عناصر الخطبة
1/الإعلام فيروس خطير2/الإعلام صناعة يهودية 3/الإعلام والعبث بالعقول وتغيير المفاهيم 4/الجهاد والتضليل الإعلامي 5/الجهاد الحقيقي والجهاد الزائف.
اهداف الخطبة

اقتباس

نحنُ قد جَهِلنا حقيقة الإعلام, بأنَّها دائرَةٌ سِيَاسيَّةٌ يهُوديَّة, وأنَّ مُعظم الذي نترُكُهُ عند أولادِنَا وزوجَاتِنا, هو بذرةٌ يهوديَّةٌ مَشُوبَة, ومَعْ ذلِكَ نَرُوحُ ونَغدُو, ونَذْهَبُ ونَجِيئ, وتفسد الأخلاق, وتَنكِصُ الشَّوارِعُ على أعقابِها, مِنْ ثَمَّ نقول لِمَاذا تتَغَيَّرُ الطباع, وتَتَنَكَّسُ الرايات, وتنقلِبُ الصُّورَة مِنْ طَالحٍ إلى صالح...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي نشرَ الضياءَ على غَيَاهِب الظُلْمَة, وبعثَ الفضاءَ إلى مَسَاعِي العَتَمة, كشَفَ الغُمَّة ورفعَ الهِمَّة, ودفَعَ الأمَّة لبلُوغ القِمَّة, نحمده على أنعامه التي تتنَامَى, وسُحُبِ فضلِهِ التي تَتَهَامَى, ونشكرهُ على انتِشَالِ الأمَّةِ من الغِوايَة, وإِيصَالِهَا لِطريقِ الهِدَايَة, وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في ألوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته, جل عن الند وعن الشبيه, وعن المثيل وعن النظير, ليس كمثله شيء وهو السميع البصير, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, طَالمَا أبلَجَ صبحٌ بعد إظلام, وأدلَجَ ليل بعد إحجام, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه, وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله, فهي الشِّفاءُ لأسقامِ القلوب, وهي الدواء لعَاهاتِ الذنوب: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102], (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].

 

أيها المؤمنون: مَعمَعةٌ وهَمهَمة, إحْجَامٌ وإقْدَام, إرْغَاءٌ وإغْوَاء, رِجَالاتٌ وفَضَاءات, لُعْبةٌ حمقاء, وفكرةٌ شَمْطَاء, إنها حَرْبٌ فِكرِيَّةٌ كُفرِيَّة, ودُودَةٌ تمشِي على وهَن, ولكنَّها تَدُسُّ بداخلها السُمَّ الزُّعَاف.

 

إنَّها (الفيروسُ) الذي أبَادَ الشُّعُوب, والرَزِيَّةُ التي طَغَت على القُلوب, إنَّهُا قُنبُلَةُ الإعلام المَاحِقَة, إنَّهُ هذا الدَّاءُ الذي أَرخَى قُوانَا, وتَسلَّط على سَمَاءِنَا, ولَم نَعلَم بأنَّ هَذهِ الأيدِي التي تَمتَدُّ إلى مَنَازِلِنا, وتَخْطِفُ عُقُولَ شَبَابِنَا, أنَّها أيَادٍ تَسَرَّبَت من اليهود, وأنَّ الإعلام هي أداةٌ بيدِ اليهود يُحَرِّكونها كيفَما شَاؤوا, ويُدَّبِرونَ أمرها مثلَمَا أرَادُوا, وإن كانَ ثَمَّت شَيء من الإعلام النَّاضِج, المسلم السني الذي عرى اليهود للعالم أجمع.

 

وليعلم أنَّ اليهودَ لم يَملِكوا يدُ الإعلام النَّافِذَة لِلتَوّ, بل إنَّهم يملكونها مُذْ عهدِ الرسول -صلى الله عليهِ وسلَّم-, فها هو كَعْب بن الأشرف يخُرج في سبعينَ راكباً من اليهود ليحالفوا قريش على هزيمة محمد, يخرج من المدينة مُحَرِّكَاً إِعْلامَه, وجُمُوعَ شَرِّه وطُغيَانِه, قَائِلا للذين كفروا هؤلاء أهدَى مِن الذين آمنُوا سَبِيلا؛ مُحَرِّضَاً لَهُم ومُحَرِّكا, يُؤجِّجُ أحْقادَهم, ويوغر قُلوبَهُم, على دِينِ مُحَمد وعلى نفوذهِ, وعلى أصحابِهِ الذينَ بَدَؤوا يُكَسِّرُون ويهدِمُون وينسَخُون باطِلَ اليهودِ وجَمَادَاتِهم, يُحَرِّكُ الإعلام الذي هُو أعظمُ وقودٍ للنَّار: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ) [المائدة: 64].

 

أيها الأحبة: هذه النَّظريَّة ليسَت وليدَة اليومِ أو البارِحَة, بَل هِيَ حَقِيقَةٌ مُشَاهَدةٌ مَعلُومَة منذُ قُرون غَابِرَة, ولكنَّهم من شدَّةِ عُتوِّهم وطُغيَانِهم, قد حَرَّكُوا الإعْلام تِجَاهَهُم, فَاسْتطَاعُوا أنْ يُغَيِّبوا الحَقِيقَة عَن عُقولِنا, فَهَانحنُ قد جَهِلنا حقيقة الإعلام, بأنَّها دائرَةٌ سِيَاسيَّةٌ يهُوديَّة, وأنَّ مُعظم الذي نترُكُهُ عند أولادِنَا وزوجَاتِنا, هو بذرةٌ يهوديَّةٌ مَشُوبَة, ومَعْ ذلِكَ نَرُوحُ ونَغدُو, ونَذْهَبُ ونَجِيئ, وتفسد الأخلاق, وتَنكِصُ الشَّوارِعُ على أعقابِها, مِنْ ثَمَّ نقول لِمَاذا تتَغَيَّرُ الطباع, وتَتَنَكَّسُ الرايات, وتنقلِبُ الصُّورَة مِنْ طَالحٍ إلى صالح؟, ونَرى بِأُمِّ أعينَنا تَصَرُّفاتٍ تُنَاقِضُ الفِطْرَةَ السَّلِيمَة, وتخالف العَقْلَ والنَّقل.

 

أبعدَ كلِّ هَذَا نَقُول لِمَاذَا تَبْكِي الشَّوَارِع, وقد غلَبَ الإعلامُ عقولَ الحَقِيقَة, وأَعْيَاها عنِ الصَّواب, فهاهِيَ راياتُ الجِهادِ مُشْرَعةٌ في كُلِّ الجِراحِ الغَائرة, وهذا مَأخذٌ مَحمُود, ولكنْ أينَ راياتُ الجِهادِ بفلسْطِين؟ وأينَ هي الجُرأة على خوضِ غمارِهَا؟, والسِّباقِ على مِضْمَارِهَا, لقد غَطَّى الإعلامُ رايَة الجِهادِ بفلسطين, واسْتَطَاعَ أن يُنْسِينَا جِراحَهَا النَّازِفَة, ويُحِيلَهَا إلى بلاد الإسلام!.

 

فَلم نَسْمَع يومَاً بقائدٍ من قَادَةِ الإرهابِ والتفجِير ينادي بالجِهاد في فلسطين, ولم يَجرأ على قتل اليهود, بل اجْتَرأَ على قتل المسلمين, وأن يُثبِتَ براعَتَهُ فيها, فَأخَذَ يعيثٌ في الأرضِ فَسَادَا, ويُحَلِّلُ قتلَ المسلمين وهدرَ دِمَاءهِم, وتجاهل قول الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].

 

واعتَنَقُوا حُكمَ التكفيرِ لذَواتِهم, وكفَّروا عُلَمَاءنا وولاتَنا, وتَجَاهَلُوا أنَّ التَكفيرَ حُكمٌ شَرْعي, وأنَّ هَذا مَردُّه لله ولرسُوله, فكمَا أنَّ التحليل والتحريم, فكذلِك التكفير, وليس كُلّ مَا وُصِفَ من قولٍ أو فِعل, يكونُ كفراً أكبراً مُخرِجاً من المِلَّة, فليس الكُفر مبنيَّاً على الشكِّ والظن, ولذلك حذَّر النبيُّ من الاسْتِهَانَة بالتكفِير فقال: "أيَّما امرئ قال: لأخيهِ ياكافِر, فقد باءَ بِهَا أحدُهُمَا, إن كان كما قال, وإلا رجَعَت عليه".

 

فأنتُم يامَن تدَّعون الجِهاد والتضحية, يامَن تَهْتِكُونَ أستَار الفضِيلَة, وتَلْبَسُونَ أَسْمَالَ الرَّذيلَة, أينَ هوَ الجِهادُ المُدَّعَى من قَادَتِكم؟ فلماذا تهَابونَ الجهاد في فلسطين, أمْ أنَّ قتلَ المسلمينَ هيَ حِرْفَتُكُم وجِهَادكم الزَّائف, وفِرْيَتُكُم المُزعومَة؟.

 

إنَّ الجِهاد الحَقِيقيَّ الذي أجمَع العُلَماءُ عَلَيهِ هو جهادُ فلسطين, ومَا سِوَى جهاد فلسطين, فَمُختَلفٌ في مَاهِيَّتِه. وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" [متفق عليه].

 

فاختلاف الرايات, وتسَارُعِ الهَفوات, وغموضِ الفِرق, ليست من الجهادِ في شيء, وإنَّما هِيَ بوادِر لا تُنبِئ بِخَير, فَهَل اختلافُ قادة الجهاد الإسلامي في منطقة ما, هو مُبَرِّرٌ يُحَرِّضكَ على رفعِ رايةٍ للجهاد مع بقاءِ الأولَى, فمنِ الذي حَرَّكَكُم لقتلِ المسلمِين في بلادنا؟! إنَّ من حرِّكَكُم هوَ الإعلام اليهُودي, وِفْقَ خطط يهودية, تُسَيِّرُكُم وَأنتم لا تَشعُرون, تظنُّونَ أنَّكم على حَق, وأنتم تُنَفِّذُونَ خُططَ اليهودِ بِدِقَّة وحِرْفَة (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) [الكهف: 103، 104].

 

عندما حذركم العلماء والصلحاء والولاة بأنكم تخدمون اليهود ومصالحهم, فقلتُم أنتم: "علماء سُلطة", أم الآن أينكم؟ لم نسمع رصاصة مدويَّة صوب صدور اليهود مصدرها فُوَّهَة أسلحتكم, ولم نرَ حِزاماً ناسفاً فجَّر يهوديا, أو دمرّ مستعمرة يهودية, أم أن فلسطين لاتعنيكم؟! وليس فيها ثالث الحرمين والقبلتين؟ أم أنَّ دِمَاءَ اليهودِ غالية عليكُم, ودماءنُا رخيصة عليكم؟. فما أنتم إلا خدمة لليهود ومصالحهم, شئتم أم أبيتم.

 

قيادتنا تهدد وتندد, ويعلنها الملك الصالح خادم الحرمين لليهود قائلا: "إن على إسرائيل أن تدرك أن الخيار بين الحرب والسلام لن يكون مفتوحا في كل وقت, وأن مبادرة السلام العربية المطروحة على الطاولة اليوم لن تبقى على الطاولة إلى الأبد", سمو الأمير الملكي تركي الفيصل يعلنها جهاداً صريحاً, كما أعلنها الملك فيصل الإسلام -رحمه الله-, بأن يأخذ الله عمرهُ إن لم يُقاتل اليهود, وقطع البترول, وقال: "سنعيش في الصحراء".

 

وهاأنتم قد تلاشيتُم -معاشرَ التفجيرية التكفيرية-, ولم تكونوا سوى نَفرةَ بركان قد بلغت عنان السماء, ولكنها عادت إلى مآلها داخل الفوَّهة, وكذا هي سائر الفتن, مجرَّد إرهاصات بركانية, تثور ثمَّ تعود, وتركتم ساحة الوغى لأهلها وسَاسَتِها, فهل تعقلون أو ترعوون؟ وهل يعي أبناؤنا الشباب أن ما يُراد بهم خططا يهودية تدميرية؟ فهل هم منتهون وتاركون لنا ديننا وبلادنا وعلمائنا وولاتنا وشبابنا؟.

 

 

المرفقات
رغاء الإعلام.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life