خطبة عيد الفطر 1443هـ

الشيخ محمد بن مبارك الشرافي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: الفطر
عناصر الخطبة
1/شكر نعمة العمل الصالح في شهر رمضان 2/الغاية من خلق الخلائق 3/خطورة إضاعة الصلاة المفروضة 4/أهمية الورد القرآني 5/التحذير من جريمتي الزنا وشرب الخمر 6/من مخاطر الانكباب على الهاتف الجوال 7/وصايا للمرأة المسلمة 8/صيام ست من شوال.

اقتباس

إِنَّ أَعْظَمَ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَأَحَبَّهَا إِلَى اللهِ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، فَقَدْ أَوْجَبَهَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَضَاعَفَ أُجُورَهَا؛ لِأَنَّهَا خَمْسٌ فِي الْعَدَدِ لَكِنَّهَا خَمْسُونَ فِي الْمِيزَانِ، وَهِيَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَوْجَبَ صَلاتَهَا عَلَى الرِّجَالِ فِي الْمَسَاجِدِ..

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّين. اللهُ أَكْبَرُ. (9 مرات).

 

أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونُ: احْمَدُوا اللهَ وَاشْكُرُوهُ كَمَا مَنَّ عَلَيْكُمْ بِإِتْمَامِ صِيَامِ هَذَا الشَّهْرِ وَقِيَامِهِ، وَادْعُوا اللهَ بَالْقَبُولِ، وَأَبْشِرُوا بِالْخَيْرِ الْعَظِيمِ وَالثَّوَابِ الْجَزِيلِ مِنَ الرَّبِّ الْكَرِيمِ، فَإِنَّكُمْ قُمْتُمُ بعَمَلٍ جَلِيلٍ، وَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا.

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ. 

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَذَكَّرُوا أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- مَا خَلَقَنَا عَبَثًا، وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلًا، بَلْ خَلَقَنَا لِحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَهِيَ عِبَادَتُهُ، فَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات:56].

 

وَمِنْ أَجْلِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ، وَخَلَقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَجَعَلَ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالنَّجَاةَ فِي الآخِرَةِ بِاتِّبَاعِ شَرْعِهِ وَالْاقْتِدَاءَ بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النحل:97].

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى"(رَوَاهُ البُخَارِيُّ).

 

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ أَعْظَمَ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَأَحَبَّهَا إِلَى اللهِ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، فَقَدْ أَوْجَبَهَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَضَاعَفَ أُجُورَهَا؛ لِأَنَّهَا خَمْسٌ فِي الْعَدَدِ لَكِنَّهَا خَمْسُونَ فِي الْمِيزَانِ، وَهِيَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَوْجَبَ صَلاتَهَا عَلَى الرِّجَالِ فِي الْمَسَاجِدِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)[البقرة:43].

 

وَمِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ جِدًّا أَنَّهُ قَدْ تَهَاوَنَ كَثِيرٌ مِنَ الرِّجَاِلِ فِي صَلاةِ الْجَمَاعَةِ، حَتَى لا يَكَادُ يُرَى أَحَدُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا نَزْرًا يَسِيرًا، وَهَذَا أَمْرٌ جَلَلٌ وَخَطَرٌ عَلَى إِيمَانِهِ وَصِدْقِ دِينِهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ اَلنَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ اَلصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تذكروا أن سعادتكم وطيب عيشكم يكون بِالْعِنَايَةِ الْعَظِيمَةِ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، قِرَاءَةً وَتَدَبُّرًا وَحِفْظًا، كَيْفَ لا؟ وَهُوَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ، قَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس:57-58].

 

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "اقْرَؤُوا القُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ"(رَوَاهُ مُسْلِم)، فَلْيَكُنْ لَكَ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُ وَأَيُّتَهَا الْمُسْلِمَةُ- وِرْدٌ مِنَ التَّلَاوَةِ يَوْمِيٌّ لا تُخِلُّ بِهِ، وَاجْعَلْهُ غِذَاءً لِرُوحِكَ وَأُنْساً لِقَلْبِكَ وَطُمْأَنْيِنَةً لِنَفْسِكَ، ثُمَّ احْفَظُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ، وَهُوَ يَسِيرٌ وَسَهْلٌ لِمَنِ اعْتَنَى بِهِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، ثُمْ لْيَكُنْ لَكُمْ قِرَاءَةٌ فِي كِتَابِ تَفْسِيرٍ كَتَفْسِيرِ الشَّيْخِ ابْنِ سِعْدِيّ أَوْ تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ رَحِمَهُمَا اللهُ، وَأَبْشِرُوا بِالسَّعَادَةِ وَالْأَجْرِ وَالْفَوْزِ وَالنَّجَاةِ.

 

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ. 

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمُسْلِمَاتِ: احْذَرُوا مَا حَرَّمَ اللهُ وَاجْتَنِبُوا مَا نَهَى عَنْهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَقْبَحِ الْجَرَائِمِ وَالسَّيِّئَاتِ الزِّنَا، فَقَدْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)[الفرقان:68-69]، وَقَالَ: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)[الإسراء:32].

 

 فَالزِّنَا مَعْصِيَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَقَبِيحَةٌ مِنْ قَبَائِحِ الْعُيُوبِ، وَفَاعِلُهَا إِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ اسْتَحَقَّ الْجَلْدَ 100 جَلْدَةٍ وَالسَّجْنَ لِمُدَّةِ عَامٍ، وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا فَعُقُوبَتَهُ الرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ حَيٌّ حَتَّى يَمُوتَ، وَأَمَّا إِنْ مَاتَ وَلَمْ يُعَاقَبْ وَبَقِيَ مُصِرًّا عَلَى جَرِيمَتِهِ فَإِنَّهُ مُتَوَعَّدٌ بِالنَّارِ، وَالْعِيَاذُ بِاللهِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ وَأَيَّتُهَا الْمُسْلِمَةُ: احْذَرُوا هَذِهِ الْجَرِيمَةَ وَابْتَعِدُوا عَنْ أَسْبَابِهَا، وَاحْذَرُوا عُقَوبَتَهَا الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْأُخْرَوِيَّةَ، وَإِنَّ مِنْ عُقَوبَتِهَا فِي الدُّنْيَا الْهَمَّ وَالْغَمَّ وَالْقَلَقَ وَالْعَذَابَ النَّفْسِيَّ وَالْوَحْشَةَ وَالْخَوْفَ الْمُلَازِمَ، بَلْ يَكَادُ السَّلَفُ يُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الزِّنَا مِنْ أَوْسَعِ أَبْوَابِ الْفَقْرِ، فَالزُّنَاةُ يُبَشَّرُونَ بِالْفَقْرِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

فَالتَّوْبَةَ التَّوَبْةَ وَالنَّدَمَ النَّدَمَ، وَالْبُعْدَ عَنْ أَسْبَابِ الزِّنَا وَمَوَاطِنَ الرَّذِيلَةِ.

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِيَّاكُمْ والدَاءَ الخَطِيرَ وَالشَرَّ المُسْتَطِيرَ، احْذَرُوا الْخَمْرَ وَالْمُسْكِرَاتِ، فَقَدْ تَكَاثَرَتْ أَدِلَّةُ الشَّرِيعَةِ السَّمْحَاءِ وَالْمِلَّةِ الْغَرَّاءِ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[المائدة:90]، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنْ لا تُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلا تَتْرُكْ صَلاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَلا تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ"(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ).

 

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: إِنَّ عُقُوبَةَ شَارِبِ الْخَمْرِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُطَاقَ وَأَبْشَعُ مِنْ أَنْ تُتَصَوَّر، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِوٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا، بُخِسَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ". قِيلَ: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: "صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي).

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: احْذَرُوا الْعَدُوَّ الْجَدِيدَ الذِي قَدْ دَخَلَ الْبُيُوتَ مِنَ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، وَأَشْغَلَ النَّاسَ فِي كُلِّ حِينٍ وَآنٍ، إِنَّهُ الْجَوَّالُ: هَذَا الْجِهَازُ الصَّغِيرُ الذِي عَبَثَ بِحَيَاةِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاس ِكِبَارًا وَصِغَارًا, رِجَالًا وَنِسَاءً، صَارَ يَأْخُذُ مِنْهُمْ السَّاعَاتِ الطِّوَالَ، وَعَطَّلَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ وَاجِبَاتِهِم، سَوَاءً أَكَانَتْ وَاجِبَاتٍ دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً، فَضَيَّعُوا وَظَائِفَهُمْ وَأَخَلُّوا بِأَعْمَالِهِمْ، بَلْ ضَيَّعَ الْبَعْضُ عَائِلَتَهُ، وَعَقَّ وَالِدَيْهِ وَقَطَعَ رَحِمَهُ مِنْ حَيْثُ يَشْعُرُ أَوْ لا يَشْعُرُ.

 

 فَكَمْ مِنَ الْأَوْلادِ يَأْتِي إِلَى أَبَوَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُخْرِجُ هَذَا الْجَوَّالَ وَيَتَنَقَّلُ فِي بَرَامِجِهِ، وَيَتْرُكُ وَالِدَيْهِ يَنْظُرَانِ إِلَيْهِ نَظَرَ الْحَسْرَةِ وَالْأَسَفِ!، وَكَمْ مِنَ الْأَقَارِبِ إِذَا الْتَقَوا كَانُوا يَتَبَادَلُونَ أَطْرَافَ الْحَدِيثِ وَيَتَآنَسُونَ، وَالآنَ صَارُوا يَتَنَاسَونَ، فَيَحْضُرُونَ اللِّقَاءَ وَمَا إِنْ يَسْتَقِرَّ بِهِمُ الْمَجْلِسُ حَتَّى يُخْرِجَ كُلٌّ مِنْهُمْ جَوَّالَهُ، وَيُقَلِّبَ أَصَابِعَهُ بَيْنَ بَرَامِجِهِ، وَيَتْرُكَ مَنْ حَوْلَهُ وَيَتْرُكَ مُؤَانَسَتَهُمْ لِئَلَّا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مِنْ بَرَامِجِ هَذَا الْعَدُوِّ الْجَدِيدِ.

 

فَاحْذَرُوا الْجَوَّالَ وَتَوَقَّوْهُ لِئَلَّا يُهْلِكَكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ، وَاسْتَخْدِمُوهَ فِيمَا يَنْفَعُكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّمَادِي مَعَهُ أَوْ قَبُولَ كُلِّ مَا يَرِدُ فِيهِ.

 

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ مِنْ الأَضْرَارِ التِي جَلَبَها الجَوَّالُ وَغَيرُهُ مِنْ وَسَائلِ التَّواصُلِ أَنَّهُ ظَهَرَ أُناسٌ يَتكَلمُونَ بِلا عِلْمٍ, وَيُشَكِّكُونَ المسْلِمينَ فِي ثَوَابِتِ الدِّينِ وَأُصُولِه, وَالغَالِبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الفَصَاحَةِ وَاللَّبَاقَةِ فِي الكَلَامِ وَحُسْنِ التَّعْبِيرِ فَيَغْتَرُّ بِهِمْ العَامَّةُ.

 

ثُمَّ يُورِدُونَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ خِلَافًا, حَتَّى لَا يَكَادُ شَيْءٌ إِلَّا قَالُوا: فِيهِ خِلَافٌ بَينَ العُلَمَاءِ, فَصَلَاةُ الجَمَاعَةِ فِيهَا خِلَافٌ، وَالحِجَابُ فِيهِ خِلَافٌ، وَالرِّبَا فِيهِ خِلَافٌ..., وَهَؤُلَاءِ خَطَرٌ وَضَرَرٌ فَاحْذَرُوهُمْ أَيَّهَا النَّاسُ, وَلَا تَأْخُذُوا دِينَكُمْ إِلَا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ الرَّاسِخِينَ, قَالَ اللهُ –تَعالَى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النحل:43].

 

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ. (اللهُ أَكْبَرُ) 7 مرات.

 

أَيَّتُهَا الْمُسْلِمَات: إِنَّكُنَّ مَأْمُورَاتٌ كَالرِّجَالِ بِالطَّاعَاتِ وَالْبُعْدِ عَنِ الْفَواحِشِ وَالْمُحَرَّمَاتِ، فَإِذَا فَعَلْتُنَّ ذَلِكَ فَأَبْشِرْنَ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا الأَرْضُ وَالسَّمَواتُ.

 

فَأَكْثِرْنَ الصَّدَقَةَ تَقِيكُنَّ النَّارَ بَإِذْنِ اللهِ، فَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاطَبَ الصَّحَابِيَاتِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ-, فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ"، فَقُلْنَ: وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْه).

 

فَاتَّقِي اللهَ يَا مُسْلِمَةُ، وَاحْفَظِي لِسَانَكِ مِنَ اللَّعْنِ وَالسَّبِّ وَالتَّسَخُّطِ عَلَى الأَوْلادِ وَالْجِيرَانِ وَالأَقْارِبِ، وَاتَّقِي اللهَ وَاعْرِفِي لِلزَّوْجِ قَدْرَهُ، وَاحْفَظِي لَهُ حَقَّهُ، فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ لِغَيْرِهِ).

 

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمُسْلِمَات: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَامَ رَمْضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ). فَيَجُوزُ صِيَامُهَا مُتَفِرَّقَةً وَمُجْتَمِعَةً، مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ، لَكِنَّ الأَفْضَلَ أَنْ تَكُونَ مُتَتَابِعَةً وَتَكُونَ مُبَاشَرَةً بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذَا يَوْمُ عِيدِكُمْ فَافْرَحُوا بِنِعْمَةِ رَبِّكُمْ، وَهَنِّئُوا بَعْضَكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامِكُمْ وَزُورُا أَقَارِبَكُمْ، وَانْشُرُوا الأُلْفَةَ وَالْخَيْرَ بَيْنَكُمْ. واعلموا أن زيارة القبور ليست سُنَّة يوم العيد.

 

اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَالْقُرْآنَ، وَأَعِنَّا عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَجَنِّبْنَا كُلَّ شَرٍّ وَوَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ.

 

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُوْرِنَا وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ وِلايَةَ المسْلِمِينَ فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمَينَ.

 

 اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ، وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْه وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَسَدِّدْهُمْ وَأَعِنْهُمْ، وَاجْعَلْهُما مُبارَكِيْنَ مُوَفَّقِينَ لِكُلِّ خَيْرٍ وَصَلاحٍ.

 

اللَّهُمَّ كُنْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَان.

 

اللهُ أَكْبَرُ  اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

 

المرفقات
X6qE7UtKTRxM4DdxBuIS9Korowg1J3siRtQZbsmv.pdf
5SR90Rqdq7pgdPWClSAyzncF0JsbIEhVCmm9lT3W.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life