عناصر الخطبة
1/الحث على التعبد لله بأسمائه الحسنى 2/معاني اسم الله: \"العزيز\" ومظاهر عزة الله 3/معاني اسم الله \"الحكيم\" ودلائل حكمة الله 4/معاني اسم الله: \"القوي\" ودلائل ذلكاهداف الخطبة
اقتباس
من أسماء الله -تعالى-: "القوي". والقوة ضد الضعف، فهو سبحانه وتعالى يخلق المخلوقات العظيمة من غير ضعف، فلم يزل ولا يزال قويا، والخلق ضعفاء. ضعفاء في ذاتهم، وضعفاء في أعمالهم، يقول الله -تعالى- مقررا هذه الصفة العظيمة: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)[ق: 38]. يعني من تعب و...
الخطبة الأولى:
الحمد لله العلي الأعلى الكامل في أسمائه الحسنى، وصفاته العليا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة من سوء المأوى، ونؤمل بها الفوز بالنعيم المقيم والدرجات العلى.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى، وخليله المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه النجباء، وعلى التابعين لهم بإحسان ما دامت الأرض والسماء، وسلم تسليما.
أما بعد:
فإن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة.
وإحصاؤها، هو: معرفة لفظها ومعناها، والتعبد لله بمقتضاها.
فاتقوا الله -أيها المسلمون-: وحققوا هذه الأسماء، وما تدل عليه من الصفات العظيمة، والمعاني الجليلة، لتعبدوا ربكم على بصيرة، فإنه لا يستوي: (الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[الزمر:9].
أيها الناس: في هذه الجمعة، سنتكلم على ثلاثة أسماء.
من أسماء الله -تعالى-: "العزيز".
(فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)[فاطر:10].
(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون:8].
فهو العزيز الذي لا يغلب، فما من جموع ولا أجناد ولا قوة إلا وهي ذليلة أمام عزة الله.
ذلت لعزته الصعاب، ولانت لقوته الشدائد الصلاب: (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[البقرة: 249].
(كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)[المجادلة: 21]ٍ.
ومن أسماء الله -تعالى-: "الحكيم".
فهو سبحانه الحاكم، والخلق محكومون.
له الحكم كله، وإليه يرجع الأمر كله.
يحكم على عباده بقضائه وقدره، ويحكم بينهم بدينه وشرعه، ثم يوم القيامة يحكم بينهم بالجزاء بين فضله وعدله.
فلا حاكم إلا الله، ولا يجوز تحكيم قانون ولا نظام سوى حكم الله: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)[النساء: 59].
(ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[الممتحنة: 10].
(فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)[النساء: 65].
فهو سبحانه الحاكم على عباده، لا راد لحكمه وقضائه، ولا حكم فوق حكمه.
وللحكيم معنى آخر، وهو ذو الحكمة.
والحكمة، ضد السفه، فهي وضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها.
ولذلك كانت أحكام الله الكونية والشرعية والجزائية مقرونة بالحكمة، ومربوطة بها، فلم يخلق سبحانه شيئا عبثا، ولم يترك خلقه سدى، لا يؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون.
فما أعطى الله شيئا إلا لحكمة، وما منع شيئا إلا لحكمة، ولا أنعم إلا لحكمة، ولا أصاب بمصيبة إلا لحكمة، وما أمر الله بشيء إلا والحكمة في فعله والتزامه، ولا نهى عن شيء إلا والحكمة في تركه واجتنابه، يقول الله -تعالى- مقررا هذه الصفة العظيمة، صفة الحكمة: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)[المؤمنون: 115- 116].
(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[الدخان: 38- 39].
(أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى)[القيامة: 36].
(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)[ص: 27 – 28].
أيها المسلمون: لقد تبين أن للحكيم معنيين:
أحدهما: الحاكم الذي له الحكم المطلق الكامل من جميع الوجوه.
والمعنى الثاني: أنه ذو الحكمة الذي لم يخلق شيئا عبثا، ولم يشرع شيئا باطلا، ولم يجز عاملا إلا بما عمل، المحسن بالإحسان، والمسيء بمثل سيئته.
وله معنى ثالث، وهو: المحكم الذي أحكم كل شيء خلقه، فما في خلق الرحمن من تفاوت ولا تناقض، ولا خلل صنع الله الذي أتقن كل شيء، وليس في شرعه من تناقض ولا اختلاف: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) [النساء:82].
ومن أسماء الله -تعالى-: "القوي".
والقوة ضد الضعف، فهو سبحانه وتعالى يخلق المخلوقات العظيمة من غير ضعف، فلم يزل ولا يزال قويا، والخلق ضعفاء.
ضعفاء في ذاتهم، وضعفاء في أعمالهم، يقول الله -تعالى- مقررا هذه الصفة العظيمة: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)[ق: 38].
يعني من تعب ولا ضعف.
فهو القوي ذو القوة الكاملة، والخلق ضعفاء مهما بلغت قوتهم: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)[الروم: 54].
وهؤلاء عاد إرم ذات العماد والقوة، كان بعضهم يحمل الصخرة العظيمة من غير مبالاة، حتى بلغ بهم الغرور أن قالوا: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)[فصلت:(15]؟!
فقال الله -تعالى-: )أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً)[فصلت: 15].
فكل قوة مهما عظمت فهي ضعيفة أمام قوة الخالق العظيم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ([الأعراف: 180].
بارك الله لي ولكم ... الخ...
التعليقات