اقتباس
هناك طموح مشترك وعظيم لدى الشباب المسلمين والشابات المسلمات، وهو إقامة أسرة ملتزمة ومتحابة وناجمة، وهذا الطموح السامي نابع من طبيعة تكوين كلّ من الرجل والمرأة، حيث إننا حين ننظر إلى ملامح تكوين كلّ منهما نجد أنّ الرجل خُلق ليعيش في جوار المرأة، كما أنّ المرأة خُلقت لتعيش في جوار الرجل؛ إذ إن كلّ واحد منهما محتاج حاجة شديدة إلى الآخر، كما أن كلاً منهما يوفر للآخر من الأنس والأمان والرعاية ما يجعل حياته هانئة وسعيدة..
هناك طموح مشترك وعظيم لدى الشباب المسلمين والشابات المسلمات، وهو إقامة أسرة ملتزمة ومتحابة وناجمة، وهذا الطموح السامي نابع من طبيعة تكوين كلّ من الرجل والمرأة، حيث إننا حين ننظر إلى ملامح تكوين كلّ منهما نجد أنّ الرجل خُلق ليعيش في جوار المرأة، كما أنّ المرأة خُلقت لتعيش في جوار الرجل؛ إذ إن كلّ واحد منهما محتاج حاجة شديدة إلى الآخر، كما أن كلاً منهما يوفر للآخر من الأنس والأمان والرعاية ما يجعل حياته هانئة وسعيدة. أنا أشعر يا بناتي وأبنائي أنّ الشاب المُعرض عن الزواج أو غير المهتم به، وأنّ الفتاة التي لا تطمح إلى أن تكون ربة بيت وأمّاً صالحة... أن ذلك وتلك سيظلان ناقصي الشخصية، حتى إني اكاد أقول: إنّ الإنسان يكتسب شخصية جديدة بعد الزواج؛ وذلك بسبب نمو بعض المشاعر والمفاهيم لديه من خلال تغير نظرته للحياة. لاحظوا ما لدى آبائكم وأمهاتكم من الشعور بالمسؤولية تجاه بعضهم وتجاه الأسرة، ولاحظوا روح التضحية والإيثار والاحتمال وروح المسايرة والتفاوض والتنازل والتكافل والتعاون والتراحم والتعاطف المتبادل... إنّ كلّ هذه المعاني تكون لدى الآباء والأُمّهات أكثر اكتمالاً وحيوية منها لدى الرجال والنساء غير المتزوجين وغير المتزوجات. وعلينا ألّا ننسى هنا شيئين مهمين جدّاً، هما:
الأوّل: تحصين النفس من الانحراف، وإعفاف العين عن النظر إلى الحرام، وكلكم يعرف قوله (ص): "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنّه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنّه له وجاء". إنّ هذه دعوة صريحة إلى الحرص على الزواج وإلى الحرص على التبكير فيه؛ وأي شيء أجمل من أن ينجب الإنسان أولاده وهو شاب، فيستمتع بهم، ويستمتعون به مدة طويلة من الزمان – بإذن الله – كما أنّ الأبوين الشابين يكونان أقدر على فهم مشاعر أبنائهما واحتياجاتهم وأقدر على تربيتهم وتعليمهم.
الثاني: إشباع عاطفة الأبوة والأمومة التي فطر الله – تعالى – عليها الرجال والنساء، وهذه من بركات الزواج. إنّ الأطفال هم بهجة الحياة، وبهم ينسأ الله في آمال الإنسان، ويمد في نظره للمستقبل، كما أنّ الصالحين منهم يضيفون باستمرار الحسنات إلى رصيد آبائهم وأمهاتهم والذين كانوا السبب في وجودهم وصلاحهم.
قد تقولون لي: ما الذي علينا أن نفعله حتى نتهيأ لبناء أسرة متدينة ومتحابة ومتميزة؟
أقول: إنّ هذا الأمر يتطلب العديد من الأمور، وأهمها ثلاثة:
1- إدخال مسألة الزواج وبناء الأسرة في الخطط المستقبلية للشباب والفتيات، وهذا يعني أن عليهم وهم يفكرون بدراستهم أن يتساءلوا: متى سيكون الزواج؟ وهل يمكن التوفيق بين الدراسة والزواج؟ وكيف يتم ذلك؟ أو أنّ الزواج يكون بعد الانتهاء من الدراسة؟ وهذه المسألة مهمة جدّاً بالنسبة إلى الفتيات، حيث إنّ الواحدة منهنّ قد تختار تخصصاً يحتاج الفراغ منه إلى وقت طويل، وقد تلتحق بالدراسات العليا ولا تفرغ منها إلا وقد تجاوزت الثلاثين، وهذا يجعل الخيارات أمامها محدودة، ممّا يضطرها إلى أن توافق على زوج ليس هو الزوج الذي تستحقه. وحسب خبرتي الخاصة فإنّه إذا توفر المال فإنّ الزواج لا يعيق عن التحصيل العلمي الجيِّد، ولاسيما إذا تم تنظيم الوقت على نحو حسن. وينبغي على الفتاة إذا حصلت على الثانوية أن تعطي الأولوية للزواج عند عدم إمكانية الجمع بين الدراسة والزواج، وسيكون في إمكانها أن تدرس منتسبة أو في جامعة مفتوحة...
2- ليكن الدين والخلق أهم ما يبحث عنه الشاب، وأهم ما تبحث عنه الفتاة؛ لأنهما يشكلان الضامن الأساسي لاستمرار الحياة الزوجية. بعض الشباب والفتيات يؤدون الفرائض، ولا يرتكبون الكبائر، لكن لديهم طباع رديئة وأخلاق صعبة، وبعضهم لديه أخلاق سهلة، وصفات محببة، لكنهم مفرطون في الواجبات ومتساهلون تجاه بعض المحرمات، وهؤلاء وأولئك، ليسوا ممّن ينبغي أن يُسعى إليهم؛ وذلك بسبب عدم توفر الدين أو الخلق. وإنّ كثيراً من المشكلات التي تعاني منها الأسر اليوم يعود إلى ضعف في الدين أو ضعف في الأخلاق...
3- أنتم تلاحظون كثرة الخلافات الزوجية وكثرة وقائع الطلاق في هذه الأيّام؛ وذلك بسبب الثقافة التي تنشرها العولمة والتي تؤكد على الاستقلال الشخصي، وتروج للأنانية، والتمتع والتسلية واللهو، وهذه المعاني مضادة لمقتضيات التآلف والتراحم بين الزوجين، ومضادة لأسس الاستمرار في حياة زوجية هانئة، ولهذا فإن على كلّ واحد من أبنائي وبناتي أن يحاول امتلاك الثقافة التي تساعد على أن يكون عضواً ممتازاً في أسرة ممتازة، وذلك من خلال معرفة آداب الحياة الأسرية وواجباتها ومعرفة شروط الوئام الأسري، كما أن عليه أن يتهيأ نفسياً وثقافياً لتربية الأولاد والبنات وينبغي أن يكون هذا قبل الزواج بمدة كافية.
4- إنّ أقدر إنسان على إسعاد إنسان آخر وإشقائه هو الزوج والزوجة، ومن ثمّ فلابدّ من معرفة مكونات الحياة الأسرية الناجحة والامتثال لمتطلباتها. إنّ الزواج المبكر من غير استعداد حسن قد يؤدي إلى طلاق مبكر، وهذا ما تشير إليه الدراسات، حيث إنّ معظم حالات الطلاق يقع في السنوات الأربع الأولى من بداية الحياة الزوجية.
التعليقات