عناصر الخطبة
1/تعليق الدراسة وتوقف الحركة بسبب كورونا 2/الحفاظ على الأمن والصحة مطلب شرعي 3/الواجب تجاه كورونا وسبل الوقاية منهاقتباس
مَا بينَ جُمُعَتِنَا المَاضِيَةِ وَهَذِهِ عِدَّةُ أَحْدَاثٍ وَقَرَارَاتٍ؛ أَهَمُّها: زِيَادَةُ المُصابِينَ بَمَرضِ الكُورُونَا، وَإيقَافُ العُمْرَةِ، وَتَعْلِيقُ الدِّرَاسَةِ، وَتَقْدِيمُ إقَامَةِ الصَّلاةِ، وَتَقْصِيرُ الخُطْبَةِ، وَإيقَافُ الدُّرُوسِ والحَلَقَاتِ، وَسَائِرُ التَّجَمُّعَاتِ. وهُنَا عِدَّةُ وَقَفَاتٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّ البَاعِثَ لِذَلِكَ الحِفَاظُ عَلى أَمْنِ النَّاسِ وَصِحَّتِهِمْ. وَهَذَا هَدَفٌ نَبِيلٌ انْطَلَقَ المَسْؤُولُونَ مِنْهُ مِنْ...
الخطبة الأولى:
الحَمدُ للهِ الذي قَدَّرَ الأُمورَ وَأَمضَاهَا، وعلِمَ أَحوَالَ الخَلائِقِ قَبْلَ خَلْقِهِمْ وَقَضَاهَا، كُلُّ شَيءٍ خَلَقَهُ سُبحَانَهُ بِقَدْرٍ وَقَدَرٍ، سُبحَانَهُ كَمْ أَحَاطَ عِلْمُهُ، وَكَمْ وَسِعَ حِلْمُهُ. وَأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَخِيرتُهُ وَصَفَهُ رَبُّهُ بِأَنَّهُ البَشِيرُ النَّذِيرُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ، وَعلَى آلهِ الطيِّبِينْ، وَصَحَابَتِهِ الغُرَّ المَيَامِينِ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -يَا مُؤمِنُونَ- واذْكُروا اللهَ وَاشْكُرُوهُ فِي السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ.
مَا بينَ جُمُعَتِنَا المَاضِيَةِ وَهَذِهِ عِدَّةُ أَحْدَاثٍ وَقَرَارَاتٍ؛ أَهَمُّها: زِيَادَةُ المُصابِينَ بَمَرضِ الكُورُونَا، وَإيقَافُ العُمْرَةِ، وَتَعْلِيقُ الدِّرَاسَةِ، وَتَقْدِيمُ إقَامَةِ الصَّلاةِ، وَتَقْصِيرُ الخُطْبَةِ، وَإيقَافُ الدُّرُوسِ والحَلَقَاتِ، وَسَائِرُ التَّجَمُّعَاتِ.
وهُنَا عِدَّةُ وَقَفَاتٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّ البَاعِثَ لِذَلِكَ الحِفَاظُ عَلى أَمْنِ النَّاسِ وَصِحَّتِهِمْ. وَهَذَا هَدَفٌ نَبِيلٌ انْطَلَقَ المَسْؤُولُونَ مِنْهُ مِنْ قَولِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ".
ثَانِي الوَقَفَاتِ: أَنَّ أَخْذَ الحَيطَةِ والحَذَرِ مِن الوَبَاءِ والمَرَضِ لا يُبْعِدُنَا عَنْ التَّوكُّلِ عَلى اللهِ -تَعَالى-، أَوْ أَنْ نَهْلَعَ وَنَخَافَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ، فَلِسَانُ الْمُؤْمِنِ يُرَدِّدُ قَوْلَ اللهِ -تَعَالى-: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا)[التوبة: 51[.
وَالْمُؤْمِنُ مُتَوَكِّلٌ عَلَى اللهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ أَمْرَهُ بِيَدِ مَوْلَاهُ: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)[الطلاق: 3].
ثَالِثَا: أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ اللهَ -تَعَالى- أَعْلَمُ بِنَا وَبِمَا يُصْلِحُنَا، وَقَدْ يَكْتُبُ عَلينَا مَا نَظُنُّهُ شَرَّاً وَهُوَ خَيْرٌ لَنَا، قَالَ اللهُ -تَعَالى-: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)[البقرة: 216] فَالآيَةُ حَثَّتْ عَلَى الْتِزَامِ أَمْرِ اللهِ -تَعَالى-، وَإنْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى النُّفُوسِ، وَعَلَى الرِّضَا بِقَضَاءِ اللهِ وَإنْ كَرِهَتْهُ الطِّبَاعُ، قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "لا تَكْرَهُوا البَلايَا الوَاقِعَةِ وَالنَّقَمَاتِ الحَادِثَةِ، فَلَرُبَّ أَمْرٍ تَكْرَهُهُ يَكُونُ فِيهِ نَجَاتُكَ، وَلَرُبَّ أَمْرٍ تُؤْثِرُهُ يَكُونُ فِيهِ عَطَبُكَ" أَي: هَلاكُكَ.
وَقَالَ الفُضَلُ بنُ سَهْلٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "إنَّ فِي العِلَلِ لَنِعَمَاً، فَهِيَ تَمْحِيصٌ لِلذُّنُوبِ، وَإيْقَاظٌ مِنْ الغَفْلَةِ، وَتَذْكِيرٌ بِنِعْمَةِ الصِّحَّةِ، وَاسْتِدْعَاءٌ لِلتَّوْبَةِ، وَحَضٌّ عَلَى الصَّدَقَةِ".
وَصَدَقَ ابنُ المُعْتَزِّ يَومَ أَنْ قَالَ:
رُبَّ أَمرٍ تَتَّقيهِ *** جَرَّ أَمراً تَرتَجيهِ
خَفِيَ المَحْبُوبُ مِنهُ *** وَبَدَا المَكرُوهُ فِيهِ
فَالَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ، وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ، وَإِذَا أَذْنَبَ اسْتَغْفَرَ، فَاسْتَغْفِرُوا اللهَ وَتُوبُوا إليهِ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلهِ وَاسِعِ الفَضْلِ، عَظِيمِ المِنَنِ، وَأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ عَدْلٌ فِي قَضَائِهِ، حَكِيمٌ فِي أَفْعَالِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ المُصْطَفَى، وَنَبِيُّهُ المُرْتَضَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وَأصْحابِهِ وَأتْبَاعِهِ وَمَنْ بِهُدَاهُمُ اقْتَدَى.
أَمَّا بَعْدُ: (فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[المائدة: 100].
عِباَدَ اللهِ: رَابِعُ الوَقَفَاتِ مَعَ هَذِهِ الأحْدَاثِ: أَنْ تَكُونَ دَافِعَاً لِكَثْرَةِ التَّوبَةِ والاسْتِغفَارِ، فَاللهُ -تَعَالى- يَقُولُ: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور: 31].
وَنَبِيُّنا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ".
الوَقْفَةُ الخَامِسَةُ: أَنْ نَسْتَشْعِرَ وَنُطَبِّقَ فَضْلَ التَّبْكِيرِ إلى الصَّلاةِ، وانْتِظَارِهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ، لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ، لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".
إخْوَانِي: التَّبْكِيرُ في الإقَامَةِ لا يَعْني تَهَاونَاً في الصَّلَواتِ أو عَدَمَ اكْتِرَاثٍ لَهَا أو أنَّها هَمٌّ يَجِبُ أَنْ يُزَالَ كلا، بَلْ الوَاجِبُ أَنْ يَجْعَلَنَا هَذا القَرَارُ نَتَذَاكَرُ فَضْلَ التَّبْكِيرِ للِصَّلاةِ، وَأَهَمِّيَّةَ الطُّمَأنِينَةِ فِيها، يَقُولُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَقُولُ مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ".
عِبَادَ اللهِ: وَلْنَحْذَرْ مِنَ التَّخَلُّفِ عَنْ الجُمُعَةِ والجَمَاعَةِ، فَاللهُ -تَعَالى- حَذَّرَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مريم: 59]، وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَةَ والجَمَاعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ".
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
اللَّهُمَّ اِرْفَعْ عَنَّا وَعَنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ الْبَلَاءَ وَالْغَلَاَءَ وَالْوَبَاءَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الأَبْدَانِ، وَالأَمْنَ فِي الأَوْطَانِ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِنَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].
عباد الله: اذكروا اللهَ العظيمَ يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
التعليقات