سوريا جرح الأمة النازف .. بين تكالب الباطنية وضعف السنة

الشيخ عبدالله بن علي الطريف

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ مأساة الشعب السوري مستمرة 2/ أرقام وإحصائيات مخيفة عن مأساة الشعب السوري 3/ معركة القصير والمشاركين فيها 4/ حث اللئيم رئيس حزب اللات على قتال المسلمين في القصير 5/ حقد الباطنية على المسلمين 6/ تآمر المنظمات الغربية على الشعب السوري 7/ بشائر النصر لأهل الشام 8/ اقتراح رائع لدعم الشعب السوري
اهداف الخطبة

اقتباس

أحل الفاجر بدراهم كل أصناف التدمير والتخريب، فما ترى إلا بيوتاً مهدمة، وعمائر مهشمة، ومزارع بوار محرقة، ومصانع معطلة، وشوارع مغلقة، ومدارس مقصوفة مفسدة. وخلت البلاد من أسباب الحياة من الكهرباء والماء، وغيرها. لقد حل في هذا البلد العزيز من الخراب والدمار ما لا...

 

 

 

 

أيها الإخوة: وتستمر مأساة الأمة في سوريا ويستمر جرحها النازف؛ لقد ضجَّت المنابر، ونزفت المحابر، من هول الجرائم والمجازر، والتي لا تُفرِّق بين شيخ، وفتى، وطفل، ورجل، وامرأة.

 

فيا لهول المصاب، لقد سام النظام الظالم أهل هذا البلد العزيز كل أنواع القتل والتنكيل، والسجن والاغتصاب والتهجير، وكل أذى جسدي ونفسي يخطر بالبال، وبلغت أعداد الحالات أرقاماً مخيفة.

 

تتناقل وسائل الإعلام أن فيهم أكثر من مائة ألف قتيل، نحتسب المسلمين منهم من الشهداء، وأكثر من أربعمائة ألف معاق، وأكثر منهم من الجرحى والأسرى والأرامل والأيتام، وملايين المهجرين واللاجئين.

 

وأحل الفاجر بدراهم كل أصناف التدمير والتخريب، فما ترى إلا بيوتاً مهدمة، وعمائر مهشمة، ومزارع بوار محرقة، ومصانع معطلة، وشوارع مغلقة، ومدارس مقصوفة مفسدة.

 

وخلت البلاد من أسباب الحياة من الكهرباء والماء، وغيرها.

 

لقد حل في هذا البلد العزيز من الخراب والدمار ما لا يمكن عده، وبُطش بأهله بكل أنواع البطش والتنكيل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

أيها الإخوة: في كل يوم فاجعة، ومن فواجع هذه الأيام حصار القصير، وهي مدينة استراتيجية قريبة من حمص، يسكنها ما يقارب الخمسين ألفاً.

 

وحسب وسائل الإعلام شن الظالم منذ أيام عليها هجوماً شرساً بكل أنواع السلاح، يسانده من يسمي نفسه حزب الله الشيعي في لبنان.

 

ولقد وجههم زعيمهم بما نقلته بعض وسائل الإعلام، قال برسالة تم التقاطها عبر أجهزة اللاسلكي لمقاتليه المنتشرين على الجبهات في "القصير" ليشحذ هممهم، ويرفدهم بالمعنويات، قبل توجيه نداء: "لبيك يا صاحب الزمان أدركنا يا صاحب الزمان": "إلى رجال الله، كفاهم فخراً، بوركت سواعدكم السمراء.. رجال الله في " القصير" لكم منا كل التحايا ..أنتم أيها الحسينيون يا أبناء محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين.. أنتم شجاعة العباس، وأصحاب الحسين بكرب?ء، يا صرخة زينب عبر التاريخ..

نعم، أنتم في "القصير" تقولون لن تسبى زينب مرتين، ليتني كنت معكم، ليتني رصاصكم، ليتني مع وسداتكم في سوح الكرامة والعنفوان، ليتني زغردة حناجركم، حياكم الله ونصركم على الض?ل كله والكفر كله".

 

هكذا يقول الفاجر الأثيم لأبناء حزبه اللئيم.

 

ويدير المعركة ضباط إيرانيون.

 

ولقد أمطرت هذه البلدة الوادعة بالقذائف، وضرب عليها حصار مخيف؛ من الباطنيين ما بين قوة النظام، وحزب الشيطان، وأسيادهم الإيرانيين.

 

نعم إنها العقائد الباطنية تتوحد ضد أهل السنة، والأحقاد الدفينة، والتقرب إلى أئمتهم الذين يعبدونهم من دون الله - تعالى- بعذاب الأبرياء، وصياح النساء، وصراخ الأطفال.

 

إنها مذابح تقدم قرابين لزعماء مذهبهم الباطني الخبيث.

 

أيها الأحبة: ليس غريباً ممن هذه عقيدته أن يفعل بالمسلمين من أهل السنة ما يفعل، لكن المأساة أن يُصدق ويقبل منه، وأن تكون مواقف الأمة الإسلامية باهتة حتى حد الفجاجة، فأي موقف حاسم يرجى من أرباب حضارة يرى ربانها أكوام الجثث، ويسمعون صريخ الضحايا، ومظاهر التعذيب، ويشاهدون آلام الأطفال، فلا يتحرك منهم أحد إلا وفق صفقات سياسية أو اقتصادية.

 

هؤلاء هم البشر في عصر إنسانية الماسونية، والقيم الليبرالية الغربية، وصدق الله العظيم حين وصف الإنسان في القرآن وهو مجرد من الإيمان: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) [البقرة: 74].

 

(إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب: 72].

 

أيها الإخوة: لقد شكلت حضارة الغرب منظمات دولية جعلتها تمثل مؤسسة الأمن في العالم، فأسستها على الظلم والعدوان، ووضعت فيها نظام حق النقض، وخصته بالدول الكبرى؛ لتكون بقية الدول بشعوبها وقضاياها وآلامها وأحزانها مجرد سلع يتساوم الكبار عليها في طاولات مجلس الأمن، وهيئة الأمم المتحدة؛ لاقتسام غنائمها، وتحقيق رفاهية الكبار فقط.

 

أيها الأحبة: إن ما ينقل إليكم من أخبار المذابح اليومية، والعذاب الأليم الذي أصاب أهل الشام ليس إلا جزءًا صغيرًا من الصورة الحقيقية، وما خفي فهو أعظم وأشد وأنكى، وهو الذي لم يستطع أحد تصويره، أو صوره، فقتل المصور ومحيت الصورة، ومتى انفلتت صورة هنا أوهناك رآها الناس ويا لهول ما يرون؟!

 

وما في أقبية السجون من العذاب لعشرات الآلاف مما لا يعلمه إلا الله -تعالى-.

 

عذاب وأي عذاب، ومذابح بالجملة لأناس عُزّل في حضارة الحرية، وحقوق الإنسان، والشعارات الكاذبة الخادعة التي لا يصدقها إلا الأغرار.

 

أيها الإخوة: أن الله -تعالى- بفضله وقدرته وعونه أعان أهل الشام، فحققوا خيرا كثيرا، وما كان لهذا الخير ليكون إلا بعد هذا البلاء.

 

نعم، لقد ابتلي إخواننا هناك أشد البلاء، وزلزلوا زلزالاً شديداً، وزاغت منهم الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، ولكنها: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 62].

 

وهذا مصداق قول الله -سبحانه-: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة: 214].

 

أجل -أيها الأحبة- هذه سنة الله -سبحانه وتعالى- في تربية عباده، إنه امتحان لهم يفوق الوصف، امتحان يزلزل القلوب الموصولة بالله، فيستبطئ المؤمنون النصر ويقولون: متى نصر الله؟! ويجيء الجواب بالنصر من الله -سبحانه- مباشرة فيقول: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) [البقرة: 214].

 

متى ما ثبتت هذه القلوب على المحن المزلزلة كما يدل على ذلك صدر الآية.

 

نعم، إنه قريب مدخَر لمن يستحقونه، ولن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية، الذين يثبتون في البأساء والضراء، والذين يصمدون للزلزلة الشديدة -ثبتهم الله وأعانهم-.

 

أما أمتنا الغائبة عن صناعة الأحداث، فقد علم السوريون أنهم لن يفعلوا شيئاً، ولسان حال أهلها يقول مخاطباً الأمة:

 

 أعيرونا مدافعكم ليوم لا مدامعكم *** أعيرونا وظلوا في مواقعكم

بني الإسلام مازالت مواجعنا *** مواجعكم مصارعنا مصارعكم

 إذا ما أغرق الطوفان شارعنا *** سيغرق منه شارعكم

ألسنا إخوة في الدين قد كنا *** و مازلنا؟ فهل هنتم وهل هنا؟

أيعجبكم إذا ضعنا؟؟ أيسعدكم إذا جعنا *** و ما معنى بأن(قلوبكم معنا)؟

ألسنا يا بني الإسلام إخوتكم *** أليس مظلة التوحيد تجمعنا؟؟

أعيرونا مدافعكم

أعيرونا مدافعكم وخلوا الشجب  *** واستحيوا سئِمن الشجب والردحا

أخي في الله أخبرني متى تغضب *** إذا انتهكت محارمنا؟ قد انتهكت!

إذا نسفت معالمنا لقد نسفت! ***  إذا قتلت شهامتنا لقد قتلت!

 إذا ديست كرامتنا لقد ديست *** إذا هدمت مساجدنا.. ؟ لقد هدمت!

 أخبرني متى تغضب؟؟ إذا لله *** للحرمات للإسلام، لم تغضب

 فأخبرني متى تغضب؟

 

أيها الإخوة: أهل سوريا قاتلوا في سبيل الله فقتل منهم من قتل، وسيغلب بإذن الله منهم من يمنُ الله عليه بالبقاء.

 

المهم أن الجميع قد انتصر وربح، قال الله - تعالى -: (وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 74].

 

وأما من مات، فنسأل الله أن يجعله شهيدا، والشهيد قال عنه رسول الله؛ كما في الصحيين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ".

 

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم...

 

 

الخطبة الثانية:

 

أيها الإخوة: لن أدخل بمزيد تفصيل، فالحال ترونه عبر وسائل الإعلام والتقارير الإخبارية، لكن أحببت أن أذكر بعض حالهم، وأشير عليكم ببعض المواقف الحسنة، والتي ستعود على إخواننا وأنفسنا بالخير -إن شاء الله تعالى-.

 

أيها الإخوة: أول ما أشير به ما أشار به عدد من أهل العلم والفضل والدعوة، ومنهم الشيخ صالح المغامسي -حفظه الله-.

 

فحيث أن الإجازة على الأبواب، ونهاية العام قد اقتربت، فقد استُنْفِرت جميع محلات الورود، والحلويات، والهدايا، والقاعات والاستراحات واستعد الجميع لموسم حفلات النجاح التي يبذل فيها الناس أموالاً طائلة وجهدا كبيراً وربما وقع بعضنا بالإسراف وهو لا يعلم.

 

أقترح عليكم أن نجعل قيمة هذه الحفلات لدعم اللاجئين السوريين الذين لم يدرس أولادهم، فقد هجروا أو خرجوا كارهين وبقوا في مخيمات تُفْتقد فيها كل المرفهات، ويقتصر فيها على ما يقيم الأود.

 

هذه دعوة مني للآباء والأمهات والأبناء والبنات، أقول لكم: احتسبوا ذلك عند الله، وستجدون مردود ذلك سعادة وأنساً وراحة لن تحقق لكم بما قد تقيمونه من حفلات.

 

ثم أي نجاح نفرح ونسعد به وأبناء امتنا مقتلون مشردون قد علتهم الذلة والمهانة.

 

ثم هبوا أن الحال مختلف ونحن مكانهم، ماذا سيكون وقع ذلك في نفوسنا إذا علمنا.

 

أيها الإخوة: لقد أقبل الصيف، واستعد الناس للسياحة والسفر، ورصدوا لذلك الأموال الطائلة، فقد كشفت دراسة متخصصة حول توجّهات السفر لعام 2013م عن تربع السعوديين على المرتبة الأولى عالمياً في الإنفاق السياحي بنحو (25 ألف ريال) للرحلة الواحدة، متفوقين على جميع الأمم.

 

ويشار إلى أن إجمالي ما ينفقه السعوديون في العام يصل إلى 45 مليار ريال بحسب تأكيد أحد المواقع السياحة.

 

دعوة لا أقول لإيقاف السياحة، فهذا أمر صعب المنال، ولكن لترشيد الإنفاق، وتوجيه جزء منه إلى إغاثة إخواننا، فهلا فعلنا.

 

اللهم إنا أشكو إليك ضعف قوتنا، وقلَّة حيلتنا، وهوانَنا على الناس يا رب العالمين، أنت رب المستضعفين إن لم يكن بك غضبٌ علينا فلا نبالي، ولكن عافيتَك أوسعُ لنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بنا سخطك، أو ينزل علينا عذابك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا باك.

أسعفنا يا الله بقوتك وحولك، انصر إخواننا في سوريا وجيشهم الحرّ يوم قلّ الناصر، لا ناصر لهم إلا أنت، أعلِ رايتهم، اجمع كلمتهم، وحَّد صفهم، سدَّد رميهم، تقبل شهيدهم، اشف مريضهم، آوي مشردهم، واجبر ثكلاهم وارحم ضعفهم.

 

صلوا على نبيكم..

 

 

 

 

 

المرفقات
سوريا جرح الأمة النازف .. بين تكالب الباطنية وضعف السنة.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life