عناصر الخطبة
1/ تأملات في الأحداث التي تمر بها الأمة اليوم 2/ الحكم الربانية من تتابع البلاء وكثرته 3/ وصايا للتعامل مع الابتلاء 4/ الثقة واليقين بنصر الله للمؤمنين 5/ وقفات مع ملاحم آخر الزمان في الشام واليمن 6/ محاولة إنقاذ الحوثيين ومخاوف على أهل السنة في اليمن 7/ عداوة الكافرين للمسلمين وحقدهم وتربصهم بالمؤمنين 8/ الثبات على الدين هو النصر الكبير 9/ مفاسد آثار الضربات الجوية والطائرات بدون طيار 10/ وجوب الحذر من حرب الإشاعات وبث الرعب والأراجيف.اهداف الخطبة
اقتباس
بدأت معالم الحرب تتباين، والصفوف تتمايز والألاعيب تنكشف ومجريات الأحداث تتضح فها هو الغرب الصليبي ومن حالفه يريدون اليوم أن ينقذوا الحوثة من ورطتهم، ويخرجوهم من الحرب منتشين مغترين، ويمكنّوهم من التقاط أنفاسهم عبر الخوض في غمار الاتفاقيات والمعاهدات والدخول في معمعة السلام والاتفاقيات، والتي سيجدون لهم من الغرب والشرق من يروجها لهم ويعينهم فيها ويصورهم بصورة المهضوم المظلوم. ثم يتآمرون معهم ويحاولون بأقصى جهدهم أن تكون هذه الاتفاقيات لصالحهم ويعطونهم...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، وبعد:
إن الأحداث التي تمر بها الأمة اليوم وخاصة في الشام واليمن والعراق هي أحداث مزلزلة يزلزل الله بها القلوب ويصطفي بها الناس ويختار فيها معادن الرجال ليميز الله الخبيث من الطيب وليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران : 142] (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [التوبة : 16]. (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة : 214].
إنها أحداث عصيبة وأزمات متأزمة وفترات شديدة ومرحلة صعبة، ولكنها لا تدوم ولا تبقى، يختار الله فيها أهل الإيمان والتقوى وأهل الصدق واليقين والتوكل والصبر على البلوى، ويفضح فيها أهل الكيد والنفاق ومن في قلبه مرض.
إنها غزوة الأحزاب تتكرر على مر التاريخ من جديد، وتظهر مرة بعد مرة بثوب الشدة والتمحيص والبلاء والاختبار؛ فاثبتوا واذكروا الله، وعلقوا القلوب بالله، وأيقنوا بنصر الله، وأحسنوا الظن به وتفاءلوا بمجيء مدده ونصره وحوله وقوته؛ فإن الله على كل شيء قدير وبكل شيء عليم، وهو الناصر القاهر القوي القادر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
فلوذوا بحبله، واستمسكوا بشريعته وهديه، واعلموا أن النصر مع الصبر، وأن بعد العسر يسرًا، وأن التمكين لا بد أن يسبقه البلاء والابتلاء والنقص في الأموال والأنفس والثمرات (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155- 157].
عباد الله: في معترك هذه الأحداث العظام يجب علينا أن نؤمن ونوقن أن الله معنا، وأن الله مولانا ولا مولى لهم، وأننا إذا كنا مع الله فإن الله ناجز لنا ما وعدنا به (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد : 7].
فتوكلوا على الله وحده، وإياكم ثم إياكم والالتفات إلى غيره أو الجنوح إلى غير منهجه أو اللوذ إلى جناب غير جنابه؛ فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والعاقبة للمتقين، والخير كل الخير في هدي سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم-.
ولن يضيعنا الله إذا استقمنا على دينه وقلنا: حسبنا الله ونعم الوكيل (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران : 160]، (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك : 20].
إنها ملاحم آخر الزمان التي أخبر بها الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأخبر أن مسرح أحداثها سيكون في الشام واليمن والعراق يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "سيصير الأمر إلى أن تكون جنود مجندة: جند بالشام، وجند باليمن، وجند بالعراق. فقال ابن حوالة: خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال: عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غُدرِكم؛ فإن الله توكل لي بالشام وأهله".
علينا معشر أهل السنة في اليمن أن ندرك أن الجميع يكيد لنا، ويتربص بنا، وقد بدأت معالم الحرب تتباين، والصفوف تتمايز والألاعيب تنكشف ومجريات الأحداث تتضح فها هو الغرب الصليبي ومن حالفه يريدون اليوم أن ينقذوا الحوثة من ورطتهم، ويخرجوهم من الحرب منتشين مغترين، ويمكنّوهم من التقاط أنفاسهم عبر الخوض في غمار الاتفاقيات والمعاهدات والدخول في معمعة المماحكات والمبادلات والسلام والاتفاقيات، والتي سيجدون لهم من الغرب والشرق من يروجها لهم ويعينهم فيها ويصورهم بصورة المهضوم المظلوم.
ثم يتآمرون معهم ويحاولون بأقصى جهدهم أن تكون هذه الاتفاقيات لصالحهم ويعطونهم ما يطالبون به أو جلّ ما يطلبونه، ويتحببون إليهم ويتنازلون لهم، وكل طرف سيأخذ مصلحته، ويؤمن نفسه، ويأخذ ما استطاع من حقوقه، ويبقى أهل السنة وخاصة هنا في جنوب اليمن لا بواكي لهم، ويدور لا قدر الله علينا ما دار على إخواننا أهل السنة في العراق من ظلم واضطهاد وحرب وإقصاء.
وما تم هذا إلا بعدما اتفق الكل فيما بينهم، وأقصوا أهل السنة هناك وتركوهم وحدهم، فاتحدت الفصائل على حربهم وتدميرهم والقضاء على كل شيء يخصهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [آل عمران : 173].
إن دول الاستكبار العالمي تلعب لعبة قذرة في اليمن والشام والعراق، وتريد أن تفتن المسلمين من أهل السنة في هذه المناطق الثلاث؛ لكي تبقى هي الموجهة للجميع وصاحبة القرار على الكل، ويكون أصحاب الحق مهمشين مستضعفين لا رأي لهم ولا قوة ولا قرار.
وتحاول هذه الدول الخبيثة أن تسخِّر كل إمكانياتها، وتجند كل طاقاتها وقدراتها لاجتثاث أهل السنة ودعم أعدائهم والانتصار لهم، وتقوية شوكتهم؛ ليتمكنوا من القضاء على أهل السنة.
ولهذا اقتسموا المهمات بينهم فتدخلت روسيا وفرنسا في الشام بقضها وقضيضها وطائراتها وأساطيلها وأخذت أمريكا ملف اليمن والعراق، وتحركت فيه بأقصى جهدها وخاصة في المجال الجوي والاستخباراتي.
إنها والله هجمة شرسة وحرب صليبية عالمية وصراع ديني عقدي وحرب مقدسة فافهموها واعقلوها يا أهل الإسلام والسنة.
وكونوا أنصار الله، وانصروا دين الله، واحتموا بحماه، واصبروا وصابروا ورابطوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون.
فإنكم تمرون ببلاء عظيم وزلزال كبير ومخاض صعب، سيعقبه الفرج بإذن الله، وشدائد سيأتي بعدها النصر المبين والفتح الكبير إن شاء الله (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران : 120].
قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران : 146].
ويقول جلا وعلا: (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) [محمد : 4]
فالله -جل جلاله وتعالت عظمته- قادر على أن يبيد قواتهم ويسقط طائراتهم؛ فهو -جل وعلا- أعلى منها وفوقها، ولكن هذه الطلعات الجوية والحرب التي ترونها والدمار الذي تحدثه طائراتهم الحربية في الشام والعراق واليمن، وتدميرها للبشر والحجر وقضائها على الأخضر واليابس هي في النهاية ابتلاء واختبار لنا وشدة وتمحيص علينا؛ ليعلم الله ما في قلوبنا من صدق وتوكل ويقين ورجاء وخوف منه وحده سبحانه وتعالى: (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) [محمد: 4- 6].
(إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ - تأملوا هذه الكلمة إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ- وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) [الأحزاب: 10- 11].
عباد الله: إن النصر الحقيقي والعزة والكرامة في الثبات على دين الله، والتمسك بشرع الله، وأن لا نعطي الدَّنية في ديننا ومنهجنا حتى نلقى الله -سبحانه وتعالى- وهو راضٍ عنا لم نغير ولم نبدِّل تبديلاً، ولم نذعن ولم نخضع إلا لله وحده -سبحانه وتعالى-، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله..
يقول الله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا) [النساء: 77- 78].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
لقد حكى الله لنا في القرآن الكريم عن عداوة الكافرين للمسلمين وحقدهم وتربصهم بالمؤمنين وها نحن اليوم نرى هذه العداوة واضحة للعيان وماثلة للإنس والجان، وإلا فماذا يريد الأمريكان بل والمجندات الأمريكيات حين يتركون بلادهم الجميلة ويدعون الراحة الوفيرة في بلدانهم ومدنهم ويأتون إلى القتال في صحراء الأنبار الملتهبة وجبال أفغانستان القاحلة.
إنهم أتوا لرفع صليبهم والقضاء على دين الإسلام (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف : 8].
وما الذي ضرهم لكي يضربوا سواحل حضرموت اليوم، ويقتلوا أهل السنة فيها ويخيفوهم ويرهبوهم ويقصفون ويعربدون حيث شاءوا وكيف شاءوا؟
ولِم لا يتوجهون إلى سوريا؟؛ فإن أهلها في حاجة ماسة إلى هذه الصواريخ والحمم التي يلقيها التحالف على حضرموت لتنصب على بشار الطاغية وجنوده، ولكنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال : 30].
وليعلموا أن القصف الجوي لن يغني عنهم شيئًا، وما أشعل الجهاد في سوريا إلا عربدة القصف الجوي، وما جمع الناس حول المخلوع في ميدان السبعين ولفهم حوله إلا التعدي أحيانًا في القصف الجوي.
فإرهابهم هذا سيرتد عليهم فإذا قتلوا شخصاً فإن أهله سيثأرون له، وإخوانه سيتعاطفون معه، وأصحابه سيلحقون به، وقد أثبتت التقارير الغربية نفسها حول آثار الضربات الجوية والطائرات بدون طيار أنها تزيد من تعاطف الناس وتأييدهم للجهاد وأهله، وتؤكد للناس حقد الصليبيين وعداوتهم للمسلمين، ولذلك حتماً سينتصرون لدينهم وتتبين لهم معالم الحرب أنها حرب دينية صليبية.
فهذه الأحداث تزيد المؤمنين ثباتاً وصموداً وإيماناً ويقينا (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الأحزاب : 22].
وأما المنافقون فقد قال الله عنهم (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) [الأحزاب : 12].
ولنستمع إلى هذه الآيات ونتأمل فيها فوالله فكأنها نزلت اليوم يقول الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ * وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ * إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) [آل عمران: 149- 158].
إلى أن قال سبحانه: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 175- 179].
كما يجب علينا أن نحذر من حرب الإشاعات وبث الرعب والأراجيف بين الناس وتخويفهم بالأخبار الكاذبة والدعايات المغرضة فإن الله يقول: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 60- 61].
فإياكم من تخويف المسلمين وإرهاب المستضعفين، وبث الدعايات والفتن في قلوب المؤمنين فإن ترويع المسلم وإرهابه وخذلانه ذنب عظيم.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ عِرْضُهُ إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَتُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ إِلا نَصَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ".
وصلوا وسلموا ..
التعليقات