عناصر الخطبة
1/المساجد بيوت الله في الأرض 2/الحث على عمارة المساجد 3/من صور عمارة المساجد 4/الحث على تعاون الجميع في نظافة المساجداقتباس
وإن مما يؤسف له عدم اهتمام البعض لا بالمشاركة في صيانتها، ولا في نظافتها، وكأنها مجلس من المجالس، فالبعض يعمل فيها مالا يليق بالمجالس العامة فضلا عن المساجد، فتجده ينظف ثوبه وغترته وربما أنفه، ويلقي بقاذوراته عل الفرش، والبعض يقلم أظفاره...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
أما بعد:
فيا أيها الناس: سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض، وتعرضوا لنفحات ربكم، فنحن في زمن القربات والنفحات، علها أن تصيبنا نفحة من تلك النفحات فنسعد بها سعادة لا شقاء بعدها.
معاشر المسلمين: إن لله -سبحانه- بيوتا في الأرض وضعها للناس؛ ليعمروها حسا ومعنى، ألا وهي المساجد، فقال -سبحانه-: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)[الجن: 18]، ويقول -سبحانه-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)[النور: 36].
لقد جعل الله للمساجد أحكاما وآدابا، ورتب على ذلك أجورا عظيمة،؛ ليرغب الناس في تلك الفضائل، فأولا حث على عمارتها حسيا، وهو بناؤها وإحسان ذلك، وتعاهدها بالنظافة والإصلاح، وتهيئتها للمصلين والمعتكفين، كما قال -سبحانه-: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[البقرة: 125].
أخرج صاحبا الصحيحين من حديث عثمان بن عفان قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من بنى مسجدًا، يبتغي به وجه الله؛ بنى الله له مثله في الجنة"، وأخرج ابن ماجه في سننه من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من بنى مسجدًا لله كمفحص قطاة أو أصغر؛ بنى الله له بيتًا في الجنة".
كما حث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على نظافة المساجد وتعاهدها، كما أخرج صاحبا الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن امرأة سوداء كانت تقُم المسجد أو شابًا، ففقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات قال: "أفلا كُنتم آذنتموني؟"، قال: فكأنهم صغروا أمرها أو أمره، فقال: "دُلوني على قبره فدلوه"، فصلى عليها ثم قال: "إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله -عز وجل- ينورها لهم بصلاتي عليهم".
أيها المؤمنون: إن عمارة المساجد من علامات الإيمان، قال -سبحانه-: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ)[التوبة: 18] ، وإن مما يؤسف له عدم اهتمام البعض لا بالمشاركة في صيانتها، ولا في نظافتها، وكأنها مجلس من المجالس، فالبعض يعمل فيها مالا يليق بالمجالس العامة فضلا عن المساجد، فتجده ينظف ثوبه وغترته وربما أنفه، ويلقي بقاذوراته عل الفرش، والبعض يقلم أظفاره، وينتف شعره، وأشياء غريبة لا يصدق المسلم أن أحدا يفعل ذلك، حتى يراه بعينه، ولهذا قال أهل العلم: "إن المساجد تصان مما تصان منه عين الإنسان، فكل قذاة تؤذي عينك لا تضعها في المسجد".
وإن من عمارتها، عمارتها بالعبادة؛ فهي موطن العبادة، وفيها يخلو العبد بربه، فيخلص له العبادة، ويخلو بنفسه فيحاسبها ويهذبها، وهل بنيت المساجد إلا لعمارتها بالعبادة؟، فعود نفسك المكث في المساجد، ولا تستطيل الوقت، فأنت في عبادة حتى تخرج منه، والملائكة تستغفر لك، وقد حفظت سمعك وبصرك من المآثم.
عباد الله: وإن مما يدعا إليه لفعله، طباعة المصاحف ووضعها في المساجد، سواء في الداخل أو الخارج، فإن ذلك من الأوقاف التي يستمر أجرها على العبد بعد موته، أخرج ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علمًا علمه ونشره، وولدًا صالحًا تركه، ومصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من بعد موته".
ومن الأعمال الجليلة في المساجد: تعليم القرآن بإقامة حلقات التحفيظ فيها للرجال والنساء، ودعمها ماديا ومعنويا، فهي تربي الأجيال وتحفظ وقتهم، فالواجب دعمهم، والصبر على إزعاجهم فهم في الغالب أطفال، وغدا يكونوا عماد الأمة -بإذن الله-.
اللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك يا رب العالمين، أقُوْلُ قَوْلِي هَذا، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيْمَ لَيْ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، فَاسْتَغْفِرُوْهُ إنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فيا أيها الناس: لا يزال الحديث موصولا عن عمارة المساجد وفضله، فالمساجد هي مأوى الصالحين، وهي الحصن الحصين للمسلم من الفتن، ولا بد من التعاون في المحافظة عليها، فوزارة الشؤون الإسلامية تقوم بما تستطيع من متابعة المساجد وصيانتها حسب طاقتها، ولكن لابد من تعاون أهل كل مسجد مع إمامهم ومؤذنهم، في تهيئة المسجد ونظافته، فهو مسجدهم جميعا، والإمام والمؤذن لا يستطيعان القيام بذلك لوحدهم.
لا بد من التعاون، أقول هذا لأني ألحظ بعض الأئمة يتذمر من وضع مسجدهم حيث لا يوجد به عامل للنظافة ولا ينظف، قد على الغبار على أدراجه ومصاحفه؛ وذلك لعدم تكاتف أهل المسجد وتعاونهم، ولقد قامت الوزارة مشكورة بفتح المساهمة في منصة إحسان، تحت أيقونة العناية بالمساجد، فتستطيع التبرع عن طريق المنصة لمسجدك ولغيره من المساجد وتنال بذلك الأجر من الله.
وولاة الأمر وفقهم الله وقد وضعوا لكل سبيل خير مظلة رسمية؛ حتى لا يقع المسلم ضحية لتلاعب ضاعف الإيمان، وحتى لا يغلق الباب بسببهم، فطباعة المصاحف وبناء المساجد وتفطير الصائم والتفريج عن المساجين والقيام على الأرامل والمساكين، كل ذلك له مظلات رسمية موثوقة، فساهموا وقدموا لأنفسكم، فمجالات الخير مفتوحة، والمسابقة إلى الله لها ميدانها، فكن من السابقين.
التعليقات