صفحات من العز، وصور من الهوان

إبراهيم بن صالح العجلان

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
اهداف الخطبة

اقتباس

فآهٍ ثم آه من موت الضمير، وموت مشاعر المسلمين، فأين الإيمان، أين الدين، أين المروءة، أين الرجولة.
والله والله لو رأى عرب الجاهلية عبدة الحجر والصنم، هذه المناظر المؤلمة لطلقوا الحياة، وهبُّوا لنجدة من استغاث........أما نحن فنهبُّ، ولكن لهيئة الأمم ومجلس الأمن، وهم الذين جرَّأو الجزار على القتل والإرهاب.
من خمسين سنة ونحن نشجب ونستنكر، ونرفع إليهم مآسينا وظلمنا .

 

 

 

 

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

 

دَعُونَا نَتَحَدَّثْ عَنْ تَارِيخِنَا الْمَنْسِيِّ، وَنَسْتَنْطِقْ بَعْضَ صَفَحَاتِنَا الصَّامِتَةِ.

 

دَعُونَا نَتَحَدَّثْ عَنْ تَارِيخِنَا بِحُلْوِهِ وَمُرِّهِ، وَأَفْرَاحِهِ وَأَتْرَاحِهِ.

 

فَمَنْ عَقَلَ التَّارِيخَ، رَشَدَ عَقْلُهُ، وَحَسُنَ رَأْيُهُ، وَعَاشَ عَصْرَهُ بِتَجَارِبِ غَيْرِهِ:

وَمَنْ حَوَى التَّارِيخَ فِي صَدْرِهِ *** أَضَافَ أَعْمَارًا إِلَى عُمُرِهِ

 

تَارِيخُنَا مَلِيءٌ بِصَفَحَاتٍ مُشْرِقَةٍ، تَرْسُمُ الْبَسْمَةَ، وَتُحْيِي نَشْوَةَ الْعِزَّةِ، وَصَفَحَاتٍ أُخْرَى مُؤْلِمَةٍ، تَبْعَثُ عَلَى الْأَسَى، وَيَهْتِفُ مَعَهَا الْمَرْءُ مُبْتَئِسًا: لَيْتَهَا مَا كَانَتْ وَلَا كَانُوا.

 

وَبَيْنَ تِلْكَ الصُّورَةِ وَضِدِّهَا تَكُونُ سُنَنُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ لَا تُحَابِي أَحَدًا: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

 

فَإِلَى صَفَحَاتِ الْعِزِّ، وَصُوَرِ الشُّمُوخِ الَّتِي حَلَّقَ فِي سَمَائِهَا طَلِيعَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَوْمَ أَنْ كَانَ دُسْتُورَهُمُ الْقُرْآنُ، وَمَفْخَرَتَهُمُ الْإِيمَانُ، وَرَابِطَتَهُمْ شَهَادَةُ التَّوْحِيدِ.

بِمَعَابِدِ الْإِفْرِنْـجِ كَـانَ أَذَانُنَـا ** قَبْلَ الْكَتَائِبِ يَفْتَـحُ الْأَمْصَـارَا

لَمْ تَنْسَ أَفْرِيقْيَا وَلَا صَحْرَاؤُهَـا *** سَجَدَاتِنَا وَالْأَرْضُ تَقْذِفُ نَـارَا

 

يَخْرُجُ الْفَارُوقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا خَادِمُهُ وَدَابَّتُهُ، وَالْهَدَفُ: اسْتِلَامُ مَفَاتِيحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَيَنْتَظِرُ قَادَةُ الْمُسْلِمِينَ وَلِيَّ أَمْرِهِمْ وَخَلِيفَتَهُمْ بِالْجَابِيَةِ عَلَى هَضْبَةِ الْجُولَانِ.

 

وَيَصِلُ عُمَرُ إِلَى الْجَابِيَةِ، وَالْجُمُوعُ تَنْتَظِرُهُ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مَخَاضَةُ مَاءٍ، فَنَزَلَ عُمَرُ عَنْ نَاقَتِهِ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، وَأَخَذَ بِزِمَامِ النَّاقَةِ، وَخَاضَ بِهَا الْمَخَاضَةَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا! مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ اسْتَشْرَفُوكَ وَنَظَرُوا إِلَيْكَ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ!!

 

فَصَكَّ عُمَرُ صَدْرَ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَقَالَ أَوَّهْ! لَوْ قَالَ ذَا غَيْرُكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ جَعَلْتُهُ نَكَالًا لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ. ثُمَّ قَالَ الْفَارُوقُ بِضْعَ كَلِمَاتٍ، سَجَّلَهَا التَّارِيخُ، وَتَنَاقَلَتْهَا الْأَجْيَالُ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ، قَالَ: نَحْنُ قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَمَهْمَا ابْتَغَيْنَا الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ أَذَلَّنَا اللَّهُ.

 

وَصَفْحَةٌ أُخْرَى مِنْ صَفَحَاتِ عِزَّةِ الْأُمَّةِ: يَغْتَمُّ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-  لِاجْتِمَاعِ الرُّومِ اجْتِمَاعًا لَمْ يَجْتَمِعُوا لَهُ لِحَرْبِ الْإِسْلَامِ، فَجَلَسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُفَكِّرُ إِلَّا فِي كَيْفِيَّةِ مُوَاجَهَةِ قُوَّةِ الرُّومِ، ثُمَّ أَصْبَحَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُنْسِيَنَّ الرُّومَ وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، ثُمَّ أَبْرَقَ إِلَى خَالِدٍ أَنْ تَوَجَّهْ إِلَى الشَّامِ، فَكَانَتْ وَقْعَةُ الْيَرْمُوكِ سَنَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلْهِجْرَةِ.

 

اصْطَفَّ فِيهَا الْفَرِيقَانِ، فَطَلَبَ مَاهَانُ قَائِدُ الرُّومِ أَنْ يَتَحَدَّثَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَبَرَزَ لَهُ خَالِدٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَقَالَ لَهُ مَاهَانُ سَاخِرًا: "إِنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَا أَخْرَجَكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ إِلَّا الْجَهْدُ وَالْجُوعُ، فَهَلُمُّوا إِلَى أَنْ أُعْطِيَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَكِسْوَةً وَطَعَامًا، وَتَرْجِعُونَ إِلَى بِلَادِكُمْ، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ بَعَثْنَا لَكُمْ بِمِثْلِهَا".

 

فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: إِنَّهُ لَمْ يُخْرِجْنَا مِنْ بِلَادِنَا مَا ذَكَرْتَ، غَيْرَ أَنَّا قَوْمٌ نَشْرَبُ الدِّمَاءَ، وَأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ لَا دَمَ أَطْيَبُ مِنْ دَمِ الرُّومِ.

 

وَتَلَاحَمَ الْجَيْشَانِ، وَزَحَفَ الرُّومُ بِأَعْدَادِهِمُ الْكَثِيرَةِ، وَذُهِلُوا مِنْ بُطُولَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَثَبَاتِهِمْ، وَكَسَرَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَسَطَ الْجَيْشِ حَتَّى تَرَاجَعُوا وَتَسَاقَطُوا، وَانْتَهَتْ مَعْرَكَةُ الْيَرْمُوكِ بِسَحْقِ الرُّومِ، وَخُرُوجِ هِرَقْلَ مِنَ الشَّامِ ذَلِيلًا وَهُوَ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا سُورِيَّا، سَلَامًا لَا لِقَاءَ بَعْدَهُ.

 

فِي زَمَنِ الْعِزَّةِ وَالشُّمُوخِ: يَتَوَغَّلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَرْضَ الْعِرَاقِ، وَيَطْرُدُ الْفُرْسَ مِنْهَا، فَجَعَلَ لَا يَقِفُ فِي وَجْهِهِ كَتِيبَةٌ إِلَّا كَسَرَهَا، وَلَا جَيْشًا يَزْحَفُ إِلَّا بَدَّدَهُ، حَتَّى اقْتَرَبَ مِنْ قَائِدِهِمْ هُرْمُزَ، فَبَعَثَ لَهُ ابْنُ الْوَلِيدِ خِطَابًا يَقْطُرُ عَظَمَةً وَعِزَّةً، قَالَ لَهُ: "أَمَّا بَعْدُ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، أَوِ اعْتَقِدْ لِنَفْسِكَ وَقَوْمِكَ الذِّمَّةَ وَأَقْرِرْ بِالْجِزْيَةِ، وَإِلَّا فَلَا تَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَكَ، فَقَدْ جِئْتُكَ بِقَوْمٍ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ كَمَا تُحِبُّونَ الْحَيَاةَ".

 

فَأَبَى الْمَجُوسِيُّ إِلَّا الْقِتَالَ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَتَقَابَلَ الْجَيْشَانِ، فَخَرَجَ هُرْمُزُ بِزُهُوِّهِ وَخُيَلَائِهِ، وَتَبَخْتُرِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَدَعَا لِلْمُبَارَزَةِ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَسِ وَأَصْلَبِ الْفُرْسِ، فَخَرَجَ لَهُ سَيْفُ اللَّهِ الْمَسْلُولُ، فَتَبَارَزَا، فَدَفَنَهُ ابْنُ الْوَلِيدِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ.

يَا ابْنَ الْوَلِيدِ أَلَا سَيْفٌ تُؤَجِّرُهُ *** فَكُلُّ أَسْيَافِنَا قَدْ أَصْبَحَتْ خَشَبًا

 

فِي زَمَنِ الْعِزَّةِ وَالشُّمُوخِ: يَدْخُلُ رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ بِثَوْبِهِ الْمُرَقَّعِ عَلَى إِيوَانِ كِسْرَى مُعْتَمِدًا عَلَى رُمْحِهِ؛ لِيَقِفَ أَمَامَ رُسْتُمَ، وَعِنْدَهُ عَسَاكِرُهُ وَحُرَّاسُهُ فَيَصْعَقُهُ بِكَلِمَاتِ الْعِزِّ: جِئْنَا لِنُخْرِجَ الْعِبَادَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّ الْعِبَادِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سَعَةِ الْآخِرَةِ، وَمِنْ جَوْرِ الْأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الْإِسْلَامِ.

 

وَفِي زَمَنِ الْعِزَّةِ أَيْضًا: يَسْتَلِمُ الْخَلِيفَةُ هَارُونُ الرَّشِيدُ رِسَالَةً مِنْ مَلِكِ الرُّومِ، يَنْقُضُ فِيهَا الْعَهْدَ، وَيَمْنَعُ الْجِزْيَةَ الَّتِي كَانَ يَدْفَعُهَا مَنْ قَبْلَهُ، وَجَاءَ فِي رِسَالَتِهِ الْمُتَعَالِيَةِ: "أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْمَلِكَةَ الَّتِي قَبْلِي كَانَتْ حَمَلَتْ إِلَيْكَ مِنْ أَمْوَالِهَا أَحْمَالًا، كُنْتَ حَقِيقًا بِحَمْلِ أَضْعَافِهَا إِلَيْهَا، لَكِنَّ ذَلِكَ لِضَعْفِ النِّسَاءِ وَحُمْقِهِنَّ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَارْدُدْ مَا حَصَلَ لَكَ مِنْ أَمْوَالِهَا، وَافْتَدِ بِنَفْسِكَ، وَإِلَّا فَالسَّيْفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ".

 

فَلَمَّا قَرَأَ الرَّشِيدُ الْكِتَابَ اسْتَشَاطَ غَضَبًا، حَتَّى تَفَرَّقَ جُلَسَاؤُهُ مِنَ الْخَوْفِ، وَاسْتَعْجَمَ الرَّأْيُ عَلَى الْوَزِيرِ، فَدَعَا الرَّشِيدُ بِالْكِتَابِ وَكَتَبَ عَلَى ظَهْرِهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى نَقْفُورَ كَلْبِ الرُّومِ، قَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ يَا ابْنَ الْكَافِرَةِ، وَالْجَوَابُ مَا تَرَاهُ لَا مَا تَسْمَعُهُ" ثُمَّ رَكِبَ مِنْ حِينِهِ مِنْ بَغْدَادَ، وَلَمْ يَقِفْ إِلَّا عَلَى أَبْوَابِ مَدِينَةِ الرُّومِيِّ نَقْفُورَ، وَحَاصَرَهُمْ حِصَارًا شَدِيدًا، حَتَّى طَلَبُوا الصُّلْحَ، وَدَفَعَ نَقْفُورُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُوَ صَاغِرٌ.

 

وَمِنْ صَفَحَاتِ الْعِزِّ إِلَى صُوَرِ الْمَأْسَاةِ وَالذُّلِّ.

 

نَعَمْ، تِلْكَ الْأَيَّامُ يُدَاوِلُهَا اللَّهُ بَيْنَ النَّاسِ، لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَعَدَ، أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ حَالَ الْأُمَّةِ مِنْ نِعْمَةِ الْعِزِّ وَالرِّفْعَةِ إِلَّا إِذَا تَغَيَّرَتْ نُفُوسُهُمْ، وَأَعْرَضُوا عَنْ هِدَايَاتِ رَبِّهِمْ (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

 

فِي أَوَائِلِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ ظَهَرَتْ فِرْقَةُ الْقَرَامِطَةِ، ظَاهِرُهُمُ الرَّفْضُ، وَبَاطِنُهُمُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ، أَظْهَرُوا التَّشَيُّعَ لِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَأَضْمَرُوا شَتْمَ وَلَعْنَ الصَّحَابَةِ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ تَجَمُّعُهُمْ وَتَآمُرُهُمْ غَيْرَ مُعْلَنٍ، حَتَّى إِذَا رَأَوْا ضَعْفَ الدَّوْلَةِ وَغَرَقَهَا فِي الْمُلْهِيَاتِ حَانَتْ سَاعَةُ الِانْقِضَاضِ، فَانْقَضُّوا كَالْكَوَاسِرِ عَلَى النَّاسِ، وَكَانَ هَدَفُهُمْ قِبْلَةَ الْمُسْلِمِينَ، سَارُوا إِلَى مَكَّةَ وَقْتَ الْحَجِّ، فَبَلَغُوا الْحَرَمَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَأَعْمَلُوا السُّيُوفَ فِي الطَّائِفِينَ، وَانْتَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ، وَسَبَوْا حَرِيمَهُمْ وَصِبْيَانَهُمْ، فَقَتَلُوا فِي فِجَاجِ مَكَّةَ ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَقَتَلُوا الطَّائِفِينَ فِي حَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَصَعِدَ قَائِدُهُمْ الْقُرْمُطِيُّ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ، وَخَطَبَ، وَالنَّاسُ يُقْتَلُونَ فَقَالَ:

أَنَا بِاللَّهِ وَبِاللَّهِ أَنَا *** يَخْلُقُ الْخَلْقَ وَأُفْنِيهِمْ أَنَا

 

وَرَدَمَ بِئْرَ زَمْزَمَ بِجُثَثِ الْحُجَّاجِ، وَكَانَ الْقُرْمُطِيُّ يَقُولُ سَاخِرًا بِالْقُرْآنِ: أَيْنَ الطَّيْرُ الْأَبَابِيلُ؟ أَيْنَ الْحِجَارَةُ مِنْ سِجِّيلٍ؟ ثُمَّ قَلَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَأَخَذَهُ إِلَى هَجَرَ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً.

 

فِي زَمَنِ الْهَوَانِ يَجْتَاحُ التَّتَرُ أَرْضَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ، الَّتِي فَتَحَهَا الصَّحَابَةُ بِدِمَائِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ، فَعَاثُوا فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ، وَارْتَكَبُوا مِنَ الْمَجَازِرِ مَا يَعْجَزُ عَنْ رَقْمِهِ الْبَنَانُ، قُتِلَ النَّاسُ فِي بُيُوتِهِمْ، وَطُرُقَاتِهِمْ، وَمَسَاجِدِهِمْ.

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَبَلَغَ عَدَدُ الْقَتْلَى ثَمَانِ مِائَةِ أَلْفٍ، وَقِيلَ: أَلْفَ أَلْفٍ، وَثَمَانِ مِائَةِ أَلْفٍ، وَفِي هَذَا يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ:

حَتَّى بَكَى الْإِسْلَامَ أَعْدَاهُ الْيَهُو *** دُ كَذَا الْمَجُوسُ وَعَابِدُ الصُّلْبَانِ

 

فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَانَ النَّاسُ يَتَخَفَّوْنَ عَنِ التَّتَرِ فِي الْمَقَابِرِ، وَأَسْطُحِ الْمَنَازِلِ، وَفِي الْحُشُوشِ، وَالْمَزَابِلِ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ التَّتَرِيُّ يَأْتِي لِلْبَيْتِ الْمُسْلِمِ فَيَخْلَعُ الْبَابَ، فَيَتَخَيَّرُ مَا يَشَاءُ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ يَذْبَحُ الْبَاقِيَ، وَيُلْقِيهِمْ مِنْ عَلَى أَسْطُحِ الْمَنَازِلِ.

 

وَفِي صَفْحَةٍ مِنْ صَفَحَاتِ الْهَوَانِ: يَخْرُجُ الْخَلِيفَةُ الْعَبَّاسِيُّ الْمُسْتَعْصِمُ إِلَى التَّتَارِ لَا لِقَتَالِهِمْ وَالدِّفَاعِ عَنِ الْأَرْضِ وَالْعِرْضِ، وَإِنَّمَا لِيَحْمِلَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الذَّهَبِ وَالْحُلِيِّ وَالْمَصَاغِ وَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ؛ لِيُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ هُولَاكُو، وَخَرَجَ مَعَهُ أَهْلُهُ، وَوُزَرَاؤُهُ، وَقُضَاتُهُ، وَفُقَهَاؤُهُ، وَأَهْلُ التَّصَوُّفِ الْمُخَذِّلُونَ، فَكَافَأَهُمْ هُولَاكُو، فَمَاذَا فَعَلَ؟

 

وَضَعَ خَلِيفَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي كِيسٍ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِرَفْسِهِ بِالْأَقْدَامِ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ أَلْقَوْهُ فِي النَّهْرِ وَقَتَلُوا بِطَانَةَ السُّوءِ مَعَهُ، وَدَخَلُوا قَصْرَهُ، وَأَخَذُوا مِنْهُ أَلْفَ جَارِيَةٍ!

 

وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى حَالَةِ الْمُسْتَعْصِمِ الَّذِي أَلْهَتْهُ دُنْيَاهُ، وَمُنَادَمَةُ الْجَوَارِي عَنِ الدِّفَاعِ عَنِ الْأَرْضِ وَالنَّفْسِ وَالْعِرْضِ.

 

وَفِي صَفْحَةٍ أُخْرَى مِنْ صَفَحَاتِ الْهَوَانِ: نَقْرَأُ خَبَرَ امْرَأَةٍ هَاشِمِيَّةٍ شَامِيَّةٍ، دَنَّسَ عِرْضَهَا الْقَرَامِطَةُ، فَحَمَلَتْ سِفَاحًا، فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ لِتَوْلِيدِهَا، فَسَأَلَتْهَا: مَنْ وَالِدُ هَذَا الصَّبِيِّ؟ فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ هَاشِمِيَّةٌ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَتَوْنَا فَذَبَحُوا أَبِي وَأُمِّي وَإِخْوَتِي وَأَهْلِي جَمِيعًا، ثُمَّ أَخَذَنِي رَئِيسُهُمْ فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ أَيَّامًا، ثُمَّ أَخْرَجَنِي، فَدَفَعَنِي إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ رِجَالِهِ، يَتَنَاوَبُونَ عَلَيَّ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِمَّنْ هُوَ هَذَا الْوَلَدُ مِنْهُمْ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَصُوَرُ الذُّلِّ وَالْمَأْسَاةِ كَثِيرَةٌ، وَلَمْ تَكُنِ الْأُمَّةُ لِتَصِلَ إِلَى هَذَا الْهَوَانِ إِلَّا لِخَلَلٍ حَاصِلٍ فِيهَا، وَمَكْمَنُ الْخَلَلِ يَجْتَمِعُ فِي ثَلَاثِ مُخَالَفَاتٍ إِذَا حَلَّتْ فَانْتَظِرِ الْهَوَانَ.

 

أَوَّلُهَا: الِاسْتِهَانَةُ بِالْكَبَائِرِ وَالْمُحَرَّمَاتِ.

 

ثَانِيهَا: الرُّكُونُ إِلَى الْعَاجِلَةِ، وَالرِّضَى بِهَا، وَنِسْيَانُ الْآخِرَةِ.

 

وَثَالِثُهَا: غِيَابُ رُوحِ الْمُقَاوَمَةِ، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ. وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ جَمَعَهَا مَنْ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ".

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ....

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:

 

وَمِنْ أَخْبَارِ الْأَمْسِ إِلَى حَدِيثِ الْيَوْمِ.

 

فَهَا نَحْنُ نَرَى الْإِذْلَالَ يُصَبُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ صَبًّا، دَعُونَا مِنْ تَسْرِيحِ الطَّرْفِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فِي مَصَائِبِنَا هُنَا وَهُنَاكَ، وَانْظُرُوا إِلَى مَذَابِحِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الشَّامِ، عَلَى أَيْدِي أَقَلِّيَّةٍ قُرْمُطِيَّةٍ نُصَيْرِيَّةٍ، جَمَعَتْ مِنَ الْفَظَائِعِ وَالْمَجَازِرِ مَا لَمْ تَجْمَعْهُ أُمَّةٌ عَبْرَ تَارِيخِ الزَّمَانِ.

 

أَيُّ هَوَانٍ نَحْنُ فِيهِ! حِينَ وَصَلَ بِنَا الْحَالُ أَنْ نَرَى الرِّجَالَ يُقَتَّلُونَ، وَالْأَطْفَالَ يُمَزَّقُونَ، وَالنِّسَاءَ يُغْتَصَبُونَ، ثُمَّ لَا نَجِدُ إِلَّا الْحَوْقَلَةَ، وَالِاسْتِرْجَاعَ، وَكَفْكَفَةَ الدُّمُوعِ.

 

فَيَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَا أَحْفَادَ سَعْدٍ وَابْنِ الْوَلِيدِ، يَا مَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، يَا أَهْلَ سُورَةِ الْأَنْفَالِ، كَفَى هَوَانًا، كَفَى نِيَاحَةً، كَفَى خِذْلَانًا، كَفَى تَخْذِيلًا.

 

لَقَدْ أَصْبَحْنَا كُلَّ يَوْمٍ نُصَبَّحُ وَنُمَسَّى عَلَى مَجَازِرَ تَحْصُدُ الْمِئَاتِ، وَمَنَاظِرَ تَفُتُّ الْفُؤَادَ فَتًّا.

 

هَلْ نَتَحَدَّثُ عَنْ أَطْفَالٍ أَبْرِيَاءَ، لَمْ يَعْرِفُوا الْحِقْدَ وَلَا الْبَغْضَاءَ وَهُمْ يُنْحَرُونَ كَالْخِرَافِ؟!

 

أَمْ نُصَوِّرُ مَنَاظِرَ الرُّضَّعِ وَقَدْ أُحْرِقَتْ أَجْسَادُهُمْ، وَبُقِرَتْ بُطُونُهُمْ؟!

 

هَلْ شَاهَدْتُمْ مَقْطَعَ مَجْمُوعَةٍ مِنْ عِصَابَاتِ النُّصَيْرِيَّةِ يَنْهَالُونَ عَلَى امْرَأَةٍ مُحَجَّبَةٍ، قَدْ لَفَّهَا الْحَيَاءُ، فَيَتَسَابَقُونَ إِلَيْهَا ضَرْبًا بِالْأَرْجُلِ وَالسِّيَاطِ، مَا تَنْهَدُّ لَهُ عَزَائِمُ الرِّجَالِ؟!

 

هَلْ بَلَغَكُمْ سُؤَالُ إِحْدَى الْعَفِيفَاتِ قَبْلَ أَيَّامٍ تَسْتَفْتِي أَحَدَ الدُّعَاةِ هُنَا، وَهِيَ مُحَاصَرَةٌ مِنَ الْعِصَابَاتِ النُّصَيْرِيَّةِ، فَتَقُولُ: هَلْ يَجُوزُ لِي أَنْ أَنْتَحِرَ قَبْلَ أَنْ أُغْتَصَبَ؟!

 

هَلْ نَسِينَا خَبَرَ الْمُسْلِمَةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي صَرَخَتْ فِي الْمُسْلِمِينَ وَنَادَتْ: أَعْطُونَا حُبُوبَ مَنْعِ الْحَمْلِ، إِنْ عَجَزْتُمْ عَنِ الدِّفَاعِ عَنَّا؟!

لِمِثْلِ هَذَا يَذُوبُ الْقَلْبُ مِنْ كَمَدٍ *** إِنْ كَانَ فِي الْقَلْبِ إِسْلَامٌ وَإِيمَانُ

 

وَاللَّهِ إِنَّهَا لَتَخْتَنِقُ فِي الْحُلُوقِ الْكَلِمَاتُ، وَتَتَلَجْلَجُ فِي الصُّدُورِ الْآهَاتُ.

 

فَآهٍ ثُمَّ آهٍ مِنْ مَوْتِ الضَّمِيرِ! وَمَوْتِ مَشَاعِرِ الْمُسْلِمِينَ! فَأَيْنَ الْإِيمَانُ؟! أَيْنَ الدِّينُ؟! أَيْنُ الْمُرُوءَةُ؟! أَيْنَ الرُّجُولَةُ؟!

 

وَاللَّهِ وَاللَّهِ لَوْ رَأَى عَرَبُ الْجَاهِلِيَّةِ -عَبَدَةُ الْحَجَرِ وَالصَّنَمِ- هَذِهِ الْمَنَاظِرَ الْمُؤْلِمَةَ لَطَلَّقُوا الْحَيَاةَ، وَهَبُّوا لِنَجْدَةِ مَنِ اسْتَغَاثَ! أَمَّا نَحْنُ فَنَهُبُّ، وَلَكِنْ لِهَيْئَةِ الْأُمَمِ وَمَجْلِسِ الْأَمْنِ، وَهُمُ الَّذِينَ جَرَّأُوا الْجَزَّارَ عَلَى الْقَتْلِ وَالْإِرْهَابِ.

 

مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً وَنَحْنُ نَشْجُبُ وَنَسْتَنْكِرُ، وَنَرْفَعُ إِلَيْهِمْ مَآسِيَنَا وَظُلْمَنَا.

شَكَوْنَا إِلَى الْأَعْدَاءِ أَلْفَ شِكَايَةٍ *** وَقَدْ كَلَّ مِنْ نَقْلِ الشَّكَاوَى بَرِيدُهَا

وَأَلْفَ احْتِجَاجٍ قَدْ بَعَثْنَا بِشِدَّةٍ *** فَلَمْ يُجْدِ نَفْعًا سَهْلُهَا وَشَدِيدُهَا

وَكَانَتْ مَوَاثِيقُ الْأَعَادِي خُرَافَةً *** وَأَقْوَالُهَا كَذِبًا وَزُورًا عُهُودُهَا

مَجَالِسُهَا لِلْغَدْرِ وَالظُّلْمِ أُسِّسَتْ *** فَفِيتُوُّهَا مِنْهُمْ وَمِنْهُمْ شُهُودُهَا

 

فَيَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، هَا هِيَ فِرَقُ الْبَاطِنِيَّةِ قَدْ كَشَّرَتْ عَنْ أَنْيَابِهَا، وَخَلَعَتْ قِنَاعَ التَّقِيَّةِ، وَشَارَكَتْ عَلَانِيَةً بِمَرْأًى مِنَ الْعَالَمِ فِي الْإِرْهَابِ وَالتَّقْتِيلِ، تَؤُزُّهَا الطَّائِفِيَّةُ أَزًّا.

 

يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، هَا هِيَ أَرْضُ الشَّامِ تَسْتَنْصِرُكُمْ، وَتُنَادِيكُمْ، وَتَسْتَغِيثُ بِكُمْ، كُلٌّ بِحَسَبِهِ وَمَقَامِهِ.

 

يَا قَادَةَ الْإِسْلَامِ، اتَّقُوا اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَيَجِبُ عَلَيْكُمْ مِنَ النُّصْرَةِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِكُمْ.

 

يَا عُلَمَاءَ الْإِسْلَامِ، يَا وَرَثَةَ الْأَنْبِيَاءِ، يَا طُلَّابَ الْعِلْمِ، سُلُّوا سُيُوفَ الْحَقِّ بِأَلْسِنَتِكُمْ، أَحْيُوا فِي الْأُمَّةِ الرُّجُوعَ إِلَى الدِّينِ، وَبَيِّنُوا لَهُمْ عَدَاوَةَ وَمُخَطَّطَاتِ الصَّفَوِيِّينَ.

 

يَا تُجَّارَنَا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، فَأَهْلُ الشَّامِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ جَوَائِحُ الدَّهْرِ مِنَ الْفَقْرِ وَالْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصِ الْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ.

 

يَا كُلَّ مَنْ يَسْتَشْعِرُ رَابِطَةَ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، وَيَتَأَلَّمُ لِمَا يَرَى وَيَسْمَعُ، مَأْسَاةُ الشَّامِ تُنَادِيكَ، فَعِشْ مَعَهَا بِشُعُورِكَ وَدُعَائِكَ، وَقَلَمِكَ وَلِسَانِكَ وَمَالِكَ.

 

يَا أَهْلَ التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ وَحِّدُوا صُفُوفَكُمْ، وَاجْمَعُوا كَلِمَتَكُمْ، وَقِفُوا مَعَ إِخْوَانِكُمْ، وَإِلَّا تَفْعَلُوا فَالْمَدُّ الْبَاطِنِيُّ سَيَصِلُ إِلَيْكُمْ فِي دِيَارِكُمْ، وَحِينَهَا فَلَنْ يَنْفَعَ التَّلَاوُمُ وَالتَّشَاكِي، وَلَا النُّوَاحُ وَالتَّبَاكِي.

 

اللَّهُمَّ يَا رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، يَا مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ، اللَّهُمَّ كُنْ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ الْمُسْلِمِينَ فِي سُورِيَّا، اللَّهُمَّ أَمِّنْ خَوْفَهُمْ، وَفَرِّجْ كَرْبَهُمْ، وَأَظْهِرْ أَمْرَهُمْ، وَأَفْرِغْ عَلَيْهِمْ صَبْرًا، وَانْصُرْهُمْ نَصْرًا مُؤَزَّرًا.

 

لَا حَوْلَ إِلَّا حَوْلُكَ، لَا قُوَّةَ إِلَّا قُوَّتُكَ، أَنْتَ حَسْبُهُمْ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، أَنْتَ مَوْلَاهُمْ، فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.

 

اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالنُّصَيْرِيَّةِ الظَّالِمِينَ، وَمَنْ مَالَأَهُمْ مِنَ الرَّافِضَةِ الْحَاقِدِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ تَحَالُفَهُمْ فِي وَبَالٍ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا عَلَى يَقِينٍ أَنَّكَ أَغْيَرُ عَلَى عِرْضِ أَزْوَاجِ نَبِيِّكَ وَصَحَابَتِهِ مِنَّا، اللَّهُمَّ فَلَا تَرْفَعْ لِمَنْ آذَانَا فِيهِمْ عِزًّا، وَلَا تُحَقِّقْ لَهُمْ مَجْدًا، وَسَلِّطْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفِتَنِ وَالْأَزَمَاتِ مَا تَرُدُّهُمْ عَنَّا.

 

اللَّهُمَّ اسْتُرْ عُيُوبَنَا، وَاغْفِرْ ذُنُوبَنَا، وَأَصْلِحْ قُلُوبَنَا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا.

 

اللَّهُمَّ اخْتِمْ لَنَا بِخَيْرٍ، وَاجْعَلْ مَآلَنَا إِلَى خَيْرٍ.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

 

المرفقات
صفحات من العز ، وصور من الهوان1.doc
صفحات من العز ، وصور من الهوان - مشكولة.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life