سلسلة خطب الدار الآخرة (5) الأشراط التي لم تظهر بعد

عبدالله محمد الطوالة

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/علامات الساعة التي لم تظهر بعد 2/عظم الفتن واشتدادها في آخر الزمان 3/ أهمية الثباتِ على الدِّين

اقتباس

الأمرَ يحتاجُ إلى وعيٍّ كبيرٍ، وإلى استعداد خاص، وأنَّ على المؤمنِ أن يُبادرَ بالتَّوبةِ النَّصوحِ، والإكثارِ من الأعمالِ الصالحةِ؛ فالفتنُ شدِيدةُ, وإذا لم يتهيأ لها المؤمنُ ويُقويِّ إيمانهُ، ويتعلقُ بربهِ أكثرَ وأكثر؛ فقد يُفتنُ ويُصرَفُ عن دِينهِ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الحمدُ للهِ الذي كانَ بعبادهِ خبيراً بصيراً، و(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)[الفرقان: 1، 2], وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ؛ (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[الإسراء: 44].

 

والصلاةُ والسلامُ على من بعثهُ اللهُ -تباركَ وتعالى- هادياً ومبشِّراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسِراجاً منيراً، صـلوات اللهُ وسلامهُ عليـه, وعلى آله الأطهارِ، وصحابتهِ الأبْرارِ الأخيار، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ ما تعاقبَ الليلُ والنّهار.

 

أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-، والتزموا سنَّةَ نبيكم تهتدوا، وأخلِصوا للهِ -تبارك وتعالى- نياتِكم تُفلِحوا، وابتعدوا عن المنكرات تسْلموا، واستبِقوا الخيراتِ تغنموا وتربحوا؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الأنفال: 24].

 

معاشر المؤمنين الكرام: هذه هي الحلقة الخامسةُ من سلسلة دروسِ الدارِ الآخرة، وكنَّا قد تحدثنا في الحلقة الماضيةِ عن أشراط الساعةِ التي ظهرت ولا زالت مُستمرة، ومنها: تزايدُ الفتنِ العظيمةِ، وظهورُ مُدعيِّ النبوة، وكثرةُ القتلِ، وفشو التجارةِ، وتسليمُ الخاصةِ، وقطعُ الأرحامِ، وكتمُ شهادةِ الحقِّ، وظهورُ القلمِ، والتَّطاولُ في البنيان، وإمارةُ السفهاءِ، والتشبهُ بالكفار، وظهورُ النَّساءِ الكاسياتِ العاريات، وانتشارُ الفُحشِ، وائتمانُ الخائنُ وتخوينُ الأمينِ، وقلةُ العلمِ، وكثرةُ الجهلِ، والاستهانة بالربا والزنا والغناء والخمر، وكثرةُ الكذبِ، وتقاربُ الأسواقِ، وزخرفةُ المساجد والتباهي بها.

 

وقد فاتني أن أذكر علامتينِ من العلامات التي ظهرت ولا زالت مُستمرةً؛ الأولى: زوالُ الجبالِ، فعن سُمرةَ بن جُندبٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تزولَ الجبالُ عن أماكنِها، وترَونَ الأمورَ العظامَ الَّتي لم تَكونوا ترَونَها"(صححه الألباني), والأمرُ الثاني: صِدقُ رؤيا المؤمن, فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا اقتربَ الزمانُ لم تكدْ رؤيا الرجلِ المسلمِ تكذبُ"(صححه الألباني).

 

وأما الأشراطُ والعلاماتُ التي لم تظهر بعدُ فهي كثيرةٌ؛ ولذلك فسأقسِمُها بين حلقتينِ، نذكرُ اليومَ جُزءاً منها، والباقي في حلقةٍ قادمةٍ بإذن الله -تعالى-.

 

أمَّا أول الأشراط والعلامات التي لم تظهر بعد: فهي المجاهرةُ بالفحش، فعن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قالَ: قالَ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يتسافَدوا في الطَّريقِ تسافُدَ الحميرِ", وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيدهِ لا تفنى هذه الأمَّةُ حتى يقومَ الرجلُ إلى المرأةِ فيفترِشُها في الطريقِ، فيكونُ خيارهم يومئذٍ من يقولُ: لو واريتها وراءَ هذا الحائطِ".

 

ومن العلاماتِ التي لم تظهر بعدُ: انتفاخُ الأهلةِ، فعن أبي هريرةَ -رضي الله عنه-، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مِن اقترابِ الساعةِ انتفاخُ الأَهِلَّةِ، وأن يُرَى الهلالُ لليلةٍ، فيقالُ: هو ابنُ ليلتيْنِ"(صححهُ الألباني), ومفهومُ الحديثِ أن الانتفاخَ يشملُ الأهلةَ كُلَّها، وليسَ أحياناً.

 

ومن علاماِت الساعةِ التي لم تظهر بعدُ: كثرةُ الصواعِقِ والمطرُ بلا نباتٍ، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تَكثُرُ الصَّواعِقُ عِندَ اقْتِرابِ السَّاعةِ، حتَّى يَأتيَ الرَّجُلُ القَومَ، فيقولَ: مَن صَعِقَ قِبَلَكمُ الغَداةَ؟, فيَقولون: صَعِقَ فُلانٌ وفُلانٌ"، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَقومُ السَّاعةُ حتى يُمطَرَ النَّاسُ مَطرًا عامًّا، ولا تُنبِتَ الأرضُ شيئًا"(صححه الألباني).

 

ومن علاماتِ الساعةِ التي لم تظهر بعدُ: كثرةُ الزلازلِ والبلابل والأمورُ العِظامُ، فعن عبدالله بن حوالةَ الأزدي -رضي الله عنه- قال: وضعَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يدهُ على رأسي وقال: "يا ابنَ حَوَالَةَ! إذا رأيتَ الخِلافةَ قد نَزَلَتِ الأرضَ المُقَدَّسَةَ، فقد دَنَتِ الزلازلُ، والبَلابلُ، والأمورُ العِظامُ، والساعةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ من الناسِ من يَدِي هذه مِن رأسِكَ"(صححه الألباني).

 

ومن علاماتِ الساعةِ التي لم تظهر بعدُ: كثرةُ النساءِ بشكلٍ كبير، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَقومُ السَّاعةُ حتى يُرفَعَ العِلمُ، ويَظهَرَ الجهلُ، ويَقِلَّ الرِّجالُ، وتَكثُرَ النِّساءُ، حتى يَكونَ قَيِّمَ خمسينَ امرأةً رجُلٌ واحدٌ"(البخاري).

 

ومن علاماتِ الساعةِ التي لم تظهر بعدُ: تكلُّمُ السِّباعِ والجماداتِ، فعن أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "والَّذي نفسي بيدِه لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يُكلِّمَ السِّباعُ الإنسَ، ويُكلِّمُ الرَّجلُ عذَبَةَ سوطِه، وشِراكَ نعلِه، ويُخبِرُه فخِذُه بما حدَّثَ أهلُه بعدَهُ", وفي روايةٍ: "والذي نفسي بيده لا تقومُ الساعةُ حتى يخرجَ أحدكُم من أهلهِ، فيخبرهُ نعلهُ، أو سَوطهُ، أو عصاهُ بما أحدَثَ أهلهُ بعدهُ"(صححه الألباني), وإذا كانت كمِراتُ المراقبةِ تفعلُ شيئاً من ذلك؛ فإنَّ ما في الحديثِ يختلف عن ذلك كثيراً.

 

ومن علاماتِ الساعةِ التي لم تظهر بعدُ: تمني الموتَ؛ وذلك من شِدّةِ البلاءِ، فعن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقومُ الساعةُ حتى يمرَّ الرجلُ بقبرِ الرجلِ، فيقولُ يا ليتني مكانَهُ"(صححه الألباني), وفي صحيحِ مسلم: "والّذي نفْسِي بِيدِهِ لا تَذْهبُ الدنيا حتى يَمُرَّ الرَّجُلُ على القَبْرِ، فيَتمَرَّغُ عليه، ويَقولُ: يا ليْتَنِي كُنتُ مكانَ صاحِبَ هذا القبْرِ، وليس بهِ الدَّين، إلَّا البلاءُ"؛ والمعنى: أنَّه لا يَتمنَّى الموتَ تديُّنًا، وإنَّما لِما نَزَلَ به من البَلاءِ وفسادِ الحالِ!.

 

وكونهُ يفعلُ ذلك عند القبر، دليلٌ على شدةِ البلاء, فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تكونَ السَّجدةُ الواحدةُ خيرٌ مِن الدُّنيا وما فيها"، وهذا لقلة الساجدين، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يأتي علَى النَّاسِ زمانٌ الصَّابرُ فيهِم على دينِهِ كالقابِضِ على الجمرِ", وعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقومُ السَّاعةُ إلَّا على شِرارِ الخَلْقِ"(رواه مُسلم).

 

اعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)[سبأ: 46]. 

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِـمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ, وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الـمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله كثيراً كثيراً، والصلاة والسلام على المبعوث بالحقِّ بشيراً ونذيراً.

 

أما بعدُ فاتقوا الله -عبادَ اللهِ- وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.

 

معاشرَ المؤمنينَ الكرام: ومن العلاماتِ التي لم تظهر بعدُ: الخسفُ والمسخُ والقذفُ، فعن عبداللهِ بن مسعودٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بين يديِ السَّاعةِ مسخٌ وخَسفٌ وقذفٌ"(صححه الألباني), وعن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيَشْرَبَنَّ ناسٌ من أُمَّتِي الخمرَ يُسَمُّونَها بغيرِ اسمِها، يُعْزَفُ على رؤُوسِهِم بالمعازِفِ والْمُغَنِّيَاتِ؛ يَخْسِفُ اللهُ بهمُ الأرضَ, ويجعلُ منهم قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ"(صححه الألباني), وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيكوننَّ في هذه الأُمَّةِ خسفٌ وقذفٌ ومسخٌ؛ وذلكَ إذا شرِبُوا الخمورَ، واتَّخذوا القَيْناتِ، وضربُوا بالمعازفِ"(صححه الألباني).

 

ومن العلامات التي لم تظهر بعد: قتالُ اليهودِ وإخراجُهم من فلسطينَ -بإذن اللهِ تعالى-، ففي الصحيحينِ من حديثِ أبي هريرة -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ! هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ"، وفي القرآنِ العظيمِ خبرٌ مؤكدٌ أنَّ المسلمينَ سيدخلونَ المسجدَ الأقصى مرةً أخرى، ويُدمِروا ما فعلهُ اليهودُ تدمِيراً.

 

ومن العلامات التي لم تظهر بعد: انحسار الفرات عن جبلٍ من ذهب، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقومُ الساعةُ حتى يحسِرَ الفراتُ عن جبلٍ من ذهبٍ، يقتتلُ الناسُ عليه، فيُقتلُ من كلِّ مائةٍ تسعةٌ وتسعونَ، ويقولَ كلُّ رجلٍ منهم: لعلي أكونُ أنا الذي أنجو"(صححه الألباني)، وفي البخاري ومسلم: "يُوشِكُ الفُراتُ أنْ يَحْسِرَ عن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ، فمَن حَضَرَهُ فلا يَأْخُذْ منه شيئًا".

 

ومن العلامات التي لم تظهر بعد: خروج رجلٍ من قحطان يسوقُ الناسَ بعصاه، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقومُ الساعةُ حتى يخرجَ رجلٌ من قحطانَ يسوقُ النَّاسَ بعصاهُ"؛ والمعنى كما يقولُ العلماءُ: أنَّ النَّاسَ تنقادُ لهُ بالقوة، وليس في الحديثِ ما يدلُ على صلاحهِ أو فسادهِ، وإن كانَ فيهِ ما يدلُ على شِدَّتهِ, وهناكَ حديثٌ آخرَ صحيح يرويهِ أبو هريرةَ أيضاً: قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يذهبُ الليلُ والنهارُ حتى يَملِكَ رجلٌ من الموالِي يُقالُ لهُ جَهْجَاهُ"؛ ومن معاني الجهجَاه: جهوريُ الصَّوتِ، شديدُ النبرةِ, فهل القحطانيُّ والجهجاهُ شخصٌ واحدٌ أم شخصين؟, اللهُ أعلمُ بالصواب.

 

ومن العلاماتِ التي لم تظهر بعدُ: عودةُ جزيرةِ الإسلامِ مُروجاً وانهاراً، ففي صحيحِ مُسلمٍ قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ المالُ ويَفِيضَ، حتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بزَكاةِ مالِهِ فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُها منه، وحتَّى تَعُودَ أرْضُ العَرَبِ مُرُوجًا وأَنْهارًا".

 

أيُّها المؤمنونَ الكرام: كل حديث من أحاديث أشراطُ الساعةِ وعلاماتها يستحق وقفة طويلة؛ لأنه يبيِّنُ لنا أهميةَ الثباتِ على الدِّين، وأنَّ الأمرَ يحتاجُ إلى وعيٍّ كبيرٍ، وإلى استعداد خاص، وأنَّ على المؤمنِ أن يُبادرَ بالتَّوبةِ النَّصوحِ، والإكثارِ من الأعمالِ الصالحةِ؛ فالفتنُ شدِيدةُ وإذا لم يتهيأ لها المؤمنُ ويُقويِّ إيمانهُ، ويتعلقُ بربهِ أكثرَ وأكثر؛ فقد يُفتنُ ويُصرَفُ عن دِينهِ عياذاً بالله، ففي حديثِ الفتن: "يُصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا، يبيعُ دِينهُ بعرَضٍ من الدُّنيا قليل", وفي مُحكمِ التنزيلِ: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الأنفال: 25].

 

أحبتي في الله: سنستكمل ما تبقى من العلاماتِ والأشراطِ التي لم تظهر بعدُ، في الحلقةِ القادمةِ -بإذن الله تعالى-, نسألُ اللهَ -جلَّ وعلا- أن يُعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا هُداة مُهتدين، وأن يُجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

 

ويا ابن آدم عش: ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى, والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

 

المرفقات
PYVMHGfIAlyeNOoggNKjlGrrVYirfyxwKxrHJLs3.doc
CKuBsFymj5yZoQZYxsztPybVLxbaw9EOI9L0NcYd.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life