عناصر الخطبة
1/ سر ورود آية الدعاء وسط أحكام الصيام 2/ أهمية دعاء الصائمين 3/ مكانة الدعاء في القرآن والسنة 4/ الحث على الإكثار من الدعاء في العشر الأواخر.
اهداف الخطبة

اقتباس

يا أيُّها الصَّائمُ الفقيرُ.. أينَ أنتَ عن خزائنِ السَّميعِ البصيرِ؟.. ويا أيُّها الصَّائمُ المريضُ.. أينَ أنتَ عن عطاءِ اللهِ العريضُ؟.. ويا أيُّها الصَّائمُ المظلومُ.. أينَ أنت عن قوةِ الحيِّ القيومِ؟.. ويا أيُّها الصَّائمُ ذو المطالبِ والحاجاتِ.. فليسَ بينكَ وبينَ قضائها إلا أن ترفعَ يديكَ إلى السماواتِ.. الدُّعاءُ هو سِلاحُ الضُّعفاءِ.. وهو أسرعُ طريقِ إلى السَّماءِ.. بهِ تُرفعُ الأجورُ ويُدفعُ البلاءُ.. وبِه تُفتحُ خزائنُ واسعِ العطاءِ.. ولا يحتاجُ إلى لسانِ الفُصحاءِ.. بل يحتاجُ إلى قلوبِ الأنقياءِ..

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ مُجِيبِ دَعوةِ المضطرِّين، وكاشِفِ البلوى عن المؤمنينَ، وقاصمِ ظُهورِ الظَّالمينَ والمُعتدينَ، ما خابَ من دعاهُ، ولا ندمَ من سألَهُ ورجاهُ، لا إلهَ إلا هو يجيبُ دعوةَ المضطرِ إذا دعاهُ، ولا إلهَ إلا هو يكشفُ الكربَ عمن ناجاهُ.

 

ونشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ربُّ الأرضِ والسَّماءِ، يسمعُ تضرعَ المظلومِ وشكواهُ، لا إله إلا هو لا يخفى عنه نداءَ المنكوبِ إذ ناداهُ، ويرى من تحركتْ بالدعاءِ شَفتاهُ.

 

ونشهَدُ أنَّ محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُه، إمامُ الأنبياءِ، وخيرُ الأصفياءِ، بعثهُ اللهُ بشيراً ونذيراً، ورحمةً وسراجاً منيراً، من أطاعَه دخلَ الجنَّةَ، ومن عصاهُ فَلن تَجِدَ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيَّاً وَلاَ نَصِيراً.

 

أمَّا بعدُ: فعندما تتلو سورةَ البقرةِ وتأتي على آياتِ الصِّيامِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ثُمَّ الآيةُ التي بعدَها: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ..) [البقرة: 183- 184]، ثُمَّ قولُه تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..) [البقرة: 185]، ثُمَّ يأتي قولُه سبحانَه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186] عجيبٌ.. آيةٌ في الدُّعاءِ.. فهل انتهتْ آياتُ أحكامِ الصِّيامِ؟، فتأتي الآيةُ التي بعدَها: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ..) [البقرة: 187] وما فيها من أحكامِ الصيامِ والمُفطراتِ وأوقاتِ الإمساكِ.

 

فما هو السِّرُ في وجودِ آيةِ الدُّعاءِ بينَ آياتِ الصِّيامِ؟

يقولُ ابنُ كثيرٍ -رحمَه اللهُ- في تفسيرِه: "وَفِي ذِكْرِهِ –تَعَالَى- هَذِهِ الْآيَةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى الدُّعَاءِ، مُتَخَلِّلَةً بَيْنَ أَحْكَامِ الصِّيَامِ، إِرْشَادٌ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ، بَلْ وَعِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ".

 

واسمع إلى هذا الحديثِ.. قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حتَّى يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الْغَمَامِ وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ".. وجاءَ في الحديثِ الآخرِ: "ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ لاَ تُرَدُّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ".

 

فهذه الأحاديثُ تدلُ على أن دعاءَ الصَّائمِ مُستجابٌ.. قد فَتَحتْ لها السَّماواتُ الأبوابَ.. ووعدَ بإجابتِها العزيزُ الوهابُ.. فجمعَ اللهُ للصَّائمينَ بينَ إجابةِ الدُّعاءِ وعظيمِ الثَّوابِ.

 

ولو لاحظتم في الأسئلةِ التي يُجيبُ عنها القرآنُ، يأتي قبلَ الإجابةِ: (قُلْ) أي قلْ لهم يا محمدُ، كما في قولِه تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ..)، (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ..)، (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ..)، (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ..)، إلا آيةَ الدُّعاءِ: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) دونَ (قُلْ) حتى لا يكونَ في الدُّعاءِ أحدٌ بينَ اللهِ –تعالى- وبينَكَ، فهنيئاً لكَ أيُّها العبدُ قربُ اللهِ –تعالى- لكَ، وإجابتُه لدعائكَ.. فمن ذا الذي يحولُ بينكَ وبينَ السَّماءِ؟!

 

فيا أيُّها الصَّائمُ الفقيرُ.. أينَ أنتَ عن خزائنِ السَّميعِ البصيرِ؟.. ويا أيُّها الصَّائمُ المريضُ.. أينَ أنتَ عن عطاءِ اللهِ العريضُ؟.. ويا أيُّها الصَّائمُ المظلومُ.. أينَ أنت عن قوةِ الحيِّ القيومِ؟.. ويا أيُّها الصَّائمُ ذو المطالبِ والحاجاتِ.. فليسَ بينكَ وبينَ قضائها إلا أن ترفعَ يديكَ إلى السماواتِ.

 

الدُّعاءُ هو علامةُ تواضعِ العبدِ وذُلِّه لربِّ العالمينَ.. (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 50].. فإياكَ والاستكبارَ.. وارفعْ يديكَ إلى العزيزِ الغفارِ.. تنجُ من عذابِ النَّارِ، ولذلك يغضبُ اللهُ تعالى على من لم يدعوه.. قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ"، وصدقَ القائلُ:

لا تسألنَّ بُنَيَّ آدمَ حاجةً *** وسل الذي أبوابُهُ لا تحجبُ

اللهُ يغضبُ إن تركت سؤالَه*** وبنيُّ آدمَ حين يُسألُ يغضبُ

 

هل تعلمونَ من أعجزُ النَّاسِ؟.. هو من عجَزَ عن الدُّعاءِ.. قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنْ الدُّعَاءِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ".. وكيفَ لا يكونُ أعجزُ النَّاسِ مَنْ ليسَ بينَه وبينَ فضلِ الكريمِ المنَّانِ.. إلا أن يُحرِّكَ منه اللسانَ.. فيأتيه من الفضلِ والإحسانِ.. حتى وهو –سبحانَه- يعلمُ أنَّه قد يقابلُ الكرمَ بالعِصيانِ.. كما في قولِه تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [يونس: 12].. فانظروا كيفَ استجابَ اللهُ دعاءَ الإنسانِ.. وهو يعلمُ أنَّه سيقابلُ النِّعمةَ بالكُفرانِ.. ولذلكَ جاءَ في الحديثِ: "لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاءِ".. فهل علمتُم حُبَّ اللهِ تعالى للدُّعاءِ؟

 

الدُّعاءُ هو سِلاحُ الضُّعفاءِ.. وهو أسرعُ طريقِ إلى السَّماءِ.. بهِ تُرفعُ الأجورُ ويُدفعُ البلاءُ.. وبِه تُفتحُ خزائنُ واسعِ العطاءِ.. ولا يحتاجُ إلى لسانِ الفُصحاءِ.. بل يحتاجُ إلى قلوبِ الأنقياءِ..

 

وانظرْ إلى أولئكَ الفِتيةِ وهم لا يجدونَ إلا كهفاً في العراءِ.. ومتى كانَ الكهفُ مكاناً للحمايةِ والاختباءِ؟.. ولكنَّهم استخدموا السِّلاحَ الذي لا يخيبُ ولا يُخطئ، ألا وهو الدُّعاءُ: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) [الكهف: 10].. فماذا كانَ؟.. (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا).. (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ).. (يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِه).. (ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا).. (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ).. (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ).. (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا) [الكهف: 11- 18]..

 

فما أعظمَ الدُّعاءَ، كيفَ أصبحَ به الكهفُ مكاناً آمناً.. وسَريراً مُريحاً.. وكيفَ ثَبتتْ به القلوبُ.. ونُشرتْ به الرَّحمةُ.. وارتفقَ به الأمرُ.. وسُخِّرتْ به الشَّمسُ.. وقُلِّبتْ به الأبدانُ.. وبعدَ أن خرجوا خائفينَ من البُلدانِ.. أصبحَ من يراهم نائمينَ من الرُّعبِ ملآنُ.. فكيفَ بعدَ ذلكَ يستهينُ بالدُّعاءِ إنسانٌ؟!

 

إِذَا أَرْهَقَتْكَ هُمُومُ الْحَيَاةِ *** وَمَسَّكَ مِنْهَا عَظِيمُ الضَّرَرْ

وَذُقْتَ الْأَمَرَّيْنِ حَتَّى بَكَيْتَ *** وَضَجَّ فُؤادُكَ حَتَّى انْفَجَرْ

وَسُدَّتْ بِوَجْهِكَ كُلُّ الدُّرُوبِ *** وَأَوْشَكْتَ تَسْقُطُ بَيْنَ الْحُفَرْ

فَيَمِّمْ إِلَى اللهِ فِي لَهْفَةٍ *** وَبُثَّ الشَّكَاةَ لِرَبِّ الْبَشَرْ

 

واعلموا أن دُعاءَكم لنْ يَذهبَ سُدىً.. بل يصيبُ هدفاً من الأهدافِ الثَّلاثةِ.. قالَ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ؛ إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ بِمِثْلِهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ".

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيْمِ، وَنَفَعَنِي وَاِيِّاكُمْ بِمَا فِيْهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيْمِ، أقُوْلُ قَوْلِي هَذا وَأسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيْمَ لَيْ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أمرَ بالدُّعاءِ ووعدَ بالإجابةِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، تَوَّعدَ المجرمينَ بالعقابِ، ووعدَ المتقينَ بالثَّوابِ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلى اللهُ عليه وسلمَ.

 

 أما بعد: فاسمعْ إلى منزلةِ الدُّعاءِ عندَ الصَّحابةِ الكِرامِ.. لأجلِ ما يعرفونَه من منزلتِه عندَ ذي الجلالِ والإكرامِ.. فعائشةُ الصِّديقةُ الفقيهةُ العالمةُ تسألُ رسولَ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- فتقولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟، فعلمتْ أن من أعظمِ الأعمالِ الدَّعاءِ، وأنَّ فيه فلاحَ الدُّنيا والآخرةِ، وخيرَ ما تُستغلُ به هذه الليلةُ المباركةُ، وأقرَّها النبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- على ذلكَ وقالَ: "تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي".

 

فالدُّعاءُ حبيبٌ لعالمِ السِّرِّ والنَّجوى.. وهو وسيلةُ صاحبُ الحاجةِ والشَّكوى.. فاسألوا الكريمَ الوهابَ كلَّ ما تحتاجونَه بيقينٍ.. فهو يستحي أن يَردَّ يدي عبدِه صِفراً خاليتينِ.. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ رَبَّكُمْ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا".

 

يُعطي ولا يُبالي، ويغفرُ ولا يُبالي، مهما كانَتْ ذنوبُ العِبادِ، فاجعلْ الدُّعاءَ والرَّجاءَ خيرَ الزَّادِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: قَالَ اللهُ –تَعَالَى-: "يَا ابْنَ آَدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِي، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِي بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِي لاَ تُشْرِك بِي شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً".

 

فيا عبدَ اللهِ.. قد جاءتْ العشرُ، وفيها ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ، وقد تصيبُ بدعائكَ ليلةَ القدرِ، فتعيشُ سعيداً باقيَ العمرِ، فأكثروا الدُّعاءِ.. سُئلَ أحدُهم: هل تعلمُ رجلاً مُستجابَ الدَّعاءِ؟، قال: بلْ، ولكن أعلمُ من يجيبُ الدُّعاءَ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّا، اللهم إنا نَسألُكَ في هذا الشَّهرِ المباركِ أن تكتبَنا من عتقائكَ من النارِ، اللهم أعتق رقابَنا ورقابَ آبائنا وأمهاتِنا من النارِ يا عزيزُ يا غفارُ.

 

اللهمَّ أحسنْ عاقبتَنا في الأمورِ كلِّها، وأجرنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، اللهم ألفْ بينَ قلوبِ المسلمينَ، اللهم أصلح ذاتَ بينهم، اللهم اهدهم سبلَ السلامِ، اللهم أخرجهم من الظلماتِ إلى النورِ.

 

اللَّهُمَّ اجعلْ هذا البلدَ آمنًا مُطمئِنًا، وسائرَ بلادِ المسلمينَ يا ربَّ العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا وأصلح أئمتَنا ووُلاةَ أمرِنا، اللهم وفِّقْهُم لما فيه صلاحُ الإسلامِ والمُسلمين.

 

اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنا مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَمِنْ كُلِّ بَلاَءٍ عَافِيَةً. وَاسْتُرْ عَوْرَاتِنا، وَأَصْلِحْ نِيّاتِنا، وَذُرِّيّاتِنا، وَأَحْسِنْ خَواتِمَنا، وَاحْفَظْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِينا، وَمِنْ خَلْفِنا، وَعَنْ أَيْمانِنا، وَعَنْ شَمائِلِنا، وَمِنْ فَوْقِنا، وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنا.

 

اللَّهُمَّ أَعْطِنا وَلاَ تَحْرِمْنا، وَكُنْ لَنا وَلاَ تَكُنْ عَلَيْنا، وَاخْتِم بِالصّالِحاتِ أَعْمالَنا، وَاشْفِ مَرْضانا، وَارْحَمْ مَوْتانا، وَبَلِّغْ فِيما يُرضِيكَ عَنّا آمالَنا، وَارْحَمْ ضَعْفَنا، وَاجْبُرْ كَسْرَنا، وَلاَ تُخَيِّبْ فِيكَ رَجاءَنا، يا فَرَجَنا إِذا أُغْلِقَتْ الأَبْوابُ، يا رَجَاءَنا إِذا انْقَطعَتْ الأَسْبابُ، وَحِيلَ بَيْنَنا وَبَيْنَ الأَهْلِ وَالأَصْحابِ.

 

 

المرفقات
رمضان والدعاء.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life