عناصر الخطبة
1/ تغرب الوافدين ومعاناتهم طلبا للرزق الحلال 2/ بعض صور الظلم الممارس ضد العمالة الوافدة 3/التحذير من الظلم وضرورة اتقاء دعوة المظلوم.
اهداف الخطبة

اقتباس

فالظلم مُحَرَّمٌ بجميع أنواعه، ومع كل أحد، لكنه يتأكد مع المسلم؛ والظلم عاقبته وخيمة، وصاحبه على شفا جُرُفٍ هارٍ؛ لأن دعوة المظلوم تتبعه أين كان، ومتى حل ورحل. عن أبي هريرة مرفوعا: "ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلى وَلَدِه، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

 

 

 

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: عباد الله: اتقوا الله -تعالى-، واحرصوا على التخلص من حقوق العباد، واحذروا من التلبس بمظلمة الخلق, فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.

 

 عباد الله: إن أنواع الحقوق كثيرة, فمنها التساهل في حقوق العمالة الوافدة؛ فإن هؤلاء العمالة تركوا أوطانهم وأولادهم وسافروا في سبيل طلب الرزق والمعيشة، وقد يغيب الواحد منهم عن أهله سنوات كثيرة.

 

بل إن بعضهم يترك أولاده أطفالا فيعود إليهم وقد بلغوا ما بلغوا من السن، ولم تكن غيبته اختيارا؛ بل اضطرارا في طلب الرزق والكد عليهم.

 

وإن المشاهد والمسموع من ظلم العمال كثير، ويختلف ذلك الظلم، وتتعدد صوره وأشكاله.

 

فمنها ما يقوم به بعض الكفلاء من تأخير رواتب عامله شهرا أو شهرين، بل يستمر ذلك إلى شهور كثيرة، أو أن يعطيه جزءا من مرتبه ويماطل في الجزء المتبقي، فترى ذلك العامل يتذلل لكفيله ويكرر طلب حقه، بل قد تسابق دموعه كلماته، فإذا لم ير نتيجة من كفيله، ذهب العامل حائرا يشكو حاله إلى من يعرف ومن لا يعرف، إلى إمام المسجد وإلى مؤذنه، أو إلى بعض جماعة مسجده، فإن وجد فرجا ومخرجا، وإلّا أجبر نفسه على الصبر!.

 

عجبا من ذلك الكفيل المتعالي! ألم يتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" رواه ابن ماجة عن ابن عمر.

 

فعلى هذا يُحرم مطله والتسويف به مع القدرة، فالأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل.

 

عباد الله: ومن ذلك أن بعض الكفلاء يسيب عامله ويفرض عليه مبلغا من المال يدفعه إليه في كل شهر، وهذا لا يجوز؛ لما فيه من الظلم، ولأنه اتفاق مخالف للشرع.

 

ومن ذلك؛ فإن بعض الكفلاء يستقدم عاملا لعمل معين، كمزارع مثلا، فإذا وصل العامل إلى مكان كفيله فوجئ بعشرات الأعمال، فإذا كلمت كفيله في شأنه وأن هذا يشق عليه رفع صوته قائلا: هو تحت كفالتي ولي فيه مطلق التصرف! عجبا لهذا! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!.

 

فيقال لمن هذا شأنه: اتق الله في أولئك العمال، فإن كان ولا بد أن تكلفهم بأعمال أخرى، فعوضهم بشيء من المال عن تلك الأمور الزائدة على عملهم الأصلي.

 

عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إخوانكم -يعني الخدم- جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه؛ فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه".

 

وفي لفظ آخر: "فإن كلفتموهم فأعينوهم".

 

ومن صور الظلم أيضا أن بعض الكفلاء يعامل عامله معاملة قاسية، لا رحمة فيها ولا هوادة، فلا يكلمه إلا برفع لسانه عليه، ولا ينظر إليه إلا شزرا.

 

وأعظم من ذلك أن بعض الكفلاء لا ينادي خادمه إلا بألفاظ ثقيلة على مسامع ذلك العامل، فتارة يناديه بوصفه بـــ يا حيوان، و يا طفل،  وتارة يعيره بجنسيته متهكما متسخرا، وكل هذا حرام لا يجوز؛ لأن فيه أذية له.

 

أخرج البخاري في صحيحه أن أبا ذر -رضي الله عنه- عير غلاما له بأمه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية".

 

والمعنى أن تعيير الشخص بأمه خصلة من خصال الجاهلية، وعلى هذا فلا يجوز للمسلم أن يلمز أخاه، أو يعيره؛ بل عليه أن يعرف له قدره وكرامته.

 

ومن صور الظلم أيضا أن بعض الكفلاء يجعل راتب عماله من مصرف زكاته، وهذا العمل فيه مظلمة لنفسه وللفقراء، حيث جر إلى نفسه إثما عظيما بهذا، وظلما للفقراء؛ لأنه دفع ما يستحقونه إلى نفسه!.

 

ومع هذا، فإن تصرفه هذا لا يجزئه عن الزكاة، ولا تبرأ ذمته منها، فالزكاة فرضها الله لأصحابها استحقاقا وتملكا، لا استبدالا ومعاوضة، فليحذر أولئك القوم من التحايل على شرع الله، وليتذكروا قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَرْتَكِبُوا مَا اِرْتَكَبَ الْيَهُود فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِم اللَّه بِأَدْنَى الْحِيَل".

 

 اللهم أعنا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: عباد الله: اتقوا الله -تعالى-، واحذروا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وعقوباته عاجلة في الدنيا، وهو من الكبائر المهلكة.

 

عن أبي ذر -رضي الله عنه- مرفوعا: أن الله -تبارك وتعالى- يقول في الحديث القدسي: "يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا".

 

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ" رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر.

 

وفي رواية عند الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم أخو المسلم، لا يخونه ولا يكذبه".

 

فالظلم مُحَرَّمٌ بجميع أنواعه، ومع كل أحد، لكنه يتأكد مع المسلم؛ والظلم عاقبته وخيمة، وصاحبه على شفا جُرُفٍ هارٍ؛ لأن دعوة المظلوم تتبعه أين  كان، ومتى حل ورحل.

 

عن أبي هريرة مرفوعا: "ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلى وَلَدِه، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

 

عباد الله: كم من دعوة مظلوم قد سلبت غنيا ماله! وكم من دعوة مظلوم قد فرقت بين المرء وزوجه! وكم من دعوة مظلوم قد فرقت جماعات، وهدمت لذات.

 

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

 

فأكثروا من الصلاة عليه، يُعْظِم لكم ربكم بها أجرا، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا".

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر.

 

وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي؛ وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنّك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واحم حوزة الدين.

 

 اللهم إنا نعوذ بك من شر اليهود والنصارى والرافضة، اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، وندرأ بك اللهم في نحورهم.

 

اللهم خالف بين كلمتهم، اللهم واجعل بأسهم بينهم شديداً، اللهم واجعل بأسهم بينهم شديداً، اللهم واجعل بأسهم بينهم شديداً.

 

اللهم انصر دينك، وانصر من نصر دينك، واجعلنا من أنصار دينك يا رب العالمين.

 

اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين والمؤمنات في كل مكان من أرضك يا رب العالمين، اللهم ارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وفك أسرهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.

 

اللهم وآمنا في دورنا، وأوطاننا، وأصلح ووفق ولاة أمورنا، اللهم وأصلح قلوبهم وأعمالهم يا ذا الجلال والإكرام.

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

.

اللهم اصرف عنا وعن جميع المسلمين شر ما قضيت، اللهم ارفق بنا وبالمسلمين في قضائك وقدرك.

 

اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولأولادنا ولأزواجنا ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات:180-182].

 

 

 

المرفقات
ظلم العمال2.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life