عناصر الخطبة
1/حرص الإسلام على التكافل والترابط بين المسلمين 2/وجوب تعلُّم أحكام الزكاة 3/ثلاثة عشر سؤالاً في الزكاة وإجاباتها 4/الحث على تزكية النفوس.

اقتباس

والدعاءُ في رمضانَ خاصةً نحنُ عنه غافلونَ. فيا أيُّها الصائمُ لربِّك: أتدعُو قُبيلَ الإفطارِ بدقائقَ، أم تترقبُ: كم بقيَ على الأذانِ؟ أتدعُو وتستغفرُ قبل سحورِك، أم منهمكٌ بجوالِك؟ أتدعُو بين الأذانِ والإقامةِ في المسجدِ؟ وهل تعلمُ أن دعاءَك بين الأذانِ والإقامةِ أفضلُ من قراءتِك للقرآنِ؟

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

 

لنفرَحْ ولنفخَرْ بدينِنا العظيمِ، الذي يدعو للترابُطِ والتكافُلِ، فالصلاةُ اجتماعٌ، والزكاةُ تكافلٌ، والصومُ تواصلٌ، والحجُ تكاتفٌ: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى)[النجم:55].

 

أما في دولُ الكفرِ؛ فلا علاقاتٍ إلا بمصالحَ، وبينهم تفككٌ أسريٌ واجتماعيٌ في أحطِ دركاتهِ، والخُواءَ كامِنٌ في الداخلِ. فالحمدُ للهِ على نعمةِ الإسلامِ.

 

ومِن مَحاسن دينِنا: هذه الزكاةُ التي هيَ حقٌ للفقيرِ، ليسَ للغَنيِ فيها مِنةٌ على الفقيرِ؛ فالمِنةُ للهِ وحدَه. فأدُّوها يا أصحابَ الجِدَةِ قبلَ أن يأتيَ يومٌ يُحمىَ عليها في نارِ جهنمَ، فتُكوَى بها الجِباهُ والجُنوبُ والظُهورُ، وقبلَ أن يُمثَّلَ لصاحبِ المالِ مالُه ثعبانًا مروِّعًا، فيأخذَ بشِدْقَيه، ويقولُ: أنا مالُك أنا كنزُك.

 

أيُها المسلمونَ: يجبُ التفقُّه بأحكامِ الزكاةِ، وإليكمْ ثلاثةَ عشرَ سؤالاً وجوابُها مختصرًا:

1- يقولُ: لا أعرفُ المساكينَ، فمَن أعطيْها؟

الجوابُ: أعطِها الجهاتِ الرسميةَ المصرحَ لها، كجمعياتِ البرِ، وكمنصةِ إحسانٍ، ومنصةِ "فرجتْ" ومنصةِ "جودٍ للإسكانِ".

 

2- هل الأفضلُ أن أُخبرَه أنها زكاةٌ؟

الجوابُ: إذا كانَ من عادتهِ أن يأخذَ الزكاةَ فلا يَنبغي أن تخبرَه؛ لأن اللهَ -تعالى- يقولُ: (لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى)[البقرة:264].

 

3- هل يجوزُ أن أعطيَ زكاتي لأخي المديونِ العاجزِ، أو بِنتي المتزوجةِ المحتاجةِ؟ 

الجوابُ: يجوزُ، بلْ هوَ الأفضلُ؛ لأن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أخبرَ أن "الزكاة عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ"(سنن الترمذي 658 وقال الترمذي: حسن).

 

4- شخصٌ له أولادٌ، وراتبُه قليلٌ، فهلْ أعطِيهِ من زكاتي؟

الجوابُ: إن كانَ آخرَ الشهرِ يَستدينُ فأعطِه.

 

5- لي دَيْنٌ على فقيرٍ، فهل يجوزُ أن أُسْقِطَه، وأنويَه زكاةً؟

الجوابُ: لا يجوزُ؛ لأن الزكاةَ أخذٌ وإعطاءٌ، كما قالَ -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)[التوبة:60].

 

6- له عشرُ سنواتٍ لم يُسدِّدْني، فهلْ أزكِّي عنِ المالِ؟

الجوابُ: "لا تزكِّها إلا عن سنةٍ واحدةٍ فقطْ، إذا قبضتَها" (الضياء اللامع من الخطب الجوامع: 1/351)

 

7- رجلٌ لا يُحسنُ التصرفَ في مالِهِ، فهل أشتري له احتياجاتِه على دُفعاتٍ؟!

الجوابُ: "لا يجوزُ إلا بتوكيلٍ من الفقيرِ، أو تقول: اشترِ وأنا أسددُ عنك" (لقاءات الباب المفتوح: 219/ 7).

 

8- رواتبُنا الشهريةُ كيفَ نحسِبُ زكاتَها؟ فيُقالُ: "إن كان يَبقى منها كلَّ شهرٍ، فحدِّدْ شهرًا وأخرجْ زكاتَه، واحسِبْ راتبَ الشهرِ الحاليِ، وتكونُ زكاةً معجَّلةً"(مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: 18/ 118).

 

9- اشتريتُ أرضًا؛ لتحفظَ فُلوسيَ فقطْ، ولو احتجتُ بعتُها. الجوابُ: ليسَ فيها زكاةٌ. (اللقاء الشهري: 71/ 4).

 

10- عندها ذهبٌ لا تَلبسُه، فهلْ فيهِ زكاةٌ؟

والجوابُ أنّ الصحيحَ منْ أقوالِ العلماءِ أنّ حُليَّ النساءِ كلَه لا زكاةَ فيهِ.

 

11- كيفَ أحسِبُ زكاةَ مالي؟

الجوابُ: اقسِمِ المبلغَ على (أربعينَ) والناتجُ هو زكاتُك.

 

12- كمِ المبلغُ الذي تجبُ عليَّ فيه الزكاةُ؟

مَن عندَه ألفُ ريالٍ فعليهِ الزكاةُ.

 

13- طفلي الصغيرُ عنده ألفُ ريالٍ جمَعَها قبل سنةٍ، فهلْ يُزكي؟

نعمْ يجبُ زكاتُها، وكذلكَ مَنْ عندَه مجنونٌ فكذلكَ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلامًا على خيرِ مصطفَى، وصحبِهِ ومنِ اقتفَى، أما بعدُ:

 

فقد بقيَتْ زكاةٌ مهمةٌ جدًّا نحنُ عنها غافلونَ، زكاةٌ يدفعُها حتى الفقيرُ! أتدْرونَ ما هيَ؟! إنها زكاةُ نفوسِنا لننالَ فلاحَنا، فربُّنا قالَ في آيةٍ نسمعُها كلَّ تراويحٍ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى)[الأعلى:14]. وتذكرْ أن موسَى –عليهِ السلامُ- يقولُ لفرعونَ: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى)[النازعات:18].

 

فلنتفقَّد قلوبَنا ونحنُ في رمضانَ؛ لنُصلِحَ فسادَها لتتزكَى، ولتُكثرْ من الدعاءِ قائلاً: اللهم أصلِح فسادَ قلبي. ومن قولِ: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)[آل عمران:8].

 

والدعاءُ في رمضانَ خاصةً نحنُ عنه غافلونَ.

فيا أيُّها الصائمُ لربِّك: أتدعُو قُبيلَ الإفطارِ بدقائقَ، أم تترقبُ: كم بقيَ على الأذانِ؟

أتدعُو وتستغفرُ قبل سحورِك، أم منهمكٌ بجوالِك؟

 

أتدعُو بين الأذانِ والإقامةِ في المسجدِ؟ وهل تعلمُ أن دعاءَك بين الأذانِ والإقامةِ أفضلُ من قراءتِك للقرآنِ؟

 

اللهمَ أقبِل بقلوبِنا في رمضانَ، ومُنَّ علينا فيه بالرضوانِ.

اللهمَ إن الصلاةَ والصومَ لك وحدَك. وكلُّنا وما مَلَكْنا مُلكُك لا شريكَ لك.

 

اللهمَ تقبلْ بفضلِكَ صومَنا بل ونومَنا، وصلواتِنا وصدقاتِنا وسائرَ ما قدمْنا لأنفسِنا من خيرٍ. فأنتَ –سبحانَك– الذي أعنتَنا عليها، ثم تجزيْنا عليها الجزاءَ الأوفى، فضلاً منكَ ورحمةً.

 

اللهمَ اكفِنا كيدَ مَن كادَ بنا. واحفظْ أمنَنا وإيمانَنا ودينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، ودنيانا التي فيها معاشُنا. اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْوَبَاءِ وَالْغَلَاَءِ.

 

اللهمَ وفِّق إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَ عهدِه لما فيهِ عزُّ الإسلامِ وصلاحُ المسلمينَ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

 

 

المرفقات
BxKs2OwLiEfue5nXMfmhOwammFGAOii7C5d2oq5S.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life