زكاة النخيل وفضل الإنفاق

أحمد بن محمد العتيق

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات: الزكاة
عناصر الخطبة
1/ شكر الله تعالى بأداء الزكاة 2/ نصاب زكاة التمور 3/ وقت وجوبها 4/ كيفية إخراجها 5/ فضل الإنفاق
اهداف الخطبة

اقتباس

وَمِنَ الأَمْوالِ الزَّكَوِيَّةِ التي يَحْسُنُ الكلامُ عنها هذِهِ الأيام: الثِّمار؛ فإنَّ كَثيراً مِنَ الناسِ هذِهِ الأيامِ يَجْنُونَ ثِمارَ نَخِيلِهِم التي خَوَّلَهُم اللهُ إياها, وَلَكِنَّهُم قَدْ يَغْفلُونَ عَنْ نِصابِها, فَتَبْلُغُ عندَ بَعْضِهِمُ النصابَ وهو لا يَشْعُر, فَيَتْرُكُ الزكاةَ التي جَعَلَها اللهُ رُكْنا مِنْ أركانِ الإسلام.

 

 

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الحَمدَ للهِ نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

 

أمّا بعد: عباد الله، اتقوا الله تعالى, واشكروه على نِعَمِه, فإنَّ اللهَ -تعالى- وَعَدَ الشاكِرينَ بالزِّيادَةِ فقال: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم:7]. واعلموا أَنَّ مِنْ شُكْرِ اللهِ عَلَى نِعَمِه: أَنْ يُؤَدِّيَ المُسْلِمُ زكاةَ مالِهِ, طَيِّبَةً بِها نَفْسُه.

 

وَمِنَ الأَمْوالِ الزَّكَوِيَّةِ التي يَحْسُنُ الكلامُ عنها هذِهِ الأيام: الثِّمار؛ فإنَّ كَثيراً مِنَ الناسِ هذِهِ الأيامِ يَجْنُونَ ثِمارَ نَخِيلِهِم التي خَوَّلَهُم اللهُ إياها, وَلَكِنَّهُم قَدْ يَغْفلُونَ عَنْ نِصابِها, فَتَبْلُغُ عندَ بَعْضِهِمُ النصابَ وهو لا يَشْعُر, فَيَتْرُكُ الزكاةَ التي جَعَلَها اللهُ رُكْنا مِنْ أركانِ الإسلام.

 

ونِصابُ التمورِ: خَمْسَةُ أوسُق, والوَسَقُ ستُّونَ صاعاً, فيَكونُ النصابُ ثَلاثَمائةِ صاعٍ. والصاعُ كِيلُوَين وأربعون غُرَاماً, فيكونُ مجموعُ النصابِ: سِتَّمِائَة واثْنَيْ عَشَرَ كيلواً، فَمَن مَلَكَ سِتَّمِائَةٍ واثْنَيْ عَشَرَ كيلواً, وَجَبَتْ عليه الزكاةُ.

 

فإذا كانَ نَخًلُهُ يُسْقَى مِنَ الأمطارِ والعُيُون فإنه يُخْرِجُ العُشْرَ. وإذا كانَ نَخْلُهُ يُسْقَى مِنَ الآبارِ والمَكائِنِ -كما هي حالُ الناسِ اليومَ- فإنَّه يُخْرِجُ نِصْفَ العُشْرِ.

 

وَوَقْتُ وُجُوبِ الزكاةِ إذا بَدَا صَلاحُ الثَّمَرِ، ولكنَهُ لا يُخْرِجها إلا عندَ الجَذاذِ.

 

ولا يَجوزُ أنْ يُخْرِجَ المسْلِمُ زكاتَهُ مِنَ الرَّدِيءِ عَنِ الجيدِ, لِقَوْلِهِ -تعالى-: (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [البقرة:267].

 

ومَنْ كانَ عندَهُ نَخْلٌ مُتَفَرِّقٌ, بَعْضُهُ في مَزْرَعَتِهِ, وبَعْضُهُ في استِراحَتِهِ, وبُعْضُهُ في بَيْتِه, فإنَّهُ يَضُمُّ ثِمارَها إلى بَعْضٍ, كَيْ يَعْرِفَ قَدْرَها, فَيُخْرِجُ الزكاةَ إذا بَلَغَ المجموعُ نِصاباً.

 

وتُضَمُّ أيضاً الأنواعُ بَعضُها إلى بعضٍ في تَكْمِيلِ النصاب, فالسُّكَّريُّ مثلاً يُضَمُّ إلى البَرْحِي أو الحُلْوَة أو المِسْكانِي؛ لأنها أنواعٌ تَدْخُلُ تَحْتَ جِنْسٍ واحدٍ وَهوَ التَّمْرُ.

 

وإِذا كانَ صاحِبُ النَخْلِ لا يُحْسِنُ طَريقَةَ إخراجِ الزكاةِ, فإِنه يُقَدِّرُ قيمَتَها بالفُلُوس, ثُمَّ يُخْرِجُ نِصْفَ العُشْرِ مِن قِيمَتِها.

 

وكَذلكَ إذا باعَ ثَمَرَهُ عَلَى رُؤُوسِ النخلِ, وقَدْ بَلَغَت نِصاباً, فإنَّهُ يُخْرِجُ الزكاةَ مِنْ قيمَتِها. وَيَجُوزُ للبائِعِ أن يَشْتَرِطَ على المشتري إِخْراجَ الزكاة؛ لأنَّ المسلمينَ على شُروطِهِم.

 

ثُمَّ اعلَموا -يا عبادَ الله- أنَّ الزكاةَ في الخارِجِ مِنَ الأرضِ خاصَّةٌ في الحُبُوبِ والثمارِ, مِمّا يُكالُ ويُدَّخرُ وكانَ قُوتاً, كالبُرِّ والشَعِيرِ والأرُزِّ والنخيلِ والعِنَب؛ لأنَّ العِنَبَ يُجُعَلُ زَبيباً.

 

وأما الفَواكِهُ والخًضْراواتُ, كالبرتقالِ والمِشْمشِ والطماطِمِ والبَصَلِ والبطيخِ والكُراثِ والجِرجيرِ والبَطاطِسِ وما شابَهَها، فإنه لا زكاةَ فيها.

 

ثُمَّ اعلموا -يا عبادَ اللهِ- أنَّ ما أنفَقْتُمْ مِنْ شَيءٍ، سواءً كانَ مِنَ الزكاةِ الواجِبَةِ أو الصَّدَقَةِ المستَحَبَّةِ, فإنَّه لا يَضِيعُ عِندَ الله, بَلْ يَزيدُكَ بِسَبَبِهِ ويُباركُ لَكَ في الدنيا, ويَدَّخِرُهُ لكَ عنده يومَ القيامة, كما قال -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ:39]، ويَكْفي في ذلكَ قَوْلُ الله -تعالى- في الحديثِ القُدْسي: "يا بنَ آدم: أَنْفِقْ, أُنْفِقْ عَلَيك".

 

فَيَا لَهُ مِنْ ضَمانٍ يَأْتِيكَ مِمَّنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شيء وهو اللهُ -سَبْحانَه-! ما دُمْتَ تُنْفِقُ في مَرْضاتِهِ, فلا تَخْشَ على نَفْسِكَ ولا علَى عِيالِكَ الضَّيْعةَ, فإنَّ اللهَ تَكَفَّلَ لَكَ بالنَّفَقَةِ ما دُمْتَ تُنْفِقُ في وُجُوهِ الخيرِ؛ مُخْلِصاً بِذلِكَ لِوَجْهِ الله.

 

باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم. أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً.

 

أَمّا بَعدُ: عباد الله، ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بَيْنا رَجُلٌ بِفَلاةٍ مِنَ الأرض، فَسَمِعَ صَوتاً في سَحابَة: اسْقِ حديقةَ فُلان. فَتَنَحَّى ذلكَ السحابُ, فَأَفْرَغَ ماءَهُ فِي حَرَّةٍ, فَإذا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّراجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذلكَ الماءَ كُلَّه, فَتَتَبَّعَ الماءَ, فإذا رَجُلٌ قائِمٌ في حديقتِه يُحَوِّلُ الماءَ بِمِسْحاتِه. فقال له: يا عَبْدَالله, ما اسمُك؟ قال: فلان. لِلاسمِ الذي سَمِعَ فِي السحابة. فقال له: يا عبدَالله, لِمَ تَسأَلْنِي عن اسمِي؟ فقال: إني سمعتُ صَوتا في السحابِ الذي هذا ماؤُهُ يقول: اسْقِ حديقةَ فُلان, لاسمِك. فما تصنعُ فيها؟ قال: أَمَا إِذْ قُلْتَ هذا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إلى ما يَخْرُجُ مِنْها، فَأَتَصدَّقُ بِثُلُثِه، وآكلُ أنا وعِيالِي ثَلُثاً، وَأَرُدُّ فيها ثُلُثَه".

 

فانْظُرُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- كيفَ نَزَلَت البَرَكَةُ مِنَ اللهِ على حديقةِ هذا الرجل, واعْلَمُوا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ البَرَكة لَيسَت خاصةً بِحدِيقَةِ هذا الرجل, بل هي عامةٌ لِكُلِّ مَنْ يَقومُ بِمِثْلِ هذا العمل, سَواءً كانَ زراعةً أو تجارةً, أَوْ مُرَتَّباً يَتَقاضاهُ المُوَظَّف.

 

اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا يا أرحم الراحمين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وفقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها, دقها وجلها, أولها وآخرها, علانيتها وسرها، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل, ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.

 

اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكّها أنت خير من زكاها, أنت وليّها ومولاها، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين.

 

اللهم أنزل على المؤمنين رحمة عامة، وهداية عامة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، ونجهم من الظلمات إلى النور، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز.

 

اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن إخواننا في سوريّا، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم ارفع البلاء عنهم، اللهم ارفع الظلم والطغيان عنهم، اللهم اكشف كربتهم، اللهم اجعل لهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، اللهم اكسهم، وأطعمهم، اللهم ارحم موتاهم، واشف مرضاهم، وفك أسراهم، وردهم إلى وطنهم رداً جميلاً يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أنزل عذابك الشديد وبأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، على من تسلّط عليهم وظلمهم يا قوي يا عزيز، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزلِ الأرض من تحت أقدامهم، اللهم سلط عليهم مَنْ يسومهم سُوء العذاب يا قوي يا متين.

 

اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، اللهم اجمع كلمة المسلمين على كتابِك وسنةِ نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، واجعلهم يداً واحدةً على من سواهم، ولا تجعل لأعدائهم منةً عليهم يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم احفظ لبلادنا دينها وعقيدتها وأمنها وعزتها وسيادتها واستقرارها يا ذا الجلال والإكرام، اللهم احفظها ممن يكيد لها.

 

اللهم وفق حكامنا وأعوانهم لما فيه صلاح أمر الإسلام والمسلمين، اللهم حبب إليهم الخير وأهله، وبغض إليهم الشر وأهله، وبصّرهم بأعدائهم يا حي يا قيوم.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات؛ إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

 

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.

 

 

المرفقات
زكاة النخيل وفضل الإنفاق1.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life