ من أُضحِيَتِكَ قبلَ كُلِّ شيءٍ، وأكثروا في أيَّامِ التَّشريقِ من التَّهليلِ والتَّكبِيرِ والتَّحميدِ، ولا يَجُوزُ صِيامُها.
عبادَ اللهِ: ويُوجَدُ بحمدِ اللهِ أُنَاسٌ يُعْنَونَ بجمعِ لُحومِ الأضاحي وشُحُومِها، فَكُونُوا خَيرَ مُعينٍ لَهم.
فاللهم تقبَّل منَّا إنَّك أنت السميعُ العليمُ، وتب علينا إنك أنت التَّوابُ الرحيم.
اللهم أدم علينا نِعمةَ الأمنِ والأمانِ واجعلنا لكَ من الشَّاكرين لك من الذَّاكِرين.
اختم لنا عشرنا بغفرانِكَ والعتقِ من نيرانِكَ. واجعل مُستقبلنا خيراً من ماضينا.
اللهمَّ أصلح أحوال المسلمينَ واحقن دمائهم ووحِّد صفُوفَهم وهيئ لهم قادةً صالحين مُصلحينَ يا ربَّ العالمين.
اللهم سهِّل على الحُجَّاج حجَّهم وفِّقهم ويسِّر لهم أُمُورَهم، ورُدَّهُم غَانِمِينَ سَالِمِينَ. اللهم ارزُقنا تَوبَةً صادِقَةً نَصُوحا، استعمِلنا يا رَبَّنا في طاعِتِكَ، وَجَنِّبنا مَعصِيَتِكَ.
اللهم إنا نَعُوذُ بِكَ مِن الغَلاءِ والوَبَاءِ والرِّبا والزِّنا والزَّلازلِ والفِتَنِ والمِحَنِ مَا ظَهَرَ منها وما بَطَنَ عَنْ بَلَدِنا هذا خاصَّةً وعن بِلادِ المُسلِمينَ عامَّةً.
اللهم انْصُر جُنُودَنا واحفظْ حُدُودَنا، يا ربَّ العالَمينَ. اللهم اشفِ مَرضانا وارحم موتانا وعافِ مُبتَلانا ورُدَّ لنا غائِبَنا، وَوفِّق ولاةَ أمورِنا خاصَّةً لِما تُحبُّ وترضى، وأعنهم على البرِّ والتَّقوى، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَاب النَّارِ.
وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
التعليقات