اقتباس
الجرائم الأخلاقية التي تُرتكَب عبر الإنترنت كثيرة جدًّا، وكثيرٌ منها يهدف إلى تدمير الأسرة المسلمة، ونشر الفاحشة في الذين آمنوا.. وهناك هدف آخر للشركات التي تروّج للإباحية؛ هو تدمير الفضيلة والدين عامة؛ إذ تجعل الإنسان عبدًا للغريزة الحيوانية، وتبعده عن ربه ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً؛ ومن ثَمَّ فهي تدمّر أحد أسلحة المقاومة لأََتْبَاعِ الديانات، وخاصة المسلمين.
أكَّد المستشارُ محمد الألفي نائبُ رئيس جمعية مكافحة جرائم الإنترنت أن التربية الإسلامية هي السلاح الأول لنا في مواجهة مخاطر الإنترنت التي تتزايد.
وأوضح أن استقرار الأسرة المسلمة في خطر، في ظل إدمان بعض الأزواج والزوجات والأبناء للمواقع الإباحية، وحذر من خطورة القصور القانوني الحالي في القوانين العربية؛ مما شجع دعاة الإباحية وأعداء الدين؛ وخاصة بعد أن وصل عدد المشتركين في المواقع الإباحية في بعض الدول العربية إلى ما يفوق بعض الدول الغربية، وهذا مؤشر خطر لا بد من السعي لعلاجه بكل الوسائل القانونية والتربوية.
وأشار إلى أن كل الجرائم التقليدية يمكن ارتكابُها عبر الإنترنت وبطريقة أخطر؛ ولهذا لا بد أن تتطور القوانينُ للمواجهة، وإلا فقُلْ على مجتمعنا السلام في أخلاقه.
فروقٌ قانونية:
- الجرائم الأخلاقية التي تُرتكَب عبر الإنترنت كثيرة جدًا، وكثيرٌ منها يهدف إلى تدمير الأسرة المسلمة، ونشر الفاحشة في الذين آمنوا، فما الفروق القانونية بين الممارسات المختلفة في تعريف الجرائم الأخلاقية؟
يقصد بالجرائم الأخلاقية جميعُ الأفعال والسلوكيات التي يُعْتدَى بها على الأخلاق عامة، وما يتصل بالأفعال الفاضحة، والتعرض للإناث بطريقة تخدش الحياء، والإعلان عن البغاء، وممارسة الفجور، وجميع الممارسات التي من شأنها تلويث البيئة الأخلاقية.
وهناك فروق بين تلك الجرائم من الناحية القانونية؛ إذ يعرِّف القانون البغاءَ: بأنه مباشرة الإناث أو الذكور لأفعال الفحش؛ بقصد إرضاء شهواتهم، أو شهوات الغير مباشرة وبغير تمييز، أما الدعارة: فهي إباحةُ المرأة نفسَها لارتكاب الفحشاء مع الناس بدون تمييز مقابلَ أجر، أما الفجور: فهو فعل الرجل الذي يتصل بالرجال؛ لمجرد إرضاء شهواتهم ما دام ذلك قد وقع بغير تمييز؛ سواء كان ذلك مقابل أجر أو لا.
وهناك الفسق وهو أكثر اتساعًا من مفهوم البغاء؛ لأنه جميع الأعمال المخلة بالآداب، والتي لا ترقي إلى مرتبة أفعال الفحش، سواء وقعت من رجل أو امرأة، أو التحريض على ذلك.
ويجرّم القانون أيضًا حيازةَ أو عرضَ الصور والمطبوعات، المنافية للآداب، ويجرِّم التعرض للأنثى بطريقة تخدش حياءها؛ سواء كان ذلك التعرض بصورة مباشرة، أو حتى بالاتصال بها تليفونيًّا، أو عن طريق الإنترنت.
تطوُّر الجريمة:
- تعد الجرائم الأخلاقية عبر الإنترنت من الجرائم المستحدثة ويصعب السيطرة عليها، فكيف يمكن ملاحقتها أو تجريمها من الناحية القانونية؟
منذ بداية الإنترنت في وزارة الدفاع الأمريكية، ثم المؤسسات القومية للعلوم الأمريكية؛ التي كانت المالكَ الوحيد للشبكة، تطورت الشبكة؛ حتى اختفى مفهوم التمليك؛ ليحل محله ما يمكن بتسميته مجتمع الإنترنت؛ وخاصة بعد ولادة العديد من الشبكات الإقليمية ذات الصيغة التجارية، التي يمكن الاستفادة من خدماتها مقابل اشتراك؛ وهذا ما جعل مهمةَ رجال الأمن أكثر صعوبة؛ فمثلاً: في عام 1985م، كان هناك أقل من ألفي حاسب مرتبط بالشبكة، وقد وصل إلى خمسة ملايين حاسب في عام 1998م، وتجاوز ستة ملايين في عام 1997م؛ يتم ذلك من خلال استخدام أكثر من 300 ألف خادم شبكات "SERVER"، ويمكن القول بأن هذا العدد يزداد شهرياً عن 12 مليون؛ أي انضمام 46 مستخدم للشبكة في كل دقيقة.
وحسب آخر الإحصائيات؛ فإن عدد المستخدمين للإنترنت في عام 2005م بلغ حوالي 250 مليون مستخدم، بل إن هناك من يؤكدون أن حجم الإقبال على شبكة الإنترنت يتضاعف تقريبًا كل مائة يوم.
أهدافٌ خبيثة:
- هناك تنافُس بين الشركات التي تُروِّج للأعمال الإباحية، فما أهدافها من وجهة نظركم؟
لها أهداف كثيرة تسعى لتحقيقها، أولها بلا شك الكسب المادي؛ إذ يقدمون الكثير من المواد الإباحية مقابل أموال طائلة من المشتركين؛ الذين نجد -مع الأسف الشديد- نسبة ليست يسيرة منهم تنتمي للعالم العربي؛ لدرجة أن عدد المشتركين في بعض الدول العربية يفوق عدد المشتركين في بعض الدول الأوروبية، وهذا مؤشر خطير على قيمنا، وتسعى هذه الشركات الإباحية بكل عوامل الإغراء؛ لدرجة أن إحدى هذه الشركات أعلنت أنه يزور صفحاتها في الأسبوع الواحد حوالي خمسة ملايين.
وقد عرض الباحثون بجامعة (كارينجي ميلون) إحصائية غريبة يؤكدون فيها أن 83.5% من الصور المتداولة في مجموعات الأخبار هي صور إباحية، وأن الكثير من الصفحات التي يُدخل عليها، تبدأ أولاً بالفضول، ثم يتطور إلى متابعة، ثم إلى إدمان؛ مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على العلاقات الزوجية في الولايات المتحدة خاصة، والغرب عامة، وهم من مدمني مشاهدة المواقع الإباحية.
وتأكيدًا على أن الإباحية على الإنترنت غرضها تجاري في المقام الأول؛ فإن الإحصائيات تؤكد أن مشتريات المواد الإباحية على الإنترنت تمثل حوالي 12% من التجارة الإلكترونية، وأن ما ينفق عليها أكثر من 5 مليارات دولار؛ وهذا ما دفع وزارة العدل الأمريكية إلى إصدار تقرير قالت فيه: "لم يسبق في وقت من تاريخ وسائل الأعلام بأمريكا أن تفشى مثل هذا العدد الهائل من مواد الدعارة التي يرتادها الأطفال في غياب القيود، وإن عدد المراهقين يمثلون 63% ممن يرتادون هذه المواقع ولا يدري أولياء أمورهم الكثير عن ممارستهم".
وهناك هدف آخر للشركات التي تروج للإباحية؛ هو تدمير الفضيلة والدين عامة؛ إذ تجعل الإنسان عبدًا للغريزة الحيوانية، وتبعده عن ربه ما استطاعت إلى ذلك سبيلا؛ ومن ثَمَّ فهي تدمر أحد أسلحة المقاومة لأََتْبَاعِ الديانات وخاصة المسلمين.
الأطفالُ والمراهقون:
- ما خطورة دخول الأطفال والمراهقين على هذه المواقع؟ وكيف يراقب الوالدان تصرفات أولادهما للوقاية من الدخول على هذه المواقع الهدامة؟
مع الأسف الشديد؛ فإن المتغيرات الحديثة كلها سحبت البساط نسبيًا من الأسرة التي لم تعد قادرة على التحكم في أولادها تمامًا، أو تؤثر فيهم كما كان الأمر سابقًا، لهذا فإن التوعية، والتنشئة الدينية الصحيحة، والتحذير من المخاطر؛ التي تلحق بالفرد والمجتمع، هي المفتاح الوحيد لمواجهة هذه الحملة الشرسة، حتى لا نقع في المحظور؛ لأنه كما يقولون: "الممنوع مرغوب".
وأرى أن الأسرة ما زالت تملك مفاتيحَ التربية لحماية أبنائها وبناتها من أصدقاء السوء أو ثقافة الشوارع التي فيها كثير من المخالفات الشرعية، لهذا فإنه إذا كان منع بث هذه المواقع أمرًا صعبًا الآن، ومستحيلاً مستقبلاً، فإن الوقاية خير من العلاج، ووضع كلمات سر لمنع ظهور هذه المواقع والصور على الجهاز أمر ممكن، إلا أن المشكلة تظل في ظل ثقافة الإعلام، الذي يروج للعري والإغراء، وهو ما يجعل الشباب والأطفال؛ الذين نشؤوا على أساس الدين، يعانون من الصراع النفسي؛ لما يرونه في كل مكان متاحًا بكل سهولة، وما تربوا عليه من قيم تقدس الفضائل وتدعو إلى الالتزام الديني، لهذا لا بد أن تكون العقيدة والقيم راسخة في نفوس الأطفال والشباب، وأن يكون الوالدين قدوة للأبناء.
دُعاةُ الفاحشة:
- لم يكتف دعاة الفاحشة بتدمير الشباب بالصور الإباحية؛ وإنما اتخذوا وسائلَ شيطانية أخرى لنشر سمومهم.. فما أهمها؟
استفادة العصاباتُ الإجرامية من الإنترنت في تنفيذ جرائمها؛ ومنها الترويج للمخدرات بأنواعها، والتنَصُّت، والاحتيال على المصارف، واعتراض بطاقات الائتمان وسرقتها واستخدامها غير المشروع، والابتزاز، والسطو، والتزوير، والتزييف، وسرقة أرقام الهواتف، والوصول إلى المعلومات الأمنية الحساسة وسرقتها وبيعها، وغسيل الأموال، وكشف الأسرار العسكرية والتجارية وغيرها. وقد قال أحد المتخصصين: إن كل الجرائم التقليدية يمكن الآن استخدامُها عبر الإنترنت، وبكيفية أفضل وأدق، وأكثر تأثيرًا؛ لهذا لا يمكن حماية شبابنا منها.
التصدي للشياطين:
- ظهرت على مواقع الإنترنت مواقعُ معادية للإسلام؛ تعمل على تقويض أركانه وزعزعة العقيدة في نفوس المسلمين، فكيف يمكنُ التصدي لهذا الاستخدام الخطير؟
أصبحت الإنترنت إحدى وسائل التبشير، والحرب على الإسلام؛ وذلك عن طريقين:
- العداء المباشر من أتباع الديانات الأخرى، ومن الملحدين أعداء الدين.
- وفي الوقت نفسه يمكن أن يكون أداة للمتطرفين والغلاة الذين يروجون لأفكار معادية لوسطية الإسلام وسماحته، ومحاولة إثارة الفتنة، بل وتضليل المسلمين، والعلماء المعتدلين؛ لهذا فإن الإنترنت استخدمها أعداء الإسلام المباشرون أو من يسيئون فهمه، وحولوه إلى دين مُنزَوٍ؛ يرفض الآخرين، وكلا الفريقين يسيء للإسلام، ويشوه صورته.
قصورٌ قانوني:
- من خلال خبرتكم القانونية، قمتم برصد جوانب من القصور في التشريعات العربية في مقاومة الظواهر، والجرائم المستخدمة عبر الإنترنت؛ وخاصة ما يتعلق بالإباحية بكل أنواعها.. فما أهم مواطن القصور القانوني حتى يمكن معالجتها؟
يمكن تلخيص هذه الجوانب التي فيها قصور قانوني في النقاط التالية:
1) عدم كفاية النصوص التشريعية، سواء ما ورد منها في قوانين العقوبات وغيرها؛ إذ نجد التجريمَ لمظاهر الجرائم المنافية للآداب عبر الإنترنت، إما غيرَ موجود أصلاً، أو غيرَ كاف إطلاقاً؛ وذلك يعطي الجناة فرصة أكبر في تنفيذ جرائمهم دون خشية الملاحقة القانونية.
2) تَجَاوُز هذه الظاهرة حدود السلبيات الأخلاقية الناجمة عن انفلات السيطرة على مشاهدة ما يبث على الإنترنت، إلى الإعلان عن جرائم الفجور والدعارة وغيرها من الأفعال الإجرامية؛ مما يساعد في زيادة الجرائم بكل أنواعها وخاصة الأخلاقية، وغالبية جرائم الإنترنت ينال الجناة فيها البراءة؛ إذ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص صريح، أما تطبيق قوانين أخرى بالقياس؛ فإنه يطعن عليها.
3) افتقار هذه الجرائم إلى الدليل المادي فيما يتعلق بعرض الأمور الفاضحة؛ ومن ثم يصعب ضبطها ومحاسبة القائمين عليها.
4) صعوبة الضبط؛ إذ يمكن تغيير ما نُشر عبر شبكة الإنترنت إذا شعر الجناة باقتراب رجال الشرطة والقانون من ضبطهم.
5) الحاجة إلى دعم مادي لتمويل عمليات متابعة ورصد مزاولي هذه النشاطات الإجرامية المتعلقة بالآداب العامة.
لهذا، أطالب بسرعة صياغة قوانين خاصة بملاحقة الجناة الجدد، وسد الثغرات القانونية الحالية؛ التي يستفيد منها دعاة الإباحية والجرائم بكل أنواعها.
المواجهة التشريعية:
- هل تعاني الدول المتقدمة قصورًا قانونيًا في مواجهة جرائم الإنترنت، سواء في الجرائم الأخلاقية أو غيرها؟
عملت الكثير من الدول على التصدي لهذا الاستخدام السيئ للإنترنت، لهذا نجد السويد أول دولة تسن تشريعات خاصة بجرائم الحاسب الآلي والإنترنت، ثم جاءت بعدها الولايات المتحدة؛ إذ أصدرت قوانين في خمسة فروع هي:
1- جرائم الحاسب الآلي الداخلية.
2- جرائم الاستخدام غير المشروع عن بعد.
3- جرائم التلاعب بالحاسب الآلي.
4- دعم التعاملات الإجرامية والتصدي لها.
5- سرقة البرامج الجاهزة والمكونات المادية للحاسب.
ثم سنَّت بريطانيا، وكندا، وفرنسا تشريعات متكاملة تتصدى لكل جرائم الإنترنت، وتقديم مرتكب هذه الجرائم للعدالة.
التشهير بالشرفاء:
- في ظل غياب الأخلاق أو الوازع الديني، يفاجأ الشرفاء بالتشهير بهم عبر الإنترنت، هذا بخلاف التشهير بالمشاهير وابتزازهم، فكيف يتم هذا؟
للأسف الشديد يمكن لعديمي الأخلاق أن يسيئوا إلى الشرفاء؛ بأخذ صورة لهم حتى ولو كانت منشورة في صحيفة، أو صورة شخصية، وتركب بدقة متناهية على جسد يمارس الرذيلة مثلاً، حتى إن المشاهد لا يلحظ عملية التركيب التي تمت؛ لهذا يجد الرجال أو النساء أنفسهم في ورطة؛ إذ يمارسون الرذيلة دون أن يكون لهم ذنب في هذا؛ وبهذا يشهر بهم، وتزداد الجريمة إذا نُشر رقم التليفون الخاص بالرجل أو المرأة، وأنه مستعد لممارسة الرذيلة مع أي إنسان، ولهذا نجد الزوج أو الزوجة الشريفة في ورطة؛ لأنه يجد من يطلب منه أو منها ممارسة الرذيلة بناءً على الإعلان المنشور على الإنترنت، ومنشور به رقم التليفون، أو البريد الإلكتروني، وكم من الشرفاء من الجنسين وقع فريسة الابتزاز والتشهير بدون ذنب؛ كنوع من المكيدة أو حتى الإيذاء لمجرد الإيذاء لعدم وجود عداوة مسبقة.
التعليقات