عناصر الخطبة
1/توالي المآسي على المسلمين 2/ضعف المسلمين وهوانهم 3/جرائم النظام السوري في حق شعبه 4/تآمر النصيرية الباطنية ضد المسلمين عبر التاريخ 5/اتفاق أعداء الله على حرب الإسلام وأهله 6/استجابة المعتصم لاستغاثة امرأة ونصرته لها 7/خذلان العالم للشعب السوري 8/واجب الشعوب المسلمة تجاه الشعب السوري 9/واجب الولاة والعلماء تجاه الشعب السوري 10/نداء لقادة المجاهدين في أرض الشاماهداف الخطبة
اقتباس
إن هذا النظام الفاجر لم يرحم شيخاً، ولا امرأةً، ولا طفلاً! وأنى له ذلك؟! وهو الذي يحمل بين جنبيه حقداً دفيناً على أهل السنة، وجاءت الفرصة السانحة ليُفْرِغ ما في قلبه من الحقد الدفين على إخواننا المستضعفين هناك. لقد تفجرت نيران هذا النظام الظالم في مدن أهل السنة وأحيائهم، فقتلوا الناس وعذبوهم، ومثلوا بهم وأهانوهم، وأخفيت جثث موتاهم، وقصفت المساجد، ومزقت المصاحف، وضيق على الناس حتى لم يجدوا طعاماً ولا شرابا، والأدهى من ذلك والأَمَر أن ترى...
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
الحمد لله المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، خلق فسوى، وقدر فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى.
وصلى الله وسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين، وهداية للخلق أجمعين، أخرجنا الله به من الضلالة، وأنقذنا به من الغواية، اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه وزوجاته وذريته والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم اللهم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فأوصيكم ونفسي -عباد الله-: بتقوى الله -تبارك الله وتعالى-، فاتقوا ربكم وأنيبوا إليه، واستغفروه وتوبوا إليه، يمتعكم متاعا حسنا ويؤت كل ذي فضل فضله.
عباد الله: الناظر إلى واقع أمتنا الإسلامية اليوم يرى من مظاهر الضعف والخذلان والهوان ما يندى له الجبين، وما يكون باعثاً على الحزن والألم!.
أصبحت أمة الإسلام اليوم محط أطماع المشرق والمغرب، جلسة واحدة أمام نشرة الأخبار لا تكاد تسمع فيها إلا مآسي للمسلمين في مشرق البلاد أو في مغربها، مـآسٍ تتجدد يوماً بعد يوم، وسنة بعد أخرى!.
فالمسجد الأقصى أبيح حرامه *** قتل الأرامل فيه والأيتامُ
بغداد تسبح في بحور عنائها *** والهند تصرخ: أدركي يا شامُ
والحق في أرض الكنانة غائب *** لا راية تعلو ولا أعلام
واليوم في أرض العراق أحبة *** ذبحوا كما قد تذبح الأغنام
ماذا أقول ففي الفؤاد لواعج *** زادت بها الآلام والأسقام
[هذه الأبيات من نظم الدكتور عبد الله العسكر]
إن هذه الحالة المهينة التي تعيشها الأمة الإسلامية لَتُذكِّرنا بقول الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه- حين أخبرنا في الحديث الذي رواه أبو داود في سننه من حديث ثوبان -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" قالوا: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير".
كثير؟! أجل ما اكثرهم اليوم! تأمل: كم هي أعداد المسلمين؟ ما يقارب مليار ونصف! ومع هذا قال عليه الصلاة والسلام: "ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" قالوا: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا، وكراهية الموت"[أخرجه أبو داود برقم (4297)وصححه الألباني في صحيح أبي داود (4/111].
هذا هو واقع الأمة اليوم، وإلى الله المشتكى!.
إخواننا في فلسطين، محنتهم تزيد على نصف قرن من الزمان، ذاقوا فيها الأمرين، وتجرعوا غصص التعذيب والسجون، وعانوا من التهجير والحصار الآثم على أيدي اليهود قاتلهم الله، والمسلمون يتفرجون ولا مجيب ولا مغيث!.
وإذا انتقلت إلى مشرق الأرض رأيت جرحاً انبعث من هناك حيث بورما، وحيث الحرائق والإبادة الجماعية للضعفاء والأبرياء من المسلمين.
أما العراق التي تولى الرافضة فيها وحكموا المسلمين من أهل السنة، فلا يخفى أمرها، فحال إخواننا من أهل السنة فيها يندى له الجبين! ملئت بهم السجون، واعتدي على أعراضهم، وقُتلوا شر قتله.
أما سوريا، وما أدراك ما سوريا؟ فالحديث عنها ذو شجون، من ذا الذي يخفى عليه جرحها الدفاق؟!
إن ما يجري لإخواننا هناك على مرأى ومشهد من العالم أجمع لمِمَّا تشيب له رؤوس الولدان!.
أجل -يا أمة الإسلام-: إن الذي يجري هذه الأيام من ظلم لأحبابنا في أرض الشام لهو وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء، مجازر النظام الأسدي المجرم شاهدة وبينه، تنقلها لنا الفضائيات والصحف صباح مساء، أكثر من مائة ألف قتيل من إخواننا في سوريا، إضافةً إلى مئات الألوف من الجرحى والمهجرين! عدا ما حل بالبيوت والطرقات والمساجد، وإلى الله المشتكى!.
إن هذا النظام الفاجر لم يرحم شيخاً، ولا امرأةً، ولا طفلاً! وأنى له ذلك؟! وهو الذي يحمل بين جنبيه حقداً دفيناً على أهل السنة، وجاءت الفرصة السانحة ليُفْرِغ ما في قلبه من الحقد الدفين على إخواننا المستضعفين هناك.
لقد تفجرت نيران هذا النظام الظالم في مدن أهل السنة وأحيائهم، فقتلوا الناس وعذبوهم، ومثلوا بهم وأهانوهم، وأخفيت جثث موتاهم، وقصفت المساجد، ومزقت المصاحف، وضيق على الناس حتى لم يجدوا طعاماً ولا شرابا، والأدهى من ذلك والأَمَر أن ترى أمم العالم هذا الظلمَ البشع، والإبادة المقصودة، فتسكت ولا تنبس ببنت شَفَة!.
بل وتسمح لدول وأحزاب باطنية مجوسية رافضية لها أن تُفْرغ حقدها في صدور أهل السنة في إبادة جماعية وحرب طائفية بغيضة! ملايين السوريين المحاصرين داخل منازلهم يُمنع عنهم الماء والكهرباء، ويُعتدى على بيوت الله على مرأى العالم أجمع، ولا نصير، ولا مغيث!.
يا شام إن جراحي لا ضفاف لها *** فلتمسحي عن جبيني الحزن والتعبَا
يا ابن الوليد ألا سيفٌ تؤجره ***فكل أسيافنا قد أصبحت خشبا
دمشق يا كنز أحلامي ومروحتي *** أشكو العروبة أم أشكو لك العربا؟!
إن الحديث عن مأساة المسلمين في سوريا حديث يمزق نياط القلوب، ويستدر هَتُوْن المدامع، ويترك في النفس لوعات كالجمر يبقى أثرها، ويزداد لهبها.
خلال الأسبوع المنصرم قامت قوات طاغية الشام بمجزرة مُرَوِّعة في ريف دمشق حيث اعتدت قواته الغاشمة على المستضعفين في جَدِيدَة عرطوز، وجَدِيدة الفَضْل، وقتلوا في ثلاث ساعات أكثر من خمسمائة مسلم! رأينا بأعيننا جثثهم على الشوارع، رأينا الأطفال الذين لا ذنب لهم قد بُقرت بطونهم، وسُمِلَت عيونهم، وقطِّعت أطرافهم! فماذا ذنب هؤلاء المساكين؟! ما ذنب هؤلاء المستضعفين؟! ماذا صنعوا حتى يُفعل بهم كلّ هذا؟!
إنه لأمر يُمِضُّ القلب، ويُدمع العين، فبلاد الشام تصرخ وتئنُّ وتشكو إلى الله ظلم العدو وخذلان الصديق! إنها تصرخ فيكم يا أمة محمد، وتقول:
محاريبي تئنُّ وقد تهاوى *** على أركانها القصف الرهيبُ
وأوردتي تُقطَّع لا لأني *** جنيتُ ولا لأني لا أتوبُ
ولكني رفعت شعار دينٍ *** يضيق بصدق مبدئه الكذوب
لنا في أرضنا نهرٌ وماء *** وروض في مرابعنا خصيب
لنا بيت وأطفال ولكن *** محت آثارَ منزلنا الخطوب
بنات المسلمين هنا ضحايا *** وشمس المكرمات هنا تغيب
تبيت كريمةً ليلى وتصحو *** وقد ألغى كرامتَها الغريب
تخبئ وجهها يا ليت شعري *** بماذا ينطق الوجه الكئيب
يموت الطفل في أحضان أمٍّ *** تهدهده وقد جف الحليب
بكت حزنا عليه بغير دمعٍ *** وأين الدمع والظمأ النصيب؟!
سل الفجر الذي لم يبدُ فينا *** لماذا لا يغني العندليب
بني الإسلام هذي حرب كفر *** لها في كل ناحية لهيب
يحركها اليهود مع النصارى *** فقولوا لي متى يصحوا اللبيب؟!
ستطحنكم مؤامرة الأعادي *** إذا لم يَفْطَن الرجل الأريب
أيها المسلمون: لقد بليت أمة الإسلام بمدٍّ نفاقي باطني تآزر مع الصهيونية والصليبية لإبادة الأمة المسلمة، لقد اقتسموا الأدوار في احتلال البلدان، فالباطنيون من الرافضة هم من أعان الصليبيين على غزو العراق وأفغانستان، وارتكبوا أفظع الجرائم في أهل السنة، وهاهم اليوم يمارسون حرباً ضروساً أمام إخواننا العزل المخذولين من العالم أجمع.
لقد كان الباطنيون من النصيرية والرافضة المجوس منذ القدم عوناً لأعداء الأمة أياً كانوا، أليسوا هم من أعان التتر على إسقاط الخلافة الإسلامية، وسمحوا لهم بدخول بلاد المسلمين؟! فقتلوا في بغداد وحدها - عاصمة الخلافة آنذاك - أكثر من مليوني مسلم موحد بمعونة هؤلاء المجوس- قاتلهم الله-.
والباطنيون هم من أعان الصليبيين على المسلمين؛ فاستبيحت بلاد الشام، وهم الذين طعنوا العثمانيين في ظهورهم حين قاربوا تحرير أوروبا بأكملها، وإدخالها في الإسلام.
وأما في عصرنا هذا؛ فإن الباطنية شركاء في المشاريع الصليبية الصهيونية، وهم لاعبون أساسيون فيها، وإن تظاهروا بعدائهم للغرب، وإن أطلقوا الألفاظ والكلمات والتهجم على الغرب إلا أن الصفقات السرية، والمعاهدات والاتفاقيات والمواقف تُثْبِت أن القلوب متآلفة متآخية!.
إن للباطنية مع أهل السنة تاريخاً مترعاً بالدماء، ومغطى بالجثث، ومملوءاً بالحقد والظغينة، تاريخاً لُقِّن فيه أطفالهم ثقافة القتل والتعذيب والاغتصاب، واستباحة كل شيء لأهل السنة.
إن أعداء الله يتفقون على حرب الإسلام وأهله، وإن تعددت الوجوه، واختلفت المسميات، وكل ذلك - عباد الله-: يؤكد لنا تلك الحقيقة الربانية أن الكفر ملة واحدة، فالهدف في الأخير هو إبادة المسلمين من أهل السنة الجماعة.
(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: [120.
وقال جل شأنه في المنافقين من أمثال الباطنية وغيرهم: (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ) [آل عمران: [118.
انظر -يا عبد الله-: كيف هان أهل السنة على أعدائهم، وكيف أنشب الأعداء مخالبهم القذرة في أجسادهم، فقبل أيام حدثت في العراق مذبحة الحويجر على أيدي الصفويين الحاقدين، وفي الشام مذابح ريف دمشق التي سبق ذكر شيء منها، وقد سبقها مآسٍ ومجازر سيكتبها التاريخ، وستبقى ذكراها في قلوبنا مهما تعاقب الزمان، ومهما توالت الأيام والأعوام.
إن هذه المجازر التي ارتكبت على أيدي هؤلاء النصيريين الباطنيين كانت بمعاونة إخوانهم الصفويين وأذنابهم في العراق وفي لبنان.
تفرق شملهم إلا علينا *** فصرنا كالفريسة للذئاب
والمسلمون يتفرجون ويحوقلون على أحسن الأحوال! هل يُرضي ذلك ربنا -جل وعلا-؟! أيرضى الله -تبارك الله وتعالى-: أن يكون حال إخواننا هكذا ونحن نتفرج وننظر إليهم؟!
نسأل الله بمنه وكرمه ألا يكلهم إلا أحد من خلقه، وأن يعجل بفرجهم عاجلاً غير آجل، وأن يكبت أعداءهم، وأن يذلهم بقوته وجبروته، إن ربي سميع الدعاء.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه، واقتفى سنته إلى يوم الدين، وسلم اللهم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
عباد الله: فإن الله هذا الخذلان لإخواننا وأخواتنا في أرض الشام لهو عند الله -عز وجل- عظيم!.
أين من يسمع صرخاتهم ويجيب دعواتهم؟ كم حرة شكت وبكت فلا مجيب ولا مغيث؟! آلاف من الحرائر تُنْتهك أعراضهن ولا أحد يناصرهن، أو يقوم بالدفاع عنهن؟!.
بالأمس يوم كنا سادة الدنيا صرخت امرأة واحدة في عَمُّورِيِّة فتناقل المسلمون خبرها بلداً بعد بلد، وصرختها رجل بعد رجل حتى وصل الخبر إلى الخليفة المعتصم، فلما سمع نداءها وهي تقول: وامعتصماه! قال: لبيك يا أختاه، وأَقسم بالله أن ينصرها، فجهَّز جيشاً عرمرماً عظيماً حتى أذل الروم، وانتصر لتلك المسلمة!.
أما اليوم!:
فرب وامعتصماه انطلقت *** ملء أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوة المعتصم
إي والله، كم من حرة في أرض الشام هتك عرضها، وامتلأ بابن الزنا حشاها، وهي الراكعة الساجدة، العفيفة الطاهرة، ذات الوجه المتوضئ، من المحصنات الغافلات المؤمنات، يتوارد عليها جنود الطاغية صباح مساء، والعالم كلها يرى ذلك ويسمع، ولا مجيب، ولا مغيث.
إننا –والله-: سَنُسأل بين يدي الله -عز وجل-: ماذا قدمنا لإخواننا؟!
بعضنا لا يزال مشغولاً بخاصة نفسه همه الدرهم والدينار، يغضب لغضبه ويرضى لرضاه، أما المسلون فلا بواكي لهم.
وبعضنا لا هم له إلا متابعة المباريات، والدوري الأوروبي، وملاحقة فلان وفلانة من اللاعبين والفنانين، وتَتَبُّع أخبارهم وحياتهم الشخصية، ولا تكاد تجد في تاريخه أو في قراءاته ووقته متسعاً لإخوانه المسلمين؛ لينشر قضيتهم، ليتفاعل مع أحداثهم، ليجود عليهم بما جاد الله -عز وجل- عليه به.
ألا نخشى -عباد الله-: أن تصيبنا عقوبة من عنده -عز وجل- إذ لم نقم بأقل وأدنى واجبات النصرة لهم؟!
إن سلاح المال والدعاء لا يعجز عنه أحد، وإن العناية بقضية إخواننا في الشام ونشرها على أوسع نطاق لهو من أقل واجباتهم وحقوقهم علينا، وإنه ليس من عذر لأحد منا يرى ما يحصل لإخوانه من مجازر في سوريا، وفي بورما، وغيرها، ثم لا نراه يحرك ساكناً، ولا يبذل ما يستطيع.
والدور الأول والأكبر والأعظم على الولاة وعلى العلماء؛ فإن مسؤوليتهم عند الله عظيمة، وإن الله سائلهم عن هذا الأمانة التي قَلَّدهم الله إياها.
لقد حفظ لنا التاريخ أسماء بارزة من علماء الأمة ممن كانت لهم مواقف الصدق؛ كأمثال شيخ الإسلام ابن تيمية والعز بن عبد السلام -رحمهما الله تعالى- حينما واجهوا التتر، فكانت لهم المواقف العظيمة، المواقف المشهودة التي سطرها التاريخ بمداد من الذهب.
إن العالم الحق هو من يعيش قضايا أمته، وتكون له مواقف الصدق والنصرة لإخوانه المسلمين.
إن هناك خذلانا بيناً -يا عباد الله-: من كثير من المسلمين تُجاه إخوانهم في أرض الشام، أين المثقفون والكتاب الذين ملؤوا الدنيا ضجيجاً دفاعاً عن باطل، ونصرةً لمنكر، أو تتبعاً لأخطاء أهل الحسبة والدعاة إلى الله -عز وجل-؟! أين هم من إخوانهم؟ أين أقلامهم في نصرة هذه القضية؟ أليس أحرى بنا -يا عباد الله-: أن نكون على مستوى الحدث؟ أين دور التجار أرباب الأموال الذين يملكون الملايين؟ ينفق أحدهم على خاصة نفسه بسرف وسخاء، أما على إخوانه فيقدم رجلاً ويؤخر أخرى! إن الله سائلك عن مالك: من أين اكتسبته؟ وفيما أنفقته؟
وربنا -جل وعلا- :أمرك وأمرنا جميعاً بنصرة إخواننا، فقال عز وجل: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)[الأنفال: 72].
يجب عليكم النصر بما تستطيعون.
لقد اجتمع على إخواننا في سوريا اليوم قَسْوة العدو، وقلة الطعام، وانقطاع الكهرباء، والفقر والمرض والتهجير، ومؤازرة الباطنيين، ومكر المنافقين، فمن له -بعد الله- سواكم؟! من لهم -يا عباد الله-: بعد الله إلا أنتم؟
أنتم إخوانهم في الدين والعقيدة، فلا تخذلوا إخوانكم حتى لا تدور الدائرة عليكم؛ فإن الدهر قُلَّب، وإن الأيام دُوَل.
لقد كانوا بالأمس في أمن وأمان، ثم حصل لهم ما حصل، فهل نحن بمعزل عن ذلك، إذا لم نقم بواجبنا؛ فإن الدور سيأتي علينا، فأروا الله من أنفسكم خيراً، وابذلوا ما تستطيعون، ولا تتركوا إخوانكم يموتون على أيدي هؤلاء الباطنيين الظالمين.
واعلموا -عباد الله-: أنَّ قبل ذلك وبعده كل الأمر بيد الله -تبارك الله وتعالى-: لا يخرج شيء عن قدره وقضائه، فأيقنوا بربكم، أيقنوا أن الأمر لله من قبل ومن بعد، وأنه سبحانه قد قدَّر ذلك، وله فيه حكم كثيرة علمها من علمها، وجهلها من جهلها، ولا تقنطوا من رحمة الله ربكم، ولا تيأسوا حين ترون تواطؤ الكفر وملة الكفر على إخواننا المستضعفين، فإن الله معهم، فاثبتوا أيها المجاهدون في سبيل الله.
يا قادة المجاهدين في أرض الشام: أروا الله من أنفسكم خيراً، اصبروا وصابروا؛ فإنما النصر صبر ساعة، واحذروا من التناحر والاختلاف، والتكالب على المناصب والرياسات: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا)[الأنفال: 46].
(اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[آل عمران: 200].
واعلموا: أن الله -عز وجل- يهيئكم لما هو أكبر من ذلك.
أجل، إنها معركة الإسلام الفاصلة حين يقاتل المسلمون اليهود حتى يتكلم الحجر والشجر، فيقول: "يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله"[أخرجه البخاري برقم (2926)ومسلم برقم (2922) بلفظه].
هذا قاله الذي لا ينطق عن الهوى -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم-، فلا تشُكُّوا في موعود الله؛ فإنه قادم، وإن النصر آت، ولعل هذه المحنة الأليمة تصْهَر وتُفْرِز الخُلَّص الكُمَّل من عباد الله؛ لأن النصر لا يقوم إلا على رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
اللهم اجعلنا من عبادك الصادقين المجاهدين، وارزقنا الشهادة في سبيلك يا رب العالمين.
صلوا وسلموا على رسول الله؛ فقد أمركم الله -جل وعلا- بالصلاة والسلام عليكم في محكم التنزيل، فقال جل شأنه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
وقال نبيكم وحبيبكم محمد: "أكثروا الصلاة علي في يوم الجمعة فإنه ليس يصلي علي أحد يوم الجمعة إلا عرضت علي صلاته"[أخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم (2769)]].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إن حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين.
اللهم أعز إخواننا المجاهدين في سبيلك في أرض الشام، اللهم كن للمستضعفين من المسلمين في بلاد سوريا، اللهم إنا نسألك أن تعجل بفرجهم، اللهم مَكِّن لهم يا رب العالمين.
اللهم أيدهم بتأييدك، اللهم انصرهم بنصرك، اللهم هيئ لهم جنود الأرض وملائكة السماء يا رب العالمين.
اللهم عليك بمن آذاهم، اللهم بطاغية الشام؛ فإنه لا يعجزك، اللهم عليك به؛ فإنه لا يعجزك، ومن عاونه وشايعه يا رب العالمين، اللهم عجل الفرج للمستضعفين من المسلمين في كل مكان.
اللهم فرج عن إخواننا في فلسطين وفي الصومال، وفي العراق وفي بورما، وفي سائر البلدان يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وهيئ له البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتحذره من الشر يا رب العالمين.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات [180 – 182].
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)[العنكبوت45:].
التعليقات